الليرة التركية تهتز بعد عودة تدخلات أردوغان

الليرة التركية تهتز بعد عودة تدخلات أردوغان

لندن – انحدرت الليرة التركية أمس أدنى مستوى للعملة التركية على الإطلاق حين وصل سعر الدولار في التعاملات الآسيوية إلى نحو 4.98 ليرة بعد تلويح الرئيس التركي بالتدخل في السياسات المالية.

وتذبذبت الليرة في نطاق واسع بعد استعادة بعض الخسائر والعودة إلى الهبوط في نهاية التعاملات الأوروبية، لكن المحللين يرجحون انحدارا أوسع في قيمة الليرة إذا ما تدخل أردوغان في السياسات المالية للبنك المركزي.

واتسعت خسائر قيمة الليرة مقابل الدولار إلى أكثر من 30 بالمئة منذ بداية العام الحالي، حيث يخشى المستثمرون من تأثير الرئيس التركي على السياسة النقدية ودعواته المتكررة لخفض أسعار الفائدة في وقت قفز فيه التضخم إلى 15.4 بالمئة في الشهر الماضي وهو مرشح لبلوغ حاجز 20 بالمئة في الأشهر المقبلة.

وكانت الليرة قد انحدرت في مايو الماضي حين قال أردوغان أن يخطط لزيادة تدخله في السياسات المالية للبنك المركزي بعد الانتخابات، وحينها تدخل البنك المركزي ورفع أسعار الفائدة ليمنع السقوط الحر للعملة التركية.

وجاء الانحدار الجديد لنفس السبب حين قال أردوغان للصحافيين خلال أول جولة خارجية له منذ تنصيبه من جديد بصلاحيات مطلقة “لدينا الكثير من الأدوات. أعتقد أننا سنشهد تراجعا في أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة”.

ومن المقرر أن تجتمع لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي في 24 يوليو. ورفعت اللجنة أسعار الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس منذ أبريل الماضي إلى مستويات فلكية عند 17.25 بالمئة وهي مستويات تعادل أضعاف متوسط مستويات الفائدة في الأسواق الناشئة.

ويجمع المحللون على أن شبح تدخلات طيب أردوغان بعد إحكام قبضته جميع مؤسسات البلاد، أصبح يهدد بانهيار العملة التركية وإدخال البلاد في مرحلة ركود تضخمي خطيرة بسبب قناعاته الشعبوية التي تتعارض مع جميع القواعد الاقتصادية الراسخة.

وفقدت الليرة الأربعاء نحو 5 بالمئة من قيمتها في تراجع يفوق تدهورها القياسي في مايو قبيل اجتماع استثنائي للبنك المركزي عارض توجهات أردوغان وقرر فيه رفع معدلات الفائدة.

واتسعت مخاوف المستثمرين من المستقبل القاتم للاقتصاد التركي الاثنين حين عين أردوغان صهره براءة البيرق، زوج ابنته البكر إسراء، وزيرا للمالية والخزانة في حكومة ولايته الجديدة.

وأثار انتقال البيرق المفاجئ من وزارة الطاقة، قلقا في الأسواق المالية التي شعرت بالاستياء أيضا من غياب نائب رئيس الحكومة المنتهية ولايته محمد شيمشك، الذي كان مهندس السياسات الاقتصادية وصوت العقل الوحيد في الحكومة السابقة.

وتفاقمت مخاوف الأسواق بعد تقليل أردوغان من أهمية مخاطر التضخم الذي تجاوز 15 بالمئة في يونيو للمرة الأولى في نحو عقد ونصف من الزمن.

ونقلت الصحف التركية ومنها حرييت عن أردوغان قوله “سنرى انخفاضا لمعدلات الفائدة” وتحذيره بأن الفوائد المرتفعة من شأنها ان تضر بالوظائف، في وقت يجمع الخبراء على رفض قناعاته الشعبوية ويدعون إلى تشديد السياسات النقدية لمحاربة التضخم.

وكان أردوغان عبر عن ثقته بأن البيرق “سيضع الأمور في مسارها الصحيح” وهو ما فاقم مخاوف المستثمرين من اتساع تدخل أردوغان في السياسات المالية للبنك المركزي.

وتقول الكاتبة في موقع أحوال تركية جلدم أتاباي شانلي إن هناك قنبلة موقوتة في يد تركيا، هي حجم الدين الخارجي الضخم على الشركات، والذي يعادل ما يصل إلى 30 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في اقتصاد يكابد من أجل التركيز على القطاعات الإنتاجية في غياب قيادة مؤثرة.

ويشعر المستثمرون بالقلق من إصرار أردوغان على السياسات الاقتصادية الداعمة للنمو برغم تراجع كبير في الأسواق الناشئة هذا العام، وبدأوا يتحدثون عن اتفاق قرض محتمل لتركيا مع صندوق النقد الدولي، والذي سيكون الاتفاق العشرين لتركيا مع الصندوق.

العرب