قمة مشؤومة جديدة للعرب في كامب ديفيد

قمة مشؤومة جديدة للعرب في كامب ديفيد

1-744057

تتجه سياسة أوباما اليوم في واشنطن من اجل ان يُكتب عنه بانه صاحب فكرة جمع القادة العرب في منتجع كامب ديفيد ، لان همه الأول والأخير هو الاتفاق النووي مع ايران . ولعل سائل يسأل لما يريد سيد البيت البيضاوي من جمع زعماء العرب في قمة الشؤم ” كامب ديفيد ” سيئ الصيت؟ الذي لم يجن العرب منه سوى الشر والانقسام ، ابتداءً من كامب ديفيد الأول بين السادات وبيغن برعاية الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر عام 1978 واتفاقية كامب ديفيد الثانية التي باءت بالفشل بين الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود باراك عام 2000 برعاية الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلنتون.
اذا أراد العرب ان يلبوا دعوة الرئيس أوباما للحضور ، فعليهم ان يكونوا على يقين انه لا يريد من هذا اللقاء سوى ان يحصل على موافقة عربية من خلال تجمع الزعماء العرب في منتجع كامب ديفيد ليقول للكونغرس الأمريكي ومجلس الشيوخ ان أمريكا لا يمكن ان تتخلى عن حلفائها مثلما يشاع في أروقة الجمهوريين ويتناوله الاعلام الأمريكي بشكل سلبي بان الاتفاق النووي مع ايران سوف يخرب العلاقة مع حلفائنا العرب ، بدليل ان زعماء الدول العربية اليوم هم مجتمعون على ارضنا ومقتنعون بالاتفاق النووي مع ايران .
ان تجمع العرب في منتجع كامب ديفيد ليس الغاية منه المنطقة العربية بما فيها الصراع الإيراني العربي ، بل ان الغاية الكبرى منه هي انقاذ الرئيس أوباما من الصدام المرتقب مع أعضاء الكونغرس الأمريكي ، وعلى العرب ان يضعوا نصب اعينهم ان الموافقة على الحضور تتطلب ان يكون لها ثمن في ثلاث دول، هي: ( العراق وسوريا واليمن ) وان على الإدارة الامريكية ان تغير مواقفها الحالية تجاه ما يجري في هذه الدول .
ربما يتبادر الى ذهن احد منكم ان الامريكان يدعموننا في اليمن وهذا بالتأكيد ليس صحيحاً؛ لان الامريكيين في اليمن يستخدمون منطقا مختلفا عن الذي نريده نحن ، فهم في الظاهر يقولون نحن مع عاصفة الحزم ولكنهم في الباطن هم ضدها وهذا ليس بخفي على احد ، كونهم يضغطون باتجاهات مختلفة عن الواقع الموجود على ارض اليمن ، فهم يريدون وقفا فوريا لإطلاق النار ، ثم يهيئ لعملية سياسية وهذا بحد ذاته لا يخدم الواقع الحالي في اليمن . وفي سوريا نلاحظهم منزعجين جدا من تقدم الثوار تجاه دمشق ويستخدمون كل الطرق من اجل الضغط على الدول التي تدعمهم؛ حتى لا يسقط بشار الأسد في هذا الوقت بالتحديد ، من اجل ان يمنحوا هذا النظام فترة بقاء أطول ، كونهم يعتقدون ان بسقوطه يعني قيام دولة إرهابية في سوريا.
اما في العراق فالأمريكان يقفون على مسافة واحدة مع حكومة حيدر العبادي مثلما كانوا يقفون مؤيدين وداعمين لحكومة المالكي ، لان الشخصين وجهان لعملة واحدة ، خاصة فيما يتعلق بالسياسات الاستراتيجية للعراق ، والاوضاع الداخلية ايضا بما في ذلك منظر الدم وانتهاك حقوق الانسان الذي مازال قائماً بل اصبح اكثر ضراوة وقسوة من قبل، وكل ما جرى ويجري هو بعلم او لنقل امام انظار الأمريكيين ، فقد اصبح الجميع يعلم ان العرب والعالم اصبحوا على يقين بان العراق يخلو من وجود ما يسمى بـ ( الدولة ) او حكومة رسمية يمكن للجميع الوقوف عندها والتعامل معها باعتبارها تمثل الدولة العراقية ، حيث تقود الدولة اليوم مليشيات وعناصر إرهابية تخدم مصالح خارجية معينة.
على العرب ان يفهموا حقيقة واضحة: ان كل ما يجري في ( العراق وسوريا واليمن ) هو نتاج تلاقح ورؤية مشتركة بين أمريكا وايران ، وان كل ما تريده أمريكا في منطقة الشرق الأوسط ينسجم كل الانسجام مع ما تريده ايران ايضاً ، وعلى العرب ان يجعلوا من قمة كامب ديفيد المقبلة ، قمة اللاءات وليست قمة الولاءات ، لكي يخدموا قضيتهم ومستقبل أبنائهم وان يضعوا بيضهم في سلة واحدة لا ان يفرقوها فيسهل على عدوهم حملها والعبث بها .

  إسماعيل الجنابي

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية