تفاؤل حذر بماراثون الهدنة في غزة

تفاؤل حذر بماراثون الهدنة في غزة

 

 

اكتسبت جولة البحث الجارية بغزة في القضيتين الأكثر سخونة على الساحة الفلسطينية، وهما المصالحة والتهدئة بين المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي، زخما وجدية أكبر من سابقاتها بانعقاد المكتب السياسي لحركة حماس للمرة الأولى بكامل أعضائه وجها لوجه في قطاع غزة.

فقد سمحت السلطات المصرية لأعضاء المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج بدخول قطاع غزة برئاسة نائب رئيس الحركة صالح العاروري المقيم في بيروت، وأحد أبرز المطلوبين للاحتلال الإسرائيلي، لتسهيل مناقشة المبادرتين المقدمتين من مصر ومن مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف بشأن هدنة طويلة بين حركة حماس القوة الرئيسية بين فصائل المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي، في مقابل رفع الحصار عن القطاع.

وتشير تسريبات إعلامية غير رسمية، سواء من الجانب المصري أو الحمساوي، إلى أن المبادرة المطروحة تقضي باتفاق هدنة لخمس سنوات، مقابل رفع الحصار المفروض على القطاع منذ عام 2006.

وعن تفاصيل الصفقة يجري تداول آلية تطبيق الاتفاق على مراحل. بحيث يتم في المرحلة الأولى فتح معبري كرم أبو سالم ورفح بصورة دائمة مقابل وقف إطلاق البالونات والطائرات الورقية الحارقة. يتم بعدها تحسين ظروف المعيشة وفك الحصار كليا عن القطاع. وفي المرحلة الثالثة تنفذ الأمم المتحدة مشاريع إنسانية مثل إنشاء مطار وميناء ومحطة كهرباء على الأراضي المصرية، وإعادة إعمار ما دمرته الحروب في قطاع غزة.

المصالحة والهدنة
أشارت مصادر إعلامية فلسطينية إلى أن مصر قدمت ورقة جديدة لحركة حماس تتعلق بملف المصالحة، من شأنها أن تنهي جولة المباحثات الجارية، والعودة بالنقاشات إلى نقطة الصفر.

وأوضحت المصادر إلى أن الورقة المصرية الجديدة تعتمد على “تمكين السلطة الفلسطينية بشكل كامل من إدارة قطاع غزة وتسليمها ملف الجباية المالية كليا”. مشيرة إلى وجود تغييرات على الورقة القديمة التي أبدت حماس موافقة عليها قبل أكثر من أسبوعين تقريبا.

ويرجح الصحفي والمحلل السياسي مصطفى الصواف صحة ما تردد عن سحب القاهرة ورقتها الأولى للمصالحة، بعد أن أبدت حركة فتح ملاحظات عليها. وأعرب الصواف عن اعتقاده في حديثه للجزيرة نت أن هذه الخطوة “ستزيد الأمور تعقيدا، لأنها شطبت بند 35 ألف موظف كانت حماس قد عينتهم في حكومتها السابقة، وكذلك حصر الجباية المالية بيد السلطة الفلسطينية.

هذا التطور إن صح، يتفق مع ما ورد على لسان نبيل شعث مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الخارجية، من أن ملف المصالحة يسير بإيجابية، باعتبار أن كل المبادرات المطروحة للنقاش “جوهرها عودة السلطة إلى القطاع”.

وبخلاف تصريح شعث، صبت حركة فتح جام غضبها على حركة حماس وبحثها المبادرات المقدمة لرفع الحصار عن قطاع غزة، مقابل تهدئة طويلة الأمد. فقد وصف الناطق باسم فتح أسامة القواسمي، في بيان، توقيع حماس اتفاق تهدئة مع الاحتلال إن حصل بأنه “انقلاب آخر على الشعب والوطن، وهدية مجانية لإسرائيل”.
من جانبه أكد القيادي في حركة حماس سامي أبو زهري أن موضوع التهدئة سيقرر باتفاق وطني ولن تنفرد به حركة حماس. وقال في تغريدة له على تويتر “هناك تصعيد فتحاوي ممنهج ضد حركة حماس يهدف إلى توتير الأجواء وإفشال الجهد المصري”.

وعن اجتماع المكتب السياسي لحركة حماس الذي عقد على مدى اليومين الماضيين، قال الصواف متحدثا للجزيرة نت إن مخرجات هذا الحوار متكتم عليها، ولم تتسرب أية معلومات. لكن سيعلن عن توجه الحركة بخصوص الملفات المطروحة للنقاش عقب انتهاء الاجتماعات وتقديم رد الحركة الرسمي على المبادرة المصرية.

وفي سياق ردود الفعل على مساعي رفع الحصار عن غزة والتهدئة مع الاحتلال، قال الكاتب والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الفلسطيني ياسر الزعاترة في تغريدة على تويتر “التيه الفلسطيني يتواصل. حماس (غزة) تبحث عن خلاص من الحصار، فلا تجد غير شروط سيئة قد تدفع لانفصال يريده الاحتلال، و(فتح) تتباهى برفض صفقة القرن وهي تمضي بتكريس سلطة في خدمة احتلال لا يتوقف عن تصعيد الاستيطان والتهويد. من أوسلو بدأ التيه، وتعمّق بمشاركة حماس بانتخابات سلطته في 2006”.

صفقة الأسرى
تتوقع مصادر إسرائيلية أن حزمة المقترحات المقدمة من الجانب المصري للتهدئة تقضي بفتح ملف صفقة تبادل أسرى جديدة. فقد نقلت القناة العاشرة الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي قوله “إن الاقتراح المصري للوصول إلى حل سياسي في قطاع غزة يشمل الدخول أيضا في مفاوضات صفقة تبادل أسرى”.

وتعتقد هذه المصادر أن يكون اشتراط مسؤولين إسرائيليين ربط التهدئة ورفع الحصار عن غزة بإنهاء ملف الأسرى يأتي لإعاقة إنجاز التهدئة. ومن المفترض أن يجتمع المجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي اليوم الأحد لبحث الخطة التي قدمها كل من ميلادينوف ومصر بشأن الهدنة مع حماس.

من جانبها دعت عائلتا الجنديين الإسرائيليين الأسيرين لدى حركة حماس هدار جولدن وشاؤول آرون، حكومة الاحتلال إلى عدم توقيع اتفاق بشأن قطاع غزة دون عودة أبنائهم. وقال سيمحا غولدن والد الجندي الأسير الجندي هدار “تم توقيع اتفاقية لا تشمل عودة الأبناء قبل ثلاثة أيام، وجلسة الحكومة اليوم هي عبارة عن استعراض فقط”.

وكتب وزير الاتصالات والاستخبارات “يسرائيل كاتس” تغريدة على تويتر قال فيها “الوضع في غزة يقترب من الحسم، إما تسوية وإما الحرب، وسأدعم كل خطة تشمل إنشاء بنى تحتية مصرية في البحر والبر لصالح غزة تحت إشراف دولي. وعلى المدى القصير يجب أن يكون تقديم كل مساعدة لغزة في التسوية مشروطا بإعادة جثث الجنود والأسرى”.

فالاجتماعات الماراثونية الجارية في غزة والقاهرة وتل أبيب، توحي بجدية الأطراف كافة لإنجاز اتفاق ما ينهي حالة موجات الاشتباك الدامي، وترقب شرارة الحرب منذ انطلاق مسيرات العودة على حدود غزة مع إسرائيل. خصوصا بعد حديث أميركي متكرر عن حاجة القطاع لتدارك أوضاعه الإنسانية المأساوية قبل الانفجار. إلا أن عوامل تبديد هذا التفاؤل تكمن في أطراف تتعارض مصالحها مع حالة الهدوء.

المصدر : الجزيرة,مواقع إلكترونية