الصدر يحتفظ بصدارة الانتخابات العراقية بعد إعادة الفرز

الصدر يحتفظ بصدارة الانتخابات العراقية بعد إعادة الفرز

بغداد- أظهرت نتائج الفرز اليدوي لأصوات الانتخابات العراقية الجمعة أن تحالف الزعيم الشيعي مقتدى الصدر والشيوعيين احتفظ بصدارة الانتخابات التي أجريت في مايو، وبذلك سيلعب دورا محوريا في تشكيل الحكومة المقبلة للبلاد.

وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات فوز التحالف، بعد إعادة الفرز اليدوي للأصوات التي قرّرتها المحكمة العليا في يونيو بسبب الاشتباه في حصول تزوير. وقالت المفوضية إن نتائج العد والفرز اليدوي في 13 محافظة من محافظات العراق البالغ عددها 18 محافظة متطابقة مع النتائج الأولية.

وأكدت النتائج أن تحالف الصدر والشيوعيين جاء في الطليعة بحصوله على 54 مقعدًا، في أول انتخابات نظمت بعد الانتصار على تنظيم الدولة الاسلامية. وبعد ثلاثة أشهر من إجراء الانتخابات، لا تزال الأحزاب الفائزة تجري مفاوضات بشأن تشكيل الائتلاف الحاكم المقبل، دون أي مؤشر على التوصل لنتيجة وشيكة.

وكان التنظيم الجهادي سيطر لثلاث سنوات على ثلث أراضي البلاد، وخصوصا الموصل المدينة الواقعة في الشمال التي أعلنها عاصمة له.

شبهات بالتلاعب
وتقررت إعادة فرز الأصوات بسبب ثغرات في عمليات الفرز الالكترونية وشبهات بالتلاعب، إلا أنها لم تؤد الى تغيير جذري في النتائج. والتغيير الوحيد الذي طرأ بعد الفرز اليدوي يتعلّق بقائمة “الفتح” التي تضم قياديين من قوات الحشد الشعبي الذي قاتل تنظيم الدولة الإسلامية، والتي فازت بمقعد إضافي على حساب قائمة محلية في بغداد.

وبذلك احتفظت قائمة “الفتح” بالمركز الثاني مع 48 مقعدًا بدلاً من 47، وفق ما أوضحت المفوضية المؤلفة من تسعة قضاة. وبقيت قائمة رئيس الوزراء حيدر العبادي في المركز الثالث مع 42 مقعدًا، تليها كلّ من قائمة إياد علاوي التي تضم العديد من الشخصيات السُنّية (21 مقعدًا) وقائمة “الحكمة” بزعامة عمار الحكيم (19 مقعدًا).

وبسبب النظام الانتخابي النسبي، لا يمكن لأي قائمة ان تحصل على الغالبية المطلقة بمفردها، لذلك يفترض أن تعقد تحالفات للحصول على اغلبية 329 مقعدا في البرلمان الجديد.

وستعلن المحكمة العليا النتائج النهائية ثم يكون أمام رئيس الجمهورية المنتهية ولايته 15 يوما للدعوة إلى انعقاد البرلمان الجديد الذي سينتخب رئيس دولة جديدا. ويختار الأخير بعد ذلك رئيس الحكومة من تحالف الأغلبية. وتتواصل المشاورات واللقاءات في هذا الإطار بينما تستمر الاحتجاجات الشعبية في جنوب البلاد المطالبة بتحسين الخدمات ومحاربة الفساد ومعالجة البطالة.

اختيار رئيس للحكومة

ويسعى العبادي لفترة ولاية ثانية ويقود حكومة انتقالية هشة إلى حين تشكيل حكومة جديدة. وأثارت الضبابية السياسية بشأن تشكيل الحكومة الجديدة التوترات في وقت ينفد فيه صبر العراقيين من سوء الخدمات الأساسية والبطالة وتباطؤ وتيرة إعادة الإعمار بعد حرب استمرت ثلاث سنوات ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

ودفعت التظاهرات اليومية، الحكومة العراقية الى اعلان تنفيذ خطة طوارئ وتقديم تعهدات باستثمار مليارات الدولارات في جنوب البلاد، الذي يعاني نقصا حادا في البنية التحتية رغم انه كان بعيدا من الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية.

وفي محاولة لتهدئة النفوس، أوقف العبادي، وزير الكهرباء وأربعة مدراء عامين في هذه الوزارة عن العمل بسبب انقطاعات التيار الكهربائي المتكررة بينما ارتفعت الحرارة في الصيف الى 50 درجة مئوية.

وقدم مقتدى الصدر الذي خاض حملته ضد الفساد ونظم تظاهرات كل أسبوع ضد هذه الآفة، إلى الأحزاب الأخرى لائحة تتضمن أربعين اقتراحا، معظمها اجتماعي، وقال إن قائمته ستصبح في المعارضة إذا رفضت المقترحات.

وللمرة الأولى منذ إحلال التعددية في 2005، بعد سقوط نظام صدام حسين وتولي الشيعة الحكم في العراق حيث يشكلون أغلبية، تقدمت أحزابهم مشتتة للانتخابات التشريعية التي جرت في 12 مايو.

وفاز مقتدى الصدر الذي ضاعف مبادراته لتأكيد استقلاله عن إيران ووصل به الأمر إلى القيام بزيارة إلى السعودية، في الانتخابات على رأس تحالف غير مسبوق مع الشيوعيين.

ومنذ ذلك الحين، تبذل إيران جهودا إذ حاول قائد “فيلق القدس” الجنرال قاسم سليماني تشكيل تحالف بدون الصدر، لكنها بعدما أدركت انه من الصعب الالتفاف عليه، باتت طهران تسعى إلى إدخاله في تحالف شيعي واسع.

وكانت عملية إعادة الفرز يدويا محل نزاع سياسي منذ البداية، رغم أنه لم يكن من المتوقع على الإطلاق تغيير النتائج على نطاق واسع. وقالت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات يوم الاثنين إنها استكملت إعادة الفرز لكنها اضطرت إلى اختصار العملية في العاصمة بغداد لأن أوراق الاقتراع جرى تدميرها بفعل حريق في أحد المخازن قبل شهرين.

واندلع الحريق بعد ساعات من قرار البرلمان إعادة الفرز وتجميد عمل قيادة مفوضية الانتخابات وتشكيل لجنة من القضاة، بعد أن خلص تقرير حكومي إلى وجود مخالفات جسيمة في الفرز الأولي الذي جرى باستخدام نظام الفرز الإلكتروني.

وكان الهدف من النظام الإلكتروني المساعدة في تنظيم العد والفرز وإنجازهما سريعا. ومع ذلك، زعم منتقدون أن النظام المستخدم في آلات التصويت الإلكترونية استخدم للمرة الأولى ولم يكن آمنا بالشكل الكافي.

وتجاهلت المفوضية العليا للانتخابات تحذيرات هيئة لمكافحة الفساد من مصداقية الأجهزة الإلكترونية المستخدمة في الانتخابات.

وتدور اتهامات بالتلاعب حول هذه الأجهزة التي وردتها شركة ميرو سيستمز الكورية الجنوبية بمقتضى صفقة مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الأمر الذي أدى إلى إعادة فرز الأصوات يدويا.

وتتركز بواعث القلق على تناقضات في عد الأصوات من خلال الأجهزة لا سيما في محافظة السليمانية التي يغلب على سكانها الأكراد ومحافظة كركوك المختلطة عرقيا وإشارات إلى احتمال التلاعب بالأجهزة أو اختراقها لتغيير النتيجة. ومع ذلك، لم تظهر نتائج إعادة الفرز أي تغييرات تذكر في أي من المحافظتين.

كما عبرت الأمم المتحدة في السابق، عن مخاوفها بشأن المخالفات في عملية التصويت لا سيما في كركوك، مما ساعد على إعادة فرز الأصوات.

وكانت النتائج الأولية هناك محل خلاف من قبل التركمان والعرب في المنطقة التي يسكنها أيضا عدد كبير من السكان الأكراد. لكن نتائج إعادة الفرز لم تظهر أي تغييرات تذكر في كركوك وأظهرت تغيرات محدودة للغاية في السليمانية.

ويمكن أن تطعن الأحزاب في النتائج التي أعلن عنها اليوم الجمعة ويجب أن تصادق عليها المحكمة الاتحادية العليا لكي تصبح نهائية.

وعندما تصادق المحكمة العليا على النتيجة، يبدأ جدول زمني مدته 90 يوما لتشكيل الحكومة بموجب الدستور. وسيجتمع النواب لانتخاب رئيس البرلمان ثم الرئيس وأخيرا رئيس وزراء والحكومة.

وعادة ما يتم تخصيص منصب رئيس البرلمان للعرب السنة على أن يتولى كردي منصب الرئاسة وهو شرفي إلى حد كبير ويكون منصب رئيس الوزراء القوي دائما من نصيب الأغلبية الشيعية.

العرب