روسيا تعيد تموضعها من الجولان كضامن جديد للسلام في المنطقة

روسيا تعيد تموضعها من الجولان كضامن جديد للسلام في المنطقة

لندن – تحاول روسيا إعادة التموضع في المنطقة بصفتها “الضامن” الجديد للسلام، عبر تعهدها بضمان عملية تسليم سلسة للمنطقة العازلة في هضبة الجولان المحتلة إلى قوات الأمم المتحدة، عبر صفقة تضم على الجانب الآخر إسرائيل والولايات المتحدة والأردن.

وعلى مدار أشهر تطورت علاقة موسكو وتل أبيب، فيما زاد اعتماد الإسرائيليين على روسيا لإنهاء الوجود الإيراني وميليشيات حزب الله اللبناني على الأراضي السورية، لكن روسيا قالت إن طلب إسرائيل “غير واقعي”، إلا أنه بإمكانها تأمين إبعاد إيران مسافة مئة كيلومتر من هضبة الجولان.

وعلى ما يبدو لم يقف الخلاف بين الجانبين في وجه تعهد روسيا بعدم إقدام الجيش السوري على عبور الخط الفاصل بين سوريا وإسرائيل، الذي تم وضعه عام 1974 مع توصل الجانبين لاتفاق وقف إطلاق النار.

ورغم التنافس المعلن مع مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، تتضمن الخطوات الروسية في الجولان تطمينات غير مباشرة أيضا لواشنطن.

ويقول مراقبون إن الولايات المتحدة منحت الضوء الأخضر لروسيا بالقيام بمهام قوة الأمم المتحدة لمراقبة فك الاشتباك (أوندوف) خلال القمة التي جمعت الشهر الماضي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي.

ويمثل ذلك تغيرا في عقيدة الانتشار الأميركي في المنطقة، وفي قدرة واشنطن على الإمساك حصرا بالملفات الحساسة، خصوصا ملف السلام بين إسرائيل وجيرانها العرب. كما يمثل اختراقا روسيا والمزيد من النفوذ لموسكو، التي تتحول مع الوقت إلى قوة مقنعة قادرة على سد الثغرات الناجمة عن انشغال الولايات المتحدة بملفات محددة، على رأسها إيران.

ومازالت روسيا ملتزمة بتعهدها لإسرائيل بإبعاد أي أسلحة ثقيلة أو أسلحة “قد تمثل تهديدا لأمن إسرائيل” إلى مسافة أكثر من 85 كيلومترا بعيدا عن خط وقف إطلاق النار.

وتمثل الاستراتيجية الروسية في الجولان تطمينات مباشرة للأردن، الذي ينظر إلى هذه المنطقة الحساسة باعتبارها نقطة محورية في أمنه القومي. ويرى مسؤولون أردنيون أنه إذا ما حدثت أي مواجهة مستقبلا بين الجيش السوري وإسرائيل، في غياب قوة المراقبة الأممية، فسيؤدي ذلك حتما إلى تدهور الأوضاع في مناطق الشمال الغربي الأردني، وإلى تدفق المزيد من النازحين إلى أراضيه.

وتعني طمأنة الأردن بالنسبة لروسيا مرونة أكبر في التعامل بين الجانبين في ما يتعلق بالجنوب السوري. ويقول مراقبون إن روسيا تريد تقديم أوراق إيجابية إلى الأردن عبر ملف الجولان، من أجل أن تحصد مستقبلا تجاوب الأردن مع أي مبادرات مستقبلية بخصوص الملف السوري سواء لجهة التطبيع مع دمشق أو المساهمة في عودة طبيعية للحياة في الجنوب السوري.

ويعول الأردن، من جانبه، أيضا على هذه الترتيبات الروسية في الجنوب لتشجيع أكثر من مليون و300 ألف لاجئ سوري على العودة مرة أخرى إلى ديارهم.

وتعتمد روسيا سياسة متدرجة لإنهاء الأزمة السورية، التي تعتبرها أولوية بالنسبة لها. فبعد إسدالها الستار عن ملف الجنوب وقبله الغوطة الشرقية وتأمين العاصمة دمشق، تولي اليوم اهتمامها لحل معضلة الشمال وبخاصة محافظة إدلب وريف حلب حيث يتركز النفوذ التركي.

ومن المتوقع أن تعقد قمة تضم زعماء دول روسيا وإيران وتركيا في سبتمبر المقبل، كما أعلن ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، الخميس. ولم يحدد بيسكوف النقاط التي ستتطرق لها هذه القمة، لكن مصادر قالت إنها ستركز على إيجاد تسوية في ما يتعلق بالوضع النهائي لمحافظة إدلب وفي سوريا ككل.

وأعرب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي سيرجي لافروف في أنقرة الثلاثاء عن رغبة بلاده في دعم جهود القضاء على جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) التي تبسط سيطرتها على أكثر من 60 بالمئة من محافظة إدلب، داعيا في الآن ذاته إلى اعتماد عملية عسكرية جراحية، وليس اجتياحا كاملا يهدد باقي الفصائل التي تدعمها.

وعمدت تركيا في الفترة الماضية إلى تجميع فصائل المعارضة في إدلب ضمن تحالف أطلقت عليه “جبهة التحرير الوطني” واستثنيت منه جبهة فتح الشام، فيما بدا مؤشرا على إمكانية أن تزج بهذا التحالف في معركة مع الأخيرة وذلك لسحب البساط من موسكو ودمشق لشن عملية عسكرية واسعة ستنهي النفوذ التركي وتخرجها من المعادلة السورية.

وتتراكم العديد من الأسئلة حول ما إذا كان الجيش السوري سيتعاون مع الجبهة التي شكلتها تركيا والتي يعتبرها العدو الأخطر بالنسبة له، وإذا ما تولت جبهة التحرير وحدها العملية فكيف سيكون مستقبل إدلب؛ هل ستبقى تحت الجناح التركي أم تعود إلى الدولة بعد التسوية السياسية؟ ويصر الرئيس السوري بشار الأسد في كل إطلالاته على استرداد كل شبر من البلاد سلما أو حربا.

الأسد يزور نفقا بعد تحويل جدرانه لمنحوتات فنية
دمشق – زار الرئيس السوري بشار الأسد وعقيلته الخميس أحد الأنفاق التي حفرها مسلحو المعارضة في حي جوبر شرق العاصمة دمشق بعد تحويل جدران النفق إلى لوحات فنية تشكيلية. ويحرص الأسد على الظهور في المناطق التي عادت إلى سلطته، للتسويق إلى أن الوضع بات تحت السيطرة.

ونقل موقع رئاسة الجمهورية على مواقع التواصل الاجتماعي أن الرئيس الأسد أثنى على مبادرة وجهود فناني فريق (آرام) الذين أضاءوا ظلام النفق، ومسحوا عن جدرانه بصمات وسواد الإرهاب، التي حملها لسنوات بلوحات نحتية فنية تجسد تضحيات رجال الجيش السوري والجندي المجهول وتاريخ سوريا القديم والحديث.

وشارك 18 فنانا سوريا في النحت على جدران النفق الذي يقع تحت مدرسة الخنساء في حي جوبر. وشهدت أحياء شرق العاصمة دمشق حرب أنفاق على مدى سبع سنوات بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة.

العرب