العراق: المالكي والنجيفي يقودان صفقة العودة للحكومة والبرلمان

العراق: المالكي والنجيفي يقودان صفقة العودة للحكومة والبرلمان

في ظلّ حراك تشكيل التحالفات العراقية، يبدو أنّ أوضح المسارات هو ذلك الذي يقوده رئيس الوزراء العراقي السابق الذي يتزعّم ائتلاف “دولة القانون”، نوري المالكي، ورئيس تحالف الفتح (الجناح السياسي لمليشيا الحشد الشعبي)، هادي العامري، ورئيس كتلة “عطاء” المنضوية ضمن تحالف “النصر”، فالح الفياض، الذي تتحدّث تسريبات عن انشقاقه عن تحالف رئيس الوزراء حيدر العبادي. وأبرز ما تحقّق في ساحة هذه الجبهة هو قدرتها على استقطاب رئيس تحالف “القرار العراقي” (القيادي في كتلة المحور الوطني)، أسامة النجيفي، وهو الندّ الدائم للمالكي، في ما يبدو ظاهرياً أنه بداية لتشكيل الكتلة الكبرى، إلا أنّ حقيقته تشير إلى وجود صفقة يقودها المالكي والنجيفي للعودة إلى الحكومة والبرلمان في ما يبدو أنه تكرار لسيناريو حكومة 2010، بحسب مصدر مقرّب من ائتلاف “دولة القانون” أكد لـ”العربي الجديد” أنّ الحوارات مع تحالف “القرار العراقي” وصلت إلى مراحل متقدّمة.

وأوضح المصدر أنّ “الاجتماع الذي عقد أخيراً بين المالكي والنجيفي والفياض، مثّل انطلاقة لحوارات تشكيل الكتلة البرلمانية الكبرى”، مبيّناً أنّ “تحالف المالكي تمكّن خلال الفترة الماضية من كسب ودّ تحالف الفتح، واستمالة جناح فالح الفياض، (الذي يضمّ أكثر من عشرين نائباً)، فضلاً عن حوارات متقدّمة مع أحزاب كردية فائزة في الانتخابات”.

وأشار إلى أنّ “القوى التي ستشكّل الكتلة الكبرى هي التي ستمتلك حق تسمية الرئاسات الثلاث (رئيس البرلمان، رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية)”، لافتاً إلى “عدم وجود أي خطوط حمر على أي شخصية لتولي أي من هذه المناصب”. ولم يستبعد المصدر ذاته إعادة طرح اسم المالكي كرئيس للوزراء لولاية ثالثة، في حال تمكّن ائتلافه من تشكيل الكتلة الكبرى، وطرح اسم أسامة النجيفي لرئاسة البرلمان، إذا تمّ انضوائه بالفعل ضمن هذه الكتلة.

ويعود هذا السيناريو، إن تمّ بالفعل، بالعراق إلى عام 2010، حين تشكّلت حكومة ترأّسها نوري المالكي، وبرلمان بزعامة أسامة النجيفي، وكانت من أسوأ الحكومات في الفترة التي تلت احتلال العراق من قبل أميركا عام 2003، والتي ألقي عليها اللوم بالتسبّب في دخول تنظيم “داعش” الإرهابي إلى الموصل ومدن عراقية أخرى منتصف عام 2014.

إلا أنّ ذلك لا يمنع القوى التي تتمكّن من تشكيل الكتلة البرلمانية الكبرى من حقّ التحكّم بالمرشحين الذين سيتولّون رئاسة الحكومة والبرلمان، وفقاً لما يراه عضو البرلمان العراقي السابق عن ائتلاف “دولة القانون”، عبد الهادي الحساني، الذي يعتقد أنّ ائتلافه هو الأقرب لتشكيل هذه الكتلة، مؤكداً في حديث مع “العربي الجديد”، أنّ “اللقاء الأخير الذي جمع المالكي والنجيفي والفياض يمثّل مقدمة لانبثاق الكتلة البرلمانية الكبرى، على الرغم من أنّ فالح الفياض ما زال رسمياً ضمن تحالف النصر، ولم يعلن عن انشقاقه رسمياً”. وسرّبت وسائل إعلام محلية أنباء عن نيّة الفياض الانشقاق عن تحالف العبادي، والالتحاق بكتلة المالكي التي ينوي تشكيلها.

إلى ذلك، أوضح الحساني أنّ المشهد التوافقي العراقي يحتّم وجود الجميع ضمن التشكيلة الحكومية الجديدة، مرجحاً أن تكون القوى الكردية ضمن التحالف الواسع الذي يدعو إليه المالكي. وتوقّع أن تأتلف معظم الكتل الفائزة في الانتخابات ضمن كتلة برلمانية كبيرة، موضحاً “سيحدث شبه توافق، ولن يذهب أحد إلى المعارضة، لأنّ ذلك أمر صعب جداً، بعدما تعوّدت القوى السياسية على الوجود في السلطة، ومن شبّ على شيء شاب عليه”.

كذلك أشار إلى وجود تدخّلات إقليمية ودولية  من أجل الدفع باتجاه تشكيل حكومة يقودها أشخاص محددون. وبيّن أنّ “الحصار المفروض على إيران، والمتغيّرات في الدول العربية، تؤثّر على التفاهمات السياسية في العراق”، مشدداً على أنه “على الكتل السياسية البحث عن مخرج”.

وفي السياق ذاته، قال النائب السابق عن ائتلاف “دولة القانون”، محمد الصيهود، إنّ تحالف المالكي “هو الأحقّ برئاسة الوزراء بعد التقدّم الذي حقّقه على طريق تشكيل الكتلة البرلمانية الكبرى”، موضحاً في حديث صحافي، أنّ هذه الكتلة “ستتشكّل برئاسة ائتلاف دولة القانون، وعضوية تحالف الفتح، وجزء من تحالف النصر (جناح الفياض)”. وأشار إلى أنّ هذه الكتلة ستعلن بعد عيد الأضحى، لتقوم بعد ذلك بترشيح رئيس الوزراء الجديد.

بدوره، أكّد العضو السابق في “تحالف القوى العراقية”، محمد عبد الله، أنّ “اللقاء الأخير بين المالكي والنجيفي يشير بوضوح إلى رغبة الرجلين بالعودة إلى السلطة عن طريق إبرام صفقة الكتلة الكبرى”، مبيناً في حديث لـ”العربي الجديد”، أنّ “الأمر لن يكون سهلاً عليهم، لا سيما في ظلّ وجود جبهة مناوئة يقترب عدد مقاعدها من نصف عدد مقاعد البرلمان”، متمثّلة بتحالفات سائرون والنصر والحكمة والوطنية وبعض النواب السنّة، والتي تصل مقاعدها إلى 160 من مقاعد البرلمان البالغة 329 مقعداً”. وتابع أنّ “اتفاق هذه الكتل، أو على الأقل بقاءها بعيدة عن جبهة المالكي، سيصعّب مسألة تشكيل الكتلة الكبرى”.

وهذا ما ذهب إليه أيضاَ القيادي في تحالف “سائرون”، رائد فهمي، الذي قال إن “جهود تشكيل الكتلة الكبرى لم تنجح حتى الآن، بسبب صعوبة المهمة”، مشيراً في تصريح صحافي، إلى “وجود جبهتين تتنافسان لتشكيلها هما: جناح (سائرون) وحلفاؤه، وجبهة ائتلاف (دولة القانون) وحلفاؤها”. وأضاف “لم يحسم الأمر بعد، ولم يصل أي محور إلى مرحلة التوقيع”، مبيناً أنّ “تحالفه (سائرون) لن يشترك في حكومة لا تخدم برنامج الإصلاح”.

في غضون ذلك، أكّدت مصادر سياسية كردية أنّ الكتل الممثلة لإقليم كردستان الفائزة في الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو/ أيار الماضي، “أجّلت سفر وفدها إلى بغداد لبدء مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة إلى ما بعد عيد الأضحى من أجل إقناع المعارضة الكردية بالانضمام للوفد”.

وقال مصدر مقرّب من “الحزب الديمقراطي الكردستاني” الذي يتزعّمه رئيس إقليم كردستان السابق مسعود البارزاني، في حديث لـ”العربي الجديد”، إنّ “الوفد الذي تشكّل من الحزبين الرئيسيين في الإقليم (الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني)، قرّر تأجيل زيارته إلى بغداد التي كانت مقررة الأسبوع الحالي، إلى فترة ما بعد العيد، من أجل فتح أبواب الحوار مع الأحزاب الكردية المعارضة، ومحاولة إقناعها بالمشاركة في مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة”.

وأضاف أنّ “دخول القوى الكردية المفاوضات موحدة سيمنحها قدرة أكبر على المناورة من أجل الحصول على حقوق الشعب الكردي”، مؤكداً “عدم وجود خلافات بشأن منصب رئيس الجمهورية الذي سيكون من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني”، وفقاً لاتفاقات سابقة.

وهذا ما أكدت عليه عضو البرلمان العراقي السابق، النائبة الكردية نجيبة نجيب، التي قالت إنّالأكراد يجب أن يذهبوا موحدين إلى بغداد، موضحة في حديث لـ”العربي الجديد”، أنّ الكتل الكردية الفائزة يجب أن تحصل على حقوق الجماهير التي انتخبتها وفقاً للدستور.