أصابع إيرانية تصل إلى القضاء العراقي لإعادة النظر في مفهوم الكتلة الأكبر

أصابع إيرانية تصل إلى القضاء العراقي لإعادة النظر في مفهوم الكتلة الأكبر

بغداد – يستعد الرئيس العراقي فؤاد معصوم لدعوة البرلمان الجديد، الذي انتخب في اقتراع عام خلال مايو، إلى عقد أولى جلساته في موعد أقصاه الثاني من سبتمبر، في وقت تشهد فيه الكواليس السياسية في البلاد تجاذبات حادة بين السلطتين القضائية والتنفيذية، بشأن تفسير مصطلح “الكتلة الأكبر”، ما قد ينذر بمواجهة مفتوحة على جميع الاحتمالات.

وذكرت مصادر سياسية في بغداد أن “حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، تستشعر محاولة إيرانية لدفع القضاء العراقي إلى إعادة النظر في مفهوم الكتلة الأكبر، الذي يحدد الجهة التي تحتكر حق ترشيح رئيس الوزراء”.

وأضافت في تصريحات لـ”العرب” أن “طهران استخدمت نفوذها الكبير في المؤسسات العراقية، للتواصل مع مسؤولين بارزين في سلك القضاء، وبحثت معهم ترتيبات سياسية”.

ويعتقد مكتب العبادي أن هذه التحركات تخرق مبدأ الفصل بين السلطات الذي ينص عليه الدستور العراقي، وتمثل تجاوزا قانونيا صارخا من شأنه تهديد الأمن القومي في البلاد.

وتقول المصادر إن جهة عليا في الحكومة العراقية باشرت جمع الأدلة في هذا الصدد، وربما تتقدم بملف متكامل إلى المحكمة الاتحادية العليا، المعنية بفض النزاعات الدستورية، يدعم ادعاءها بشأن “تواصل جهات خارجية مع مسؤول قضائي عراقي بارز للعمل على حرف اتجاه العملية السياسية”.

ووفقا لقرار أصدره مجلس النواب العراقي المنتهية ولايته، تسلم مجلس القضاء الأعلى مهمة الإشراف على عملية عدّ يدوي لجزء من أصوات الناخبين الذين شاركوا في اقتراع مايو، بعد تقدم أطراف عديدة بطعون وتشكيك على نطاق واسع في نزاهة الانتخابات.

ولم يتضح ما إذا كان المسؤولون القضائيون المتهمون بالتواصل مع إيران، هم أعضاء في مجلس القضاء، الذي يدير حتى الآن مخرجات العملية الانتخابية في العراق.

ويقول مستشارون لمعصوم إن “رئيس الجمهورية سيدعو البرلمان الجديد قريبا إلى الانعقاد”. ويضيف هؤلاء أن “موعد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، لن يتجاوز الثاني من الشهر القادم”، بعدما صادقت المحكمة الاتحادية على النتائج النهائية للانتخابات العامة، التي حاصرتها شكوك التزوير طيلة أشهر.

ووفقا للسياقات الدستورية العراقية، فإن الجلسة الأولى ستعقد برئاسة أكبر النواب الفائزين سنا، وهو ممثل التيار المدني محمد علي زيني، ثم يجري خلال الجلسة انتخاب رئيس لمجلس النواب ونائبيه، قبل أن يعرض المرشح لتولي منصب رئيس الجمهورية على التصويت، ليقوم بعد فوزه بتكليف مرشح الكتلة الأكبر إلى منصب رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة.

وحتى الآن لم تتضح ملامح الكتلة الأكبر، التي سيعلن عنها خلال الجلسة الأولى، مع أن أربع قوائم شيعية فائزة، هي “سائرون” التي يرعاها مقتدى الصدر، و”النصر” التي يقودها رئيس الوزراء حيدر العبادي، و”الحكمة” بزعامة عمار الحكيم، و”الوطنية” بزعامة إياد علاوي، أعلنت عن تفاهم أولي لتشكيل “نواة” تحالف برلماني، يأخذ على عاتقه تسمية المرشح لمنصب رئيس الوزراء.

ولا يزال العبادي هو المرشح الوحيد لشغل منصب رئيس الوزراء في الحكومة العراقية الجديدة، في مواجهة اعتراض إيراني حاد.

وقبيل دعوة معصوم البرلمان إلى الانعقاد، نجحت قائمتا “النصر” و”الوطنية” في رأب تصدعات داخلية أصابتهما. وتقول مصادر سياسية مطلعة في بغداد لـ”العرب”، إن “العبادي وعلاوي تمكنا من احتواء انشقاقات حادة تعرضت لهما النصر والوطنية خلال الأسابيع التي تلت الإعلان الأولي عن نتائج الانتخابات”.

وتضيف المصادر أن “وسطاء إيرانيين حاولوا إقناع أطراف فاعلة في قائمتي النصر والوطنية بالانشقاق والالتحاق بالمحور الموازي، لكن المحاولة لم تسفر إلا عن خروج عدد محدود من أعضاء القائمتين، بعدما تردد أن المنشقين يشكلون أكثر من نصف عدد أعضاء ائتلافي العبادي وعلاوي”.

ومن شأن احتواء هذه الانشقاقات أن يعزز حضور “التحالف الرباعي” في مواجهة ضغوط إيرانية قوية تستهدف استبدال العبادي.

وتقول المصادر إن العبادي يحظى بدعم مطلق من الصدر والحكيم وعلاوي لنيل ولاية ثانية، فيما تدعم إيران تحالفا يضم قائمة الفتح بزعامة هادي العامري ودولة القانون بزعامة نوري المالكي، وتسعى لتعزيزه بحلفاء إضافيين.

ولم يحسم العرب السنة والأكراد، الذين يقتربون من توقيع ورقة مبادئ مشتركة للتفاوض مع الأطراف الأخرى، موقفهم بشأن دعم أي من الاتجاهين الشيعيين.

وتردد أن السنة قريبون من دعم اتجاه العامري والمالكي، لكن عددا من قادتهم البارزين نفوا اتخاذ قرار حتى الآن في هذا الشأن.

العرب