العراق يستنجد بالسعودية للتعاون في مجال الكهرباء

العراق يستنجد بالسعودية للتعاون في مجال الكهرباء

تسارعت تحركات الحكومة العراقية لتعزيز التعاون في مجال الكهرباء مع السعودية ودول الخليج، حيث أكدت أنها تنتظر رد الرياض على مقترحات فنية، في وقت اتسع فيه الحديث حول خطط لربط العراق بشبكة الكهرباء الخليجية.

لندن – قالت وزارة الكهرباء العراقية أمس إنها تنتظر ردا من الجانب السعودي على مجموعة مقترحات بشأن التعاون في مجال الطاقة الكهربائية، كانت قد سلمتها إلى الرياض عبر وفد فني في الشهر الماضي.

وقال محمد فتحي المتحدث باسم الوزارة إن “المقترحات تتعلق بمد خطوط لنقل الطاقة الكهربائية بين البلدين، وإنشاء محطات إنتاج للطاقة الكهربائية تكون قريبة من العراق”.

وأجرى وفد فني عراقي، ضم مسؤولين كبار بوزارة الكهرباء، في 21 يوليو الماضي، زيارة رسمية إلى السعودية، وأجرى لقاءات مع مسؤولين سعوديين بخصوص التعاون في مجال الطاقة الكهربائية.

وكانت السعودية عرضت الشهر الماضي بيع الكهرباء إلى العراق بخصم، في إطار جهود الرياض الرامية للحد من نفوذ منافستها إيران في العراق.

وذكرت مصادر مطلعة على الاجتماعات أن المقترحات تشمل أيضا استثمارات سعودية في مجال الطاقة داخل العراق، إضافة إلى توفير شحنات وقود للمحطات الكهربائية العراقية.

ونسبت وكالة الأناضول الأحد إلى المتحدث باسم وزارة الكهرباء قوله إن “الجانب العراقي بانتظار وصول الرد السعودي على المقترحات، كي يتم البدء بالخطوات الفعلية على أرض الواقع حال الموافقة”.

وتشير الأرقام المعلنة من وزارة الكهرباء العراقية في الشهر الحالي إلى أن البلاد تنتج حاليا نحو 15.7 غيغاواط من الكهرباء، في حين تصل حاجتها إلى أكثر من 23 غيغاواط لتلبية احتياجات السكان والمؤسسات دون انقطاع.

وكان العراق، يستورد الكهرباء من إيران للحد من نقص الطاقة في البلاد منذ سنوات طويلة، بعد أن تعرضت البنى التحتية للطاقة إلى التدمير والإهمال، جراء عقود من الحروب والحصار.

وقررت طهران وقف تجهيز العراق بنحو 1.3 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية في بداية الصيف الحالي، وعزت ذلك لعدم سداد فواتير الإمدادات وارتفاع الاستهلاك المحلي في إيران. وقد أدى ذلك إلى تفاقم الاحتجاجات في مناطق وسط وجنوب العراق.

وأعلنت الحكومة الإيرانية في الأسبوع الماضي استئناف إمدادات الكهرباء، لكن بمعدلات ضئيلة جدا بحسب مسؤولين إيرانيين أكدوا أنها لا تتجاوز 250 ميغاواط لكل من العراق وباكستان وأفغانستان.

لكن محللين يقولون إن تلك الإمدادات تمثل نافذة للفساد بسبب ارتفاع أسعارها وقيام مسؤولين بعرقلة إنشاء محطات في العراق من أجل استمرار الاعتماد على إيران.

وتشير فواتير الإمدادات الإيرانية، التي تصل إلى مليارات الدولارات، إلى أن العراق كان بإمكانه استثمار تلك المبالغ في إنشاء محطات توفر له إمدادات أكبر من تلك التي يتلقاها من إيران.

وكان وزير النفط الكويتي بخيت الرشيدي، الذي يشغل أيضا منصب وزير الكهرباء والماء، قد ذكر الأسبوع الماضي أن دول مجلس التعاون الخليجي تتفاوض حاليا مع العراق لتحقيق الربط الكهربائي بين الجانبين.

وتوقع أن يمتد مشروع الربط الكهربائي مستقبلا عبر العراق إلى تركيا، وهو ما سيجعل دول مجلس التعاون الخليجي ترتبط بالشبكة الأوروبية في نهاية المطاف.

وأشار الرشيدي، إلى أن الكويت أرسلت للعراق 17 مولدا متنقلا للكهرباء ونحو 18 ألف طن من الديزل للتغلب على مشكلة نقص إمدادات الكهرباء في العراق.

وكان وزير الإعلام السعودي عواد العواد قد ذكر في وقت سابق أن الرياض تأمل في توقيع مذكرة تفاهم مع الحكومة العراقية في مجال الطاقة الكهربائية من أجل وضع الأطر التنظيمية وانطلاق أعمال ترجمتها على أرض الواقع.

في هذه الإثناء تجري عمليات واسعة لتأهيل المعابر الحدودية لتعزيز التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، لكن محللين يقولون إنها قد تشهد بعض الفتور لحين تشكيل الحكومة الجديدة وسط آمال بتعزيز الخطوات التي تم اتخاذها منذ زيارة العبادي إلى الرياض في أكتوبر الماضي.

وتأمل الرياض باستمرار زخم انفتاح الحكومة العراقية على محيطها العربي بعد تشكيل حكومة جديدة في محاولة لتقليل النفوذ الإيراني في العراق، وسط تأييد واسع للشارع العراقي بالابتعاد عن طهران انعكس بوضوح في النتائج الأولية للانتخابات العراقية.

ويرى مراقبون أن الرياض تعد لحزمة واسعة من مشاريع التعاون تتضمن استثمارات كبيرة في المشاريع الصناعية والزراعية وتعزيز التبادل التجاري والمساهمة في إعادة إعمار البلاد، لا تقتصر على المناطق المدمرة التي تم تحريرها من قبضة تنظيم داعش.

واستأنفت شركات الطيران السعودية في العام الماضي رحلات الطيران الأسبوعية المباشرة إلى المطارات العراقية لأول مرة منذ عام 1990 وكشفت عن خطط لزيادة الرحلات الأسبوعية مع تحسن الروابط الاقتصادية والتجارية.

ومن المتوقع أن تجد الشركات السعودية فرصا استثمارية كبيرة بسبب الموارد العراقية الكبيرة وحاجة البلاد إلى جميع أنواع المشاريع، التي يمكن أن تحقق عوائد كبيرة وتوقظ الاقتصاد العراقي المشلول منذ عقود بسبب الحروب والصراعات.

وقد توجهت وفود سعودية كبيرة تمثل شركات القطاع الخاص إلى العراق لاستكشاف الفرص المتاحة، وشارك عدد كبير منها في معرض بغداد الدولي في العام الماضي.

العرب