اختبار فرضية عزل الرئيس ترامب

اختبار فرضية عزل الرئيس ترامب

د.سليم محمد الزعنون*

في ضوء القضايا والتُهم التي تعصف بالرئيس “ترامب، يواجه خطر امكانية العزل من منصبه، ولكن يبقى هذا السيناريو مجرد فرضية؛ تحتاج إلى إدانة مباشرة ودعم سياسي، ومع عدم توفر الإدانة المباشرة حتى الآن، وعدم رغبة الديمقراطيين في سيناريو العزل حتى بعد التجديد النصفي، يبقى العزل مجرد فرضية غير قابلة للتحقيق.

ووفقاً للدستور يحق للكونجرس عزل الرئيس من منصبه في حال الخيانة أو الرشوة أو أية جرائم أو جنح خطيرة أخرى، وتتم الإجراءات على مرحلتين: الأولى تقديم طلب إلى لجنة العدل في مجلس النواب وفي حال الموافقة عليه يتم طرحه للتصويت، ويشترط حصوله على الأغلبية البسيطة، لإحالته إلى مجلس الشيوخ لتجري محاكمة الرئيس برئاسة القاضي الأعلى في المحكمة العليا، وتتم الإدانة وعزل الرئيس بتصويت ثلثي أعضاء مجلس الشيوح.

ووفقاً للتجربة التاريخية لم يتم عزل أي رئيس في الولايات المتحدة، ولكن تم تنفيذ إجراءات العزل بحق 3 رؤساء: أندرو جونسون 1869 بسبب الإطاحة بوزير الدفاع دون موافقة الكونجرس، وريتشار نيكسون 1974 في فضيحة “ووترجيت” والكذب في قضية التجسس على الديمقراطين، وبيل كلينتون 1998 بسبب حنث اليمين في فضيحة “مونيكا لوينسي”، في حالتي الأول والثالث استمرا فى منصبيهما نتيجة عدم الحصول على نسبة التصويت المطلوبة “ثلثي الأعضاء” فى مجلس الشيوخ، وفي حالة نيكسون استقال من منصبه قبل استكمال الإجراءات، ثم أصدر الرئيس “جيرالد فورد” عفواً عنه(2).

حالة الرئيس ” دونالد ترامب”.

فيما يتعلق بحالة ترامب فإن احتمالات عزله تعتمد على عاملين رئيسيين: نتائج التحقيقات، ورغبة الحزب الديمقراطي في العزل، وكلا العاملين غير متوفر حتى الآن.

الأول: نتائج التحقيقات، حتى اللحظة لم يُقدم مكتب التحقيقات الفيدرالي بقيادة “روبرت مولر” أي أدلة على تواطئ ترامب مع روسيا بما يبرر تهمة الخيانة، إضافة إلى ذلك أعلنت لجنة الإستخبارات في مجلس النواب أن التحقيق لم يثبت أي أدلة تؤكد تخابر أو تنسيق أو تآمر الحملة الانتخابية لترامب مع الحكومة الروسية، وفي ضوء ذلك لم يتمكن مجلس النواب من تحديد الاتهامات والتصويت عليها ومن ثم احالتها لمجلس الشيوخ.

الثاني: انتخابات التجديد النصفي، إذا استمر الحزب الجمهوري في السيطرة على مجلس النواب لن يكون تمرير قرار محاكمة ترامب وعزله سهلاً، ولكن في حال سيطر الديمقراطيين بأغلبية على المجلس، من الممكن أن يديروا حملة لعزل “ترامب”.

غير أن الديمقراطيين غير متوافقين تجاه سيناريو العزل، ويؤشر على ذلك عدم دعم قيادة الحزب الديمقراطي لمقترح السيناتور الديمقراطي “آلـ جرين” لعزل ترامب، بل قالت “نانسى بيلوسى” زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب أن عزل ترامب ليس من أولويات الحزب، وتُفضل انتظار نتائج التحقيقات الجارية من قبل المحامي “روبرت مولر”، وأشار مسؤول ديمقراطي إلى أن الحزب ليس لديه خطط لجعل مساءلة عزل ترامب جزءاً أساسياً من إستراتيجيته انتخابات التجديد النصفي للكونجرس.

أما قضايا الجنس ودفع الأموال من أجل إسكات النساء اللاتى تورط معهن، بالقياس على قضية “بيل كلينتون” فقد تم اتخاذ اجراءات العزل بسبب حنث اليمين في فضيحة “مونيكا لوينسكي” وليس بسبب كونها فضيحة جنسية؛ فهي قضايا لا تعتبر مبرراً للعزل، ولا تعتبر أمر يخص وظيفة “ترامب” كرئيس.

وحدة الدراسات الدولية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية