هل يمكن لروسيا والصين تقويض دور الدولار

هل يمكن لروسيا والصين تقويض دور الدولار

واشنطن – تسعى روسيا إلى تقليص تعاملاتها بالدولار الأميركي، وتحث شركاءها التجاريين، وأيضا السياسيين، على اعتماد العملات المحلية في التبادلات، بتقويض الدولار التي تسعى إليها الصين أيضا.

وتؤيد تركيا هذا الموقف، حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال زيارته لطهران مؤخرا، إن بلاده قررت التعامل بالعملات المحلية في علاقاتها الاقتصادية مع إيران، وذلك بهدف التخلص من ضغوط العملات الأجنبية، وتحديدا الدولار الأميركي.

يبدو مثل هذا القرار، في ظاهره، وبالنسبة إلى غير المتخصصين في الاقتصاد، موقفا حازما و”بطوليا”، حيث إن ذلك يعني أن أيام الدولار الأميركي، كعملة احتياط دولية، من الممكن أن تنتهي في الوقت القريب.

لكن للخبراء رأيا آخر، حيث يؤكدون أن هذا الأمر سيكون من أكثر ما يتمناه الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويشرح الخبير الاقتصادي كنجاز ميلوس ذلك، في مقال نشره موقع فورين بوليسي، منطلقا من توضيح لعالم الاقتصاد في جامعة ييل، روبرت تريفين، جاء فيه أنه عندما تكون العملة عملة احتياط دولية، فإنها تسبب عجزا في الحساب الجاري.. وفي حالة الاستبدال، من المرجح أن تنتج عن ذلك فوائض تجارية، وهو ما حدث عندما حل الدولار الأميركي محل الجنيه البريطاني في عشرينات القرن الماضي، وهو أيضا ما تسعى حكومة ترامب إلى تحقيقه. وبالتالي وفق ميلوس فإن “الشخص الذي سيشعر بالسعادة في هذه المرحلة هو الرئيس دونالد ترامب”.

في الوقت الحالي، تستخدم الدول في جميع أنحاء العالم الدولار كعملة لإتمام المعاملات التجارية مع بعضها البعض. وعند شراء النفط من إيران، يُستخدم الدولار الأميركي لإتمام المعاملة. وبشكل أساسي، تزداد المعاملات التجارية بالدولار الأميركي خارج البلاد أكثر من داخلها مما يخلق عجزا كبيرا في الحساب الجاري الأميركي.

وفي ظل وجود الدولار الأميركي كعملة احتياط دولية، يحدث ما يسمى بـ”رسوم سك العملات النقدية”، وهي عبارة عن المكاسب التي تحققها الحكومة الأميركية من خلال كل تلك الدولارات المتداولة حول العالم، خارج الولايات المتحدة، وهو يمثل التكلفة الأدنى لطبع النقود بينما تدفع الدول التي تستخدم الدولار مثل الصين وروسيا القيمة الكاملة لها في السلع والخدمات.

هل سيكتفي الصينيون بالحصول على أموالهم بالليرة التركية، علما أن قيمة العملة ستكون أقل بكثير عندما تصل السفن إلى وجهتها؟

لكن على ما يبدو لا يريد الجميع الآن الإبقاء على الدولار الأميركي كعملة احتياط دولية. وكما تزعم الصين، فإن الدور الدولي للدولار الأميركي كان أحد الأشياء التي تسببت في حدوث الأزمة المالية قبل عشر سنوات. وكانت هناك فرصة في ذلك الوقت لاستبداله بعملة أخرى، لكن ذلك لم يحدث.

ومؤخرا، أعاد ترامب فرض العقوبات على إيران، وقال إن أي شركة تتعامل مع الإيرانيين بالدولار ستتضرر أيضا من العقوبات، والتي تشمل أيضا العديد من الشركات الروسية.

ووفقا لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، تحولت موسكو بالفعل إلى استخدام عملتها المحلية أثناء عقد صفقاتها التجارية مع دول مثل الصين وإيران. ويعتقد لافروف أيضا أن عددا كبيرا من الدول الأخرى ستبدأ في اتخاذ نفس القرار.

وقال لافروف “أعتقد يقينا بأن إساءة استخدام الدور الذي يلعبه الدولار الأميركي كعملة دولية سيؤدي في النهاية إلى تقويض دوره. وعدد متزايد من الدول، حتى تلك التي لم تتأثر بالعقوبات الأميركية، ستحاول أن تبقى بعيدة في معاملاتها التجارية عن الدولار وستقوم بالاعتماد على شركاء أكثر موثوقية باستخدام عملتهم المحلية”.

ويرى ميلوس أن وزير الخارجية الروسي يبدو على حق إلى حد ما، لكن هل سيكتفي الصينيون بالحصول على أموالهم بالليرة التركية، علما أن قيمة العملة ستكون أقل بكثير عندما تصل السفن إلى وجهتها؟ الحقيقة هي أن الدولار الأميركي يضمن ما لا تستطيع أي عملة أخرى أن تضمنه: فهو آمن وموثوق به وسهل التبادل.

لكن، على الرغم من أن ترامب قد يشعر بسعادة غامرة بسبب انخفاض العجز التجاري كنتيجة لفقدان الدولار لدوره، إلا أن هذا لن يحدث قريبا، فلا يزال يتعين انتظار حدوث تغيير كبير عندما يتعلق الأمر بالعملة الدولية. وفي الوقت الحالي لا يمكن لأي عملة أخرى أن تحل محل الدولار الأميركي.

العرب