حراك الشعوب غير الفارسية ومستقبل الخارطة الإيرانية

حراك الشعوب غير الفارسية ومستقبل الخارطة الإيرانية

hrqol-iran

شهد إيران داخلياً في هذه الأيام حراكاً سياسيا غير مسبوق منذ عقود على مستوى الشعوب غير الفارسية على خارطة عموم إيران ويتمثل هذا الحراك ويتوزع على عدة شعوب ومناطق كبلوشستان وكردستان والأحواز اذربايجان حيث تحركت هذه المناطق والأقاليم بشكل منظم مما آثار حفيظة النظام الإيراني وأتهم الدول الخليجية بالتدخل في إيران.

وظهر التخوف الإيراني من نقل الصراع العربي ـ الإيراني إلى داخل الحدود الإيرانية على المشرد الإيراني علي خامنئي وأشار المرشد الإيراني في كلمته الأخيره خلال حفل التخرج و جاء  على لسان علي خامنئي خلال حفل تخرج لطلاب أقيم في جامعة الإمام الحسين شمال شرق طهران بأن بعض الدول الإقليمية تحاول أن تجرنا في حروب إلى داخل الحدود الإيرانية.

ويعد هذا إعتراف واضح وصريح من اعلى منصب في إيران وهو من المرشد الإيراني علي خامنئي في إظهار التخوف الإيراني من هذا الحراك السياسي والإجتماعي والأمني في إيران.

حراك منطقة مهاباد:

من أبرز هذه التحركات السياسية والمطلبية القومية التي شهدتها إيران هذه الأيام خو حراك الشعب الكردي في منطقة مهاباد والمناطق الكردية الأخرى على اثر انتحار فتاة كردية  في فندق تارا  الذي يقع في مدينة مهاباد وأتهم ضباط مخابرات إيراني وراء إنتحار البنت الكردية بحسب الأخبار المنشترة في المدينة.

ويقول أهالي مدينة مهاباد أن فتاة كردية تلقب باسم “فريناز خسروي” من أكراد مدينة مهاباد حاولت الهروب من التجاوز للحفاظ على عرضها بسبب تجاوز ضابط إيراني عليها وقامت بقتل نفسها عن طريق الإنتحار في فندق “تارا” الذي تعمل فريبناز كموظفة في الفندق. وخرج الآلاف الأكراد من مدينة مهاباد منددين بإنتحار الكردية فريناز خسروي مطالبين بالتحقيق العادل والمستقل في قضيتها والكشف عن المتسبب في إنتحارها امام الرأي العام في كردستان إيران.

القوات الأمنية الإيرانية قامت بتفرق المتظاهرين في مدينة مهاباد عن طريق إطلاق الرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع وسقط العشرات من الجرحى المتظاهرين خلال فض الإحتجاجات في مهاباد مما سبب في انتقال هذا الصراع لمدن ومناطق اخرى كسقفز وسردشت في كردستان.

وبعد أن أشتبكت القوات الأمنية الإيرانية مع المتظاهرين والمحتجين الأكراد في مدينة مهاباد قام عددا كبيرا من  المتظاهرين بالتوجه إلى فندق تارا الذي انتحرت فيه فريناز خسروي في مدينة مهاباد وتم إحراق الفندق وبعض المؤسسات الحكومية الإيرانية في مهاباد الكردية بإيران.

يقول “شيركوه احمدي”، أحد ابرز النشطاء الكرد في إيران: بأن الشعب الكردي لن يتراجع عن إحتجاجاته في مدينة مهاباد حتى تنكشف ملابسات إنتحار فريناز خسروي للشعب الكردي ومحاسبة كل من قام بالتعدي على عرضها أمام الشعب الكردي في كردستان.

وأضاف شيركوه أن مدناً كردية أخرى سوف تشارك في الإحتجاجات الكردية ضد النظام الإيراني في حال تم إهمال ملف فريناز خسروي وأوضح شيركوه أحمدي، بأن التهميش السياسي والفقر الذي يعاني منه الشعب الكردي في إيران وطبيعة أقليم كردستان الجبلية سوف تساعدا على اتساع رقعة المظاهرات في الاقليم الكردي.

يذكر بأن يقدر عدد سكان أقليم كردستان إيران بـ 8 مليون نسمة واغلب الشعب الكردي في إيران هم من أهل السنة ويعاني الأقليم من تهميش وإقصاء على الصعيد السياسي والإقتصادي والثقافي لأسباب مذهبية وعرقية تتعلق بهوية الشعب الكردي في إيران.

حراك إقليم الأحواز العربي:

شهد إقليم الأحواز العربي تحركاً ثورياً وسياسياً بالتزامن مع عمليات عاصفة الحزم العربية بقيادة اللملكة العربية السعودية في اليمن من خلال خروج بعض المظاهرات المؤيدة لعاصمة الحزم من الأحواز لإرسال رسالة واضحة مفادها بأن إذا الشعب العربي الأحوازي يؤيد كافة القرارات والإجراءات العربية التي من شأنها أن تحجم الدور الإيراني والتوسع الإيراني على حساب الدول والشعوب العربية في المنطقة.

وشكل موقف الشعب الأحوازي صدمة كبيرة للمؤسسات الأمنية و الحكومية الإيرانية في الأحواز حيث أعتبر المسؤولين الإيرانيين أن ما يحصل في الأحواز هو تدخل خليجي في الشؤون الداخلية الإيرانية وأعتقلت السلطات الإيرانية أغلب الأحوازيين الذين أعلنوا عن تأييدهم لعاصمة الحزم العربية في اليمن ومن أبرزهم الشاعر الأحوازي : أحمد بن سبهان الذي أعتقل بسبب قصيدة شهيرة انتشرت على القنوات العربية أشاد من خلالها بعاصمة الحزم العربية والملك سلمان بن عبدالعزيز ملك السعودية.

مظاهرات الأذريين:

انتقل هذا الحراك السياسي والقومي من كردستان والأحواز إلى أذربيجان في إيران وخرجت عدة مظاهرات اذرية نددت بالسياسات العنصرية الإيرانية التي تنتهجها السلطات الإيرانية ضد الأتراك الأذريين في إيران، وأمر الرئيس الإيراني حسن روحاني بتشكيل لجنة تقصي الحقائق لمتابعة الأحداث التي حدثت في اذربايجان خلال الأيام الأخيرة ولكن النخبة التركية الأذرية في أيران أعلنت رفضها بشكل صريح لأوامر روحاني وأعتبرت ذلك مخطط لتهدئة الأوضاع فقط لا غير بحسب تعبيرها.

ورفعت البطاقات الحمراء ، قبل يومين خلال زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى مدينة تبريز عاصمة اقليم أذربيجان في إشارة إلى رفض وجود الرئيس الإيراني  روحاني على اراضيهم كحركة رمزية قومية تعبر عن استياء الشعب التركي الأذري من سياسات النظام الإيراني تجاه الأتراك في إيران.

ويطالب الأتراك الأذريين في إيران بتطبيق مادتي 15 و19 من الدستور الإيراني التي تنص هذه المواد على حق التعليم للشعوب غير الفارسية بلغة الأم كالشعب التركي الأذري والبلوشي والكردي والعربي الأحوازي في إيران.

كما يطالب الأتراك في إيران بالسماح لهم بتشكيل احزاب سياسية ومؤسسات ثقافية وإجتماعية تعبر عن هوية الشعب التركي الأذري في إيران ويتهمون السلطة بأنها تعمل على طمس الهوية التركية لدى الأذريين الأتراك في إيران من خلال اقصائهم وعدم السماح لهم بممارسة ثقافتهم التركية وتعلم لغتهم التركية بقية القضاء على هويتهم التركية تماما بشكل ممنهج وتكريس اللغة والثقافة الفارسية بين الأتراك الأذريين بإيران.

ويعد حراك الشعوب غير الفارسية في إيران هو الأخطر على النظام الإيراني من الداخل، حيث تشكل الشعوب غير الفارسية في إيران الأكثرية من نسبة عموم سكان إيران وبهذا يصبح الفرس يشكلون اقلية قومية أمام الأتراك الأذريين والعرب الأحوازيين  والكرد والبلوش السنة في ايران.

محمد مجيد الأحوازي

المركز الدبلوماسي للدراسات و فض النزاعات