هل تعود العلاقات التركية-الأميركية إلى طبيعتها؟

هل تعود العلاقات التركية-الأميركية إلى طبيعتها؟

أثار تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأحد جدلا حول مستقبل العلاقات التركية-الأميركية بعدما قالت إن البلدين يعملان على حل الخلاف بينهما، وتنبأ بأن تبادر تركيا للإفراج عن القس الأميركي أندرو برانسون المحتجز لديها بتهمتي التجسس والإرهاب.

ومن شأن هذه الأنباء أن تضفي أجواء إيجابية يتطلبها الاقتصاد التركي وصانعو القرار في أنقرة، الذين يتطلعون إلى تقليص التحديات جراء ضغوط البيت الأبيض الأخيرة، لكن مراقبين لا يتوقعون حل المشكلات التركية-الأميركية التي تعقدت مؤخرا، ولا يتوقعون استدامة أي حل.

عنوان أزمة
ويطلق المحلل السياسي ماجد عزام على قضية برانسون وصف “رأس جبل الجليد” في أزمة العلاقات بين أنقرة وواشنطن، وهي إشكالات كبيرة من الأساس زادت أزمة برونسون تعقيدها.

ويستشهد عزام بتشكيل البلدين أربع لجان في أبريل/نيسان الماضي لحل الخلافات في القضايا الثنائية، ومن ضمنها قضية برانسون، واختلاف وجهات النظر حول موضوع منبج (شمالي سوريا)، والتباين في تعريف الإرهاب ودعمه، ثم الاختلاف في الشأن السياسي العام، ومن ذلك مستقبل النظام السوري والمليشيات الكردية التي تدعمهاواشنطن وتصنفها أنقرة قوى إرهابية.

ويرى عزام أن واشنطن وأنقرة باتتا تعتبران قضية برانسون عقدة يجب حلها، لا سيما في ظل طريقة الرئيس الأميركيدونالد ترامب في التعامل مع الأزمات بلغة التهديد والضغوط وفرض العقوبات.

ويضيف للجزيرة نت أن من بين التطورات التي تدفع الجانبين للتقارب ملف إدلب، والاتفاق على ضرورة العودة لمسارجنيف لحل الأزمة السورية.

ويشير المحلل السياسي إلى أن خسائر تركيا من توتر علاقاتها بالولايات المتحدة تركزت في الجانب الاقتصادي الذي تضرر بفعل العقوبات، ويرى في المقابل أن واشنطن خسرت التحالف مع أنقرة التي تصرفت بندية واستقلالية في ملفات حساسة، من بينها إدلب والعلاقات مع الروس والأوروبيين، وتبنت خطابا شديد اللهجة في دعم القضية الفلسطينية وملف القدس.

ضغوط وشروط
وكانت وول ستريت جورنال توقعت إطلاق سراح القس برانسون عندما يمثل أمام المحكمة يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لكن مسؤولين أتراكا ربطوا إطلاق سراحه بتوقف الولايات المتحدة عن الضغط على بلدهم.

ورأى محللون أن ترامب والحزب الجمهوري قد يشجعان أنقرة على إطلاق سراح القس عبر التوقف عن إطلاق التهديدات، لأنهم يسعون للاستفادة من إطلاق سراحه -إن تم- كورقة في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ووفقا للمحلل السياسي التركي بكير أتاجان، فإن شروط تركيا للمصالحة تتمثل في رفع العقوبات الأميركية والتوقف عن الضغط الإعلامي، مضيفا أن ترامب ربما أدرك حكمة النصيحة التي أسداها له وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر مطلع الشهر الجاري ونصحه بألا مصلحة لبلاده في خسارة تركيا.

وأضاف أن الأتراك استمعوا إلى نصائح مماثلة من فريق كيسنجر الذي يستمع له الكثيرون لفهم مسارات السياسة الخارجية الأميركية، وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط.

لكن أتاجان رأى أن المصالحة إن تمت فستكون مؤقتة، وأن “الانفجار بعدها أكثر سوءا” على صعيدي السياسة والاقتصاد، وربما يصل إلى حد المواجهة العسكرية.

وأوضح أن السبب في ذلك يرجع إلى تفاقم الخلافات الكبيرة بين الجانبين في كافة الملفات، خاصة في الملف السوري، ودعم المليشيات الكردية في سوريا وفي الداخل التركي، وبسبب حرص واشنطن المبالغ فيه على تحقيق مصالح إسرائيلوحدها في المنطقة.

ورأى أتاجان أن واشنطن والغرب بالمجمل خسرا في أزمة العلاقات الأخيرة تركيا كحليف مهم وكبير وقوي في المنطقة، أما خسارة تركيا فلم تكن كبيرة نظراً لكونها جزءاً أصيلاً من الإقليم وتستطيع القيام بمسؤولياتها دون استعانة بالقوى الغربية.

خليل مبروك

الجزيرة