بعد انتظار 40 عاما.. هل تنجح البنوك الإسلامية بالمغرب؟

بعد انتظار 40 عاما.. هل تنجح البنوك الإسلامية بالمغرب؟

انتظر أشرف لشقر بفارغ الصبر إطلاق البنوك الإسلامية من أجل امتلاك سكن خاص؛ فقناعات هذا المهندس الدينية جعلته يلجأ في أغسطس/آب الماضي لهذه البنوك الجديدة لاقتناء شقة دون “فوائد ربوية”، ووضع نهاية لسنوات من التنقل بين منازل الإيجار.

يحكي أشرف للجزيرة نت كيف تابع عن طريق وسائل الإعلام مراحل إطلاق البنوك التشاركية كما تسمى في المغرب، وزار بعضها من أجل التعرف على الصيغ المعروضة والتقصي عن تكلفة الاقتراض، وأكد أنه اتخذ قراره بعد ذلك.

وبحسب تجربته، فلا يوجد فرق كبير في التكلفة الإجمالية بين البنوك الإسلامية وتلك التقليدية، باستثناء مبلغ هامش الجدية (نسبته 5% من قيمة العقار)، وهو المبلغ الذي قال إنه استرده بعد انتهاء المعاملة.

أشرف واحد من المغاربة الذين اختاروا الاستفادة من خدمات البنوك الإسلامية بالمغرب، بعدما رأت النور قبل نحو سنة إثر مخاض عسير استمر أربعين سنة.

فقير توقع أن تعزز البنوك الإسلامية مكانتها بالمغرب مستقبلا (الجزيرة)
وفي يوليو/تموز 2017، رخص البنك المركزي بالمغرب لخمسة بنوك من أجل تقديم منتجات إسلامية لعملائها. وخلال هذه المدة، تم فتح 43 ألف حساب بنكي لدى البنوك الإسلامية عبر وكالاتها الـ86، مقابل 26 مليون عميل لدى البنوك التقليدية التي تتوفر على 6388 وكالة.

توقعات إيجابية
تمكنت البنوك الإسلامية في غضون هذه السنة من جذب العملاء، رغم أن المنتج الوحيد الذي تقدمه حاليا هو قروض المرابحة في المجال العقاري، وهو واحد من بين ست منتجات إسلامية مرخص لها بجانب خدمات أخرى.

وبلغ حجم القروض في سنتها الأولى 2.6 مليار درهم (276 مليون دولار)؛ موزعة على: 2.4 مليار درهم بالنسبة للعقار، ومئتي مليون درهم بالنسبة لاقتناء السيارات، حسب محافظ البنك المركزي.

هذه الحصيلة يراها المهدي فقير الخبير المالي إيجابية، وتوقع أن تفرض هذه البنوك مكانتها في السوق خلال السنوات المقبلة بعد استكمال الإطار الشرعي والقانوني لباقي المنتجات المالية.

وأكد فقير للجزيرة نت أن هذه الديناميكية ستشجع على إدماج عملاء ومتعاملين اقتصاديين كانوا خارج المنظومة البنكية لاعتبارات وقناعات خاصة، مما سينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني.

منتجات جديدة
وأعلن المغرب الأسبوع الماضي إصدار أول صكوك إسلامية سيادية بقيمة مليار درهم (106 ملايين دولار)، ويتعلق الأمر بصك إجارة يرتقب إصداره في السوق الداخلية في الخامس من أكتوبر /تشرين الأول الجاري.

كما يجري العمل بالتشاور مع المجلس العلمي الأعلى (هيئة رسمية للعلماء) لوضع اللمسات الأخيرة على منتج التأمين التكافلي.

واعتبر عبد السلام بلاجي الخبير في المالية التشاركية إصدار البنك المركزي صكوكا سيادية خطوة “تجريبية” من شأنها زيادة الإقبال على البنوك الإسلامية، وتوقع إطلاق صكوك أخرى بقيمة مالية أكبر سنة 2019، وسيكون من شأنها حل جزء كبير من إشكالية تمويل مشاريع الدولة، خاصة تلك المتعلقة بالبنية الأساسية.

إكراهات وتحديات
وينتظر المغاربة إطلاق باقي المنتجات مثل الإجارة والمضاربة والمشاركة والاستصناع والسلم، وهي المنتجات التي يتوقع مراقبون أن تجذب المواطنين والمستثمرين وتعزز جاذبية البنوك الإسلامية.

ويفسر بلاجي للجزيرة نت تأخر إطلاق باقي المنتجات بعوامل تتعلق بعمل اللجنة الشرعية التي تضم عشرة أعضاء.

فهذه اللجنة مطالبة بإبداء رأيها في كل المنتجات والخدمات والصيغ قبل طرحها، وهو جهد -بحسب بلاجي- يفوق طاقة أعضاء اللجنة ويؤخر مسار استكمال المنتجات البنكية، ودعا إلى توسيع عضويتها من أجل تسريع وتيرة اشتغالها.

من جانبه، يرى أستاذ الاقتصاد الإسلامي عمر الكتاني أن غياب كفاءات وكوادر لها تكوين في مجال المالية الإسلامية من التحديات التي تواجهها البنوك الإسلامية، وأشار إلى أن البنك المركزي يتعامل في هذه المرحلة الانتقالية بطريقة حذرة وبأسلوب متدرج من أجل قياس ردود الأفعال إزاء كل منتج على حدة، كما أنه يمنح كوادر البنوك الإسلامية فترة للتكوين والتدريب عليها.

ومع ذلك، ينظر الخبراء بتفاؤل لمستقبل البنوك الإسلامية، إذ يتوقعون أن يمثل عملاؤها خلال السنوات القليلة المقبلة ما بين 10 و15% من بين مجموع عملاء البنوك في المغرب، كما ينتظر أن تستحوذ هذه البنوك على ما بين ثمانية وعشرة مليارات دولار من الأموال خلال السنوات الثلاث الأولى من بداية عملها.

المصدر : الجزيرة