هكذا “تُفرخ” إسرائيل المستوطنات في الأراضي الفلسطينية

هكذا “تُفرخ” إسرائيل المستوطنات في الأراضي الفلسطينية

يرى متابعون للشأن الفلسطيني أن الحكومة الإسرائيلية تحاول الالتفاف على ردود الفعل الدولية المنتقدة للاستيطان، في الأراضي الفلسطينية، بسياسة “تفريخ” المستوطنات الحالية، بدلا من الإعلان عن بناء مستوطنات جديدة.

وقال خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس (غير حكومية)، إن الحكومة الإسرائيلية تقيم مستوطنات جديدة على مقربة من مستوطنات قائمة، وتزعم أنها تابعة لهذه المستوطنات.

وأضاف التفكجي:” الإعلان عن إقامة مستوطنات جديدة سيؤدي بالتأكيد الى ردود فعل دولية ناقدة، ولكن إسرائيل تحاول الزعم بأن ما يجري هو نتيجة الزيادة الطبيعية في أعداد المستوطنين”.

وتابع التفكجي:” هي عملية تفريخ للمستوطنات الإسرائيلية القائمة، فيقولون إن المستوطنة الكبيرة هي (المستوطنة الأم) والمستوطنة الجديدة هي (الابنة)”.

وأشار التفكجي في هذا الصدد الى مستوطنة “عيلي” في شمالي الضفة الغربية.

وقال:” تم إقامة مستوطنات جديدة في محيط (عيلي) تحمل اسم (عيلي 1) و(عيلي 2)”.

وأضاف التفكجي، الذي يرصد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية:” الأمر ذاته ينطبق على مستوطنات أخرى من بينها (تلمون) في شمالي الضفة الغربية “.

وتشير تقديرات إسرائيلية وفلسطينية الى وجود نحو 650 ألف مستوطن في مستوطنات في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، يسكنون في 164 مستوطنة و116 بؤرة استيطانية لا تعترف بها الحكومة الإسرائيلية.

خدعة توسعة الاستيطان

من جانبه، يرى ياريف أوبنهايمر، المدير العام السابق لحركة “السلام الآن” الإسرائيلية، التي ترصد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، أن إسرائيل تخدع المجتمع الدولي، وتواصل توسعة الاستيطان.

ويقول أوبنهايمر:” الحكومة استخدمت على مدى سنوات هذه الخدعة، فهي أقامت مستوطنات على مسافة قريبة من المستوطنات القائمة”.

وأضاف:” في بعض الأحيان تمت إقامة المستوطنات الجديدة على مسافة كيلومتر واحد أو كيلومترين عن المستوطنات القائمة”.

وتابع أوبنهايمر:” لا يتم إطلاق اسم مستوطنة على هذه المستوطنات الجديدة وانما حي باعتبارها تابعة للمستوطنات القائمة”.

وأشار إلى أن الحكومة الاسرائيلية تحاول بذلك “تفادى الانتقادات الدولية في حال الاعلان عن اقامة مستوطنات جديدة”.

وقال أوبنهايمر:” الحكومة الاسرائيلية تقول علنا إنها لا تقيم مستوطنات جديدة وهذا غير صحيح فهي مستوطنات جديدة بمسمى أحياء”.

تحسبا من الردود الدولية

في هذا الصدد، قالت صحيفة “اسرائيل اليوم” في عددها الصادر الأربعاء، إن إسرائيل “امتنعت عن الاعتراف بالعديد من المستوطنات في الضفة الغربية خوفا من ردود الفعل الدولية”.

وأضافت:” تجنبت إسرائيل منذ بعض الوقت الإنشاء الرسمي للمستوطنات الجديدة، ولكنها مكّنت البناء الفعلي للمستوطنات الجديدة على مسافة بعيدة عن المستوطنات القائمة”.

وتابعت الصحيفة:” رسميا، تُطلق وزارة الداخلية الإسرائيلية على هذه المستوطنات اسم (أحياء)، وبالتالي تتفادى الحاجة لتمرير قرارات في داخل الحكومة بإنشاء هذه المستوطنات “.

ولفتت الصحيفة الى ان آخر هذه القرارات كانت مستوطنة “تل تسيون” الى الشمال من مدينة القدس الشرقية.

وقالت إن المستوطنة التي يقطنها اليوم 3 آلاف شخص من المتدينين، تعرف من قبل وزارة الداخلية على أنها حي تابع لمستوطنة “النبي يعقوب” (شمالي القدس)”.

وأضافت:” هذا لأن المستوطنة الأم (النبي يعقوب) أكبر، وفي ضوء الأوضاع البيروقراطية بادر وزير الداخلية ارييه درعي قبل 6 أشهر الى صياغة قرار باعتبارها (تل تسيون) مستوطنة مستقلة ورفع قراره للمصادقة عليه من قبل وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان وقيادة المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي والذين أيدا القرار”.

وتابعت:” بعد ذلك صاغ درعي وليبرمان قرار لعرضه على الحكومة من أجل المصادقة عليه، ولكن مكتب رئيس الوزراء قال إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عارض القرار لأسباب سياسية”.

ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية إسرائيلية، لم تحدد اسمها، إن نتنياهو يرفض إطلاق وصف مستوطنة على مستوطنات جديدة في الضفة الغربية “.

وقالت:” استنادا الى هذه المصادر فإن هكذا قرارات ستحدث ضجة وقد تتسبب بصعوبات سياسية في الحلبة الدولية”.

وأضافت” نتنياهو يدعم الاستيطان ومن بين أمور أخرى فقد صادق على إقامة مستوطنة للمستوطنين الذين تم إخلاؤهم من (عامونا) ولكن حتى هذا القرار لم يتم الا بعد تنسيق مع الإدارة الأمريكية”.

وتم إخلاء مستوطنة “عامونا” بداية العام الماضي، بقرار قضائي، بعد ثبوت بناءها على أرض ذات ملكية فلسطينية خاصة؛ لكن الحكومة الإسرائيلية استصدرت تشريعا من البرلمان، يمنع تكرار مثل هذا الإخلاء.

وتشير تقديرات إسرائيلية الى أن الحديث يدور عن آلاف الوحدات الاستيطانية التي تمت إقامتها بهذه الطريقة.

ويعارض المجتمع الدولي الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويعتبره عقبة في طريق السلام وتنفيذ خيار حل الدولتين.

ولكن الإدارة الأمريكية الحالية، منذ وصولها الى البيت الأبيض مطلع العام الماضي امتنعت عن انتقاد الاستيطان، فيما اعتبر السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان في تصريحات انتقدها الفلسطينيون، أن من حق الإسرائيليين البناء في الأراضي الفلسطينية.

وفي تقرير أخير قدمه إلى مجلس الأمن الدولي في العشرين من شهر سبتمبر/أيلول الماضي، قال مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف إن الحكومة الإسرائيلية دفعت في الأشهر الثلاث الماضية مخططات لبناء 2800 وحدة استيطانية في الضفة الغربية .

وأضاف التقرير:” تقريبا ثلث هذه الوحدات الاستيطانية موجودة في عمق الضفة الغربية “.

كما أشار إلى أن السلطات الإسرائيلية تعمل على المصادقة على خطط لبناء 1100 وحدة استيطانية إضافية .

ولفت في هذا الصدد إلى أن الحكومة الإسرائيلية لم تقم بأي خطوات من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن الداخلي 2334 الداعي الى وقف الاستيطان في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.

ترامب شجع الاستيطان

من جهتها، لفتت حركة السلام الآن الإسرائيلية، التي ترصد الاستيطان، الى وجود ارتفاع كبير في الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى البيت الأبيض مطلع العام الماضي 2017.

وأشارت في تقرير، إلى أن الحكومة الإسرائيلية وضعت خططا لبناء 6742 وحدة استيطانية ونشرت مناقصات لبناء 3154 وحدة استيطانية أخرى.

وذكرت السلام الآن أن الحكومة الإسرائيلية وضعت خططا لبناء 3794 وحدة استيطانية ونشرت مناقصات لبناء 2525 وحدة استيطانية أخرى منذ بداية العام الجاري 2018.

وفي هذا الصدد، فقد لاحظ التفكجي أن الحكومة الإسرائيلية بدأت في السنوات الأخيرة بالتوسع الاستيطاني في كل أنحاء الأراضي الفلسطينية.

وقال:” هناك توسع في الكتل الاستيطانية، وأيضا في المستوطنات التي كانت تعتبر نائية في عمق الضفة الغربية”.

ويقول الفلسطينيون إن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي الواسع في الضفة الغربية يجعل من فرص تنفيذ حل الدولتين أمرا مستحيلا.

واستنادا الى أكثر من مسؤول فلسطيني، فإن إسرائيل تكرس دولة “النظام العنصري على الأرض”.

عبدالرؤوف ارناؤوط

القدس العربي