الصدر يدعم عادل عبدالمهدي لقطع طريق وزارة الداخلية على الميليشيات

الصدر يدعم عادل عبدالمهدي لقطع طريق وزارة الداخلية على الميليشيات

بغداد – أوشك اليمين الشيعي المتشدد في العراق على خسارة هيمنته الكاملة على حقيبة الداخلية، التي تتواصل منذ ما يزيد على 8 أعوام، وذلك في ظل رغبة واضحة يبديها الزعيم الشيعي العنيد مقتدى الصدر بأن تكون هذه الوزارة تحت سيطرة رئيس الوزراء المكلف، عادل عبدالمهدي، حصرا.

ووفقا لنظام المحاصصة الحزبية، فقد آلت حقيبة الداخلية إلى منظمة بدر في حكومة حيدر العبادي، بعدما أمضت أربعة أعوام تحت سيطرة الجناح المتشدد في حزب الدعوة، خلال ولاية نوري المالكي الثانية.

وتقول مصادر سياسية رفيعة تحدثت مع “العرب” ببغداد، إن “منظمة بدر تصر على الاحتفاظ بحقيبة الداخلية في حكومة عبدالمهدي”، التي يفترض أن تتشكل خلال ثلاثة أسابيع.

وتضيف المصادر أن “رغبة منظمة بدر تصطدم بإصرار مقتدى الصدر على إطلاق يد عبدالمهدي في اختيار جميع المسؤولين عن ملف الأمن، من دون تدخل حزبي”.

وكان الصدر قد أعلن تنازله عن حصة قائمة “سائرون”، التي يرعاها، في كابينة عبدالمهدي.

وحلت “سائرون” أولا في نتائج الانتخابات العراقية العامة، ما يعني أن لديها الحصة الأكبر من المقاعد الوزارية في حكومة عبدالمهدي.

ويقول الصدر إن تنازله عن حصة “سائرون” في الكابينة الجديدة، لا يعني منح المقاعد الوزارية إلى القوائم الأخرى. ويضيف أنه فعل ذلك ليمنح عبدالمهدي الفرصة الكاملة لتشكيل كابينة وزارية فعالة وبعيدة عن الضغوط الحزبية.

وطالب الصدر صراحة بأن يترك اختيار المرشحين لشغل المناصب الأمنية لعبدالمهدي بشكل تام، ملوحا بخيارات أخرى، لم يسمها، في حال حدث العكس.

ويمكن لتسليم حقيبة الداخلية إلى شخصية مستقلة أن تغضب الإيرانيين، الذين يحرصون على أن يكون ملف الأمن الداخلي في العراق تحت سيطرة أحد مقربيهم. وعرفت وزارة الداخلية بأنها موقع مفضل لمقاتلين سابقين في صفوف المعارضة العراقية ضد نظام صدام حسين، ولا سيما منظمة بدر.

وبعد إسقاط صدام، منحت رتب كبيرة لهؤلاء المقاتلين، وجرى تعيينهم في مواقع حساسة بوزارة الداخلية. وتقول مصادر إن الصدر يخطط جديا للحد من الهيمنة الإيرانية على ملف الأمن الداخلي للعراق. وتتداول وسائل إعلام محلية اسم اللواء العراقي المتقاعد، عبدالكريم خلف، لشغل حقيبة الداخلية.

وسبق لخلف أن شغل موقعا بارزا في الداخلية، لكنه أقصي بسبب خلاف علني مع المالكي في العام 2008، عندما اعترض على اعتقالات ضد شخصيات لأسباب سياسية.

وتم تداول معلومات بأن الصدر شجع عبدالمهدي على تكليف خلف بحقيبة الداخلية.

ومن شأن دور “حارس البوابة”، الذي يلعبه الصدر، أن يسمح لعبدالمهدي بتشكيل كابينة لا يهيمن عليها النفوذ السياسي.

واعتبر مراقب سياسي عراقي أنه من الصعب انتزاع الملف الأمني من أيدي الجهات الموالية لإيران لما يحتوي عليه ذلك الملف من فضائح تشير إلى تورط إيران في جرائم كبيرة ارتكبت في حق العراقيين.

وتوقع المراقب في تصريح لـ”العرب” أن تشكل نتيجة الصراع على وزارة الداخلية إحدى أبرز النقاط التي يمكن من خلالها الحكم على طبيعة الحكومة التي سيشكلها عبدالمهدي.

ويؤمن الصدر شخصيا، وفقا لمقربيه، باستحالة تشكيل حكومة عراقية مستقلة تماما، بسبب الضغوط الخارجية الهائلة في الملف السياسي العراقي. لكنه سيعمل على ضمان الحدّ الأدنى من النفوذ السياسي في حكومة عبدالمهدي.

وتقول المصادر إن عبدالمهدي طالب القوائم البرلمانية الفائزة بترشيح أربع شخصيات لكل حقيبة في وزارته، من دون الأخذ بنظر الاعتبار آليات توزيع الحصص سابقا، مع اشتراط أن يكون المرشحون من خارج البرلمان الحالي.

ويراهن عبدالمهدي على الثقل الشعبي للصدر، وقدرته على مباغتة خصومه بمواقف سياسية مؤثرة.

وتقول المصادر إن الصدر وعبدالمهدي “ربما لن يترددا في الكشف أمام الرأي العام، عن أي مطالب تحاصصية تعرضها الأطراف المختلفة، خلال مفاوضات اختيار أعضاء الكابينة الجديدة”.

ولا تستبعد المصادر أن تؤدي هذه الاستراتيجية إلى انقلاب برلماني على عبدالمهدي، إذ يمكن للكتل السياسية أن تعرقل تفاهماته إلى حين انقضاء مهلة الثلاثين يوما، التي منحها له الدستور، أو بعدم منح الثقة لأعضاء كابينته لدى عرضهم على التصويت.

وفي كلا الحالين، سيعدّ عبدالمهدي مستقيلا، ثم يكلف رئيس الجمهورية مرشحا آخر بتشكيل الحكومة.

وإذا نجح عبدالمهدي في فك ارتباط تلك الوزارة بإيران فإن ذلك سيشكل دليلا على عدم خضوعه للإملاءات الإيرانية. فتحرير الملف الأمني من الهيمنة الإيرانية يعني بكل تأكيد إطلاق يد رئيس الوزراء في اتخاذ الكثير من الخطوات على طريق مصالحة وطنية حقيقية. وهو ما يعارضه المتشددون من الطائفيين، الشيعة والسنة على حدّ سواء بسبب ما يمكن أن تلحقه تلك المصالحة من أضرار بمصالحهم القائمة على أساس طائفي.

العرب