اشتعال الجبهات رسالة يمنية رافضة لمفاوضات لا تلبي الشروط

اشتعال الجبهات رسالة يمنية رافضة لمفاوضات لا تلبي الشروط

عدن – أحرز الجيش الوطني والمقاومة اليمنية انتصارات جديدة في عدد من الجبهات بالساحل الغربي ومحافظة صعدة ومحافظة البيضاء في تطور ميداني لافت يترافق مع الدعوات الدولية والأممية لاستئناف مشاورات السلام اليمنية نهاية نوفمبر الجاري.

ويصف مراقبون سياسيون الدعوات الأممية والدولية لوقف الحرب بأنها لا تعطي انطباعا حقيقيا حيال رغبة المجتمع الدولي في تنفيذ قرارات مجلس الأمن، وهو ما يجعل تلك الدعوات تأخذ منحى سياسيا لا يلبي أدنى شروط الحكومة الشرعية المتشبثة بالمرجعيات الثلاث للحل والتحالف العربي الذي أكد مرارا عدم قبوله بأي حل يمكن أن يجعل من الحوثيين نموذجا جديدا لحزب الله وذراعا أخرى للمشروع الإيراني في المنطقة.

وشهدت العديد من جبهات القتال بين الحوثيين من جهة والجيش الوطني والمقاومة من جهة أخرى تصاعدا غير مسبوق في حدة المواجهات العسكرية، التي حققت من خلالها القوات المدعومة من قبل التحالف العربي انتصارات وصفت بالمهمة والخاطفة.

وفي مدينة الحديدة، أكدت مصادر محلية تقدم قوات المقاومة المشتركة جنوب وشرق المدينة وتمكنها من تحرير مناطق واسعة، من بينها معسكر قوات الدفاع الجوي (شرقا) وجامعة الحديدة (جنوبا) ودفع الميليشيات الحوثية إلى التراجع إلى داخل الأحياء السكنية.

وأكدت المصادر لجوء الحوثيين إلى القصف المدفعي على المناطق المحررة وتحويل المدنيين إلى دروع بشرية، فيما أكدت مصادر عسكرية يمنية لـ”العرب” اعتماد قوات المقاومة والتحالف العربي على استراتيجية تقوم على تطويق مدينة الحديدة من جميع الجهات وقطع طرق الإمدادات عن الحوثيين من دون خوض مواجهات داخل الأحياء السكنية.

وعزا الباحث السياسي اليمني ورئيس مركز فنار لبحوث السياسات عزت مصطفى تجدد معارك تحرير مدينة الحديدة ومينائها في هذا التوقيت إلى الرغبة في استباق جولة المشاورات التي يحضر لها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث.

وقال مصطفى في تصريح لـ”العرب”، “نعرف أن معركة تحرير الحديدة بدأت في يونيو الماضي وتوقفت لأكثر من مرة لإعطاء الفرصة للمبعوث الأممي لإقناع الحوثيين بتسليم المدينة دون قتال، لكننا نلاحظ أن لا حديث حول مبادرات تتعلق بالحديدة، فيما التحضيرات تجري للمشاورات القادمة، وهو ما يدفع الشرعية اليمنية والتحالف العربي إلى استئناف تحرير الحديدة قبل عقد أي جلسات متعلقة بالتسوية”، مؤكدا أن “المسيطر على الحديدة سيعزز أوراقه التفاوضية بلا شك وبقدر كبير سواء كان الشرعية أو الحوثيين”.

ولفت مصطفى إلى أن شكل التسوية التي قد تفرض بناء على تصريحات مسؤولي الإدارة الأميركية سواء ما ورد عن وزير الدفاع جيمس ماتيس أو وزير الخارجية مايك بومبيو؛ والتي تلمح إلى منح الحوثيين مناطق حكم ذاتي، يعطي مؤشرات على أن المناطق التي تحت سيطرتهم ستظل كذلك لفترة طويلة بعد التسوية، وهو ما يؤكد وجود ضغوط تمارسها واشنطن من أجل فرض تسوية مبنية على ما عرف بخطة وزير الخارجية السابق جون كيري.

واعتبر مصطفى أن هذه المقاربة المنحازة للتسوية تدفع الشرعية والتحالف العربي إلى ممارسة المزيد من الضغط العسكري لتحرير أكبر قدر من محافظات الحديدة، صعدة والبيضاء.

وبالتوازي مع الانتصارات في جبهة الساحل الغربي، أحرزت قوات الجيش الوطني في محافظة صعدة شمال اليمن إنجازا عسكريا وصف بالمحوري في منطقة مران معقل الجماعة الحوثية ومسقط رأس مؤسسها الراحل وزعيمها الحالي.

وأكدت مصادر عسكرية تمكن قوات الجيش الوطني مدعومة بالتحالف من تحرير مثلث مران والاقتراب مسافة ثلاثة كيلومترات فقط من ضريح مؤسس الجماعة حسين عبدالملك الحوثي.

ووفقا للمصادر تمكنت قوات من لواء العروبة من تحرير العشرات من القرى في مديرية الظاهر في سياق عملية واسعة تشمل التوغل في عمق المناطق الخاضعة لنفوذ الميليشيات الحوثية في خمس مديريات بالغة الأهمية على الصعيدين العسكري والمعنوي، ويشارك في العملية بحسب الموقع الرسمي للجيش اليمني عشرة ألوية تخوض قتالا مفتوحا على إحدى عشر محورا في محافظة صعدة.

وفي محافظة البيضاء (وسط اليمن) أعلن الجيش الوطني اليمني عن تمكن وحدات تابعة له من شن هجوم مباغت وعنيف على مواقع الميليشيات الحوثية شمال مديرية الملاجم، أسفر عن تحرير عدد من المناطق المهمة مثل جبل صوران وشعاب ووديان وشاحة، واسفال باحواص، والكبار، وجبل دير وسيلة العوض وشعاب الوشل، وقرض.

وقال مصطفى إن “صعدة مركز تمركز الميليشيا الحوثية ومنطلقها، والتي لا تستطيع الاستمرار كميليشيا مسلحة إذا فقدتها، وكذلك البيضاء لأهميتها الاستراتيجية بتوسطها لثماني محافظات يمنية شمالية وجنوبية كما أن البيضاء من أهم المناطق المناهضة للمشروع الإمامي تاريخيا وهي مدخل مهم إلى محافظة ذمار جنوب مدينة صنعاء وبالتالي فإن السيطرة على البيضاء سيضيق عسكريا الخناق على المناطق التي ستظل تحت سيطرة ميليشيا الحوثي عقب التسوية؛ وهذا يؤمن الوضع العسكري في ما إذا حدث انقلاب ما على التسوية المفترضة”.

ويشير الصحافي اليمني ورئيس تحرير موقع “اليمن الجمهوري” كمال السلامي في تصريح لـ”العرب” إلى أن التصعيد الأخير في جبهات القتال، وخصوصا في صعدة والساحل الغربي، مرتبط إلى حد ما بالتصريحات الغربية الأخيرة التي دعت إلى ضرورة وضع حد للحرب، والتوصل إلى مقاربة سياسية لإنهاء الأزمة الإنسانية التي تعيشها اليمن.

ويرى السلامي أنه لا يمكن التواصل مع الحوثيين، إلا بالمزيد من أوراق الضغط، وانتزاع المزيد من المناطق من تحت سيطرتهم، وهو ما سيمنح الشرعية أوراقا لإرغامهم على القبول بالتسوية وتنفيذ القرارات الدولية.

وفيما يقول المراقبون إن الضغوط الأميركية تأتي كخدمة مجانية للحوثيين، بادرت الجماعة المتمردة إلى نفي تلقيها لأي مبادرة من أجل جولة جديدة من المفاوضات، في خطوة تعكس التمادي في الهروب إلى الأمام.

وقال محمد عبدالسلام، الناطق باسم جماعة أنصارالله الحوثية في اليمن السبت، إن وفد جماعته لم يتلق أي اتصال أو دعوة من الأمم المتحدة، ولا الأطراف الدولية بشأن جولة جديدة من المفاوضات.

وكشف عبدالسلام، في لقاء مع قناة المسيرة الفضائية الناطقة باسم الحوثيين، أن “دعوة أميركا لوقف العدوان (عمليات التحالف) على اليمن نوع من المزايدة، وإيذان بدخول مرحلة جديدة من التصعيد”.

العرب