مسلمتان بالكونغرس.. تهديد للأمن القومي في نظر اليمين المتشدد

مسلمتان بالكونغرس.. تهديد للأمن القومي في نظر اليمين المتشدد

ما زالت الأضواء مسلطة على أول مسلمتين تفوزان بمقاعد في الكونغرس الأميركي، فرغم احتفاء الكثير من المسلمين وأنصار الحزب الديمقراطي بهذا الفوز، أبدى آخرون مواقف عنصرية متشددة ترى في الأمر خطرا على أمن البلاد وثقافتها ودستورها.

وتناولت تحليلات بعض المراقبين هذا الفوز من زاوية التحدي الذي تبديه العديد من الفئات لسياسة الرئيس دونالد ترامب، الذي سبق أن صدرت عنه مواقف فُسرت بأنها معادية للمهاجرين والمسلمين والملونين والنساء، الأمر الذي دفع بهذه الفئات للترشح والتصويت بنسبة غير مسبوقة.

وبعد فوز السيدة المحجبة الصومالية الأصل إلهان عمر (36 عاما) بمقعد في مجلس النواب عن ولاية مينيسوتا، احتفلت أمام حشد من مناصريها مبتدئة كلمتها بتحية الإسلام “السلام عليكم”، ومشيرة إلى أنها أول امرأة ملونة (غير بيضاء) تمثل ولايتها في الكونغرس، وأول مسلمة سترتدي الحجاب داخل الكونغرس، وأول مهاجرة ستدخله.

وشكرت إلهان الناخبين في مينيسوتا معتبرة أن قلوب سكانها حافلة بالدفء والحنان، وأنهم لا يفتحون أبوابهم للاجئين فحسب بل يرسلونهم إلى أعلى المناصب في واشنطن.

وعلق الكاتب الأميركي المسلم أيمن إسماعيل في مقال بموقع “سليت” بأنه لم يكن يتوقع سماع خطاب كهذا، فالتحية الإسلامية تبدو وكأنها إنجاز ملموس في ظل تصاعد ظاهرة “الإسلاموفوبيا”.

ورغم خلو كلمة إلهان من أي تعبير مستفز، يبدو أنها لم ترق للكثيرين في الولايات المتحدة، حيث ضج موقع تويتر بالتعليقات المعادية لها، وحتى المحذرة من “خطرها”، إذ كتب مراسل يدعى هاري شيري –ويصف نفسه على تويتر بأنه يهودي محافظ- قائلا “إلهان عمر تشكل تهديدا للأمن القومي”، مكررا هذه العبارة في تغريدته ست مرات.

وحظيت تلك التغريدة بمئات المؤيدين، وعلق بعضهم بالقول إن وصول أي مسلم إلى دوائر صنع القرار يمثل “تهديدا للأمن القومي في الغرب”، على اعتبار أن ولاءهم للقرآن وليس للدولة، وأنهم يمارسون “التقية” لتحقيق أهدافهم.

كما سخرت الناشطة اليمينية ميليسا ويز من تصريح إلهان بأنها أول نائبة من المهاجرين، فقالت في تغريدة إن “إلهان لم تنصب بعد، ومع ذلك بدأت في محو تاريخ التجربة الأميركية اليهودية. يبدو أنها نسيت مع آخرين توم لانتوس الذي نجا من مخيم أشغال مجري خلال المحرقة اليهودية”، في إشارة إلى أسبقية لاجئين يهود في الوصول إلى الكونغرس.

في السياق، انتشرت تغريدة لامرأة تدعى “تستي ناشيوناليست تارهيل” وتصف نفسها بأنها وطنية ومن أنصار ترامب، حيث قالت ساخرة “أميركا صوتت لصالح الاشتراكية الراديكالية أوكاسيو كورتيز، والمهاجرة المحتالة إلهان عمر، والمدافعة عن الشريعة رشيدة طليب، والمسلم المتورط في سلسلة إساءات للمرأة كيث إليسون، والفاسد الذي يهوى الشذوذ مع الأطفال بوب مينينديز”.

ويبدو أن بعض الجهات بدأت بالبحث في أرشيف إلهان لاكتشاف أي مواقف تدينها، حيث كتب حساب “عمال من أجل صهيون” على تويتر أن إلهان عمر “أشارت في عام 2012 إلى الدولة اليهودية الوحيدة في العالم (إسرائيل) على أنها تمثل الشر”.

في المقابل يبدو أن إلهان لا تكترث لكل تلك الكراهية، إذ سبق لهذه المرأة الأميركية الصومالية أن تعرضت للضرب من قبل أشخاص عنصريين في تجمع حزبي عام 2014، لكن ذلك لم يمنحها -كما قالت- سوى المزيد من الإصرار على الاستمرار. وعندما فازت مؤخرا بمقعدها في الكونغرس قالت إن المهاجرين الذين يأتون إلى أميركا بحثا عن حياة أفضل “غالبا يقابلون بالتعصب والكراهية”، وإنها قررت أن “تركض” لتحقيق أهدافها لأنها “لم تكن قادرة على الوقوف على الهامش”.

يجدر بالذكر أن إلهان شقت طريقها السياسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 عندما فازت بعضوية مجلس النواب المحلي لولاية مينيسوتا لتصبح أول مسلمة محجبة في مجلس تشريعي بأميركا، ثم توجت مسيرتها مؤخرا بالوصول إلى مجلس النواب الفيدرالي الذي يعد أحد غرفتي الكونغرس بواشنطن.

فلسطينية بالكونغرس
وكذلك فازت رشيدة طليب (42 عاما)، وهي أميركية من أصل فلسطيني، بمقعد في مجلس النواب عن ولاية ميشيغان، وهي أيضا هاجرت مع عائلتها عندما كانت طفلة، حيث قضت مدة في نيكاراغوا قبل الاستقرار في ميشيغان ليعمل والدها في مصانع سيارات فورد.

واعتبر المدير العام لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) نهاد عوض، في تغريدة له على تويتر، أن فوز رشيدة هو “رسالة أمل قوية للشباب المسلم الأميركي.. ورسالة تحدٍّ لسياسات الرئيس ترامب العنصرية”.

وبينما احتفل أهالي قرية بيت عور الفوقا بالضفة الغربية المحتلة بفوز ابنتهم في الوصول إلى الكونغرس الأميركي، رأى أتباع اليمين المتشدد في أميركا أن ثقافتهم ومصالحهم باتت في خطر.

ومن التغريدات الكثيرة التي تصب في هذا الاتجاه، كتبت ناشطة تدعى جولي لينارز إنه “مما يدعو إلى العار أن أول امرأتين مسلمتين تصلان للكونغرس لا تحبان اليهود كثيرا”، مضيفة أن رشيدة “تدعم حل الدولة الواحدة” للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ما يعني “نهاية الدولة اليهودية”.

كما غرد الناشط في الوسط الديني اليميني تيف شتليسورث قائلا إن كلا من رشيدة وإلهان ناقدتان عنيفتان لإسرائيلومعاديتان علنيتان للسامية.

أما صحيفة “ألغمينيير” الإلكترونية، التي تصف نفسها بأنها تركز على شؤون اليهود حول العالم، فنشرت مقالا للكاتب نوح فيليبس بعنوان “خطر رشيدة طليب”، يقول فيه إن فوز رشيدة يمثل حدثا مزعجا لأنصار إسرائيل في الولايات المتحدة والخارج، محذرا من أنها ستعمل في غضون أشهر على إحداث تغيير كبير لصالح الفلسطينيين من داخل واشنطن.

الجزيرة