مبدعو العراق.. منهم من يتحدى وآخرون يرغبون في الهجرة

مبدعو العراق.. منهم من يتحدى وآخرون يرغبون في الهجرة

يشعر الكثير من شباب العراق بأن مواهبهم وإبداعاتهم تعاني الإهمال من الجهات الرسمية، غير أن بعضهم قرر أن يتحدى هذه الظروف ويخطط لمستقبله دون انتظار دعم الحكومة.

المخترع الشاب مهند عبد الجبار من بغداد قال للجزيرة نت إنه في أحيان كثيرة يقصر بحق نفسه وعائلته لتوفير مبالغ المشاريع التي يعتزم تنفيذها.

عبد الجبار مهندس أجهزة طبية حصل على براءة اختراع لجهاز فحص البصر المتعدد، الذي أطلق عليه “بصر 1” عام 2015، ولديه ثلاث براءات اختراع لأجهزة طبية أخرى في التخصص ذاته لا تزال قيد الدراسة.

ويضيف أنه رغم ندرة اختصاص معايرة الأجهزة الطبية، فإن صناع القرار في البلاد لم يستطيعوا احتواء هذه المبادرات والأفكار الشابة التي لو استغلت بالشكل الصحيح فإنه بالإمكان تصنيعها؛ وبالتالي تسويقها داخليا وخارجيا لتكون مصدرا لعوائد مالية جيدة للدولة.

واعتبر عبد الجبار أن مسيرة البحث العلمي في البلاد بطيئة لدرجة التجمد، خاصة في مجال دعم البحوث والمؤلفات.

ورغم قيامه ومجموعة صغيرة من رفاقه بتأليف كتاب مهم على مستوى العالم بعنوان القياس والمعايرة للأجهزة الطبية، وقيام جامعات عالمية بترجمته للغات مختلفة لاعتماده كمادة بحثية؛ يقول عبد الجبار إن الجهات ذات العلاقة والمؤسسات المعنية في هذا الموضوع لم تلق للأمر بالا.

وإزاء هذا الإهمال الرسمي، لفت إلى أنه وزملاءه ما زالوا متمسكين بتحقيق أحلامهم، مؤكدا أن بلاده أحق بخبرات شبابها.

سن قوانين
وإزاء هذا الإهمال للمبدعين في البلاد، طالب شباب عراقيون مجلس النواب بسن قوانين لرعاية الاختراعات والإبداعات والاستفادة من كفاءات شباب الوطن، وحث وسائل الإعلام المحلية على الترويج لها.

وتعليقا على ذلك، قال مدير إعلام وزارة الشباب والرياضة موفق عبد الوهاب للجزيرة نت إن هذا الإهمال لا تتحمله وزارته وحدها، بل تشترك معها جهات أخرى في ذلك، من ضمنها وسائل إعلام “تقصر” في تسليط الضوء على الطاقات الشبابية.

وأضاف أن مبادرات كثيرة تقدمها الوزارة في دعم الشباب المبدعين من خلال أنشطة تقيمها بشكل دوري، إلا أن الفوضى السياسية التي تعيشها البلاد والافتقار إلى الخطط الإستراتيجية التي ترعى هذه الطاقات، ودخول المحاصصة في عمل الوزارات والمنظمات الشبابية؛ ألقت بظلالها السلبية على مجمل ما تقدمه الوزارة، على حد قوله.

وربط عبد الوهاب بين ضعف الدعم الحكومي لمتطلبات الشباب، وما تمر به البلاد من أزمات أمنية واقتصادية، مما جعل الاهتمام بمثل هذه القضايا أمرا ثانويا.

تحقيق الذات
باحثون اجتماعيون اعتبروا أن عجز الدولة عن احتضان المبدعين وتمويل تنفيذ أفكارهم الرائدة؛ شكل عائقا أمام استمرارهم في مشوارهم هذا، رغم أن كثيرا من هذه الأفكار لا تكلف ميزانية الدولة الشيء الكثير.

الباحثة الاجتماعية سمر خليفة ترى أن من الضروري إعادة النظر في أسلوب تعامل الحكومة مع الشباب بوصفهم طاقة حيوية، من أجل اكتشاف العديد من المهارات والإبداعات واستثمارها بشكل صحيح.

وتوضح أن جزءا من المسؤولية قد يقع على عاتق المؤسسات والهيئات غير الحكومية، من أجل تلبية احتياجات هؤلاء الشباب وتقديمهم للمجتمع بشكل أفضل، لإشعارهم بأن ما قاموا به من إنجاز يستحق الاهتمام والإشادة.

وتضيف أن على وزارة الشباب والرياضة أن تسعى لتوسيع عملها وعدم اقتصارها على الرياضة.

وتؤكد خليفة أنه ليس من العدل أن تلغي وزارة العمل موضوع التأهيل وإيجاد فرص العمل للعاطلين من مهامها، وتركز اهتمامها على الرعاية الاجتماعية فحسب، لأن الفئات الأخرى تحتاج أيضا للدعم “لضمان عدم انجرافها إلى الإرهاب والفساد”، وفق تعبيرها.

الهجرة هي الحل
خبير التجميل السينمائي والنحات الشاب عبد الحكيم مرتضى يقول إنه بدأ البحث عن فرصة عمل خارج بلاده، تضمن مستقبله وتحترم فنه وتوفر العيش الكريم له ولأسرته، بسبب انعدام الدعم الحكومي والإهمال المتعمد.

ويمارس مرتضى فنا يعتمد على تغيير الملامح وخلق وجوه جديدة، وقام بنحت العديد من النصب والتماثيل والصروح.

إلا أنه -ومنذ تخرجه قبل 13 عاما- لم يحصل على فرصة عمل واحدة داخل بلده، رغم أنه كان أول من صمم شخصية (العم بابا بأداة السكينة اليدوية فقط) وبأساليب أقل ما يمكن وصفها “بالبدائية” والبسيطة.

ورغم الدعوات الكثيرة لاستثمار هذه الطاقات وعدم التفريط فيها، فإن شيئا من ذلك لم يحصل على أرض الواقع، مع أن احتواءها ربما يسهم في تحسن اقتصاد البلاد ونهضتها وعمرانها، إلا أن لسان حال الشباب يضج باليأس من إصلاح واقعهم حتى إشعار آخر.