مكافحة الارهاب في العراق: ما بين الارادة السياسية والمعوقات الداخلية والاقليمية

مكافحة الارهاب في العراق: ما بين الارادة السياسية والمعوقات الداخلية والاقليمية

يمثل الإرهاب ظاهرة عالمية، عرفها الإنسان منذ القدم، وفشل القانون الدولي حتى الآن في إيجاد تعريف موضوعي لها، وذلك نظرا لتضارب مصالح الدول الكبرى وازدواجية المعايير. ويعد الإرهاب ظاهرة مركبة تختلط فيها الجوانب الجنائية والإجرامية والنفسية مع الجوانب السياسية والاقتصادية والأيديولوجية، فهو سلوك منحرف يهدد النظام العام ويخالف قواعد القانون والعرف الإنساني، ويؤدي إلى زعزعة السكينة والأمن ويشيع الرعب والذعر في النفوس، اضف الى ذلك فان قوته التدميرية تزداد يوماً بعد يوم، خاصة أن التطور السريع في أشكال وأساليب ممارسته، قد ساعد على جعل العديد من الدول والمجتمعات أكثر انكشافاً وأقل حصانة ضد مخاطره.

مقاربات في تفسير الارهاب:

مناخ الارهاب الذي يجتاح المنطقة، يحتم التصدي لهذه الظاهرة، التي فسرها صاموئيل هنتنغتون، ومارك جيركنسماير بمتغيرات دينية، فنظرية صدام الحضارات، التي يعزو فيها إلى الثقافة والدين الدور الرئيس التحريض في ميدان السياسية العالمية، ويؤكد أن كل حضارة تملك ثقافة فريدة وميزة دينية وهذه الصفات قد تكون متضاربة مع الحضارات الأخرى، مما قد ينتج عنه استياء يسبب الإرهاب.

بينما يرى جيركنسماير أن الإرهاب ينجم عن استغلال النخب السياسية للمؤسسات الدينية، وتقول نظرية أخرى ان الدين مادة محفزة للإرهاب وذلك باللجوء إلى مرجعية أعلى من الدولة وبالتبشير بالثواب في الحياة بعد الموت.

والحروب التي تشن باسم الدين مثال للوحشية والفوضى التي يمكن أن تؤدي إليها مجابهة تمليها ضمائر الأشخاص، أي بسبب اقتناع المرء بأنه على حق. وفي هذا النوع من النزاع الذي تتجلى فيه الجوانب الأكثر كآبة من النفس البشرية، حيث تمتزج الفوضى بالفظاعات، يكون الضحايا الرئيسيون هم عامة الناس غير المسلحين، مثلما كان الحال طوال نظام ما قبل الثورة الفرنسية.

كما ان التفسيرات السيكولوجية التي كانت تقرر أن أعضاء الجماعات المتطرفة أو الإرهابية يتسمون بعدم التوازن النفسي، أو أنهم عادة ما ينتمون إلى الطبقات الفقيرة أو المهمشة، بدت عاجزة هي الاخرى، وذلك لأنه ثبت أن أنصار هذه الجماعات – كما هي الحال بالنسبة إلى “داعش” – قد ينضمون دفاعاً عن الفكرة، رغم أنهم ينتمون إلى الطبقات الوسطى أو الثرية.

اما الابعاد الثقافية التي اكد عليها المفكر محمد عابد الجابري، في كتابه “المسألة الثقافية” فانها تحيل اسباب الظاهرة الى فشل المؤسسات والمعاهد العلمية في ترسيخ الثقافة، بما مّكن التطرُّف الديني من التغلغل، ناشرا الحدية والواحدية المغلقة، التي ترى انها تعبير عن الحقيقة وما عداها ليس الا هرطقة تستوجب الاستئصال. وتهتم المدرسة السياسية، بتفسير تصاعد العنف والارهاب، من مدخلات سياسية، رافقت التغيرات العالمية اعقاب انتهاء الحرب الباردة، ومن بينها ضعف الدولة القومية وعجزها عن حماية سيادتها.

وكان النظام الدولي، متغيرا رئيسا في النظر الى الآخر بوصفه خارج عن اطار الشرعية العالمية، وصاحب ذلك ثورة هائلة في تكنولوجيا الاتصالات، كما يرى بعض أنصار هذه المدرسة أنه لفهم ظاهرة الإرهاب لابد من الأخذ في الاعتبار شعور قطاعات من الجماعات المتهمة بالإرهاب بالظلم والقهر وانعدام الأمل في رفع الظلم.

وابرز ما يمكن تلمسه في النظرية الانحرافية هو تنوع المشكلات الاجتماعية، التي تتزايد مع مفاعيل التغيير، مسببة انتهاك معايير اجتماعية رئيسة ومهمة، تسهم في هز المجتمع وتقوض من انماط تفاعلاته، ليحل محلها جديد قد يتخذ صوراً عدائية وعنيفة.

صراعات الهويات الأولية، تفسير يركز على الدين أو السلالة أو القومية. وهي التي تصوغها الحركات الاجتماعية التي تسعى إلى التغيير الشامل والانقلابي للمجتمع، ومثالها هوية جماعات الإسلام السياسي، التي تريد القضاء على الدولة المدنية وإحلال الدولة الدينية محلها. وهذه الجماعات قد تلجأ في مرحلة من مراحل تطورها إلى القيام بالإرهاب الصريح، سواء ضد الدولة أو ضد الجماهير.

العراق في مواجهة الارهاب:

وبقدر تعلق الامر بالعراق، فان الاحتلال الأمريكي له في 9 نيسان/إبريل عام 2003م، اسهم في اتساع رقعة الإرهاب في البلاد، بسبب الفراغ الناجم عن حل المؤسسات الامنية والعسكرية في البلاد، وتصاعد وتيرة الانقسام السياسي والمجتمعي، ثم ما استتبعه من سيطرة تنظيم “الدولة الاسلامية” على مساحات واسعة من العراق، لتكشف عن عجز الحكومة، وقلة حيلتها في مواجهة تنظيم يعتمد على الإرهاب والتقتيل وصولاً لغايته، ما امكنه تأسيس شبكات عابرة للحدود، تجمع بين الجريمة المنظمة، ورجال الأعمال المتحالفين مع الجماعات الإرهابية، والقوة السياسية المستفيدة بشكل ما من النشاط الإرهابي.

وكان آخر القرارات الاممية حيال هذه الظاهرة ان صوّت مجلس الأمن الدولي، في 12فبراير/شباط عام2015م، بالإجماع، على مشروع قرار جديد حول منع تمويل الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق، بما في ذلك تنظيم “الدولة الاسلامية” “داعش” و”جبهة النصرة”، قدمته روسيا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويأتي استكمالا لقرارات سابقة، منها القرار رقم 2170 والقرار رقم 2178 الصادرين في العام 2014م. كما سبق وان اصدرت الامم المتحدة اربعة عشرة اتفاقية دولية تتعلق بأنشطة إرهابية محددة.

ويشدد القرار رقم 2199 على التزامات الدول في مجال مكافحة خطر الجماعات الإرهابية، ولا سيما في المجالات التالية :

أولا، إدانة أي تجارة مباشرة أو غير مباشرة، وخاصة بالنفط ومشتقاته، مع الأفراد أو الجماعات الإرهابية المشار إليها، تحت خطر مواجهة عقوبات. وفي هذا الإطار ينبغي على الدول أن تبلغ اختصاص لجنة الأمم المتحدة بأي نقل للنفط أو مشتقاته عبر أراضيها من أو إلى هذه المجموعات.

ثانيا، إدانة تدمير التراث الثقافي، بما في ذلك الديني، في العراق وسوريا. وفي هذا السياق يجب على الدول أن تتخذ تدابير لمنع الاتجار غير المشروع بالسلع الثقافية، بما في ذلك الأثرية.

ثالثا، إدانة اعمال الاختطاف بما في ذلك اختطاف النساء والأطفال واستغلالهم الجنسي.

المواقف العربية والدولية من القرار:

رحّب ممثلو الدول الكبرى في كلماتهم بالقرار فور صدوره، منددين بالمنظمات الإرهابية وما تقوم به من أعمال ضد البشرية. ومنهم السفير الروسي لدى الأمم المتحدة “فيتالي تشوركين”، وكذلك الحال بالنسبة لمندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة “ليو جيه يي”، مؤكدا ترحيب بلاده بالقرار الذي يمثل أهمية قصوى لتنسيق جهود الجماعة الدولية في مكافحة الإرهاب، ودعم الجهود التي تبذلها الدول لمكافحة التنظيمات الإرهابية.

 ومن جانبها عبرت الولايات المتحدة الأمريكية عن تأييدها قرار مجلس الأمن الدولي، المتعلق بتجفيف المنابع المالية والموارد الاقتصادية لتنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا، وقالت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الأمريكية “جنيفر ساكي”، أن القرار حمل “عدة أدوات تضمنت العقوبات وغيرها من الإجراءات الملزمة لإضعاف قدرة داعش وكذلك النصرة وغيرها من المجاميع المتصلة بالقاعدة، والتي ستخضع لعقوبات الأمم المتحدة جراء استمرار نهجها الوحشي والمدمر”.

أما على المستوى الأوروبي فدعا قادتها في 12شباط/فبراير من العام الحالي، الى ضرورة مساهمة العلاقات الخارجية للاتحاد في مكافحة التهديدات الإرهابية، والانخراط أكثر في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، لمساعدة الدول هناك على تعزيز استجابتها لمحاربة الإرهاب على نحو أكثر فعالية.

وعربيا، رحّبت بغداد بالقرار، واكد الرئيس العراقي فؤاد معصوم في بيان اصدره إن تبنّي مجلس الأمن هذا القرار يجسّد “مساندة ثمينة ودعماً كبيراً للعراق في حربه ضد الإرهاب نظراً لأنه يكشف عن الموقف الجاد للمجتمع الدولي في القضاء على خطر الإرهاب الذي يهدد المجتمعات المدنية كافة.”

كما رحّب مجلس وزراء السعودي بصدور ومضامين القرار، مؤكدا أن السعودية في مقدمة الدول التي دعت إلى محاربة الإرهاب، ونبذه وتجريم مؤيديه وداعميه.

واعلن المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية دعمه قرار مجلس الأمن رقم 2199 الصادر في شهر فبراير/شباط الماضي. واستنكر الأعمال الإجرامية الوحشية والبشعة التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية كافة بمختلف أطيافها بما فيها تنظيم “داعش” الإرهابي ضد الأبرياء، معتبراً أن تصاعد العنف والجرائم الإرهابية يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

الارادة السياسية في محاربة الارهاب وتجفيف منابعه:

غالبا ما يطرح مصطلح الإرادة السياسية عند مناقشة معضلة او اخفاق او ازمة تجابه دولة ما, كونه المحرك للكثير من الافعال والاستجابات، من خلال تحقيق التوازن بين الحوافز والمحددات، بما في ذلك الموائمة عن الالتزامات الايديولوجية والمصالح، ما يفضي الى صياغة وتنسيق السياسات المرجوة، لتنفيذها بشكل جدي نظرا لطبيعة وشدة التحدي.

وبمعنى آخر، فان مصطلح الإرادة السياسية يتكون من أجزاء ثلاثة:

– المشكلة المراد معالجتها.

– مقترحات ذكية وعملية لحل المشكلة.

– اعتماد صانع القرار من خلال ارادته الحل المقترح لمواجهة المشكلة. فان الجهات الفاعلة عليها اختيار سياسات من بين بدائل عدة، بناءً على تقييماتها الخاصة من الفوائد المحتملة التي يمكن الحصول عليها باعتماد هذا البديل او ذاك.

ولعل الجزء الأصعب المتعلق بالإرادة السياسية يدور حول الجهود المرافقة للمداولات الخاصة بمعالجة المشكلة، وفي الكيفية التي يمكن أن تحقق التفاهم والدعم العام وصولا للحلول الممكنة يجب أن تأخذ مكانها في التطبيق، والتي تستند على المعرفة والمهارات اللازمة.

وبالتالي، فان مصطلح الإرادة السياسية معقد لأسباب عدة:

اولا، لأنه ينطوي على نوايا ودوافع، وهي بطبيعتها ظواهر غير ملموسة، ومن الصعب إجراء تقييم دقيق أو موضوعي بشأنها، وقد تكون عرضة للتلاعب والتحريف.

ثانيا، وهو موجود في كل من المستويات الفردية والجماعية، وهنا تلعب القيم والأولويات، والرغبات دورا في تأطيره، ما يؤشر الى المزيد من التعقيد.

وثالثا، على الرغم من امكانية التعبير عن الارادة السياسية بكلمات منطوقة أو مكتوبة عبر الخطب، والبيانات والوثائق القانونية، فانه يتجلى بوضوح في نسق عملي تطبيقي. ولهذا فانه يعبر عن التزام باتخاذ إجراءات لتحقيق مجموعة من الأهداف والحفاظ على تكاليف تلك الإجراءات مع مرور الوقت.

وغالبا ما يفسر التقاعس كمؤشر على عدم وجود الإرادة السياسية، فمثلا يعبر الفشل في سن التشريعات وفرض العقوبات، أو متابعة قضايا الفساد في المحاكم كمؤشرات سلبية عن الإرادة السياسية.

وبالنسبة لمكافحة الارهاب في العراق؛ فان الارادة السياسية، تعد متغيرا رئيسا في استئصاله، من خلال الركون إلى معالجة عميقة وجذرية لأسبابه تشارك في اعدادها جهات سياسية فاعلة، بعد ان تصدر المشهد الداخلي والاقليمي موجات من عمليات العنف، ارتبطت بتنظيمات مسلحة سنية وشيعية، اعقبها سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على اجزاء واسعة من البلاد، ليتم التركيز على “داعش” دون المبالاة بجرائم وانتهاكات تمارسها الميليشيات الطائفية في سوريا والعراق.

وتأسيسا على ما تقدم فإن دحر الإرهاب يتطلب اتباع نهج يتسم بالمثابرة والشمول تتضافر به جهود جميع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية في منع تهديدات الإرهابية وعزلها وإضعافها وشل حركتها. وفي هذا القرار تبرز الحاجة الماسة إلى بناء قدرات الدولة العراقية على مكافحة الإرهاب ذات الصلة بالجوانب الاستخبارية، وتتبع مصادر تمويل الإرهابيين، بعد ان سيطروا على العديد من حقول النفط وبناها التحتية، فضلا عن الخشية من سيطرتهم على الهياكل الأساسية الأخرى مثل السدود ومحطات توليد الكهرباء. علما بان هناك أكثر من 30 ألفاً من المقاتلين الأجانب ينتمون الى أكثر من مئة دولة، يقاتلون في سوريا والعراق” في صفوف “الدولة الإسلامية” أو “جبهة النصرة” وغيرهما من التنظيمات المرتبطة بـ”القاعدة”.

تنظيم “الدولة الاسلامية” والميليشيات الطائفية.. ارهاب بين العلنية والصمت:

لاشك في ان “داعش” تنظيم بالغ القسوة والوحشية، يستخدم عنفا غير مسبوق وممنهج، لقتل الخصوم وتصفيتهم، فبعد تمكنه من احتلال الموصل واستقراره في الرقة السورية، طالعنا بنموذج من التقتيل ينطوي على وحشية بالغة سواء اكان بقطع الرؤوس او تعليق الجثث، ليصل الى حرق الاحياء كما جرى للطيار الاردني بطريقة تتجاوز كل القواعد والقيم الأخلاقية والإنسانية. ولا يمكن، على الإطلاق، تبرير مثل هذه الأفعال، تحت أي غطاء، سواء باعتبارها دفاعاً عن النفس، أو تعبيراً عن الانتقام من الخصم.

 وفي الجهة الاخرى من هذا المشهد تقف الميليشيات الشيعية التي تسمى “بالحشد الشعبي”، ترتكب فظاعات وحشية وممنهجة ايضا، بحق السكان المدنيين، حيث تم العثور على عشرات الجثث مجهولة الهوية في مختلف مناطق العراق، وقد قُيدت أيادي اصحابها خلف ظهورهم ما يشير إلى وجود نمط من عمليات قتل على شاكلة الإعدامات الميدانية. وبدا ان الميليشيات الشيعية تركز في المقام الأول في معاركها على مهاجمة الذين لم يفروا مع تقدم “الدولة الإسلامية” لتنهب وتحرق وتهدم عشرات القرى السنية، متهمة الأسر المتبقية بأنها “متواطئة.” كما جرى تداول عدد من الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تكشف عن قيامها بحرق جثث من قتلتهم، وفيها مناظر وحشية عن التمثيل بقصد القصاص.

ويبدو جليا ان العوار القيمي والسلوكي متغير مشترك يجمع بين “داعش” والميليشيات، فكلاهما اوغل في انتهاك الانسانية وجرح ضميرها، الاول اعلن وبوقاحة عن عنفه وبربريته، والاخر يحاول التواري عن الانظار، ويمارس الانتقام والتشفّي من خصومه، بطريقة تتجاوز كل القواعد والقيم الأخلاقية والإنسانية، يتحركان بوحي من قناعة أيديولوجية، أو لموقف سياسي ما .

ولكن ما يستوقفنا المعايير المزدوجة التي تعاملت بها الولايات المتحدة والدول الاخرى التي انضمت الى التحالف الدولي لمحاربة التنظيم، لجهة الصمت حيال جرائم الميليشيات، ولعل غض الطرف هذا سيفضي الى تصعيد وتائر الطائفية. وعمليا تبدو الحكومة العراقية اضعف من ان تضع حدا لسطوة الميليشيات وتغولها. وقد يفهم من ذلك انها مسلوبة الارادة بسبب حركات وأحزاب طائفية سياسية تستند إلى رعاية إقليمية. وعندما تكون معالجة الطائفية بطائفية، فان الحرب الأهلية المستدامة أو التقسيم يقفان على الابواب.

تنظيم “الدولة الاسلامية”.. الثروة والتمويل”

ولان القرار الاممي ركز على تنظيمات بعينها، فسوف نتناول تنظيم “الدولة الاسلامية”، لجهة تتبع مصادر تمويله، والذي يعد أغنى تنظيم إرهابي في العالم، فما يمتلكه من أصول في الموصل تبلغ بـحدود 875 مليون دولار عقب السيطرة عليها في 2014، وأن قيمة الإتاوات التي يدفعها السكان تقدر بـ 600 مليون دولار.

وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية فان التنظيم استولى على 500 مليون دولار من البنوك العراقية، إضافة إلى أن عائدات النفط التي دخلت خزائنه وتقدر بـ 100 مليون دولار، ناهيك عن فدية الرهائن الذين اختطفهم التنظيم والتي قدرت بـ 20 مليون دولار.

وبهذا المعنى، يصف آون زيلين من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى “داعش”: بانهم “ربما كانوا من أكثر الجماعات الإسلامية المسلحة ثراءً”، وهم “يحصلون على تمويلهم من تهريب الأسلحة والاختطاف والفدية، وتزوير العملات، ومن منتجات مصافي النفط، وتهريب الآثار والضرائب التي يجنونها من المناطق الواقعة تحت سيطرتهم ونقاط التفتيش أو من الناس العاديين”، على حد قوله. وأشار الكاتب إلى أن سكان مدينة الرقة قالوا إن المقاتلين احتفلوا بالسيطرة على مدينة الموصل برمي النقود في الهواء ومسيرات بسيارات “الهمفي” الأمريكية التي غنموها من قواعد الجيش العراقي.

ويختلف تنظيم “الدولة الاسلامية” عن معظم الحركات المسلحة الاخرى، التي تعتم على عملياتها المالية وتتحكم بمصادرها، وعادة ما تكون سرية، فـ”داعش” تدير ماليتها عبر مستوى من البيروقراطية، وتحتفظ بحسابات وسجلات عن الأموال، ولديها قنوات متعددة للمحاسبة. وتقدر مالية التنظيم بمئات الملايين إن لم تكن مليار دولار أمريكي، ولم يتسن التأكد من صحة هذه المعلومات.

  • تهريب النفط

تمتد إمبراطورية “داعش” النفطية عبر مساحة تعادل تقدر بنحو (ربع مليون ميل مربع) وتشغل “داعش” نحو 350 بئرا نفطية في العراق، وقد خسرت نحو 45 بئر بعد المعارك مع البيشمركة التي دارت في اغسطس/آب 2014م، منها في عين زالة وبطمة، كما أضرم التنظيم النار في بعض الحقول من الاراضي التي انسحب منها. وفي كلا الموقعين، استعادت البيشمركه الآبار مع الناتج الإجمالي الذي يبلغ بنحو 15.000 برميل في اليوم. اما الآبار المتبقية في العراق تحت سيطرة التنظيم فلديها قدرة على إنتاج 80.000 برميل يوميا، وهو جزء بسيط من إجمالي الانتاج البالغ حوالي 3 ملايين برميل يوميا.

ويبيع التنظيم النفط للوسطاء من مواقع منصات الإنتاج بمبلغ 12 دولارا، ومن الحدود بسعر 18 دولارا للمشتريات المباشرة، وللوسطاء بقيمة 20 دولاراً، الذين يبيعوه بسعر 25 -30 دولارا. وهو امر اكده د. عادل عبد المهدي وزير النفط العراقي من ان “داعش” يبيع حمولة السيارة الحوضية سعة 36 الف لتر من النفط الخام بـ10 آلاف دولار من حقول علاس، اي بسعر يقارب الـ 30 دولاراً واقل من ذلك للبرميل الواحد،

ويُكرر النفط المهرب في مصاف كردية غير شرعية ومن ثم يباع بأسعار زهيدة، وان جزءا منه يُهرب عبر الجبال إلى إيران وتركيا، ويُباع في المناطق الحدودية. عبر شركات محلية مثل شركة ق مقرها السليمانية نتحفظ عن ذكر اسمها.. والتي تشتري نفطا من “داعش” لتتولى بيعه بعد ذلك، ما يعني في احد جوانبه تمويلا مبطنا للتنظيم.

 وفي هذا السياق اتهمت الإدارة الأمريكية كل من تركيا والحكومة السورية بشراء نفط من التنظيم عبر وسطاء لرخص ثمنه، وفرضت مع الاتحاد الأوروبي عقوبات على الأفراد والدول التي تشارك في بيع النفط في السوق السوداء.

  • نهب المواقع الأثرية

يقع أكثر من ثلث المواقع الاثرية العراقية المهمة البالغة 12.000 موقع تحت سيطرة “داعش” الذي بدأ التنقيب فيها، وبيع القطع الأثرية التي يعود تاريخها إلى 9000 و 10000 قبل الميلاد، من خلال وسطاء لتجار جمع العملات ومهربين، وحسب بعض التقديرات، فان هذه المبيعات تمثل اليوم ثاني أكبر مصدر للتمويل فمدفوعات الرواتب لمسلحي التنظيم مؤخرا دفعت من نهب القصر الكبير للملك الآشوري آشور ناصربال الثاني، الذي يعود تاريخه الى القرن التاسع قبل الميلاد، وهو ما يسمى “نمرود”. وفي أوربا والولايات المتحدة الامريكية، والتي لا يمكن تعويضها لتمويل الإرهابيين. بحسب ما قاله أيمن جواد، المدير التنفيذي لمنظمة تراث العراق، وهي منظمة مقرها لندن مكرسة للحفاظ على الآثار العراقية.

علما بان تهريب القطع الأثرية يتم عبر تركيا وإيران وسوريا، والبعض من هذه القطع صغير الحجم يمكن وضعه بعلبة الثقاب، لذلك فتهريبه هو مهمة سهلة. ومع ذلك، فان قطعة أثرية واحدة يمكن أن تجلب مئات الآلاف من الدولارات، كما يتضح من بيع قطع الطين المسمارية للملك البابلي نبوخذ نصر الثاني، والتي بيعت مقابل 605.000 دولار لمشتر مجهول، وفقا لمزادات دويل نيويورك.

  • النشاطات الاجرامية

تمكن النشاطات الإجرامية بما في ذلك النهب وعمليات الاختطاف، التنظيم من الحصول على ملايين الدولارات. ويقول المحلل في معهد للدراسات في لندن شانشك جوشي: “كانوا ناجحين جدا في عمليات الاختطاف والفدية”، و”كان هذا المصدر الرئيس للدخل طوال العام الماضي، وكانت الحكومات الغربية ممن دفع الفدية”.

  • الابتزاز والضريبة

ووفقا لمعلومات موثقة؛ فان عناصر التنظيم ألزموا جميع شركات ومكاتب الصرافة والتحويل المالي في الموصل، بإعداد قوائم بالأسماء والمبالغ التي يتم تحويلها الى المحافظة، حتى يتسنى للتنظيم استقطاع مبلغ يصل إلى 50 ألف دينار عراقي (4.3 دولارات) عن كل مليون دينار عراقي يتم تحويله. حيث تعهد التنظيم بإيداع هذه الأموال في “بيت مال المسلمين” لتوزيعها على الفقراء، كما تم ابلاغ “شيوخ العشائر والتجار والأطباء والصيادلة ومحال الذهب وأصحاب المهن ذات الدخل العالي، بضرورة الالتزام بتعاليم الزكاة، ملوحاً بعقوبات رادعة للمخالفين.

وتعتبر نقاط التفتيش والحواجز على الحدود بين العراق وسوريا المصدر الآخر للدخل، وبحسب وثائق “داعش” أقام التنظيم 30 حاجزا في عام 2013. ورغم قدرته للحصول على المال ينفق “داعش” الكثير منه، فما يدخل في الخزانة يخرج منها سريعا. وبحسب ليستر تصل نفقات “داعش” إلى 10 ملايين دولار، فيحصل المقاتل ما بين 400- 500 دولار في الشهر مثلا.

كما يتم فرض الغرامات المالية على سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة التنظيم الإرهابي بدعوى التدخين أو غيرها من الأسباب، وتبلغ قيمة الغرامة التي يفرضها التنظيم الإرهابي نحو 65 دولارا، على حد ما أوردته صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية مؤخرا.

  • السيطرة على المناطق الزراعية الخصبة

 تقع أجزاء كبيرة من المحافظات الخمس الأخصب في العراق حاليًا تحت سيطرة التنظيم، وتعتبر هذه المحافظات هي المسؤولة بشكل عام عن إنتاج 40٪ من محصول القمح في البلاد. واستولى التنظيم أيضًا على ما قدره 40000 إلى 50000 طن من الحبوب من الصوامع الحكومية في شمال البلاد. بينما توفر السيطرة على موارد المياه ومحطات الطاقة الكهرومائية مزيّدًا من التمويل لداعش. مثل سد طبقة خارج العاصمة الفعلية لداعش، الرقة بسوريا.

  • المعدات العسكرية العراقية بعد الاستيلاء على الموصل

قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في مقابلة مع قناة العراقية الحكومي إن قوات الأمن العراقية فقدت 2300 عربة همفي مدرعة حين اجتاح تنظيم “الدولة الاسلامية” مدينة الموصل في يونيو/ حزيران 2014م. وبالإضافة الى عربات الهمفي تركت القوات العراقية في السابق انواعا مهمة واعدادا كبيرة من الأسلحة الثقيلة. فعلى سبيل المثال تضمنت الخسائر التي غنمتها “الدولة الاسلامية” 40 دبابة إم1ايه1 وايضا أسلحة صغيرة وذخيرة تشمل 74 ألف مدفع رشاش وما يصل الى 52 مدفع هاوتزر متحرك طراز إم198 .

ويتحدث مسؤولون عراقيون عن سوء التجهيز والتسليح وسلسلة صفقات الأسلحة الفاسدة التي أبرمها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي مع روسيا والصين وإيران وأوكرانيا بين الأعوام 2010 وحتى مطلع عام 2014، حيث إن “الأسلحة والذخيرة فاسدة إلى درجة لم يعد السكوت عنها مجديًا”, فالمدرعة التي تزن 13 طنًا من الحديد في الأوراق الرسمية وصلت 7 أو 8 أطنان واخترقتها القذائف بسهولة وسببت خسائر بشرية، كما ان الاسلحة اليدوية التي يحملها الجندي فاسدة وترتفع درجة حرارتها لتتوقف عن إطلاق النار بعد 10 دقائق.

مكافحة الارهاب بين المعوقات الداخلية والاقليمية:

على الرغم من أهمية هذا القرار في محاربة الإرهاب إلا أن تطبيقه بشكل فعلي ليس بالأمر الهين، نظراّ لواقع العراق الداخلي من جهة، وصعوبة التعاون الإقليمي معه بهذا الصدد من جهة اخرى.

فعلى المستوى الداخلي:

تقف عددا من المعوقات حائلا دون ملاحقة الارهاب واحتواءه، فالعراق منذ الاحتلال الأمريكي له في 9 نيسان/ابريل عام 2003م، وحتى يومنا هذا، تتوالى ازماته الداخلية والمتمثلة منها؛ بأزمة الهوية والتغلغل والشرعية والمشاركة السياسية، وغياب العدالة في توزيع الثروة، وتناقض المصالح بين مكونات العمل السياسي في عراق ما بعد الاحتلال، واتساع ظاهرة المافيات المالية والسياسية، والتي لا ترى أي غضاضة في المغامرة بمستقبل البلاد في سبيل تحقيق مصالحها الخاصة، ناهيك عن تزايد النفوذ الإيراني في العراق، ما اثر على النسق الحكومي ومساراته السياسية، ليجعله يدور في دائرة المصالح الايرانية دون اعتبار لبيئته العربية.

ويكشف عجز الأجهزة الأمنية العراقية في مكافحة الارهاب، عن محدودية قدراتها التخطيطية والتنفيذية، بسبب تسييسها، حيث اضحت الدوائر والمؤسسات الحساسة في قبضة توازنات اقليمية واثنية، تعتمد في التوظيف على الاشخاص غير الاكفاء وفقا لحصة هذا الحزب او ذاك، نشير هنا الى شكوى الاجهزة الاستخبارية العالمية من عدم وجود مؤسسة امنية -استخبارية عراقية يمكن التعاون معها، في مقابل امتلاك الاحزاب السياسية الشيعية مؤسسات استخبارية على درجة من الحرفية والمهنية، بالإضافة إلى تفشي النزعة الطائفية والعرقية داخل هذه مؤسسات الامنية، فالسجون على سبيل المثال تغذي الارهاب على نحو كبير، لما يرتكب فيها من اعتداءات وانتهاكات بشعة، ومن جهة فان تزايد معدلات الفساد الذي تشهده قوات الأمن العراقية، اسهمت في التواطؤ مع الكثير من القتلة والارهابيين.

وعلى الرغم مما تقدم فان اجراءات عدة بالإمكان اتخاذها على المستوى الوطني منها:

ففي القطاع النفطي نقترح الاتي :

-وضع خطة للتعامل مع الشاحنات المستخدمة لنقل النفط الخام المهرب من قبل “الدولة الاسلامية”، وتلك التي تنقل المشتقات النفطية الى التنظيم.

– وضع خطة لضبط العمل في المصافي النفطية المحلية والمتنقلة.

– تشكيل فريق عمل للتعاون بين الوزارات كالنفط والصناعة والمعادن، والزراعة، والمالية، والبنك المركزي العراقي، لتبادل الافكار والخروج بحلول عملية.

-معرفة انتاجية الحقول النفطية التي تحت سيطرة التنظيم، ومستوى تأثيرها على الاقتصاد العراقي.

-معرفة مدى جاهزية وتوافر معدات انتاج النفط وخزين المواد الاحتياطية المتوفرة لدى “داعش”.

-تحديد الشركات التي تشتري النفط من التنظيم وتلك التي تبيعه المشتقات النفطية.
-ضبط الحدود الدولية العراق، فتنظيم “الدولة الاسلامية” ينقل النفط والوقود عبر الحدود من الممر الجنوبي لتركيا، والممر الشمالي الغربي في العراق والممر الشمالي الشرقي لسوريا.

وبالنسبة للمعادن:

-وضع جداول بمواقع انتاج الموارد الطبيعية مثل الكبريت والفوسفات، الواقعة تحت سيطرة التنظيم، فضلا عن تضمين طاقات هذه المعادن القصوى.

-معرفة الامكانات الفنية للتنظيم، في استغلال تلك المواقع لديمومة الانتاج، وحجمه، وامكانية تصديره.

-تحديد اليات ووسائل النقل المحتملة والمسالك المعتمدة لتهريب الانتاج والشركات التي من المحتمل ان تتعاون معهم.

-وضع احصائيات حول مستوى تأثير المواقع الانتاجية الواقعة تحت سيطرة “داعش” على الاقتصاد العراقي، ومصير وموقف الشركات الوطنية والاجنبية.

وعلى صعيد الاموال فان الامر يتطلب:

 – تطوير سياسات تعمل على تفكيك اقتصادات الإرهاب؛ حيث إن إنهاء ظاهرة الإرهاب ليس واردًا، وبالتالي تحجيم اقتصاد الإرهاب هو بداية لتقليص خطر الإرهاب، والحيلولة دون انتشاره بصورة أكبر، ما يتطلب تدقيق المعاملات المالية والمصرفية في المؤسسات المالية الوطنية، ووضع معايير تقيمية لمتابعة هذه الاجراءات.

وللحفاظ على الاثار العراقية لابد من:

-اجراءجرد وصفي دقيق مدعم بالصور، للآثار والمخطوطات واللوحات والتماثيل التاريخية، التي كانت موجودة في المتاحف في المناطق التي سيطر عليها التنظيم.

التعاون على المستوى الإقليمي في مواجهة الإرهاب:

إن التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية الحادة والمتسارعة، التي يشهدها العالم حالياً، وما تتركه من تأثيرات ايجابية وسلبية على ظواهر الأمن والاستقرار على الصعيد العالمي والمحلي، تتطلب بلورة رؤى وأفكار أمنية جدية، تكون أكثر قدرة على الاستجابة للتحديات الأمنية المثارة حالياً وخلال المستقبل المنظور.

وقد أصبح من المؤكد، أن قدرة الدول على المواجهة الفردية لتلك المشكلات محدودة تتناقص يوماً بعد يوم. وهو ما يحتم التعاون الاقليمي والدولي في مختلف المجالات الأمنية. ومن المهم في هذا السياق التركيز على تفعيل آليات وأساليب هذا التعاون، وبخاصة فيما يتعلق بتبادل الخبرات والمعلومات وتنسيق البرامج والسياسات.

ومن المهم إدراك أنّ شكل الصراع الذي يأخذ طابعا طائفيا او عقائديا، انما المسبب  الرئيس له هو سوء تدبير سياسي اقتصادي واجتماعي، وهو مالم تأخذه الحكومة العراقية بعين الاعتبار،  بل انها بدت عاجزة عن تفكيك وعي الانتقام في ظل تصاعد الاحساس بالكراهية والتنافر داخل أبناء الوطن الواحد، وانحسار رأس المال الاجتماعي، فضلا عن انعدام التنمية جعل العقد الاجتماعي مهترئاً، وهذا كله يتطلب شجاعة الاعتراف، وتدارك الامر، تجاوزا لإشكالات خطرة.

وبوسعنا القول هنا، ووفقا لتجربة العملية السياسية في العراق، وما شابها من قصور وتخبط، فان ادراكا عربيا واقليميا حيالها، ينطوي على القناعة بعدم جدية آلياتها في تفكيك الاختلاف ومنعه من التحول الى صدام اهلي، وعجزها عن اجتراح أفكار لتقويّة شعور جمعي يصهر الاختلافات، وسنّ تشريعات مكافحة التميز لصالح تعزيز الهوية الوطنية، وبناء المواطنة على التراضي، وترجيح مفاهيم التسوية والمصالحة الوطنية، الامر الذي يشكل مانعا رئيسا لجهة تحقيق التعاون في مجال مكافحة الارهاب.

ومن وجهة نظر عربية، فان آليات تفعيل قرارات مكافحة الارهاب تتطلب معالجة آثار الذاكرة الطائفة والقبيلة والأقليّة والحزبية، ومنعها من ان تكون دُعامة لثقافة الانتقام، نشير هنا الى الكيفية التي يتم فيها التعامل مع ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية، ومبررات الصمت الحكومي حيال ممارساتها، بل واظهارها بمظهر المنتصر، والحامي للوطنية، يعززها عامل التحالفات الخارجية العابرة للدولة، والتي تتبنى تشكيل قوات مسلحة مذهبية بعد الهزيمة التي شهدتها القوات العراقية، في يونيو/ حزيران 2014م، ما يجعل الدول العربية في شك من اجراءات الحكومة العراقية على مستوى مكافحة الارهاب.

وبالرغم مما تقدم فبالإمكان تقديم مجموعة من المقترحات لتدعيم التعاون الإقليمي وبخاصة ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، في ضوء المنعطفات الحرجة التي تشهدها المنطقة. ما يتطلب تنشيط جهود المؤسسات الحكومية ذات الصلة والتنظيمات الدولية غير الحكومية، ومراكز الابحاث، لتدعيم جهود الرسمية في التصدي الحازم لمشكلة الإرهاب،

-ومن الأهمية بمكان معالجة الاسباب التي توفر الأرضية الصالحة لارتكاب الجرائم الإرهابية وممارسة الأنشطة غير الشرعية. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه إذا كانت الجهود الدولية المرتبطة بمكافحة الإرهاب تعنى أساساً بالجانب العلاجى، أى تنصب على ما بعد الحادث الإرهابي، فإنه من الواجب بمكان عدم إهمال الأسباب التي تؤدى إلى ظهوره وانتشاره. إن مواجهة الإرهاب ومكافحته تتطلب وقفة تأمل لبلورة أساليب ناجعة وفعالة تقف على مسبباته، للوقاية من تداعياته.

– تطوير آليات تعاون محدودة العضوية فيما يتعلق بالتعاون الدولي والإقليمي داخل المنطقة؛ عن طريق تشكل محور إقليمي، واعداد اتفاقية تجمع العراق والدول الإقليمية المحيطة به لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله.

-ينبغي بذل محاولات جادة لتسوية النزاعات الدولية والإقليمية سلمياً، مما يسهم في تفويت الفرصة أمام المنظمات الإرهابية في استغلال معاناة الشعوب، والضيق الذى تشعر به نتيجة أوضاع ظالمة فرضت عليها. وهو ما يجدر بالحكومة العراقية الانتباه له والعمل على تفكيك الازمات المتعددة التي يشهدها المجتمع.

-تيسير تدفق المعلومات بين مختلف الأجهزة المعنية بمكافحة العمليات الإرهابية فى الداخل ومع مختلف الدول، خاصة تلك المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ولا شك أن كفالة التعاون بين هذه الأجهزة على مستويات ثنائية وجماعية تعتبر عاملاً حاسماً في وأد الجرائم الإرهابية قبل وقوعها.

-عقد دورات تدريبية للعاملين في مجال مكافحة الإرهاب، لتنمية قدراتهم العلمية والعملية ورفع مستوى أدائهم.

-أن تقوم الدول بدفع المنظمات الإقليمية ودون الإقليمية المعنية بإنشاء آليات أو مراكز لمكافحة الإرهاب وتعزيز القائم منها، لتسهيل تبادل المعلومات وتنمية آليات وتكنولوجيا جمع البيانات، ودقة استخلاص النتائج منها.

في العراق.. جهود مكافحة الارهاب تتطلب توحيد الجبهة الداخلية، وإعادة تشكيل الجيش بعقيدة جامعة بعيداً عن سياسة الإقصاء الطائفي، وتفعيل الاعتبار الوطني جامعا ومدركا لمخاطر التهديدات الارهابية.

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية