جولة جديدة من أستانة لحلحلة اللجنة الدستورية

جولة جديدة من أستانة لحلحلة اللجنة الدستورية

أستانة – يبدأ اليوم في العاصمة الكازاخية الاجتماع الحادي عشر، الذي يندرج ضمن عملية أستانة التي ترعاها تركيا وإيران وروسيا، وسيكون استكمال تشكيل اللجنة الدستورية أهم محاوره، في وقت تسعى فيه الدول الثلاث لقطع الطريق أمام محاولات واشنطن لإعادة الملف إلى جنيف.

ولا يتوقع المراقبون حدوث اختراق لافت في مسار التحولات التي تعد لإنهاء الحرب في سوريا، غير أنهم لاحظوا اهتمام الدول الراعية بالمحافظة على هذا المسار في غياب أي تقدم جدي في مسار جنيف.

ويجري ممثلو تركيا وروسيا وإيران لقاءات كما يحصل في كل جولة، بمشاركة مراقبين من الأمم المتحدة والأردن، فيما سيعقد ممثلو النظام السوري والمعارضة لقاءات مع وفود الدول الضامنة والمراقبين كل على حدة. وستتم قراءة البيان الختامي في جلسة اليوم الأربعاء، وهي الجلسة الرئيسية التي ستجتمع فيها كافة الأطراف.

ولفتت مصادر سياسية متابعة إلى أن الدول الثلاث الراعية لعملية أستانة تسعى لتكثيف التقاطع حول مصالحها داخل الميدان السوري في مواجهة السياسة الأميركية المرتبطة بمستقبل سوريا، والتي يعبر عنها المبعوث الأميركي لشؤون سوريا جيمس جيفري.

ويمثل تركيا في المحادثات نائب وزير الخارجية سدات أونال، وعن إيران سيشارك نائب وزير الخارجية حسين أنصاري، فيما يمثل روسيا الممثل الخاص للرئيس الروسي في سوريا ألكسندر لافرينتييف.

ويمثل وفد المعارضة رئيس الحكومة السورية المؤقتة السابق أحمد طعمة فيما يمثل النظام المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري.

ويرأس المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا وفدا أمميا. وقال بيان صادر عن مكتبه إن “هذا الاجتماع سيسهم في تسريع التوصل إلى نتيجة ملموسة على مسار تشكيل اللجنة الدستورية، استنادا للبيان المشترك حول سوريا الصادر في إسطنبول في 27 أكتوبر 2018 عن رؤساء تركيا وفرنسا وروسيا ومستشارة ألمانيا، والذي دعا إلى التأسيس والانعقاد المبكر للجنة الدستورية”.

وتحاول الدول الضامنة تضييق الهوة في ما بينها حول مسألة تشكيل اللجنة الدستورية بين الفرقاء السوريين.

وفيما تم الاتفاق على لائحة تمثل النظام وأخرى تمثل المعارضة داخل هذه اللجنة، رفض النظام اللائحة التي اقترحها دي ميستورا والتي يفترض أن تمثل المجتمع المدني.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن موسكو تأمل في اتخاذ خطوات مهمة لاستكمال تشكيل اللجنة الدستورية السورية خلال الاجتماع القادم في أستانة.

وأضاف أنه يأمل أن “نتخذ خطوات مهمة نحو الانتهاء من تشكيل لجنة دستورية بمشاركة الحكومة السورية والمعارضة وممثلي المجتمع المدني”.

وتعتقد أوساط دبلوماسية غربية أن مسألة الخلاف حول اللجنة الدستورية تعكس عدم جدية روسيا في الانتقال نحو التسوية.

وقالت الأوساط إن موسكو لم تعط الضوء الأخضر أو أنها لم تمارس الضغوط التي يجب أن تمارسها من أجل إجبار النظام السوري على القبول بصيغة اللجنة الدستورية والذهاب إلى مفاوضات لكتابة دستور سوريا المقبل.

يذكر أن الولايات المتحدة الأميركية لم ترسل ممثلين عنها إلى الاجتماعين السابقين.

وترى مصادر أميركية مطلعة أن واشنطن لم تغير موقفها لجهة اعتبار مقاربة أستانة شأنا يخص الدول الراعية ولا يمكن أن يأخذ بعدا له غطاء دولي.

وتذكر هذه المصادر أن الإدارة الأميركية ما زالت ترى أن شؤون التسوية يجب أن تتم في جنيف وفق مرجعيات الأمم المتحدة.

ويصف بعض المراقبين الدورة الجديدة لاجتماعات أستانة بأنها عملية مراوحة هدفها شراء الوقت والحفاظ على الحد المعقول من الوضع الراهن في إدلب.

ولفت هؤلاء إلى غياب موقف تركي مدين لعمليات القصف الجوي التي قام بها سلاح الجو الروسي ضد مواقع للمعارضة في مناطق تشملها خطط خفض التصعيد في إدلب. ولفتوا أيضا إلى ضبابية الموقف التركي إزاء الرواية التي صدرت عن دمشق وموسكو والتي اتهمت فصائل المعارضة بقصف بعض أحياء حلب بغاز الكلور.

ولفتت مصادر إعلامية روسية إلى التصريحات التي أدلى بها رئيس وفد المعارضة السورية، أحمد طعمة، الاثنين، ووصفتها بالمثيرة للجدل.

واعتبر طعمة، المقرب من أنقرة، في تصريحاته، الاثنين، أن مفاوضات أستانة تمثل المسار الفعال الوحيد حاليا في جهود حل الأزمة السورية، معربا عن أمله في أن تتم حلحلة موضوع الثلث الثالث من اللجنة الدستورية و”الوصول إلى توافق بهذا الصدد”، خلال المفاوضات في أستانة.

وقال طعمة “هذا شيء بالغ الأهمية أن تتم حلحلة هذه الأمور خصوصا في مسار أستانة باعتباره المسار الفعّال الوحيد حاليا”. ​​

وأضاف “وفي ما يتعلق بتشكيل اللجنة الدستورية، فهذا سيكون من أهم المواضيع التي ستتم مناقشتها في مباحثات أستانة وأنتم تعلمون أنه لم يعد هناك إشكال إلا في الثلث الثالث”.

ولفتت وسائل إعلام روسية إلى أن هذه التصريحات لم تكن الأخيرة وحدها المثيرة للجدل، فقد سبق أن قال إن الفصائل المسلحة أخطأت بحملها السلاح ومواجهة النظام الذي دعمته روسيا، ولا تزال تساهم في قتل وتهجير المدنيين العزل.

وأثارت هذه التصريحات والتي تبرز حالة من التلميع للموقف الروسي جدلا واسعا في الأوساط الثورية، خاصة أنها تصدر عن شخصية مفترض أنها تمثل المعارضة، بما فهم أنها حرص تركي على اعتماد المقاربة الروسية وإهمال المقاربة الأميركية الدولية المحتملة.

ويرى محللون أن التناقض التركي الأميركي، والروسي الأميركي، في ما يتعلق بسوريا، يدفع موسكو وأنقرة إلى تبريد أي توتر ميداني بينهما وتأكيد اتفاقهما التام وتمسكهما بعملية أستانة.

ويقلل المراقبون من أهمية دور إيران في هذه الاجتماعات بسبب الغياب النسبي للانخراط الإيراني في شمال سوريا من جهة، وبسبب ارتباك طهران جراء الضغوط الكبرى التي تمارسها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

غير أن هؤلاء أشاروا إلى أن الجانب الإيراني حريص على أن يكون حيويا داخل اجتماعات أستانة لدعم موقف نظام دمشق، ولتأكيد شراكته الكاملة في تقرير مستقبل سوريا في السلم وفي الحرب.

العرب