ما وراء انسحاب قطر.. هل أصبحت أوبك بلا فائدة؟

ما وراء انسحاب قطر.. هل أصبحت أوبك بلا فائدة؟

وصف خبراء ومسؤولون سابقون قرار انسحاب قطر من منظمة أوبك بـ”الحكيم”، وأكدوا أن أوبك باتت منظمة بلا فائدة بعدما أضحت ترتهن لما نعتوها بالمآزق التي يعيشها بعض المنتجين الكبار مثل السعودية، محذرين من حدوث انسحابات أخرى.
وأعلنت قطر أنها قررت الانسحاب من منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) اعتبارا من يناير/كانون الثاني المقبل، وأنها أبلغت المنظمة بهذا القرار.

وأوضح وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة سعد الكعبي اليوم في مؤتمر صحفي، أن بلاده أخذت هذا القرار في إطار التخطيط لإستراتيجية طويلة المدى والبحث في سبل تحسين دورها العالمي.

وذكر الوزير أن قرار الانسحاب يتماشى مع رغبة قطر في تركيز جهودها على تطوير قطاع الغاز في الوقت الذي تتحرك فيه الدولة صوب زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن إلى 110 ملايين سنويا.

وفي تعليقات على هذا القرار، وصف رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني انسحاب بلاده من أوبك بـ”الحكيم”.

وقال “انسحاب دولة قطر من منظمة أوبك هو قرار حكيم، فهذه المنظمة أصبحت عديمة الفائدة ولا تضيف لنا شيئا”.

وأضاف في تغريدة له على حسابه في تويتر أن منظمة أوبك “تُستخدم فقط لأغراض تضر بمصلحتنا الوطنية”.

من جهته قال الخبير الاقتصادي القطري عبد الله الخاطر إن منظمة أوبك فقدت في المدة الأخيرة رؤيتها وإستراتيجيتها، كما فقدت دورها في حماية حقوق المنتجين.

واعتبر في حديث للجزيرة أن قرارات أوبك أصبحت مرهونة بالمأزق الذي تدخل فيه بعض الأنظمة خاصة “أنظمة الحصار” -في إشارة إلى السعودية- وضغوط ترامب، مما أظهر المنظمة بمظهر سلبي أمام العالم.

ورأى أن قطر لها سمعتها لذلك أصبحت لا تستطيع الاستمرار مع أوبك خاصة مع الأحداث التي باتت تصاحب صناع القرار من داخلها.

انسحابات أخرى
ولم يستبعد الخبير الاقتصادي عبد الله الخاطر أن تشهد منظمة أوبك مزيدا من الانسحابات خاصة من جانب إيران والدول التي باتت ترى أن قرارها مصادر من قبل جهات بيعنها داخل المنظمة، وفق تعبيره.

وقال “قد تكون هناك تداعيات مهمة إذا خرج أعضاء آخرون من أوبك للأسباب نفسها”.

وأكد الخاطر أن قطر قادرة بالمقابل على تصدر مشهد الغاز العالمي، وأشار إلى أن الدوحة قد تصبح مقرا لبورصة عالمية لتداول الغاز مستقبلا.

واعتبر أن خروج قطر من أوبك يمنحها هامشا لتنمية صادراتها وتطوير أدوات سوق الغاز، وربما تطور “ذلك إلى إنشاء بورصة للغاز المسال يمكن لقطر أن تحتضنها”.

بدوره قال المحلل المالي نضال خولي في تصريح للجزيرة نت إن “منظمة أوبك عفى عليها الزمن”.

وأضاف أن “أوبك لم تعد تقوم بالأدوار المنوطة من أجل الحفاظ على مصالح أعضائها”.

وأشار إلى أن هذا القرار سيمسح لقطر بالتحكم في حجم إنتاجها دونما حاجة إلى الالتزام بما تقرره أوبك، كما سيسمح لها برفع أو خفض الإنتاج بما تقتضيه مصلحة البلد.

وأوضح الخولي أن أسعار النفط في الأسواق العالمية شهدت تقلبات كبيرة بين أدنى المستويات وأعلاها بسبب قرارات أوبك.

ولفت إلى أن قطر تسعى لرفع إنتاجها من الغاز إلى 110 ملايين متر مكعب، وهذا يحتاج إلى استثمارات ضخمة، وسط توقعات بارتفاع الأسعار الغاز المسال في الأسواق خلال السنوات الخمس المقبلة.

أما وزير الطاقة الجزائري السابق والرئيس السابق لأوبك شكيب خليل فقال تعليقا على قرار قطر إن خروج الدوحة سيكون له “أثر نفسي” بسبب الخلاف مع الرياض، وقد يضرب “مثلا يتبعه أعضاء آخرون في أعقاب القرارات الأحادية للسعودية في الأشهر الأخيرة”، وفق ما أوردت وكالة رويترز.

من جهته قال الاقتصادي عبد الرحيم الهور إن قدرة أوبك على التحكم أو التأثير في أسعار النفط بالأسواق باتت محدودة، فهي تنتج نحو 33 مليون برميل نفط مقابل إنتاج عالمي يفوق 90 مليون برميل يضخه منتجون آخرون كبار على غرار روسيا.

وأضاف في حديث للجزيرة نت أن انسحاب قطر من أوبك سيحررها من الالتزام بقرار أوبك، ويدفعها إلى مزيد من التوسع في إنتاج الغاز، مشيرا إلى أن النفط منافس للغاز في الأسواق.

ولفت إلى أن مشروع تطوير إنتاج الغاز يحتاج من قطر إلى أن تركز كل جهودها على هذا التطوير بعيدا عن أي تضارب أو وجود منافس لهذه السلعة على غرار النفط.

ريادة الغاز
وقال وزير الطاقة القطري اليوم إن بلاده ترى أن من المهم التركيز على السلعة الأولية التي تبيعها بشكل رئيسي، في إشارة إلى الغاز الطبيعي.

وأضاف الكعبي “كثيرون سيسيّسون الأمر.. أؤكد لكم أن هذا القرار استند بشكل محض على ما هو المناسب لقطر في المدى الطويل. إنه قرار إستراتيجي”، وتابع “سنحدث دويا في نشاط النفط والغاز قريبا”.

وتعتبر قطر أكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال عالميا، ويبلغ إنتاجها حاليا من الغاز الطبيعي المسال 77 مليون طن سنويا، في حين أعلنت في يوليو/تموز 2017 عزمها زيادة إنتاجها من هذا الوقود بنحو 30% بحلول 2024.

شراكات
وأوضح الكعبي اليوم أن قطر للبترول تدرس الدخول في شراكات لإنتاج الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، حسب ما نقلت وكالة الأناضول.

وزاد أن قطر للبترول قد تصبح أحد مصدري الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة عبر مشروعها محطة “غولدن باس للغاز الطبيعي المسال”.

وأوضح الوزير القطري أن بلاده تخطط لبناء أربع وحدات إضافية لإنتاج الغاز الطبيعي المسال منتصف العام المقبل.

وتتماشى تصريحات الكعبي مع توقعات وكالة الطاقة الدولية نهاية العام الماضي، أشارت فيها إلى نمو إنتاج الغاز العالمي بشكل أسرع عن النفط والفحم في السنوات الخمس المقبلة، بدعم انخفاض السعر ووفرة المعروض.

المصدر : الجزيرة + وكالات