حماس تنجو بفارق بسيط من قرار أميركي يدينها دوليا

حماس تنجو بفارق بسيط من قرار أميركي يدينها دوليا

غزة – صوّتت الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة الخميس ضدّ مشروع قرار أميركي يدين حركة حماس لإطلاقها صواريخ على إسرائيل، في خطوة اعتبرتها الحركة “صفعة” لإدارة الرئيس دونالد ترامب، فيما رآها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “نجاحا مهما” بالنظر للفارق البسيط في عدد الأصوات بين المؤيدين والرافضين للمشروع.

وفشل مشروع القرار الذي تقدّمت به السفيرة الأميركية نيكي هايلي في الحصول على أغلبية الثلثين اللازمة لإقراره، وذلك بعد أن نجحت الكويت بأكثرية ثلاثة أصوات فقط في تمرير قرار إجرائي ينصّ على وجوب حصول مشروع القرار على أكثرية الثلثين لاعتماده، وهي أغلبية تعذّر على واشنطن تأمينها.

وأيّدت مشروع القرار الأميركي 87 دولة وعارضته 57 دولة بينما امتنعت 33 دولة عن التصويت. ولم تتمكّن واشنطن من حشد التأييد لمشروع القرار على الرّغم من الضغوط التي مارستها في الأيام الأخيرة والتي أثمرت دعماً بالإجماع من دول الاتحاد الأوروبي في تأييد نادر.

وفور سقوط مشروع القرار سارعت حماس إلى الترحيب بنتيجة التصويت، معتبرة إياها “صفعة” لإدارة ترامب. وقال الناطق باسم الحركة سامي أبوزهري إنّ “فشل المشروع الأميركي في الأمم المتحدة يمثّل صفعة للإدارة الأميركية وتأكيداً على شرعية المقاومة ودعما سياسيا كبيرا للشعب والقضية الفلسطينية”.

في المقابل اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن عدد الدول التي صوتت ضد حماس يعكس “نجاحا مهما جدا”. وقال نتنياهو في بيان إن النص لم يتم تبنيه في الجمعية العامة لكنه حصل مع ذلك على “أغلبية واسعة”.

وأضاف “إنها المرة الأولى التي تصوت فيها أغلبية من الدول ضد حماس، وأهنئ الدول الـ87 التي تبنت موقفا مبدئيا ضد الحركة”، مؤكدا أنه “نجاح مهم جدا للولايات المتحدة وإسرائيل”.

وتابع رئيس الوزراء الإسرائيلي “أشكر الإدارة الأميركية وسفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي على هذه المبادرة“. ونصّ مشروع القرار على إدانة “حماس لإطلاقها المتكرّرل صواريخ نحو إسرائيل وتحريضها على العنف معرّضةً بذلك حياة المدنيّين للخطر”.

وطالب النصّ “حماس وكيانات أخرى بما فيها حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، بأن توقف كلّ الاستفزازات والأنشطة العنيفة بما في ذلك استخدام الطائرات الحارقة”.

وقبل التصويت قالت السفيرة الأميركية نيكي هايلي إنّ الجمعيّة العامّة التي تُعتبر قراراتها غير ملزمة “لم تقُل يوماً أيّ شيء عن حماس”، منتقدةً ما قالت إنه “سياسة الكيل بمكيالين” على حساب إسرائيل.

السفيرة الأميركية نيكي هايلي جعلت من إدانة حماس قضية شخصية خاصة وأنها ستغادر منصبها قبل نهاية العام

واعتبرت هايلي أنّ “قرار (التصويت الإجرائي) يهدف إلى إعاقة” تبنّي مشروع القرار الأميركي “وأخي من الكويت يعرف ذلك جيّدا جدّا”. غير أنّ نظيرها الإسرائيلي داني دانون عبّر في المقابل عن ترحيبه بأنّه “للمرّة الأولى في تاريخ الأمم المتحدة، أيّدَ عدد قياسي من الدول مشروع قرار في الجمعيّة العامّة لإدانة حماس”.

وخلال إلقائهما كلمتَيهما، شجب مُمثّلا السعودية وإيران النصّ الأميركي. وقال ممثّل السعوديّة إنّ “إسرائيل لم تحترم يومًا قرارات الأمم المتّحدة”، بينما أكّدت ممثّلة إيران أنّ “حماس حركة شرعيّة تقاتل الاحتلال الإسرائيلي”.

وفي وقت سابق قال دبلوماسيون إنّ هايلي التي تُقدّم دعمًا غير مشروط لإسرائيل، جعلت من إدانة حماس هذه “قضيّة شخصيّة جداً” خاصة وأنها ستغادر منصبها قبل نهاية العام الجاري. ورأى أحدهم أنّها “تُريد مغادرة (الأمم المتحدة بعد إنجاز) شيء ما”.

وأضاف دبلوماسي آخر “لم يطلب أحد في واشنطن منها (هايلي) استصدار قرار في هذا الشأن”، مشيرًا إلى أنّ “المتّفق عليه حاليًا (في واشنطن) هو اعتبار أنّ الأمم المتحدة لا تُفيد في شيء وأنّ إدانة من الجمعيّة العامّة ليست ما سيحلّ المشكلة”.

وأثناء المفاوضات مع الولايات المتحدة حول مشروع القرار، لم يتمكّن الاتّحاد الأوروبي الذي كان يُطالب بالتذكير بخصائص السلام (حل الدولتين، حدود 1967، القدس…)، إلا من إضافة عبارة مبهمة إلى النصّ للتعبير عن الأمل في التوصل إلى حلّ استناداً إلى “قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة” لكن من دون تحديدها.

وفي وقت كان الفلسطينيون يعتزمون الثلاثاء إدخال تعديلات على النصّ لتفصيل هذه القرارات مع إدراج خصوصا تلك المتعلقة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ووضع القدس الشرقية أو حلّ الدولتين بالعودة إلى حدود 1967، نجح الأوروبيون الأربعاء في إقناعهم بإعداد مشروع قرار منفصل، وفق دبلوماسيين.

وأشارت المصادر نفسها إلى أن الاتحاد الأوروبي تعهد بدعم مشروع القرار الفلسطيني كما وعد بالقيام بالأمر نفسه تجاه النصّ الأميركي.

ويرى مراقبون أن حركة حماس حققت إنجازا منقوصا، بالنظر للعدد الكبير من الدول التي دعمت القرار الأميركي لافتين إلى أنه لو تم اعتماد آلية التصويت بأغلبية بسيطة لكان من الواضح أن النتيجة ستكون مختلفة.

ويشير المراقبون إلى أن على حماس أن تنظر بواقعية إلى نتيجة التصويت، التي تكشف حجم الاختراق الذي حققته إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة، مشددين على أن استمرار الحركة في نفس النهج، ورفضها الالتزام الجدي بتحقيق المصالحة الفلسطينية، كل ذلك سيؤدي إلى المزيد من عزلتها.

العرب