الصدر يفكك نفوذ المالكي في الوزارات والمحافظات

الصدر يفكك نفوذ المالكي في الوزارات والمحافظات

بغداد – يقود رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، حملة منظمة لتصفية نفوذ زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الذي شغل منصب رئيس الوزراء دورتين متتاليتين بين 2006 و2014، في مرافق الدولة.

وحرص الصدر على ألا يحصل ائتلاف المالكي على أي وزارة في حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي حتى الآن، بالرغم من تحقيقه 25 مقعدا برلمانيا خلال الانتخابات العامة في مايو الماضي.

ويقول مراقبون إن زعيم التيار الصدري يتحرك في وضع ملائم لتفكيك نفوذ خصمه اللدود المالكي، خاصة أن حزب الدعوة لم يعد في الواجهة، وقد خسر نفوذه على الحكومة بسبب الصراع بين جناحيه؛ الأول الذي يمثله المالكي، والثاني الذي يقوده رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي.

ونجح الفريق السياسي التابع للصدر، الأربعاء، في الإطاحة بمحافظ بغداد التابع للمالكي من منصبه، وتنصيب محافظ موال للخط الصدري. كما يعمل الصدر على حرمان ائتلاف المالكي، من الحصول على منصب محافظ البصرة، عاصمة العراق الاقتصادية، الذي يحتدم الصراع حوله.

وقالت مصادر سياسية لـ”العرب” إن “الصدر أبلغ حليفه في تحالف الإصلاح، عمار الحكيم، بأنه مستعد لدعم أي مرشح يقترحه لمنصب محافظ البصرة”.

ويشغل منصب محافظ البصرة حاليا، أسعد العيداني، وهو أحد مرشحي قائمة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي خلال انتخابات مايو، لكنه انشق عنه بعد فوزه بمقعد نيابي والتحق بتحالف البناء المقرب من إيران، الذي يضم ائتلاف المالكي ومنظمة بدر بزعامة هادي العامري وعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي.

وتقول المصادر إن “الصدر اتفق مع الحكيم على منع ائتلاف المالكي من الوصول إلى منصب المحافظ في بغداد والبصرة”، موضحة أن “تحالف الإصلاح يمكنه الآن توفير الأغلبية اللازمة في مجلس محافظة البصرة، لتمرير مرشح تابع للحكيم لمنصب المحافظ”.

وساند الحكيم بقوة إيصال مرشح صدري إلى منصب محافظ بغداد، بعدما حاول ائتلاف المالكي عرقلة التصويت الأربعاء.

وذكرت المصادر أن الصدر اشترط على عبدالمهدي، لدعمه في منصب رئيس الوزراء، تنفيذ بعض المطالب لقاء التنازل التام عن استحقاق الكتلة الصدرية في كابينته الوزارية، ومنحه حرية اختيار الوزراء، بينها إبعاد عدد من الضباط الموالين للمالكي عن مواقع حساسة في وزارتي الدفاع والداخلية. وكان هذا القرار فعلا من أول الإجراءات التي نفذها رئيس الحكومة بعد تسلمه مهام منصبه.

ومع أنه تنحى عن منصب رئيس الوزراء، قبل ما يزيد على الأربعة أعوام، إلا أن نفوذ المالكي ما زال قويا في بعض مؤسسات الدولة العراقية.

وشهدت ولايتا المالكي تثبيت الآلاف من الموظفين الموالين له في درجات عليا ومتوسطة بمختلف الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية. ويشيع في الأوساط السياسية مصطلح “الدولة العميقة”، في إشارة إلى أعضاء حزب الدعوة المناصرين للمالكي الذين يسيطرون على أركان الحكومة ومفاصلها الحيوية، حتى بعد تنحيه عن المنصب.

ويضغط الصدر على عبدالمهدي لتصفية هذا النفوذ في واحد من أبرز مطالبه في تشكيل الحكومة.

ويحذر قادة في تحالف الإصلاح، الذي يرعاه الصدر، من أن “الدولة العميقة” الموالية للمالكي، يمكنها إفشال حكومة عبدالمهدي كما حاولت مع حكومة العبادي ونجحت في بعض المفاصل.

ولم يعد المالكي على المستوى السياسي، حليف إيران الأهم في العراق، بعد سطوع نجم هادي العامري، وتزعمه تحالف الفتح، وهو القوة السياسية الشيعية الثانية، بعد الكتلة الصدرية، في البرلمان العراقي.

ويقول مراقبون إن “المالكي، لن يحظى بمستوى الدعم الإيراني، الذي كان يحصل عليه سابقا، في ظل وجود أطراف عراقية أخرى، يمكنها أن تلبي الرغبات الإيرانية في العراق”.

ولا يستبعد المراقبون أن تكون هذه الحملة لتصفية نفوذ المالكي مقدمة لإقصائه سياسيا وربما إحالته إلى القضاء.

ومن بين الإجراءات التي ربما تقلق المالكي كثيرا، وتجره إلى القضاء، إقرار البرلمان العراقي تشكيل لجنة مختصة بالتحقيق في أحداث سقوط مدينة الموصل العام 2014.

وتتداول أوساط سياسية تقديرات تشير إلى أن هذه اللجنة ربما تقود إلى إدانة المالكي، الذي كان رئيسا للوزراء في ذلك العام، وأصدر أوامر غريبة بسحب القطعات العسكرية أمام تقدم عناصر تنظيم داعش نحو مدينة الموصل، صيف 2014.

ويقول ساسة عراقيون إن تكليف أسامة النجيفي، السياسي المخضرم الذي ينحدر من الموصل والخصم العنيد للمالكي، برئاسة هذه اللجنة التحقيقية “لم يكن صدفة”.

العرب