الحلبوسي في السعودية لإعادة التوازن لعلاقات العراق الإقليمية

الحلبوسي في السعودية لإعادة التوازن لعلاقات العراق الإقليمية

جدّد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز دعم المملكة للعراق آملا باستعادته لمكانته في المنطقة بعد النصر العسكري المتحقّق ضدّ تنظيم داعش.

وجاء ذلك بمناسبة الزيارة التي قام بها رئيس البرلمان العراقي محمّد الحلبوسي إلى السعودية حيث كان له لقاء مع الملك سلمان بن عبدالعزيز، كممثّل رسمي للعراق ورئيس لمؤسسته التشريعية، لا باعتباره ممثلا عن مكوّن دون غيره، وهو ما حرصت على توضيحه مصادر مقرّبة من رئيس مجلس النواب العراقي.

وكشفت مصادر سياسية في بغداد، أنّ الحلبوسي أجرى قُبيل زيارة السعودية مشاورات مكثّفة مع العديد من القيادات السياسية العراقية بشأن الملفات التي سيبحثها في الرياض التي وصل إليها في وقت متأخر من مساء الأحد.

وقالت المصادر لـ“العرب” إن “مشاورات الحلبوسي شملت أيضا عقد اجتماعات مع زعامات سنية تطرّقت بشكل خاص إلى ملف إعمار المدن المحررة من تنظيم داعش”.

وتشير المصادر إلى أن “الزعامات السنية طلبت من الحلبوسي أن ينقل إلى الرياض مستوى الحاجة الكبيرة في المناطق المحررة من داعش إلى الخدمات والإعمار والاستثمار”.

ويقول سياسي مرافق للحلبوسي في زيارته إلى الرياض إن “رئيس البرلمان العراقي زار السعودية بناء على دعوة رسمية جرى إبلاغ رئيسي الوزراء عادل عبدالمهدي والجمهورية برهم صالح بتفاصيلها”. ولدى سؤاله عن وجود تنسيق بين الرؤساء الثلاثة قبل هذه الزيارة قال السياسي لـ“العرب” إن “الزيارة رسمية ولم يعارضها عبدالمهدي أو صالح”.

ويوضح السياسي العراقي أن “الرياض تتعامل مع الحلبوسي عبر القنوات الرسمية منذ تنصيبه رئيسا للبرلمان في إطار مساعيها لتعزيز العلاقات بين العراق والسعودية”.

ويعتبر الحلبوسي من القيادات السياسية السنية العراقية الصاعدة، وقد تمكّن من الوصول إلى سدّة رئاسة البرلمان عبر التحالف مع قيادات سياسية شيعية معروفة بقربها الشديد من إيران.

ولم يعلق تحالف البناء في البرلمان العراقي الذي يضمّ قوى سنية وشيعية عرفت بقربها من إيران على زيارة الحلبوسي إلى الرياض.

لكن مصادر سياسية قريبة من هذا التحالف تقول إن “البناء الذي يتزعمه هادي العامري يتفهم طبيعة الالتزامات السياسية التي تحكم أداء الأطراف السنية المنضوية تحت لوائه” في إشارة إلى حاجة هذه الأطراف الدائمة للتواصل مع المحيط العربي.

وتشير هذه المصادر إلى أنّ “طابع الزيارة الرسمي، يقطع جميع احتمالات التأويل السياسي لها”.

يتطلع العراق إلى مساعدة الدول العربية في إعادة إعمار المناطق المدمرة والتي تتجاوز فاتورة إعمارها 80 مليار دولار

وجاءت الزيارة في ظل الحساسية العالية التي تحيط بعلاقات العراق مع السعودية داخل الفضاء السياسي الشيعي القريب من إيران.

ولا تخفي قيادات بارزة في تحالف البناء غبطتها بإجهاض مشروع الإبقاء على رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي في منصبه لولاية ثانية بدفع من إيران التي لطالما اعتبرت العبادي ضمن المحور الأميركي، ولم تظهر ارتياحا لرفعه خلال فترة رئاسته للحكومة شعار إعادة التوازن للعلاقات الإقليمية للعراق والانفتاح على بلدان محيطه العربي وفي مقدّمتها السعودية.

ورغم ذلك تلمّح منظمة بدر بزعامة العامري والتي توصف بأنها رأس الرمح في التحالف السياسي القريب من طهران، باستمرار إلى حاجة العراق لعلاقة مستقرة مع السعودية تحكمها المصالح المشتركة.

واستقبل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، في مكتبه بقصر اليمامة في الرياض، الاثنين، رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي مع عدد من أعضاء المجلس.

وجرى خلال اللقاء “استعراض العلاقات الأخوية بين البلدين وآفاق التعاون الثنائي بين مجلس الشورى ومجلس النواب العراقي”.

وقال مكتب الحلبوسي، إن “اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها بما يضمن مصالح الشعبين الشقيقين، وآخر المستجدات على الساحتين المحلية والإقليمية”.

وأبلغ الحلبوسي العاهل السعودي حرص العراق “على تطوير علاقته مع محيطه العربي والإقليمي من خلال التنسيق المشترك وعلى المستويات كافة، ولا سيما على المستويين الاقتصادي والاستثماري ودعم التبادل التجاري وفتح المنافذ الحدودية وتطويرها”، مشدّدا على “أهمية أن يكون للدول الشقيقة دور في ملف إعمار العراق ولا سيما المملكة العربية السعودية بما تمتلكه من مقدّرات وخبرات ستسهم في إعادة تأهيل العديد من المدن التي تضررت بفعل الإرهاب أو تلك التي تفتقر للخدمات والبنى التحتية”.

وتقدّر الحكومة العراقية وفقا لدارسة أجراها خبراء عراقيون ودوليون الحاجة الفعلية لإعادة إعمار البلاد بـ88.2 مليار دولار على مدى 10 سنوات.

وتعرضت البنى التحتية في المحافظات الشمالية والغربية العراقية إلى دمار كبير على مدى 3 سنوات من القتال بين القوات الحكـومية وتنظيم داعـش الذي فرض سيطرته على ثلث مساحة البلاد منذ منتصف 2014.

وشكر رئيس مجلس النواب الملك سلمان بن عبدالعزيز على مبادرة المملكة في تطوير منفذ عرعر الحدودي بين السعودية والعراق وإنشاء ملعب رياضي في بغداد، وتخصيص أموال لإعادة إعمار العراق في مؤتمر الكويت.

وأكد الحلبوسي ضرورة انفتاح العراق على أشقائه العرب، وتوثيق علاقته مع الجميع بما يخدم القضايا ذات الاهتمام المشترك.

ودعا رئيس مجلس النواب العراقي إلى ضرورة تنسيق الجهود العربية من أجل تجاوز الخلافات والمشاكل عبر الحوار البناء والابتعاد عن التصعيد الذي ينعكس سلبا على أمن المنطقة واستقرارها، مثمّنا في الوقت نفسه دور الرّياض الداعم للعراق.