الأزهر والسيسي.. 4 قضايا فجرت الاختلافات

الأزهر والسيسي.. 4 قضايا فجرت الاختلافات

خلال خمس سنوات، اصطدمت آراء أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بالسلطة ومؤيديها في 4 قضايا أثارت جدلا واسعا في مصر، حتى قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، له ذات مرة على الهواء، “تعبتنا يا فضيلة الإمام”.

وظهر التباين واصطدام الآراء بين السلطة وشيخ الأزهر رغم تأييده لها، في 4 محطات بارزة.

وأبرز نقاط التصادم بين آراء شيخ الأزهر والسلطة ومؤيديها على النحو التالي:

1- الموقف المخالف

ورغم مشاركة الطيب، في مشهد 3 يوليو/ تموز 2013، برفقة 14 شخصية، حينما وقف وزير الدفاع آنذاك، عبد الفتاح السيسي، يتلو بيان عزل أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً في البلاد، محمد مرسي، من منصبه إلا أنه لم يوافق على فض اعتصام رابعة بالقوة.

ويوم فض اعتصام رابعة العدوية، قبل خمس سنوات، وعلى النقيض من كافة مؤسسات الدولة، استنكر “الطيب” فض الاعتصام، داعيا جميع الأطراف لضبط النفس وحرمة الدماء.

وأعلن الطيب، في بيان متلفز، أنه لم يكن يعلم بإجراءات فض الاعتصام إلا من خلال وسائل الإعلام صباح اليوم نفسه، مطالبا الجميع بعدم إقحام الأزهر في الصراع السياسي.

وعبر عن أسفه وحزنه إزاء وقوع عدد من الضحايا وترحم عليهم وعزّا أسرهم، مؤكدا أن استخدام العنف لا يكون أبدا بديلا عن الحلول السلمية.

بعد هذا البيان، توجه الطيب إلى مسقط رأسه في مدينة القرنة بالأقصر (جنوب)، ووقتها قال البعض إن شيخ الأزهر آثر أن يدخل في “خلوة” بعيدا عن القاهرة بعد فض الاعتصام.

وإن كان البعض الآخر، قال إنها كانت زيارة عادية يقوم بها الإمام كل شهر ليلتقي بأهله ومريديه، تصادف موعدها مع فض رابعة.

2- معارك وانتقادات

لم يترك السيسي، منذ توليه السلطة (2014) أي مناسبة إلا وتحدث عن ضرورة تجديد الخطاب الديني، محملا علماء الأزهر المسؤولية لمواجهة التطرف والطائفية.

ومطلع يناير/ كانون الثاني 2015، دعا السيسي، خلال كلمة بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي، إلى ثورة دينية للتخلص من “نصوص وأفكار تم تقديسها على مئات السنين، تعادي الدنيا كلها”.

وتابع موجها حديثه لعلماء الأزهر: “هذا الكلام أقوله هنا في الأزهر أمام علماء ورجال الدين، والله لأحاججكم أمام الله على ما أقوله حاليا، نحتاج إلى التدقيق بشدة، نحتاج إلى ثورة دينية”.

ونالت دعوة السيسي ترحيباً كبيرا من قبل نخب ثقافية وإعلامية، التي هاجمت الأزهر وخريجيه واتهمتهم بالتطرف والمغالاة.

إلا أن الأزهر تصدى لها في أكثر من مناسبة بتأكيده على ثوابت التراث الإسلامي، ورفضه المساس بها، وخرج شيخ الأزهر منحازا لهذا الموقف، والذي لم يسلمه من الهجوم أيضا..

3- عتاب ورفض علني

وفي يناير 2017، دعا السيسي، إلى إصدار قانون ينظم حالات الطلاق الشفوي، بعدما أصبحت مصر الأولى عالميا في حالات الطلاق، قائلا: “إن نسبة الطلاق في مصر كبيرة، وهناك 900 ألف حالة زواج سنويا، يتم طلاق 40 في المئة منها خلال الـ 5 سنوات الأولى للزواج”.

ووجه حديثه الى شيخ الأزهر قائلا: “هل نحن يا فضيلة الإمام بحاجة إلى قانون ينظم الطلاق بدلا من الطلاق الشفوي، لكي يكون أمام المأذون، حتى نعطي للناس فرصة تراجع نفسها، ونحمي الأمة بدل تحولها لأطفال في الشوارع بسلوكيات غير منضبطة”.

قبل أن يضيف جملته الشهيرة: “تعبتني يا فضيلة الإمام”.

وعقب اقتراح السيسي، قال الأزهر إن هيئة كبار العلماء فيه ستعكف على درس الأمر من الناحية الشرعية، فيما قالت لجنة الشؤون الدينية في البرلمان، إنها تعتزم إعداد مشروع قانون يُلبي اقتراح الرئيس.

وخلصت هيئة كبار العلماء في الأزهر، في بيان، حينها، إلى صحة “وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه، من دون اشتراط إشهاد أو توثيق”.

وفيما بدا أنه مخالفة لرأي السيسي المُعلن في تلك القضية، قالت الهيئة في بيانها، إن “العلاج الصحيح لهذه الظاهرة يكون في رعاية الشباب وحمايتهم من المخدرات بكل أنواعها، وتثقيفهم عن طريق أجهزة الإعلام المختلفة”.

إثر ذلك، شنت صحف حكومية وخاصة وبرامج تليفزيونية هجوما على الطيب، تطور إلى تهديد بعزله عبر مشروع قانون في البرلمان لإعادة هيكلة الأزهر.

قبل أن يلتقي الطيب، كلا من رئيس البرلمان علي عبد العال، والسيسي، الذي أكد خلال اللقاء أن “الأزهر، منارة الفكر الإسلامي المعتدل”، في إشارة إلى ما يبدو على عدم وجود أزمة.

4- “ضدان”

أحدث أوجه الخلاف جاءت على الهواء مباشرة خلال الاحتفال بالمولد النبوي، أواخر نوفمبر الماضي، وبدت وكأنها مبارزة كلامية بين السيسي وشيخ الأزهر.

وانحاز الطيب، للسنة النبوية في كلمته، مؤكدا أنها ثلاثة أرباع الدين، منتقدا من يهاجمها، بينما عقب السيسي قائلا: “أرجو ألا يفهم أحد كلامي على أنه إساءة إلى أي أحد”.

وأضاف السيسي: “الإشكالية في عالمنا الإسلامي حاليا ليست في اتباع السنة النبوية من عدمها”.

وتساءل: “من أساء إلى الإسلام أكثر، الدعوة إلى ترك السنة النبوية والاكتفاء بالقرآن فقط، أم الفهم الخاطئ والتطرف الشديد؟”.

وشنت صحف حكومية هجوماً على الطيب، حيث تصدرت صورته بمجلة، روز اليوسف، الحكومية، في أواخر نوفمبر 2018 تحت عنوان “الفقيه الذي عذبنا.. وهذه معاركك الحقيقية يا فضيلة الإمام”.

كما حذر وزير الثقافة الأسبق، جابر عصفور، في مقال صحيفة الأهرام (حكومية)، من “تحوّل الأزهر إلى سلطة دينية”، مضيفا: “صُدمتُ.. خطاب الرئيس وخطاب شيخ الأزهر، خطابان نقيضان في المنطلقات والدوافع والمبادئ الحاكمة على السواء”.

ووصف عصفور، خطاب السيسي، بأنه عقلاني يناقض خطاب لشيخ الأزهر يبدو رافضا للاجتهاد أو النظرة الرحبة.

وطيلة السنوات الخمس الماضية، لم يسلم الأزهر من حملات شبه مستمرة تحمل انتقادات للطيب ودور المؤسسة، رغم الأحاديث الرسمية التي تشير لعلاقات طيبة بين الرئاسة والمؤسسة الدينية الأبرز بمصر والعالم الإسلامي.

وكان أبرز تلك الخطوات المناوئة للأزهر، في أبريل/ نيسان 2017، عقب شروع البرلماني، المؤيد للسلطة، محمد أبوحامد، في التقدم بمشروع قانون إلى مجلس النواب، مدعوما بتأييد العشرات، مطالبا بتعديلات جوهرية على قانون الأزهر.

وينص الدستور على أن الأزهر هيئة مستقلة تتمتع بشخصية اعتبارية، ويظل شيخ الأزهر في منصبه حتى سن الثمانين، ثم يعود من جديد لشغل مقعده في هيئة كبار العلماء، وينتخب شيخ جديد من أعضاء الهيئة، ولا يحق لرئيس البلاد عزله أو تغييره كما كان يحدث سابقا.

وتضمنت أبرز التعديلات قواعد اختيار شيخ الأزهر، التي لا يحق لرئيس البلاد عزله، وأثار مشروع القانون ضجة كبيرة قبل أن يعلن البرلمان على لسان رئيسه، علي عبد العال، تجميده بقوله “صفحة وطويت” بعد لقاء مع الطيب في مايو/ أيار 2017.

الأناضول