أوروبا وبتكوين.. دول تتطلع للريادة وأخرى تشدد الخناق

أوروبا وبتكوين.. دول تتطلع للريادة وأخرى تشدد الخناق

لم يحسم الاتحاد الأوروبي أمره بعد بشأن تداول العملات الرقمية المشفرة، فبعض دوله تتطلع للتحول إلى مركز عالمي متقدم لهذه العملات، مقابل سعي دول أخرى إلى إصدار قواعد مشددة لحصار بتكوين وأخواتها، ودعوة مؤسسات اقتصادية أوروبية مؤثرة إلى حظر تداول العملات الافتراضية، في حين تستعد بورصة شتوتغارت الألمانية لإطلاق هذا التداول العام المقبل.

وطالب البرلمان الأوروبي في توصية أصدرها قبل أيام المفوضية والمصرف المركزي الأوروبيين بتحديد التهديدات المالية المحتملة للمتعاملين الأوروبيين نتيجة الانهيارات الأخيرة في أسعار بتكوين وغيرها من العملات الرقمية، ودراسة إمكانية إدماج هذه العملات بأنظمة الدفع المالي الأوروبية.

دعوة للحظر
تزامنت هذه المطالبات مع دعوة الرئيس التنفيذي لمجموعة أليانز الألمانية العملاقة للتأمين أندرياس أوترمان سلطات الإشراف على أنظمة التمويل العالمية لحظر تداول بتكوين وأخواتها.

وعبر أوترمان -الذي تدير مجموعته أكبر أصول مالية في أوروبا- عن استغرابه من عدم تدخل أجهزة الرقابة المالية والمشرعين بالعالم بقوة في موضوع العملات الرقمية وحظرها، وقال إن الأصول المشفرة دمرت مدخرات الناس بأجواء كساد وسوق هابطة خلال عام.

وفي إحدى الندوات أعلن رئيس الهيئة البريطانية لمراقبة السلوك المالي أندرو بيلين تشكيل حكومة بلاده فريق عمل لدراسة فوائد ومخاطر العملات المشفرة.

ورأى بيتر كوفنر مدير شركة ألمانية استشارية بتقنية بلوك تشين التي تعمل بموجبها العملات الرقمية أن الدعوات لحظر بتكوين وغيرها من العملات المشفرة تعكس عدم إدراك أن هذه العملات لا يمكن حظرها من الناحية البروتوكولية، لأنها صممت بطريقة خاصة لتكون عملة مقاومة للرقابة وبعيدة عن التأثيرات الخارجية للحكومات.

وقال كوفنر للجزيرة نت إن العملات الرقمية تمثل أداة لتسجيل وتخزين التعاملات المالية، وهي مفتوحة لمستخدميها وتتيح لهم مستوى شفافية غير مسبوق وغير ممكن بالمعاملات المالية التقليدية.

وذكرت دراسة اقتصادية ألمانية أن حجم التداول بالعملات الافتراضية في أوروبا خلال عام 2018 ناهز حجم مبيعاتها بأميركا وآسيا معا، حيث بلغ 4.1 مليارات دولار مقابل 2.3 مليار دولار في الولايات المتحدة و2.1 مليار بآسيا.

وتوقع خبراء أسواق المال تحول بتكوين وأخواتها إلى واقع طبيعي مثل البريد الإلكتروني في الأنظمة المالية الأوروبية.

وانتشرت هذه العملات في أوروبا على نطاق واسع شمل -إضافة إلى المعاملات المالية- صناعات السيارات والدواء والطاقة والمرافق العامة.

تحذير
وتوقع رئيس مجموعة الشركات الناشئة في برلين كريستوف غيرلينغر تزايد المشروعات المؤسسة على التقنيات المالية الرقمية والعملات المشفرة، وأشار إلى أن الثورة المفترضة بهذا المجال في طور التشكل ولم تحدث بعد.

بالمقابل، حذر المحلل المالي في مصرف “دويتشه بنك” يوخين موبرت من الإفراط في التوقعات بشأن العملات المشفرة، وقال إن سلسلة طويلة من هذه العملات ماتت في مهدها، وعملات مماثلة أسسها مستثمرون شبان طامحون بمهارة كبيرة لم تحقق تقدما ملموسا.

وتباينت المساعي الأوروبية تجاه تطوير آلية للتعامل مع العملات المشفرة، ففي أبريل/نيسان الماضي أسست 26 دولة أوروبية (25 عضوا بالاتحاد الأوروبي والنرويج) شراكة “بلوك تشين” للتعامل المالي الرقمي.

وتركز هذه الشراكة على التعاون في الأمن السيبراني وحماية البيانات وكفاءة الطاقة وقابلية التشغيل.

وحذر المصرف المركزي الأوروبي مرات عدة من مخاطر الاستثمار في العملات الرقمية وشبهها بالهوس بشراء زهرة التيوليب العثمانية في القرن الـ17.

لكن رئيس البنك ماريو دراغي استبعد تهديد العملات المشفرة اقتصاد منطقة اليورو أو سيطرة المصارف المركزية الأوروبية على الأموال.

وواجهت محاولات ألمانيا وفرنسا طوال العام الجاري لفرض قواعد مشددة لحصار بتكوين والعملات المشفرة الأخرى وضبط التعامل فيها معارضة من دول أوروبية صغيرة، من بينها لوكسمبورغ ومالطا وقبرص التي رأت في هذه الضوابط تهديدا لتطلعاتها كمركز مستقبلية لهذه العملات.

ضرائب وبورصة
من جهتها، أبدت فرنسا تجاوبا في التعامل مع العملات الرقمية، حيث افتتح بعاصمتها باريس عام 2014 أول مركز لبتكوين في أوروبا، وتم السماح بتداول هذه العملة في متاجر بيع التبغ الفرنسية.

بالمقابل رفض البرلمان الفرنسي أربع مرات -آخرها هذا الأسبوع- خفض الضرائب على أرباح تداول العملات الرقمية من 37% إلى 30%.

وعلى الرغم من التراجع الكبير بأسعار العملات الافتراضية خلال هذا العام أعلنت بورصة شتوتغارت -ثاني أكبر بورصات ألمانيا- عزمها إدراج عملتي بتكوين وإيثريوم ضمن عروضها بدءا من العام المقبل.

وأوضحت البورصة التي يبلغ حجم تداولها السنوي مئة مليار يورو أنها ستنفذ مشروع طرح العملتين المشفرتين للتداول بالتعاون مع بنك سولاري الذي يعتبر أول بنك أوروبي متخصص في المعاملات الرقمية الكاملة.

المصدر : الجزيرة