الربط الخليجي ينهي ارتهان العراق لإمدادات الكهرباء الإيرانية

الربط الخليجي ينهي ارتهان العراق لإمدادات الكهرباء الإيرانية

يسعى العراق، أحد أكثر الدول حرّا في العالم، إلى إجراء إصلاحات طال انتظارها في كافة القطاعات، رغم شكوك الأوساط الاقتصادية والشعبية في جدواها، ولا سيما في ما يتعلق بإنتاج الكهرباء لإنهاء الارتهان لإيران، التي حاولت طيلة 15 عاما طمس معالم اقتصاد جارتها.

بغداد – تتسارع تحركات العراق لوضع خطة طويلة المدى لتوفير الكهرباء من مصادر بديلة مع بداية العد التنازلي لانتهاء المهلة الأميركية لحصول الدولة النفطية على إمدادات الكهرباء من إيران، والمقررة في العشرين من الشهر الجاري.

وتأمل بغداد في توفير كميات الميغاواط الكافية لتغطية الاحتياجات بحلول الصيف المقبل، حين يتأثر السكان بانقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 20 ساعة يوميا.

وكانت وزارة الكهرباء قد قالت الشهر الماضي، إنها تدرس خيارات عدة في قطاع الكهرباء المدمر، تشمل ترميم محطات وخطوط لتقليص الهدر واستيراد الطاقة من دول أخرى، وتحسين عملية الجباية لتعزيز الإيرادات.

ومن بين الخطط المطروحة هو اللجوء إلى دول الخليج لتوفير الإمدادات خاصة وأن وزارة الكهرباء حددت سقفا زمنيا للاستقلال عن الكهرباء الإيرانية بحلول منتصف العام المقبل، مع الإسراع في حل المشكلات المتراكمة منذ عقد من الزمن.

وقبل بداية العام الجديد بأيام، وجهت وزارة الكهرباء، طلبا إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بشأن أعمال اللجنة المشكلة لتنفيذ خطة العمل المشتركة الرئيسية للتعاون بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي في هذا المضمار.

واقترحت الوزارة في الوثيقة إمكانية مد خطين للضغط الفائق كمرحلة أولى من شبكة الربط الخليجي لتغذية مناطق معزولة في محافظة البصرة كمرحلة أولى، والاستفادة من شراء الكهرباء وفق أسعار السوق الخليجية التفاضلية.

كما طالبت استغلال الخطين المقترحين، لتنفيذ ربط منظومة الجهد المستمر مع المنظومة التابعة لدول الخليج من تركيا إلى أوروبا عبر العراق.

وتشير الوثيقة إلى أن هذه الطريقة تمكن لأوروبا استيراد الكهرباء من دول من بينها العراق في فترة الشتاء، حيث يتوفر فائض في القدرة، الأمر الذي سيعود بالفوائد المالية للعراق.

وستتيح هذه الخطة، وفق ما ذكرته الوثيقة، إمكانية نقل الفائض من جنوب العراق لمناطق الشمال والوسط بسبب وفرة الوقود.

وتقود السعودية والإمارات مسار إعادة إحياء العلاقات الخليجية مع العراق، الذي لا يزال يعاني اقتصاده من دمار كبير منذ الغزو الأميركي في 2003 وظهور الجماعات الإرهابية وتفشي الفساد في مفاصل الدولة خلال تولي الحكومات المتعاقبة على السلطة بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق صدام حسين.

وحتى اليوم، يستورد العراق ما يصل إلى 28 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي من إيران لمصانعه، كما يشتري بشكل مباشر 1300 ميغاواط من الكهرباء الإيرانية.

ووفق التقديرات، يعوم العراق على 153 مليار برميل من احتياطات النفط الخام، لكنه يحتاج إلى غاز ووقود أعلى جودة لتشغيل معامل الطاقة.

ويقر الناطق باسم وزراء الكهرباء مصعب المدرس أنه إلى حين يتمكن العراق الاستغناء عن الكهرباء الإيرانية عبر امتلاك القدرة على استخراج غازه أو استثمار الغاز المحروق خلال استخراج النفط، فهو يظل يحتاج إلى الغاز الإيراني.

ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية للمدرس قوله إنه “باستخدام الوقود المحلي إلى جانب الغاز الإيراني يمكن للعراق أن ينتج نحو 16 ألف ميغاواط من الكهرباء”.

ولكنه أكد أن هذا الإنتاج أقل بكثير من الحاجة، التي تبدأ بنحو 24 ألف ميغاواط وتصل إلى 30 ألفا في الصيف مع وصول الحرارة إلى 50 درجة مئوية.

1.1 مليار دولار خصصها العراق في موازنة 2019 لسداد فواتير متأخرة لإيران عن واردات الغاز

ومعظم هذا النقص تقني، إذ أن العراق حين ينقل الطاقة، يضيع ما بين 30 إلى 50 بالمئة منها في البنية التحتية الضعيفة، بحسب معهد الطاقة العراقي، ذلك أن بعضها مر عليها الزمن، ولكن هناك خطوطاً وأنابيب ومحطات تعرضت أيضا لهجمات من تنظيم داعش المتطرف.

ولكي تعيد إعمار الشبكة المدمرة، وقعت وزارة الكهرباء قبل أسابيع اتفاقيتين مع شركتي سيمنز الألمانية بقيمة 10 مليارات دولار وجنرال إلكتريك الأميركية بقيمة 15 مليار دولار.

ويمكن لذلك أن يضيف ما يصل إلى 24 ألف ميغاواط خلال السنوات الخمس المقبلة، وقد يتجاوز ذلك ليصل إلى 40 ألف ميغاواط.

وطلب وزير الكهرباء الجديد لؤي الخطيب من سيمنز وجنرال إلكتريك خطط “مسار سريع” لتعزيز توليد الطاقة بحلول الصيف.

وتبحث بغداد عن طرق لتمويل تلك الجهود، منها صفقة تمويل بقيمة 600 مليون دولار بين جنرال إلكتريك ومصرف التجارة العراقي وستاندرد تشارترد، التي أعلن عنها نهاية نوفمبر الماضي.

ويلفت الناطق باسم الوزارة إلى مبادرة وزارية أخرى، تتضمن استبدال الطاقة الإيرانية بواردات من دول مجاورة أخرى، بما في ذلك 300 ميغاواط من كل من تركيا والأردن والكويت، إضافة إلى الطاقة الشمسية السعودية.

ورغم كل الجهود التي تبذلها بغداد لا تزال هناك عقبات، بما في ذلك فواتير متأخرة لإيران عن واردات سابقة. وقد تم تخصيص 800 مليون دولار في موازنة 2019 لسدادها، ونحو 350 مليون دولار للدفع النقدي بدل الكهرباء الإيرانية.

العرب