حريق في دار للمشرّدات يكشف سوقا منظمة للدعارة في العراق

حريق في دار للمشرّدات يكشف سوقا منظمة للدعارة في العراق

الفساد والجريمة في العراق أصبحا عاملين متلازمين ولصيقين بتراجع الدولة العراقية في مختلف المجالات، ليس فقط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية، ولكن الثقافية والأخلاقية أيضا رغم أن الأحزاب الممسكة بزمام الحكم ترتدي لبوسا دينيا.

بغداد – كشف حريق اندلع في دار لإصلاح النساء المشردات ببغداد، عن شبكة منظمة للدعارة، يديرها “ضباط فاسدون”، بالتعاون مع “موظفين حكوميين”، وفقا لمصادر مطّلعة.

وقالت المصادر، لـ“العرب” إن “حريقا اندلع فجر الجمعة، في دار للنزيلات المشردات ببغداد، أسفر عن مصرع ست نساء، وإصابة أخريات بحروق واختناقات”.

وأضافت أن “الحريق، اندلع بعد شجار بين عدد من النزيلات، وموظفين في الدار، متورطين في إدارة شبكة دعارة تقدم خدمات جنسية لساسة وتجار، لقاء مبالغ مالية”.

وتوضّح المصادر أن “الشجار بين النزيلات والموظفين اندلع فجر الجمعة خلال عملية اقتسام عائدات أعمال دعارة تم تنفيذها خلال أعياد رأس السنة في بغداد”، حيث “شهدت الدار نشاطا كبيرا خلال الأسبوع الماضي، بسبب الطلب المتزايد على النساء”.

ومضت المصادر تقول إن “الشجار تطور كثيرا عند تعرّض بعض النزيلات إلى الطعن، فيما لجأت أخريات إلى رش مادة سريعة الاشتعال على أجسادهن وأضرمن النار فيها”. وحتى مساء الجمعة، حاولت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي تملك حق إدارة الدار التكتم على تفاصيل الموضوع، فيما قالت المصادر إنّ “موظفين في الدار يستخدمون علاقاتهم بمسؤولين متنفذين للملمة الفضيحة”.

وتؤكّد المصادر أنّ “ضباطا فاسدين، قادوا حملة في بغداد والمحافظات، لجمع المشردات أو الهاربات من قضايا عشائرية، وزجّهن في الدار للاتجار بهنّ”، مشيرة إلى أن “العديد من النزيلات، أجبرن على ممارسة الدعارة قسرا”.

ولم تستبعد المصادر، أن تتأثر التحقيقات التي تجريها وزارة الداخلية العراقية في هذه الفضيحة، بنفوذ شخصيات سياسية أو حزبية.

ومثّلت الحادثة صدمة جديدة للأوساط الإعلامية والسياسية العراقية، لكونها تمثّل مظهرا آخر عن استشراء الفساد والفوضى في البلاد.

وعلّق مصدر عراقي على الحادثة بالقول إنّها “صادمة من جهة كونها قد وقعت في دولة تُدار من قبل أحزاب إسلامية، تسعى إلى التغطية على نشاطها بأقنعة دينية. غير أن ماكنة الفساد التي لا تزال تعمل بكامل طاقتها في العراق لم تكن عبر السنوات التي تلت عام 2003 معنية بالحدود التي يمكن أن تقف بينها وبين استمرارها في العمل. وهو ما تكشف عنه وقائع تبدو خارجة على السياق المحافظ التي تحاول السلطة التستر به والعمل من خلاله على خنق الحريات العامة”.

وأضاف ذات المصدر قوله “يبدو أنّ العمل على توسيع سوق الدعارة والاتجار بالنساء المشرّدات هو جزء مما يُشاع عن سيطرة أحزاب دينية بعينها على النشاط المتعلق بالملاهي الليلية والاتجار بالخمور من غير أن يتم التطرق إلى سوق المخدرات التي تُدار من قبل شبكات إيرانية وعراقية. فعلى سبيل المثال إنّ تلك الأحزاب حاولت مرات عديدة أن تمنع تعاطي الخمور من غير منع الاتجار بها وهو ما يعني قيام سوق سوداء مختصة بذلك المجال، الأمر الذي ييسر للأحزاب المتنفذة الإشراف على تلك السوق”.

وختم بالقول “إن التكتم على ما جرى في دار النزيلات المشردات إنما يجسد الطريقة التي تتعامل من خلالها الحكومة العراقية مع الكثير من الأحداث التي تضرب المجتمع في صميم وجوده الإنساني والأخلاقي. وهو سلوك يشير إلى قوة الجهات التي تقف وراء تلك الوقائع وسعة نشاطها الإجرامي”.

العرب