بومبيو يحذّر بغداد من خطورة أي تشريع برلماني يمس القوات الأميركية

بومبيو يحذّر بغداد من خطورة أي تشريع برلماني يمس القوات الأميركية

أبلغت الولايات المتحدة العراق، بشكل رسمي، أن أي خطوة لتشريع قانوني برلماني يجبر القوات الأجنبية على الخروج من هذا البلد، ستسبب ضررا بالغا للعلاقات بين الطرفين. لكن موازين القوى في البرلمان العراقي تجعل من بقاء القوات الأميركية أمرا صعبا.

وقال سياسي عراقي بارز لـ”العرب”، إن “هذا البلاغ نقل على لسان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى القيادة السياسية العراقية، لدى زيارته بغداد الأسبوع الماضي”.

وجاء الموقف الأميركي ردا على مساع تقودها أحزاب سياسية عراقية قريبة من إيران، لتشريع قانون برلماني يلزم الحكومة بالطلب من جميع القوات الأجنبية، بما فيها الأميركية، مغادرة العراق بحلول العام 2020.

ووفقا لنواب تحدثوا مع “العرب”، فإن رئيس كتلة عصائب أهل الحق النيابية في البرلمان العراقي، عدنان فيحان، هو من يقود الحوارات مع أطراف برلمانية مختلفة لإقناعها بدعم جهود تمرير هذا القانون، الذي سيتحوّل لاحقا إلى منصة لحلفاء إيران في بغداد، بهدف مطالبة الحكومة العراقية بإخراج القوات الأميركية من البلاد.

وتريد عصائب أهل الحق أن تستخدم هذا المشروع مادة رئيسية في الدعاية الانتخابية التي ستسبق اقتراعا محليا يفترض أن يجري قبل نهاية العام الحالي.

وحققت الحركة المدعومة من إيران مكاسب سياسية عريضة خلال الاقتراع العام في مايو الماضي، عندما طورت مقعدا برلمانيا واحدا في الدورة الماضية إلى 15 مقعدا في الدورة الحالية.

وتعتقد الحركة التي يقودها رجل الدين المتشدد قيس الخزعلي، الذي تقول الولايات المتحدة إنه متورط في عمليات عنف استهدفت قواتها في العراق، أن بإمكانها الاستحواذ على جانب من المجالس المحلية في عدد من المحافظات العراقية، ما يساعدها في مشروع التوسع السياسي الذي بدأته في أعقاب خروج القوات الأميركية من العراق العام 2011.

وتقول الحركة إن هذا المشروع لا يستهدف القوات الأميركية بالتحديد، بل القوات الإيطالية الموجودة في سدّ الموصل لتأمين بعثة مساعدات لوجستية، والقوات التركية الموجودة قرب الموصل منذ دخول داعش إلى العراق صيف 2014.

ومن شأن بدء المناقشات العلنية لمشروع قانون إخراج القوات الأجنبية من العراق، أن يشكل حرجا بالغا لمعظم الأطراف السياسية التي تعمل خارج العباءة الإيرانية.

ويقول مراقبون إن الحملة الإعلامية المناهضة للوجود العسكري الأميركي في العراق المستمرة منذ شهور بمشاركة منصات مملوكة لأحزاب سياسية موالية لإيران، تضعف جانب الممانعة لأي تشريع قانوني في هذا الصدد، لا سيما على مستوى الشارع الشيعي.

وعمليا، لا يمكن لأي فصيل سياسي شيعي في العراق أن يعترض على قانون يلزم القوات الأجنبية بالخروج من البلاد، لأن الضريبة الانتخابية لمثل هذا الموقف يمكن أن تكون قاتلة.

وعلى مستوى الشارع السني، تبدو الكتلة المحسوبة على إيران في البرلمان العراقي، وكأنها تهيمن على قرار المجموعة السياسية التي تمثلها. وفي أفضل الأحوال، وفقا لتقديرات ساسة ومتابعين، ستلتزم معظم الجماعات السياسية السنية بالصمت إزاء الحراك المدعوم إيرانيا لتشريع قانون إخراج القوات الأجنبية من العراق.

Thumbnail
ويعول الأميركيون على ممانعة كردية فقط لمثل هذا المشروع، في ظل الانتعاش الجديد الذي تشهده العلاقات بين أربيل وواشنطن، في أعقاب فتور في العلاقات استمر شهورا إثر إجراء الأكراد استفتاء للانفصال عن العراق.

وعندما أرادت الولايات المتحدة سحب عتاد ومعدات عسكرية من سوريا، كانت أربيل وجهتها الأولى حيث حظيت هناك بالترحيب.

ويعتقد مراقبون أن الولايات المتحدة في حال لم تنجح في ثني العراق عن تشريع قانون إخراج القوات الأجنبية، فإنها ستضطرّ إلى تجميع وجودها العسكري على الأراضي العراقية في أربيل، والمناطق الكردية القريبة منها.

وباستثناء الضغط السياسي، لن يكون بمقدور الولايات المتحدة الامتناع عن الامتثال لما يتضمنه تشريع صادر عن البرلمان العراقي وفقا لدستور البلاد، لأن هذا سيعرض وجودها العسكري في العراق إلى مخاطر جمة، لا سيما إذا اكتسبت الفصائل المسلحة الموالية لإيران غطاء قانونيا.

ويقول مراقب سياسي عراقي في تصريح لـ”العرب” إن ما تتوقعه الولايات المتحدة هو أن تبدأ إيران حربها الدفاعية من بغداد وذلك من خلال تأسيس قاعدة قانونية تحول بين جنودها وحرية الحركة في العراق هذا إذا لم تنجح في استصدار قانون ينص على عدم شرعية وجود قوات أجنبية على الأراضي العراقية، وهو ما يمكن أن يكون موضع خلاف بين حكومة عادل عبد المهدي ومجلس النواب الذي يميل غالبية أعضائه إلى إيران، بنسب متفاوتة.

ولا يظهر تحالف الإصلاح الذي يتزعمه مقتدى الصدر ولاءه لإيران غير أنه في حال المفاضلة بينها وبين الولايات المتحدة سيميل إليها، وهذا يعني أن ليس لواشنطن من أصدقاء في مجلس النواب وهو ما كان عليها أن تحتاط له في وقت سابق.

ويشير المراقب إلى أن الحكومة العراقية ستكون حذرة في التعامل مع هذا الملف الشائك الذي لا تستطيع تأجيل النظر فيه في ظل الضغوط التي تمارسها تيارات متطرفة في ولائها لإيران مثل ميليشيا عصائب أهل الحق التي يحاول زعيمها أن يضعها رأس حربة للدفاع عن إيران في مواجهة الولايات المتحدة بعد أن صنفته وعددا من أعضاء حركته باعتبارهم إرهابيين.

ولكن في إمكان الحكومة الالتفاف على أي تشريع يصدر من مجلس النواب في ذلك الشأن من خلال العودة إلى المعاهدة الأمنية التي تجيز للعراق طلب المساعدة من الولايات المتحدة من أجل التصدي للإرهاب. وقد يكون بومبيو قد حث الحكومة العراقية على القيام بذلك أثناء زيارته الأخيرة.

ويعتقد المراقب العراقي أن إيران صارت تتوقع البدء بتنفيذ السيناريو الأسوأ في حال قررت الولايات المتحدة إتمام العقوبات الاقتصادية بضربة عسكرية وهو ما دفع وزير خارجيتها محمد جواد ظريف إلى زيارة العراق وعرض الخيارات المتاحة من أجل إعاقة تلك الضربة.

العرب