تحركات فرنسية للحد من تأثير الانسحاب الأمريكي من سوريا

تحركات فرنسية للحد من تأثير الانسحاب الأمريكي من سوريا

يبدو أن فرنسا تحاول الحد من تأثير الانسحاب المُعلن للقوات الأمريكية من سوريا، على الحرب ضد الإرهاب في المنطقة، وذلك عبر الرّهان على العراق، التي زارها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يومي الاثنين والثلاثاء المُنصرميْن.

فخلال زيارته إلى العراق، التي بدأها بلقاء مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي– عاش في فرنسا لفترة طويلة- والرئيس برهم صالح؛ اعتبر جان-إيف-لودريان أن العراق يُمثّل “محور وقطب توازن”، مُذكّراً أن الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” لم تنته بعد.

وأضاف الوزير الفرنسي عقب محادثاته مع نظيره العراقي علي الحكيم، أن “هناك عودة حقيقية للعراق وأن باريس تأمل في أن يستعيد مركزيته الإقليمية”. بدوره، عبر الوزير العراقي عن رغبة بغداد في تعاون أوثق مع باريس في مجال مكافحة الإرهاب على المستويين العسكري والاستخباراتي، داعياً الشركات الفرنسية الكبرى إلى العودة إلى الاستثمار في بلاده، التي أقرضتها باريس ملياري يورو على مدى أربع سنوات للمساعدة في إعادة البناء.

وبحسب مراقبين فرنسيين، فإن رحلة رئيس الدبلوماسية الفرنسية من بغداد إلى أربيل ثم النجف على مدار يومين، تعكس مدى الأهمية التي توليها باريس لعلاقاتها مع العراق واستقرار هذا البلد، الذي كان من المقرر أن يزوره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في نهاية شباط/ فبراير. لكنّ هذه الزّيارة إلى بغداد والتي طال انتظارها تأجلت بسبب انشغال ماكرون بـ”الحوار الوطني الكبير” الذي أثارته أزمة “السترات الصفراء”.

وقالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، إن الانسحاب المفترض للقوات الأمريكية من الأراضي السورية، سيعطي دوراً حاسماً للعراق كقاعدة خلفية ضد تنظيم الدولة “داعش”؛ ناهيك عن أن عاصمتَه بغداد تبدو في طريقها إلى أن تصبح لاعباً دبلوماسياً رئيسياً في الساحة الإقليمية.

باريس تسعى للحد من تأثير الانسحاب الأمريكي من سوريا وتراهن على بغداد لمحاربة الإرهاب

“لوموند”، أضافت أنّ بإمكان بغداد تصبح “قطب توازن” في منطقة الشرق الأوسط، كونها العاصمة الإقليمية الوحيدة التي تحافظ على علاقات جيدة مع جميع الجهات الفاعلة: طهران والنظام السوري ولكن أيضا المملكة العربية السعودية، مع بقائها مرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية التي تحافظ على حوالي خمسة آلاف رجل على الأراضي العراقية.

وكدليل على الأهمية الدبلوماسية المتزايدة للعراق في الآونة الأخيرة، تحولت عاصمته بغداد على مدار يومين إلى “باليه” دبلوماسي كبير، مع زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، ومن بعدها زيارة العاهل الأردني عبد الله الثاني، التي تُعد الأولى له إلى العراق منذ عشر سنوات.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن خلال زيارته لقواته في بغداد ، بعد بضعة أيام من إعلانه الانسحاب الأمريكي من سوريا؛ أعلن أن بلاده لم تعد تريد أن تكون “دركي العالم”، ملوّحاً في الوقت نفسه إلى أنّ العراق سيبقى القاعدة الخلفية للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة “داعش”.

ومن المفترض، أن يَعقد التحالفُ الدولي ضد تنظيم الدولة “داعش” اجتماعاً في فبراير/ شباط القادم بواشنطن، لتحديد ما يجبُ فعله في المستقبل. ولكن في انتظار ذلك، شدد وزيرُ الخارجية الفرنسي- جان ايف لودريان- على أن بلاده باقية في العراق، حيث لايزال ينتشرُ حوالي 350 جندياً فرنسياً في العراق، ومعهم بنادق قيصر طويلة المدى التي تطلق النار من الأراضي العراقية صوب آخر جيوب لتنظيم الدولة في سوريا، ومن ناحية أخرى لتدريب قوات النخبة العراقية.

وخلصت صحيفة “لوموند” إلى أن الحكومة الفرنسية تُعوّل أكثر على الورقة العراقية التي تشير إلى التقدم الحقيقي في الأشهر الأخيرة نحو سياسة “شاملة” تجاه جميع الأقليات في البلاد، و التي ترى باريس أنها هي وحدها “القادرة على ضمان الاستقرار وإعادة الإعمار وبالتالي تحقيق نصر دائم على الإرهابين”.

القدس العربي