القمة الاقتصادية أضرّت بلبنان وفشلت في علاج التصدّع العربي

القمة الاقتصادية أضرّت بلبنان وفشلت في علاج التصدّع العربي

بيروت – عكس مشهد القمة الاقتصادية العربية الرابعة التي أنهت أعمالها في العاصمة اللبنانية حالة التصدّع داخل منظومة العمل العربي المشترك وطرحت أسئلة حول الضعف الذي تعاني منه المنطقة العربية أمام الأجندات الواضحة لكل من إسرائيل وتركيا وإيران داخل هذه المنطقة.

وشارك على مستوى الزعماء بقمة بيروت إلى جانب الرئيس اللبناني ميشال عون، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، فيما مثلت باقي الدول برؤساء حكومات أو وزراء. وغابت سوريا عن القمة، بسبب عدم توجيه دعوة رسمية لها، من قبل جامعة الدول العربية التي علقت عضوية دمشق عام 2011.

واعتبر مراقبون سياسيون أن القمة أضرت بلبنان أكثر مما أفادته، ليس بسبب الحضور الضعيف للزعماء العرب فقط، بل لأنها لم تقدم دعما معنويا وسياسيا يحتاج إليه لبنان لمساعدته على تشكيل حكومته، كما أنها كشفت عن هشاشة وضع البلد الداخلي وانقسامه إزاء استحقاق عربي يجري على أراضيه.

وتقدم الرئيس عون بمبادرة ترمي إلى اعتماد استراتيجية إعادة الإعمار في سبيل التنمية، داعيا إلى وضع آليات فعالة وفي مقدمها تأسيس مصرف عربي لإعادة الإعمار والتنمية يتولّى مساعدة جميع الدول والشعوب العربية المتضرّرة على تجاوز محنها ويسهم في نموها الاقتصادي المستدام”.

الكويت تقترح إنشاء صندوق للاستثمار التكنولوجي برأسمال 200 مليون دولار

وأعلن نائب رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الصباح، عن مبادرة لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، تقضي بإنشاء صندوق للاستثمار في المجالات التكنولوجية.

وقال الشيخ صباح في كلمة له، إن رأسمال الصندوق المقترح 200 مليون دولار، يشارك فيه القطاع الخاص للبلدان العربية، “بينما تبلغ حصة الكويت منه 50 مليون دولار”.

ولم يشر المسؤول الكويتي إلى أي تفاصيل بشأن جنسية الصندوق ومقره، والمناطق الجغرافية التي تغطيها أنشطته المستقبلية.

وأعلنت قطر عن ضخ استثمارات في الصندوق المقترح بقيمة 50 مليون دولار، من إجمالي 200 مليون إجمالي قيمة رأسماله، في محاولة منها لتشكيل أي حضور في فعاليات القمة إثر المقاطعة الخليجية لها.

وفيما لم يعوّل المراقبون كثيرا على مضمون هذه القمة وبيانها الختامي، توقف هؤلاء عند حالة المقاطعة التي انتهجها الزعماء العرب لقمة بيروت كمؤشر حاد على موقف عربي شبه رسمي ضد بيروت إثر الظروف التي اضطرت ليبيا إلى رفض المشاركة في القمة، وكعلامة من علامات الاستياء من تأثر النظام السياسي اللبناني بالسطوة الإيرانية التي يمثلها أتباعها في لبنان.

وتطرق الرئيس اللبناني في كلمته إلى غياب تمثيل القادة العرب. وقال “نأسف لعدم حضور الإخوة الملوك والرؤساء ولهم ما لهم من عذر لغيابهم”.

ويعبر غياب الزعماء العرب عن عدم رغبة في تناول مسألة غياب سوريا في عاصمة عربية تسعى دمشق لإعادة نفوذها إليها.

وحث الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط، لبنان على احتواء أزمة حرق العلم الليبي على أراضيه قبل أيام، والذي تسبب في غياب طرابلس عن فعاليات القمة.

وقال أبوالغيط في كلمته “أشعر بالحزن والأسف لعدم مشاركة ليبيا في قمة بيروت وأثق في حكمة الرئيس اللبناني ميشال عون، في احتواء الأزمة”.

والاثنين الماضي، أعلنت حكومة الوفاق الوطني الليبية عدم مشاركتها بالقمة، بعد انتشار مقطع فيديو “مسيء” وثّق عملية تمزيق العلم الليبي، وإنزاله من طرف بعض مناصري حركة “أمل” الشيعية اللبنانية، تعبيرا عن رفضهم لدعوة طرابلس لحضور القمة.

وعبرت مقاطعة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري للقمة احتجاجا على استمرار تعليق عضوية سوريا داخل جامعة الدول العربية عن حالة توتّر داخل أركان السلطة في لبنان كما عن لجوء دمشق وطهران إلى سلوكيات عدائية ضد الجامعة العربية من خلال أدواتها.

وتزايدت دعوات السياسيين اللبنانيين لعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم بعد نجاح الرئيس بشار الأسد في استعادة سيطرته على معظم أراضي البلاد بمساعدة إيران.

وقبيل انعقاد القمة تركزت نقطة الخلاف الرئيسية في المنطقة على ما إذا كانت عودة سوريا إلى الجامعة العربية موضع ترحيب وذلك بعد أكثر من سبع سنوات على تعليق عضويتها.

وقال وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم، إن هناك اتصالات متعددة الأطراف “ثنائية وثلاثية ورباعية” ومداولات تجري لإلغاء قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية.

وكان رئيس القمة العربية الثالثة رئيس الوفد السعودي وزير المالية محمد بن عبدالله الجدعان قد لفت في كلمته إلى أنّ السعودية ستطرح دورية انعقاد القمة، بسبب التطورات في المجالات التنموية والاقتصادية السريعة، لذا ستعيد السعودية طرح دمج هذه القمة في القمة العادية للجامعة العربية نظرا لأهمية الاقتصاد والتنمية.

وظهر أن التباين ما زال مستمرا بين المنظومة السياسية العربية وموقف الرئيس اللبناني ميشال عون حول قضية اللاجئين السوريين. وبدت لهذا التباين وجوه داخلية. فقد أعاد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق، عبر حسابه على موقع تويتر، نشر تصريحات وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي بموضوع النزوح السوري والتي طالت وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، حيث جاء في تغريدتين على حساب المرعبي “كل ما يصدر عن باسيل بموضوع النزوح السوري لا يمثل سياسة الدولة اللبنانية”.

وكانت بعض المعلومات نقلت أن باسيل طالب بإزالة عبارة “الطوعية” عن أي نص في البيان الختامي يتعلق بعودة اللاجئين.

وتقول الأمم المتحدة إنه لا يزال من السابق لأوانه تحقيق العودة الآمنة للنازحين السوريين. وحذرت جماعات حقوق الإنسان من العودة القسرية إلى سوريا حيث لا تزال التسوية السلمية بعيدة المنال.

العرب