باريس تؤيد واشنطن بشأن انسحاب “تدريجي” من سوريا

باريس تؤيد واشنطن بشأن انسحاب “تدريجي” من سوريا

دمشق – عبّرت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي الأحد عن ارتياحها لقرار الولايات المتحدة الانسحاب “تدريجيا” من سوريا، وأكدت أن التحالف الدولي يمكن أن يقوم بعمليات ضد تنظيم الدولة الإسلامية انطلاقا من العراق إذا احتاج الأمر.

ويعكس الموقف تغيرا في وجهة النظر الفرنسية حيال الانسحاب الأميركي من سوريا حيث كانت باريس من أولى العواصم الغربية التي أبدت استياءها من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أسابيع قرار سحب قوات بلاده من هذا البلد.

ويرى مراقبون أن تغير الموقف الفرنسي يعود إلى التأكيدات الأميركية بأن هذا الانسحاب لن يكون دفعة واحدة بل تدريجيا.

وقالت فلورانس بارلي في برنامج “مسائل سياسية” لإذاعة “فرانس إنتر” وصحيفة “لوموند” و”فرانس تلفزيون”، “إذا ما صدّقنا كل التصريحات الأخيرة الأميركية فإننا نتجه مجددا إلى انسحاب تدريجي ومنسق جدا”.

وأضافت “أنه نبأ سار جدا إذا استمرت الأمور على هذا المنحى” مؤكدة مجددا أن المعركة ضد داعش “لم تنته”.

وفاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 19 ديسمبر الحلفاء بإعلان انسحاب قريب للعسكريين الأميركيين المنتشرين في سوريا. وأكد أن ذلك سيتم “بوتيرة متناسقة”.

وأثار قرار ترامب ردود فعل غاضبة من قبل الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا وألمانيا بالنظر لأن القرار بمثابة خيانة لحليف موثوق وهم أكراد سوريا الذين لعبوا دورا محوريا في الحرب على داعش من خلال قيادتهم لتحالف قوات سوريا الديمقراطية، فضلا عن كون التنظيم الجهادي ما يزال نشطا رغم تكبده خسائر قاصمة، إلى جانب أن خطوة الانسحاب من شأنها أن تضعف النفوذ الغربي في الملف السوري لصالح روسيا وإيران وتركيا.

وأدى إعلان ترامب إلى تعزيز الانقسامات داخل الإدارة الأميركية نفسها حيث أعلن أكثر من مسؤول عن استقالته وفي مقدمتهم وزير الدفاع جيمس ماتيس. واضطر الرئيس الأميركي على وقع الضغوط المتزايدة عليه، إلى التراجع، معلنا في أكثر من مناسبة عدم وجود جدول زمني محدد للانسحاب وأنه يريد أن يتم الأمر بشكل متدرج ومنسق.

وفيما بدا تأكيد على التوصل إلى تفاهمات مع إدارة ترامب أوضحت الوزيرة الفرنسية “الأمر الثاني الذي قمنا به حيال الشركاء الأميركيين هو الإصرار على ضرورة إعطاء الأكراد ضمانات أمنية”.

وأضافت “حماية الأكراد أخذت حاليا في الاعتبار بشكل واضح من الحلفاء الأميركيين”.

وتوعد ترامب قبل أيام “بتدمير اقتصاد تركيا إذا هاجمت الأكراد” إلا أنه عرض خطة لتطبيق منطقة آمنة في المنطقة الحدودية، وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده هي من ستتولى إدارتها.

وتزعم تركيا أن وحدات حماية الشعب الفصيل الكردي الأكثر قوة وتنظيما، والذي يتولى قيادة المعركة ضد داعش على الأرض يشكل تهديدا لأمنها القومي، وتتوعد منذ أشهر بمهاجمته والقضاء عليه.

وهناك خشية من أن تستغل تركيا الفراغ الأميركي لاستهداف الوحدات الكردية، ويرى مراقبون أن التطورات الأخيرة تعكس أن واشنطن ليست بصدد انسحاب قريب وأنها قد ترجئ المسألة إلى عدة أشهر.

وذكرت الوزير الفرنسية أن التحالف الدولي المناهض لداعش سيتمكن من العمل انطلاقا من العراق بعد إتمام الانسحاب من سوريا. وقالت “إننا شركاء في التحالف وسنبقى كذلك. هذا التحالف لن ينسحب من المنطقة وسيبقى في العراق (…) وسيواصل تدخله”. وأوضحت “قسم كبير جدا من هذا التحالف لا بل الأكبر في العراق ما يسمح بالقيام بعدة أمور من بينها دعم تدريب القوات المسلحة العراقية التي تتصدى بنفسها للإرهاب وإمكانية إعادة التدخل في سوريا لكن بشروط”.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد الخميس أن فرنسا ستبقى “مشاركة عسكريا في التحالف الدولي في المشرق” في 2019.

وتنشر فرنسا 1200 جندي في التحالف للمشاركة في عمليات جوية وقوات خاصة في سوريا وتدريب الجيش العراقي.

العرب