تل أبيب وطهران: تراشق بالرسائل الصاروخية… عبر مطار دمشق

تل أبيب وطهران: تراشق بالرسائل الصاروخية… عبر مطار دمشق

اختار رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي غادي أيزنكوت تدشين تقاعده بتأكيد معلومات كانت معروفة للعالم بأسره، رغم الحرص الإسرائيلي الرسمي على عدم الخوض فيها أو التكتم عليها أو حتى نفيها أحياناً، فكشف النقاب عن قيام الطائرات الحربية الإسرائيلية بتنفيذ «آلاف الغارات» ضد أهداف إيرانية داخل الأراضي السورية، وأسقطت في عام 2018 وحده أكثر من 2000 صاروخ وقنبلة. قبله كان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو قد انتهج الأسلوب ذاته، فتفاخر بهذه العمليات التي حدت من قدرة إيران على بناء وجود عسكري فعال، مطالباً طهران بالانسحاب السريع من سوريا، فالهجمات الإسرائيلية لن تتوقف.
وبالفعل، يوم الأحد الماضي تعرض مطار دمشق الدولي لهجمة في وضح النهار هذه المرة، تردد أنها استهدفت منع طائرة شحن إيرانية من الهبوط، وهذا ما حدث بالفعل بعد وساطة روسية حسب تقارير الصحافة الإسرائيلية. لكن الواقعة الجديدة تطورت سريعاً بعد إطلاق صاروخ متوسط المدى من الأراضي السورية سقط على منتجع للتزلج في الجولان المحتل، فجاء الرد الإسرائيلي في ساعات الفجر الأولى وقُصفت أهداف تابعة لفيلق القدس الإيراني والنظام السوري في محيط العاصمة ومطار دمشق، أسفرت عن مقتل أربعة جنود سوريين حسب وزارة الدفاع الروسية.
وكما حدث في نيسان /أبريل، وكذلك أيار /مايو من العام الماضي، حين قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي القاعدة الإيرانية في مطار الـ»تي ــ فور» واستهدف بطاريات تابعة للحرس الثوري الإيراني، اقتصر رد النظام السوري على ادعاءات التصدي الزائفة، ولم يتجاوز الردّ الإيراني عبارات التهديد المعتادة والتلويح بالإفناء الوشيك للكيان الصهيوني. وهكذا قرأ العالم إعلام النظام السوري الرسمي يؤكد أن معظم الصواريخ دمرتها الدفاعات الجوية قبل أن تصل إلى أهدافها، كما سمع قائد القوات الجوية في الجيش الإيراني يقول إن بلاده مستعدة لمعركة حاسمة مع إسرائيل «ستؤدي إلى زوالها»، وأن قواته المسلحة تستعد جيدا لليوم «الذي سيشهد تدمير إسرائيل».
ورغم أنه لم يكن جديداً تماماً فقد كان التعليق الرسمي الروسي لافتاً للانتباه، إذْ أن وزارة الدفاع اكتفت بنقل أخبار الهجمات ووصفتها بالإرهابية، دون أن تنسبها مباشرة إلى دولة الاحتلال، وبالتالي دون أن تدينها بشكل واضح، مع العلم أن صحفاً روسية تطوعت بتوفير التفصيلات حول تراجع طائرة الشحن الإيرانية عن الهبوط في مطار دمشق. ذلك يؤكد مجدداً وجود قواعد اشتباك جديدة في الأجواء السورية بين موسكو وتل أبيب تمّ التوصل إليها بعد إسقاط الطائرة الروسية «إيل ــ 20» في أيلول /سبتمبر الماضي من جهة أولى، وأن منظومة صواريخ «إس ــ 300» التي نشرتها موسكو في أعقاب تلك الواقعة كان غرضها حماية الطائرات الروسية حصرياً من جهة ثانية.
وهكذا تواصل تل أبيب وطهران تأجيج ما بات يُعرف باسم «الحرب الموقوفة» عن طريق التراشق بالرسائل الصاروخية، ولكن عبر مطار دمشق، وإبقاء سوريا ضحية احتلالات تتصارع تارة وتتفاهم تارة أخرى، ونظام تابع وعاجز لا يستقوي إلا على الشعب.

القدس العربي