ابن خلدون في مصر.. وقّع فتوى انقلاب وتنبأ بسيطرة العثمانيين!

ابن خلدون في مصر.. وقّع فتوى انقلاب وتنبأ بسيطرة العثمانيين!

قبل قرن من الآن (عام 1917)؛ ناقش طه حسين رسالته لنيل الدكتوراه في جامعة السوربون الفرنسية بعنوان: “فلسفة ابن خلدون الاجتماعية: تحليل ونقد”. وبغض النظر عن الخلاف بشأن مضمون هذه الأطروحة ونتائجها؛ فقد كانت أولَ كتاب يضعه مؤلِّف عربي -وإن لم يكن بلسان الضاد- ليدْرس فيه بأسلوب حديث “المقدمة”. وبذلك تكون مصر قدمت أول مظاهر الاحتفاء العلمي العربي بعلامة المؤرخين ولي الدين أبي زيد عبد الرحمن بن خَلدون الحضرمي.

ولئن جاء هذا الحدث كشفا لأهمية عالم مرموق ومؤرخ عظيم أضاعته أمته؛ فإن قصة احتفاء “أرض الكنانة” به سبقت ذلك بخمسة قرون ظلت شخصيته فيها مثار جدل وعواطف متنافرة بين أبنائها، منذ أن لجأ إليها عام 784هـ (1384م) طلبا لاستقرار نفسي افتقده طوال نصف قرن ملأته كروب القدَر وحروب السياسة مغامراتٍ ومؤامراتٍ، في رقعة جغرافية ظلت تتمدد وتتبدل بين الممالك المغاربية والأندلسية: تونس وبجاية وتلمسان وفاس وغرناطة، تلك الأقطار التي أحس فيها أبو زيد بأنه أضرّت به ما سماها “غواية الرُّتَب.. وإغفالُ العلم”.

في حضرة الدنيا
وصل ابن خلدون مصر يسبقه صِيته السياسي وصَوته العلمي، لكنه جاء وحيدا من مسقط رأسه تونس التي استودعها عائلة طالما أعجلته دسائس السياسة عن اصطحابها إلى ملاجئه ومنافيه المختلفة؛ فبهرته القاهرة المملوكية وسحرته إذ رأى فيها “حضرة الدنيا وبستان العالم، ومحشر الأمم، ومدرج الذر من البشر، وإيوان الإسلام، وكرسي الملك، تلوح القصور والأواوين في جوّه، وتزهو الخوانق (= دُور الصوفية) والمدارس بآفاقه، وتضيء البدور والكواكب من علمائه…، وسكك المدينة تغص بزحام المارة، وأسواقها تزخر بالنعم”.

ولم يكن إعجاب مؤرخنا بحفاوة المصريين به (سلطةً ونخبةً وساكنةً) بأقل من انبهاره ببلدهم الكبير والمثير؛ إذ سرعان ما وجد طريقه إلى مقابلة سلطان البلد الظاهر برقوق الذي قال عنه: “فأبرّ مقامي، وآنس الغربة، ووفّر الجراية (الراتب) من صدقاته”؛ وعن حاشيته: “أولوني عناية وتشريفا، وغمروني إحسانا ومعروفا”.

ثم تصدّر حلقته العلمية بالجامع الأزهر حيث “انثال علـيـ[ـه] طلبة العلم” يتلقون منه دقائق العلوم وفيوض الحِكم وعُصارات التجارب، ولم يزل بعدها دائم التدريس في إحدى المدارس الرسمية المالكية المذهب. بل إنه تولى كذلك “مشيخة (إدارة) خانقاه بيبرس.. [وهي] أعظم الخوانق” الصوفية، بعد أن جلس –وهو القاضي والمؤرخ والوزير سابقا- يوما واحدا في حلقاتهم ليستحق بذلك هذه الوظيفة!!

ومع ذلك؛ فقد صدم الواقعُ المصري -وما يعجّ به من أنشطة اللهو والمجون- ابنَ خلدون حين عايشه، حتى روى عنه تلميذه المقريزي قوله إن “أهل مصر [يعيشون] كأنما فرغوا من الحساب [الأخروي]”، وهو ما عزز رأيه القديم فيهم الذي دوّنه في مقدمته باعتبارهم ممن “غلب الفرح عليهم والخفة والغفلة عن العواقب”.

والحقيقة أن تلك الأوصاف لم تكن ثمرة استنتاج شخصي من ابن خلدون، وإنما رواها عن مشايخه الذين كان يسمع منهم -وهو فتى يافع بالمغرب- أخبار مصر وما يمور به مجتمعها من “عجائب”؛ وقد أشار لذلك في “الرحلة”.

لكن أبا زيد ما إن استقرّ به المقام في “بستان العالم” حتى دعته “غواية الرُّتب” إلى تقلد وظيفة القضاء سنة 786، إثر شغور منصب قاضي قضاة المذهب المالكي بعزل السلطان للقاضي جمال الدين بن خير السكندري، فكانت تلك الوظيفة شرارة الزناد التي أشعلت غَيرة القضاة البلديين -ممن سمّاهم ابن خلدون قبلُ “البدور والكواكب”- على هذا الوافد الطامح إلى مزاحمتهم على المناصب والرواتب.


صدم الواقعُ المصري -وما يعجّ به من أنشطة اللهو والمجون- ابنَ خلدون حين عايشه، حتى روى عنه تلميذه المقريزي قوله إن “أهل مصر [يعيشون] كأنما فرغوا من الحساب [الأخروي]”، وهو ما عزز رأيه القديم فيهم الذي دوّنه في مقدمته باعتبارهم ممن “غلب الفرح عليهم والخفة والغفلة عن العواقب”.


لم يصوِّر طبيعةَ حياة ابن خلدون بمصر ومعاركه فيها شيءٌ مثلما صورتها علاقتُه بالقضاء توليةً وعزلًا؛ فقد أدى دخوله أروقة العدالة إلى اكتشافه ما تعجّ به من فساد ومحسوبية خاصة في أوساط مكاتب الشهود والموقّعين، فهم عنده “كان البَرُّ فيهم مختلطا بالفاجر، والطيب ملتبسا بالخبيث، والحكام (= القضاة) ممسكون عن انتقادهم…، لما يموِّهون به من الاعتصام بأهل الشوكة (السلطة)، فإن غالبهم مختلطون بالأمراء”، ومع ذلك فقد حافظ على “القيام بالحق والإعراض عن الأغراض”.

ويُزكي شهادتَه تلك لنفسه ما شهد له به مؤرخو مصر ولخصه أحدهم بقوله: “فباشره {= القضاء} بحرمة وافرة وعظمة زائدة وحُمدت سيرته، ودفع رسائل أكابر الدولة وشفاعات الأعيان” بل وعاقب بعض ذوي الشأن؛ فكان رده لوساطات أرباب السلطة المتنفذين في القضايا المرفوعة أمامه وحزْمه في معاملة الشهود والموقّعين “إيذانا بوثوب العاصفة من حوله”؛ كما قال بحق عبد الله عنان.

فبعد مضي سنة واحدة من توليته؛ سعى به خصومه عند السلطان فعُزل سنة 787 وظل خارج المنصب القضائي أربع عشرة سنة، ثم عاد إليه سنة 801 ليدخل –حتى وفاته قاضيا سنة 808- دائرةً مفرغة من العزل والتولية (تولّاه ست مرات خلال سبع سنوات).

وينبئ ذلك باحتدام الصراع بينه وبين نظرائه من القضاة (الجَمَالان: جمال الدين الأقفهسي وجمال الدين البساطي وخاصة الأخير) ومسانديهم من ذوي النفوذ، فطعنوا في أهليته للقضاء ولفّقوا له تُهَمًا “أكثرُها لا حقيقة له”، حتى عابوا عليه أنه يرفض التقيد باللبس الرسمي للقضاة و”مستمر على طريقته في بلاده”، وأنكروا عليه التنزه في البساتين وعلى ضفاف نهر النيل؛ بل كانت التهم أحيانا تشي بالقذف والتعريض.

بيد أن ابن خلدون لدى المؤرخين الثقات “لم يشتهر عنه في منصبه إلا الصيانة”؛ وفقا لشهادة تلميذه الحافظ ابن حجر. وربما كان إطلاق تلك التهم عليه انتقاصا صدر من قضاة منافسين وظيفيا أو تعصبا من علماء مخالفين مذهبيا، خاصة أن من أطلقها أو نقلها هو معاصره “محتسب القاهرة” جمال الدين البشبيشي الشافعي. أما رواية السخاوي لها فغير مستغربة لما عُرف به من شدة وتجاوز –بغير حق- في تراجمه للأعلام مهما علا شأنهم.

فتوى الإطاحة ببرقوق
وإلى جانب منغصات الوظيفة القضائية؛ لم تسمح أيضا “طبائع الملك” في الدولة المملوكية بمصر لابن خلدون بالاستمتاع بمنفاه الاختياري معتزلا عوالم السياسة، ففي سنة 791 سوّلت للأمير يلبغا الناصري نفسُه الإطاحةَ بنظام السلطان برقوق، فأحكم تدبير انقلابه بين عصبته من الأمراء، ولم يبق إلا “تشريع” العملية بفتوى تُستصدر من قضاة المذاهب، ويباركها الخليفة العباسي الألعوبة بين أيدي المنقلِبين.

ورغم أن ابن خلدون لم يكن حينها قاضيا لقضاة مذهبه بل متفرغا للتدريس؛ فإنه أحضِر مجلس التوقيع على فتوى الانقلاب المؤسَّسة على دعوى أن برقوق “استعان بالكفار على قتال المسلمين”؛ فنجح الانقلاب ولكن سرعان ما تمكن برقوق من إجهاضه بأعجوبة والعودة إلى عرشه 792.

وعندها بالغ ابن خلدون في استعطافه شعرا ونثرا، قائلا إنه ضُلل بالمبررات المقدمة للانقلاب بل وأكرِه على التوقيع، راجيا ألا يؤخذ بجريرة “التغرير” به، وطالبا ألا تُقطع عنه صنائع معروف السلطان فهو “الجار الغريب”؛ فعفا عنه برقوق وأبقاه في وظائف تدريسه بشفاعة من الأمير ألْطُنْبُغَا الجوباني، الذي كان سيد نعمة مؤرخنا -منذ وطئت قدماه مصر- وبه نال الحظوة لدى السلطان.

وإذا كان حسّ ابن خلدون الاجتماعي وبصيرته السياسية لم يُسعفاه بقراءة صحيحة لموازين القوة بين مراكز القوى المملوكية، فانخرط في “تشريع” انقلاب قصر فاشل؛ فإن حدسه التاريخي وتأمله في مصائر الأمم -نشأة وانحطاطا فاندثارا- أدّيا به إلى تنبؤ صادق بأطماع العثمانيين في مصر، قال تلميذه ابن حجر: “سمعت ابن خلدون مرارا يقول: ما يُخشى على ملك مصر إلا من ابن عثمان”. لكن انكسار العثمانيين أمام الاجتياح المغولي لبلادهم بقيادة تيمورلنك عام 1402م أجّل استيلاءهم على مصر قرنا آخر بعد وفاة ابن خلدون.

لم تكن مواقف ابن خلدون في القضاء والسياسة هي الوحيدة التي تباينت فيها رؤى وآراء المصريين في مؤرخنا بل أضيفت إليهما جوانبه المعرفية؛ فمثلاً كان تقييم درة تاج إنتاجه العلمي “المقدمة” مثارَ خلاف بين تلامذته المصريين.


إذا تجاوزنا خصومات ابن خلدون القضائية و”مؤامراته” وتنبؤاته السياسية في مصر؛ فسنجد أن أكبر إنجازاته العلمية فيها هو تخريجه لها -وللتراث العربي الإسلامي من ورائها- كوكبة هادية من كبار المؤرخين،


فإذا كان مؤرخ مصر الأشهر تقي الدين المقريزي يرى أنها “لم يُعمل عليها مثلها، وإنه لعزيز أن ينال مجتهد منالها، إذ هي زبدة المعارف والعلوم ونتيجة العقول السليمة والفهوم”، فإن زميله ابن حجر يرد عليه بأن “ما وصفها به -فيما يتعلق بالبلاغة والتلاعب بالكلام على الطريقة الجاحظية- مُسلَّم له فيه، وأما ما أطراه به زيادة على ذلك فليس الأمر كما قال إلا في بعض دون بعض، إلا أن البلاغة تزيّن بزخرفها”.

وإذا تجاوزنا خصومات ابن خلدون القضائية و”مؤامراته” وتنبؤاته السياسية في مصر؛ فسنجد أن أكبر إنجازاته العلمية فيها هو تخريجه لها -وللتراث العربي الإسلامي من ورائها- كوكبة هادية من كبار المؤرخين، فتبلورت على أيديهم معالم المدرسة التاريخية المصرية الخالصة، والمتميزة بنزعتها التفصيلية والتحليلية وبسلسلة نوابغها التي تواصلت –بعد ابن خلدون- أكثر من 150 سنة.

وقد جسد فرعيْ هذه المدرسة الكبيرين كلٌّ من الإمامين المقريزي وابن حجر العسقلاني وتلامذتهما (ابن تَغْرِي بَرْدِي والسخاوي والسيوطي وابن إياس)؛ يقول ابن حجر عن تلمذته لصاحب المقدمة: “اجتمعتُ به مراراً، وسمعتُ من فوائده ومن تصانيفه خصوصاً في التاريخ، وكان… [له] معرفة تامة بالأمور خصوصاً متعلقات المملكة {=الدولة}”.

وأنت –أيها القارئ- واجدٌ أثر المنهجية الخلدونية في الآثار الباقية لهؤلاء الأعلام، ليس فقط في استغراقهم في دروب التاريخ تخصصا وتناولا؛ بل وفي نمط التأليف ومنهجية الطرح، والنزوع لوضع كتب المقدمات المنهجية للموسوعات العلمية الكبرى في شتى حقول المعرفة، احتذاءً بـ”مقدمة” شيخهم المنهجية لتاريخه الكبير “العبر”.

ومن أمثلة ذلك إفرادُ القلقشندي -وهو من تلامذة ابن خلدون بمصر- جزءا منهجيا كاملا جعله “مقدمة” لكتابه الأدبي الإداري الضخم “صبح الأعشى”؛ ووضْع ابن حجر كتابه “هدي الساري” ليكون “مقدمة” منهجية لموسوعته الحديثية والفقهية “فتح الباري”، بل إن شرحه هذا لصحيح البخاري ربما استلهم فكرة تأليفه من كلمة شيخه ابن خلدون التي قال فيها: “ولقد سمعت كثيرا من شيوخنا رحمهم الله يقولون: شرح كتاب البخاري دَيْنٌ على الأمة”، فأراد الحافظ ابن حجر –وقد منّ الله عليه بالإمامة في علوم الحديث وغيرها- أن يقضي عن الأمة دَينها لهذا الإمام.

جدل التقييم المتجدد
وإذا طوينا قرون الركود الثقافي -التي طبعت غالبا الحقبةَ العثمانية من تاريخ مصر- إلى زمننا المعاصر متلمّسين مكانة ابن خلدون في الذاكرة الثقافية المصرية؛ فسنرى أن الانقسام القديم بشأنه سرى -بكل أبعاد تقييمه الوظيفية والسياسية والعلمية- إلى الأجيال الحديثة من النخبة الثقافية المصرية، وأن الاحتفاء به -في مصر المعاصرة مَلَكية وجمهورية- كان أيضا رسميا وأهليا، وإن جاء في شقه الرسمي متحفظا أحيانا.

وبالعودة إلى رائدهم في الهوى الخلدوني شخصاً ونصًّا؛ نجد أن طه حسين يصف ابن خلدون –في رسالته عنه التي بدأنا بها هذا الحديث- بطائفة وافرة العيوب الخُلقية والنقائص المنهجية، وينفي عنه “العبقرية” فيما جاء به في “المقدمة”، ويعدّه “قبل كل شيء سياسيا وافر الحكمة والبراعة”؛ لكن ذلك كله لم يمنعه من التسليم بأنه “إليه يرجع الفضل في أن الآداب العربية تستطيع أن تفخر بأنها كانت الأولى في وضع الفلسفة الاجتماعية في قالب علمي”.

ثم خلَفَ من بعد طه خلْفٌ ذهبوا في إزرائهم بابن خلدون أن وصموا أسلوبه البياني بالركاكة والتعقيد، واتهموه بسرقة أفكار غيره ورصّها في “المقدمة” وكأنها بنات أفكاره. ومن أبرز من أطلق هاتين التهمتين الدكتور علي سامي النشار في مقدمة تحقيقه لكتاب ابن الأزرق “بدائع السلك”. أما الدكتور محمود إسماعيل فقد اتهمه -في دراسته: “نهاية أسطورة: نظريات ابن خلدون مقتبسة من رسائل إخوان الصفاء”- بالسطو على أفكار جماعة “إخوان الصفاء”.

لكن إسماعيل نفسه متهم عند آخرين بـ”سرقة” فكرة هذا الاتهام ممن سبقه بالإشارة إلى العلاقة بين ما جاء به ابن خلدون وما قال به “إخوان الصفاء” وغيرهم من الفلاسفة المسلمين، وممن سبقه إلى ذلك -بربع قرن- المؤرخُ التونسي محمد الطالبي الذي دوّن ذلك في كتاباته منذ مطلع السبعينيات.

ورغم تيار الإزراء هذا؛ فإن مصر أقرّت عين ضيفها الخلدوني -في مرقده بـ”مقبرة الصوفية”- بتيار آخر أعجِب بتراثه إلى حد التصوف فيه أحيانا، فطفق يثني عليه ويشيد به وبمكانته بين أعلام العبقرية الإنسانية. ومن أهم من تصدر هذا الاتجاه محمد عبد الله عنان؛ أولاً بترجمته رسالة صديقه طه حسين عن ابن خلدون إلى العربية عام 1925، ثم بتأليفه كتاب: “ابن خلدون: حياته وتراثه الفكري” سنة 1933 في ذكرى مئوية ميلاد ابن خلدون.

وقد تبعه في ذلك النهج دارسون كثر؛ في طليعتهم الدكتور عبد الواحد وافي في كتابه “عبقريات ابن خلدون” ومؤلفات أخرى تناول فيها نظريات ابن خلدون وريادته العالمية في تأسيس علم الاجتماع، إضافة إلى تحقيقه الرائع لكتاب “المقدمة”.

أما الاهتمام المصري الرسمي الحديث بابن خلدون؛ فقد كان أكبر مظاهره تنظيم أسابيع فكرية خاصة به خلال العقود الثمانية الأخيرة، قُدمت فيها عشرات الأبحاث عن حياته وتراثه ومكانته في الفكر الإسلامي والعالمي، وذلك في عام 1933 بمناسبة مئوية ميلاده، ثم في 1962، وآخرها كان عام 2006 في ذكرى مرور ستمئة سنة على وفاته بالقاهرة.

الجزيرة