إيران تنقلب على حلفائها الأوروبيين: مثلكم مثل الأميركيين

إيران تنقلب على حلفائها الأوروبيين: مثلكم مثل الأميركيين

انقلبت إيران على حلفائها الغربيين الذين عملوا جاهدين لأشهر من أجل بعث آلية أوروبية مشتركة للالتفاف على العقوبات الأميركية وإنقاذ ما تبقى من الاتفاق النووي الذي دخل مرحلة الاحتضار، بعد أن رفض الحلفاء الفصل بين الاتفاق المبرم سنة 2015 والبرنامج الصاروخي الباليستي. وتعزز الخطوة الإيرانية، حسب مراقبين، الموقف الأميركي من نوايا إيران الخبيثة لزعزعة استقرار المنطقة.

طهران – قال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي الجمعة إنه “لا يمكن الثقة” بالأوروبيين، وذلك بعد أسبوع على إطلاق الاتحاد الأوروبي آلية خاصة للتبادل التجاري مع إيران للالتفاف على العقوبات الأميركية ضد طهران.

وقال في لقاء مع مسؤولين في سلاح الجو إنه “يجري الحديث هذه الأيام عن الأوروبيين ومقترحاتهم، إن نصيحتي هي أن لا تثقوا بهؤلاء مثل الأميركيين”، مضيفا “أنا لا أقول إنه لا يجب أن تكون لنا علاقات معهم، المسألة تتعلق بالثقة”.

وأطلقت فرنسا وبريطانيا وألمانيا الأسبوع الماضي آلية خاصة للدفع مسماة “إنتكس”، بهدف إنقاذ الاتفاق النووي الذي وقعته طهران والقوى العالمية في عام 2015.

وتسمح الآلية لطهران القيام بعمليات تجارية مع شركات الاتحاد الأوروبي على الرغم من العقوبات الأميركية التي أعادت فرضها واشنطن العام الماضي بعد انسحابها من الاتفاق.

ورحبت إيران بحذر بآلية “إنتكس” كخطوة “أولى”، لكن مسؤولين أميركيين قالوا إن الكيان المستحدث لن يكون له أي أثر على الجهود المبذولة للضغط اقتصادياً على إيران.

وكافحت إيران طويلا من أجل أن ترى هذه الآلية النور قبل أن تنقلب على حلفائها الأوربيين بعد أن اقترب موقفهم من الموقف الأميركي الذي بدا في أول المطاف معزولا ورفضوا الفصل بين البرنامج الباليستي لطهران عن الاتفاق النووي الموقّع في 2015.

ورغم ما تبديه الدول الأوروبية من دعم للملف النووي الإيراني ومن تفهم متعلق بانفتاحها على السوق الإيرانية، إلا أن حساباتها تتجه للوقوف إلى جانب الولايات المتحدة بخصوص خطورة الأنشطة الباليستية الإيرانية. وير ى مراقبون أنّ مساعي طهران في توظيف الخلاف التجاري بين واشنطن وأوروبا لإحداث اختراق في المواقف قد فشل بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي مؤخرا عقوبات جديدة عليها بسبب برنامجها الصاروخي.

وطالبت فرنسا الأسبوع الماضي إيران بالتراجع عن إطلاق صواريخ في إطار برنامج الفضاء الإيراني، معتبرةً أن ذلك ينطوي على خرق لقرارات مجلس الأمن في الأمم المتحدة، في تماه مع موقف الولايات المتحدة بشأن أنشطة طهران الباليستية.

وفي بيان، طلب وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان من طهران “الوقف الفوري لكل نشاط مرتبط بالصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية، ومن ضمنها عمليات الإطلاق المستندة إلى تكنولوجيا الصواريخ الباليستية”.

وتابع بيان الخارجية أن “فرنسا تذكّر بأن برنامج الصواريخ البالستية الإيراني لا يتوافق مع القرار 2231 الصادر عام 2015 عن مجلس الأمن الدولي”.

وأعلن نائب الرئيس الإيراني لشؤون الدفاع قاسم تقي زاده أن إيران ستطلق “إلى الفضاء 3 أقمار صناعية في الأشهر المقبلة”.

ونقلت عنه وكالة “إسنا” شبه الرسمية الإيرانية أن “تلك الأقمار الصناعية قد بنيت على أساس المعرفة المحلية وستنشر على ارتفاعات مختلفة”. ووفق واشنطن وباريس، فإن التكنولوجيا المستخدمة في إطلاق تلك الصواريخ تكاد تشبه تلك المعتمدة في صنع الصواريخ الباليستية.

وتخشى الولايات المتحدة من أن التكنولوجيا الباليستية طويلة المدى المرتبطة بالبرنامج الفضائي يمكن أيضا أن تستخدم في إطلاق صواريخ تحمل رؤوسا حربية.

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد قال إن إيران أعلنت خططا لإطلاق ثلاثة صواريخ خلال الأشهر المقبلة تطلق عليها اسم مركبات إطلاق فضائية مشيرا إلى أنها تستخدم تكنولوجيا “مماثلة تماما” لتلك المستخدمة في الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.

ودعا قرار مجلس الأمن الدولي، الذي صدر لدعم الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية في عام 2015، طهران إلى الإحجام عن أي أنشطة مرتبطة بالصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية وذلك لمدة تصل إلى ثمانية أعوام.

وفشلت إيران في توظيف الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة وأوروبا لخدمة ملفها النووي وفصله عن برنامجها الصاروخي، حيث يبدو الموقف الأوروبي بخصوص أنشطتها الباليستية أكثر تأييدا لموقف واشنطن.

ويرى مراقبون أن تمسّك الطرف الأوروبي بالاتفاق النووي الإيراني لا يحجب مخاوفه من أنشطتها الباليستية والمزعزعة لاستقرار المنطقة وحتى داخل بلدان الاتحاد، بعد توجيه التهم للاستخبارات الإيرانية بتنفيذ اغتيالات في كل من فرنسا والدنمارك وهولندا، ما يقرّب الموقف الأوروبي أكثر فأكثر من الموقف الأميركي الذي بدا معزولا في بداية المطاف.

واشنطن مصرة على ردع برنامج إيران الباليستي
واشنطن- تعهدت الولايات المتحدة الأميركية بمواصلة الضغط “دون هوادة” على إيران لردع برنامجها الصاروخي في أعقاب كشف طهران عن سلاح باليستي جديد بعد أيام على تجربة صاروخ عابر للقارات. وكشف الحرس الثوري الإيراني عن صاروخ بالستي جديد يبلغ مداه 1000 كلم، بحسب وكالة الأنباء التابعة لقوة النخبة في إيران، تزامنا مع إحياء إيران الذكرى الأربعين للثورة الإسلامية وسط تصاعد التوتر مع الولايات المتحدة.

وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت بالادينو في بيان إن “تجاهل إيران الصارخ للأعراف الدولية ينبغي التصدي له”، مضيفا “يتعين علينا إعادة فرض قيود دولية أكثر صرامة لردع برنامج إيران الصاروخي”.

وتابع بالادينو “إن الولايات المتحدة ستواصل دون هوادة حشد الدعم في أنحاء العالم لمواجهة أنشطة النظام الإيراني الصاروخية الباليستية المتهورة، وسنواصل ممارسة الضغط الكافي على النظام من أجل أن يغير سلوكه المؤذي ومنها التطبيق الكامل لعقوباتنا”. وقامت طهران بالحد من معظم برنامجها النووي بموجب اتفاق تاريخي عام 2015 لكنها واصلت تطوير تكنولوجيا صواريخها الباليستية، متخفية تحت ما تصفه بالصناعات الفضائية.

العرب