توتر غير مسبوق بين فرنسا وإيطاليا.. هذه أبرز محطاته

توتر غير مسبوق بين فرنسا وإيطاليا.. هذه أبرز محطاته

وصل التوتر بين إيطاليا وفرنسا في الفترة الأخيرة ذروته، بعد أن قررت باريس الخميس الماضي سحب سفيرها في روما، احتجاجا على تصريحات مسؤولين إيطاليين اعتبرتها “متجاوزة لكل الحدود”، انتقدت السياسة الفرنسية في أفريقيا وليبيا ومواقفها من قضية اللاجئين ومن حراك “السترات الصفراء” والرئيس إيمانويل ماكرون.

فمنذ وصول حكومة تحالف يمينية إلى السلطة في إيطاليا مكونة من حركتي “الرابطة” و”خمس نجوم” العام الماضي، شهدت العلاقات بين البلدين تدهورا غير مسبوق، بلغ أوجه خلال الأشهر الثمانية الماضية.

وفيما يأتي أبرز محطات التوتر “اللفظي” بين البلدين، مما أفضى إلى أزمة دبلوماسية تعد الأخطر بين الدولتين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

يونيو/حزيران 2018
بعد أيام قليلة من وصول حكومة رئيس الوزراء جوسيبي كونتي إلى السلطة، أثار الرئيس إيمانويل ماكرون زوبعة سياسية بعد أن استنكر “وقاحة” و “لا مسؤولية” الحكومة الإيطالية، إثر رفض روما استضافة سفينة كانت تقل 630 مهاجرا غير نظامي. كما وصف غابرييل أتال المتحدث باسم حزب ماكرون “الجمهورية إلى الأمام”، الموقف الإيطالي بأنه “مثير للاشمئزاز”.

وعلى إثر هذا المنع، استدعت باريس سفيرها في روما، مما أثار غضب وزير الداخلية الإيطالي وزعيم حركة “الرابطة” ماتيو سالفيني، الذي طالب فرنسا بالاعتذار ملوحا بإلغاء زيارة مرتبة لرئيس الوزراء الإيطالي الجديد إلى الإيليزيه.

وتمت الزيارة في 15 يونيو/حزيران، لكن بعد أسبوع من ذلك، عاد الرئيس ماكرون ليثير اللغط من جديد بعد حديثه عن “تصاعد الجذام” في أوروبا و”خيانة حق اللجوء” و”إحياء القومية” و”سياسة الحدود المغلقة التي يقترحها البعض”، في إشارة إلى الحكومة الإيطالية.

ورد سالفيني على الرئيس الفرنسي الذي وصفه بـ”المتعجرف”، قائلا “ربما نكون شعبويين مصابين بالجذام، لكنني أنا آخذ الدروس ممن يفتح موانئه.. استقبلوا آلافا من المهاجرين غير النظاميين وبعدها نتحدث”.

أكتوبر/تشرين الأول 2018
في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بثت الحكومة الفرنسية مقطعا مصورا يحض المواطنين على التصويت في الانتخابات الأوروبية المقررة في مايو/أيار 2019، يظهر وزير الداخلية الإيطالي ونظيره النمساوي فيكتور أوربان، مع صيغة الاستفهام التالية “أوروبا: الوحدة أم الانقسام؟”.

وظهر في المقطع مهاجرون غير نظاميين تم إنقاذهم من الغرق، ثم سالفيني وأوربان يلهبان حشودا من أنصارهما.

بعد عرض الفيديو، رد سالفيني عبر حسابه في تويتر قائلا “تنشر الحكومة الفرنسية بفضل أموال دافعي الضرائب مقطعا رسميا بشأن الانتخابات الأوروبية، يستخدمونني فيها كفزّاعة.. يبدو أن ماكرون وأصدقاءه خائفون للغاية. في عام 2019، ينتظرهم ربيع شعوب سيقتلعهم”.

يناير/كانون الثاني 2018
في السابع من يناير/كانون الثاني، نشر نائب رئيس الوزراء الإيطالي وزعيم حركة “خمس نجوم” لويجي دي مايو على مدونة الحركة، رسالة مفتوحة عبر فيها عن دعمه لمتظاهري “السترات الصفراء” في فرنسا داعيا إياهم إلى عدم “التراجع”. وهي رسالة رسمية تخالف جميع الأعراف المعمول بها داخل منظومة الاتحاد الأوروبي، حيث لم يسبق لمسؤول دولة داخل الاتحاد أن دعم صراحة حركة تطالب بقلب النظام في دولة أوروبية أخرى.

بعدها بفترة وجيزة، جاء دور ماتيو سالفيني الذي أعلن هو أيضا دعمه “للمواطنين الشرفاء الذين يحتجون على رئيس يحكم ضد إرادة شعبه”.

وفي 20 يناير/كانون الثاني، دعا دي مايو الاتحاد الأوروبي لفرض “عقوبات” على دول منها فرنسا، بتهمة “إفقار أفريقيا” ودفع المهاجرين للجوء إلى أوروبا من خلال سياساتها “الاستعمارية”. على إثرها، استدعت الخارجية الفرنسية السفيرة الإيطالية تيريزا كاستالدو، احتجاجا على هذه التصريحات التي اعتبرت “غير مقبولة”.

وفي 22 يناير/كانون الثاني، عبّر ماتيو سالفيني عن أمله في أن يتحرر الشعب الفرنسي قريبا من “رئيس سيئ للغاية”.

كما اتهم باريس بأنها لا ترغب في تهدئة الأوضاع في ليبيا التي يمزقها العنف بسبب مصالحها في قطاع الطاقة. وقال حينها للقناة التلفزيونية الخامسة الإيطالية “في ليبيا.. فرنسا لا ترغب في استقرار الوضع، ربما بسبب تضارب مصالحها النفطية مع مصالح إيطاليا”.

وزيرة الشؤون الأوروبية في فرنسا ناتالي لوازو، قالت إثرها إن باريس لن تدخل في “سباق أغبياء” مع إيطاليا، محذرة من أن الوضع إذا استمر على ما هو عليه فإن “زيارات المسؤولين الفرنسيين إلى إيطاليا لن تعود ضمن الأجندة”.

بعدها بأيام، وخلال زيارة إلى القاهرة، أدلى الرئيس ماكرون بتصريحات أخرى قال فيها إن “الشعب الإيطالي شعب صديق ويستحق قادة يليقون بتاريخه”.

فبراير/شباط 2018
وخلال فبراير/شباط، بلغ التوتر حدته بعد أن أعلن لويجي دي مايو على مواقع التواصل الاجتماعي أنه التقى الأسبوع الماضي بضواحي باريس مسؤولين عن حراك “السترات الصفراء”.

وقررت باريس على إثر هذه “التدخلات والهجمات غير المسبوقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية”، بحسبما وصفتها، استدعاء السفير الفرنسي لدى إيطاليا للتشاور، فيما أعلن الزعيمان اليمينيان سالفيني ودي مايو “استعدادهما” للحوار مع مسؤولي الحكومة الفرنسية.

الجزيرة