هل تحل الصين محل أميركا بالشرق الأوسط؟

هل تحل الصين محل أميركا بالشرق الأوسط؟

خلص خبير اقتصادي إلى إن أميركا ستخسر حربها من أجل النفوذ في الشرق الأوسط لصالح الصينيين، قائلا إذا أرادت الشركات الأميركية والأوروبية والمخططون الإستراتيجيون البقاء في المنافسة؛ فعليهم مضاعفة جهودهم.

وقال الخبير الدولي في مجال الطاقة والباحث في مؤسسة المجلس الأطلسي للأبحاث آرييل كوهين -في مقال نشرته مجلة فوربس الأميركية- إن مصير الشرق الأوسط وأمنه خلال العقدين القادمين سيتحدد بالاعتماد على توازن القوى العسكرية والاقتصادية بين أميركا والصين وروسيا.
وأشار إلى أنه رغم أن أميركا تعمل على حشد حلفائها بوارسو هذا الأسبوع للتنسيق في ما بينها في ما يتعلق بسياسة الشرق الأوسط، فإنها لم تحقق إلا نجاحا محدودا مع المقاطعة الواسعة لدول أوروبية وآسيوية وشرق أوسطية.

أميركا وإشاراتها المتضاربة
ورصد المقال المساعي الصينية الحثيثة للهيمنة على الشرق الأوسط، وقض مضجع واشنطن، في حين أن الأخيرة ظلت ترسل إشارات متضاربة بانسحابها من سوريا، ووصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب لها بأنها “مملكة الرمل والموت”.

وقال كوهين إن أميركا تطمح إلى أن تصبح دولة مصدرة للنفط مع حلول 2020، وهو ما يقلل اهتمامها بالشرق الأوسط. ومن جانب آخر، يزداد نهم الصين للطاقة، لا سيما أن أغلب النفط الذي تستهلكه يأتي من دول الخليج.

وأضاف أن آسيا تستأثر بنحو 45% من مبادلات الشرق الأوسط التجارية، بينما تبلغ نسبة أميركا 14% فقط من هذه المبادلات، وأوروبا نحو 7%. وتحدّث الكاتب عن استثمارات صينية مستقبلية في المنطقة تُقدّر قيمتها بنحو 3.5 تريليونات دولار.

الحزام والطريق
وأشار إلى مبادرة الحزام والطريق التي تعتبر من أكثر المبادرات الجغرافية الاقتصادية طموحا منذ أمد بعيد، إذ يتجاوز تأثيرها “مشروع مارشال” الذي لم يركّز إلا على إعادة بناء أوروبا فور انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وتشمل مبادرة الحزام والطريق نحو ثمانين دولة في كل من أوراسيا وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا. ومن المتوقع أن تمثّل موارد الطاقة لدول الشرق الأوسط شريان حياة الحزام والطريق، في حين تضطلع الصين بدور المحرك والدماغ، بينما ستكون أوروبا الغربية والبلدان النامية سوقا لها.

وتمتلك الصين قاعدة عسكرية كبيرة في جيبوتي مطلة على باب المندب على البحر الأحمر، حيث يؤدي هذا الممر إلى قناة السويس ويضطلع بدور إستراتيجي مهم.

البترو-يوان
وأشار الكاتب إلى إستراتيجية الصين في الشرق الأوسط، قائلا إنها تتلخص في نشر قوتها الاقتصادية والدبلوماسية قبل أي تدخل عسكري. وتعمل الصين على إطلاق نظام البتروـيوان، الذي قد يقضي على هيمنة الدولار، كما يمكن لنظامها الضخم الدفع بواسطة الهاتف الذكي لتمكين نحو 85 مليون شخص بالمنطقة لا يمتلكون حسابا بنكيا من الولوج إلى الخدمات البنكية والاندماج في الأنشطة التجارية والمالية.

وتشهد السياحة الصينية نموا كبيرا في المنطقة، فضلا عن إشراك المجتمعات الصينية المسلمة مع الشرق الأوسط، وهو ما سينعكس بالإيجاب على علاقات بكين مع هذه الدول، ويمكّنها من توسيع نفوذها من المغرب إلى مسقط وحتّى أبعد من ذلك بكثير.

ومن جانبهم، ينظر الخبراء إلى مجالات تتجاوز النفط والغاز كمفتاح لتحقيق المآرب الصينية، حيث ينطبق ذلك أيضا على استخدام الصينيين الأدوات السياسية لحل النزاعات الخطيرة وتعزيز التعاون واسع النطاق بملف مكافحة “التطرف الديني”.

ومن المرجح ألا تقتصر المبادلات التجارية بين الصين والشرق الأوسط على المواد الغذائية فقط، بل ستتوسع لتشمل استثمارات متعلقة بالبنية التحتية وتقنيات الذكاء الصناعي والروبوتات وجميع الخدمات التي من شأنها دفع التنمية في المنطقة.

المصدر : الصحافة الأميركية