القوات الكردية تترقب خروج المدنيين لاستئناف هجومها ضد الجهاديين

القوات الكردية تترقب خروج المدنيين لاستئناف هجومها ضد الجهاديين

حقل العمر النفطي (سوريا)- تترقب قوات سوريا الديمقراطية الثلاثاء إجلاء مزيد من المدنيين من آخر جيب لتنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا، غداة خروج نحو ثلاثة آلاف شخص، تمهيداً لاستئناف هجومها الأخير ضد الجهاديين.

واتهمت هذه الفصائل الكردية والعربية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، التنظيم المتطرف باستخدام المدنيين المحاصرين معه كدروع بشرية، ما دفعها إلى تخفيف وتيرة هجومها داخل بلدة الباغوز، منذ ليل الأحد.

وقال مسؤول إعلامي ميداني في قوات سوريا الديمقراطية ليل الاثنين “لا يزال هناك مدنيون في الباغوز وتحاول قوات سوريا الديمقراطية تخليصهم من الدواعش”.

وتوقع أن “تستمر عملية إخراج المدنيين حتى الغد (الثلاثاء) وأيضا الدواعش، مع عائلاتهم، الذين يريدون تسليم أنفسهم”.

معركة الحسم
وفي تغريدة على تويتر ليل الإثنين، كتب مدير المكتب الإعلامي للقوات مصطفى بالي “أبطأنا وتيرة الهجوم على الباغوز. تمكنا من إجلاء ثلاثة آلاف شخص من جيب داعش عبر ممر استحدثناه”. وأضاف “سلّم عدد كبير من جهاديي داعش أنفسهم إلى قواتنا، كانوا في صفوف الخارجين”.

ولم تحدد قوات سوريا الديمقراطية عدد المقاتلين الذين سلموا أنفسهم، إلا أن المرصد السوري أفاد عن خروج 280 جهادياً.

ويمهّد إنهاء إجلاء المدنيين لاستكمال الهجوم على جيب التنظيم الأخير، في معركة من شأن حسمها إعلان انتهاء “الخلافة”.

وبدأت القوات سوريا الديمقراطية بمؤازرة طائرات التحالف الدولي الجمعة “الهجوم الأخير” على الجهاديين الرافضين الاستسلام والمحاصرين في مساحة محدودة داخل بلدة الباغوز، قبل أن تُعلن ليل الأحد إبطاء وتيرة عملياتها.

إلا أن المرصد السوري أفاد عن “غارات وقصف عنيف يستهدف البقعة المحاصرة منذ ليل الاثنين الثلاثاء في محاولة لمنع عناصر التنظيم من شنّ هجوم معاكس أو الفرار عبر المزارع”.

وتقع الباغوز على الضفاف الشرقية لنهر الفرات، ويُحاصر الجهاديون في بقعة عند أطرافها الشرقية.

وتطوق القوات البلدة من جهتي الشمال والغرب، فيما تتواجد قوات النظام السوري جنوباً على الضفة الغربية للفرات، والقوات العراقية وفصائل الحشد الشعبي شرقا على الجهة المقابلة من الحدود.

أ
ويتحصّن مقاتلو التنظيم في الباغوز في شبكة أنفاق حفروها تحت الأرض، ويتنقلون عبرها لشن هجمات، وهو الأسلوب الذي يتبعه التنظيم في كل مرة يُحاصر مقاتلوه ويوشك على خسارة معقله.

كما زرعوا الكثير من الألغام والمفخخات على الطرق وداخل المنازل لإعاقة تقدم قوات سوريا الديمقراطية.

ويتصدى التنظيم للهجوم عبر استخدام القناصة وانتحاريين وسيارات ودراجات مفخخة، وفق ما قال قياديون ميدانيون خلال اليومين الماضيين.

وتقود قوات سوريا الديمقراطية منذ سبتمبر هجوماً بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، لطرد التنظيم من ريف دير الزور الشرقي.

وبات وجوده يقتصر راهناً على الباغوز بعدما أعلن في العام 2014 إقامة “الخلافة الإسلامية” على مساحات واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تقدر بمساحة بريطانيا.

ومُني التنظيم بخسائر ميدانية كبيرة خلال العامين الأخيرين بعد سنوات أثار فيها الرعب بقواعده المتشددة واعتداءاته الوحشية، وأصدر مناهجه الدراسية وعملته الخاصة وجنى ضرائب من المواطنين.

ولا يزال ينتشر في البادية السورية المترامية المساحة، بينما تنفذ “خلايا نائمة” تابعة له هجمات دامية في المناطق التي تم طرده منها.

وقبل إطلاق هجومها الأخير الجمعة، علّقت قوات سوريا الديمقراطية عملياتها العسكرية لمدة أسبوعين خرج خلالهما آلاف الرجال والنساء والأطفال، بينهم عدد كبير من الأجانب، وغالبيتهم مدنيون من عائلات الجهاديين، من منطقة سيطرة التنظيم.

وتوزع هؤلاء على مخيمات تديرها قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق البلاد أبرزها مخيم الهول، فيما تمّ نقل المشتبه بانتمائهم الى التنظيم الى معتقلات، لا تعرف مواقعها.

وعلى وقع التقدم العسكري للقوات، خرج أكثر من 54 ألف شخص منذ ديسمبر من مناطق التنظيم، بينهم أكثر من خمسة آلاف جهادي تم توقيفهم بحسب المرصد.

وأفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة الثلاثاء في تغريدات على تويتر، عن وصول 15 ألف شخص تقريباً إلى مخيم الهول قادمين من الباغوز بين 22 فبراير والأول من مارس، ليرتفع عدد سكان مخيم الهول إلى 56 ألف شخص، تسعون في المئة منهم نساء وأطفال.

وأحصى المكتب وفاة تسعين شخصاً ثلثاهم أطفال دون عمر الخمس سنوات، خلال رحلتهم من جيب التنظيم إلى مخيم الهول أو بعد وصولهم بفترة قصيرة أو بعد إحالتهم لتلقي العلاج.

ويشهد مخيم الهول تحديداً أوضاعاً انسانية بائسة. وتناشد الإدارة الذاتية الكردية التي تتحرك ضمن امكانيات محدودة، المجتمع الدولي التدخل وتقديم المساعدات للنازحين.

وقال رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا فيليب شبوري في بيان حول أوضاع المخيم الإثنين “برد الليل لا يرحم، الناس هنا يرتدون كل ملابسهم التماساً للدفء، فليس لديهم مكان مغلق يستترون فيه من البرد”. وأضاف “بعضهم لا يملك خيماً حتى الآن، يمكثون في العراء معرضين للأمطار والريح ودرجات برودة شديدة القسوة”.

العرب