حزم أميركي في حشد الحلفاء لنهج ترامب في عزل إيران

حزم أميركي في حشد الحلفاء لنهج ترامب في عزل إيران

تواصل الولايات المتحدة ممارسة أقصى درجات الضغط الاقتصادي والدبلوماسي على إيران لكبح جماح برنامجها الصاروخي الباليستي المزعزع لاستقرار منطقة الشرق الأوسط، فيما حقق حزم الرئيس دونالد ترامب في مواجهة أجندات طهران التخريبية اختراقا للموقف الأوروبي بعد أن كان معزولا في بداية المطاف.

جنيف – قالت مسؤولة أميركية كبيرة في مجال الحد من التسلح، الثلاثاء، إن برنامج إيران الصاروخي يزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط ويزيد من مخاطر حدوث “سباق تسلح إقليمي”، فيما يؤكد دبلوماسيون غربيون أن دولا أصغر حجما وأكثر وداعة في الاتحاد الأوروبي انضمت إلى فرنسا وبريطانيا في موقف أكثر صرامة بشأن برنامج طهران الباليستي، ما يتماهى مع مخاوف الإدارة الأميركية التي كانت مواقفها معزولة في بادئ الأمر.

وقالت يليم بوليت مساعدة وزير الخارجية للحد من التسلح، أمام مؤتمر لنزع السلاح يعقد برعاية الأمم المتحدة، إن واشنطن ستتصدى بقوة “لنشر إيران صواريخ باليستية في المنطقة ونقلها أسلحة بصورة غير قانونية”.

وحثت “كل الدول المسؤولة” على تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي التي تفرض قيودا على نقل التكنولوجيا المتعلقة بالصواريخ إلى إيران.

وقال ثلاثة دبلوماسيين إن ذلك قد يشمل تجميد أصول وحظر سفر على الحرس الثوري الإيراني وعلى إيرانيين يطورون برنامج الصواريخ الباليستية للجمهورية الإسلامية.

ويقترب هذا النهج الجديد من سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتمثلة في عزل إيران بفرض عقوبات صارمة، رغم أن الحكومات الأوروبية لا تزال تدعم اتفاق فيينا المبرم في عام 2015 والذي انسحب منه ترامب في مايو.

وأثير قلق القوى الغربية بسبب إطلاق إيران صواريخ باليستية وإجراء تجارب صاروخية ومحاولة فاشلة لإطلاق قمر صناعي.

وكانت مؤامرات الاغتيال التي دبرتها إستخبارات إيران على الأراضي الفرنسية والدنماركية في 2018 القشة الأخيرة بالنسبة لأوروبا. وتتهم إدارة ترامب إيران بأن لها طموحات نووية وبأنها تزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال دعمها لجماعات متشددة في سوريا والعراق ولبنان واليمن.

وتواصل الولايات المتحدة دون هوادة تسليط أقصى درجات الضغط على النظام الإيراني من أجل محاصرة أنشطته التخريبية، ضمن رؤيتها لاستقرار منطقة الشرق الأوسط، ما يعمق عزلة طهران دوليا، بعد أن فشلت في تحقيق اختراق للموقف الأوروبي من برنامجها الصاروخي الباليستي المناقض لقرارات مجلس الأمن الدولي.

ورغم ما تبديه الدول الأوروبية من دعم للملف النووي الإيراني ومن تفهّم متعلّق بانفتاحها على السوق الإيرانية، إلا أن حساباتها تتجه للوقوف إلى جانب الولايات المتحدة بخصوص خطورة الأنشطة الباليستية الإيرانية.

ويرى مراقبون أنّ مساعي طهران إلى توظيف الخلاف التجاري بين واشنطن وأوروبا لإحداث اختراق في المواقف قد فشلت بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي مؤخرا عقوبات جديدة عليها بسبب برنامجها الصاروخي.

ويؤكد مراقبون وجود إجماع أميركي أوروبي على التصدي للخطر الإيراني، لكن تكتيكات تحقيق هذا الهدف ما زالت مختلفة.

ويرى هؤلاء أن تمسّك الطرف الأوروبي بالاتفاق النووي الإيراني لا يحجب مخاوفه من أنشطة طهران الباليستية والمزعزعة لاستقرار المنطقة وحتى داخل بلدان الاتحاد، بعد توجيه التهم للاستخبارات الإيرانية بتنفيذ اغتيالات في كل من فرنسا والدنمارك وهولندا، ما يقرّب الموقف الأوروبي أكثر فأكثر من الموقف الأميركي الذي بدا معزولا في بداية المطاف.

وطالبت فرنسا إيران مؤخرا بالتراجع عن إطلاق صواريخ في إطار برنامج الفضاء الإيراني، معتبرةً أن ذلك ينطوي على خرق لقرارات مجلس الأمن في الأمم المتحدة.

وفي بيان، طلب وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان من طهران “الوقف الفوري لكل نشاط مرتبط بالصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية، ومن ضمنها عمليات الإطلاق المستندة إلى تكنولوجيا الصواريخ الباليستية”.

ووجهت واشنطن دعوةً مماثلةً في 3 يناير، اعتبرت فيها أن إطلاق هذه الصواريخ “استفزازي” وهددت بتشديد العقوبات الاقتصادية على طهران. ووفق واشنطن وباريس، فإن التكنولوجيا المستخدمة في إطلاق تلك الصواريخ تكاد تشبه تلك المعتمدة في صنع الصواريخ الباليستية.

النظام الإيراني يسعى إلى تنظيم صفوفه من جديد عبر اتخاذ دول البلقان حديقة خلفية ومحطة رئيسية لاستعادة نشاطه في قلب القارّة

وتتخوّف الولايات المتحدة من أن التكنولوجيا الباليستية طويلة المدى المرتبطة بالبرنامج الفضائي يمكن أيضا أن تستخدم في إطلاق صواريخ تحمل رؤوسا حربية.

وكان و زير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد قال إن إيران أعلنت خططا لإطلاق ثلاثة صواريخ تطلق عليها اسم مركبات إطلاق فضائية، مشيرا إلى أنها تستخدم تكنولوجيا “مماثلة تماما” لتلك المستخدمة في الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.

ودعا قرار مجلس الأمن الدولي، الذي صدر لدعم الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية في عام 2015، طهران إلى الإحجام عن أي أنشطة مرتبطة بالصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية وذلك لمدة تصل إلى ثمانية أعوام.

ومثّلت العقوبات الأوروبية الجديدة على إيران صفعة مدوية للنظام الذي ينفي في كل مرة تورطه في الاغتيالات التي تطال معارضيه على أراضي أوروبا، ما يستوجب تشديد الرقابة على البعثات الدبلوماسية الإيرانية التي تتخفى تحتها أجهزة الاستخبارات.

واتهمت الحكومة الهولندية طهران بالضلوع في جريمتي قتل هولنديين من أصل إيراني في هولندا عامي 2015 و2017، فيما أقرّ الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على إيران بعد انكشاف تورّط أجهزة استخباراتها في تنفيذ عمليات اغتيال.

ويسعى النظام الإيراني، الذي انكشفت معظم شبكاته الإجرامية والاستخباراتية في قلب أوروبا، إلى تنظيم صفوفه من جديد عبر اتخاذ دول البلقان حديقة خلفية ومحطة رئيسية لاستعادة نشاطه في قلب القارّة.

العرب