رئيسة الوزراء جاسيندا أردرن.. فيضان عارم من المشاعر الإنسانية

رئيسة الوزراء جاسيندا أردرن.. فيضان عارم من المشاعر الإنسانية

خلف ملامحها الهادئة، أظهرت جاسيندا آردرن رئيسة وزراء نيوزيلندا، وجها آخر حادا وصارما عندما تعلق الأمر بأرواح أشخاص يعيشون في البلد الذي تتولى قيادته.

لم تعبأ بديانة الضحايا، ولا صفتهم، سواء كانوا مواطنين نيوزيلنديين، لاجئيين أو مهاجرين، فالكلمة العليا كانت لـ”الإنسانية” والـ”قيادة الحكيمة”، حسبما تداولت وسائل إعلام عالمية.

وبقدر موقفها الحازم من الاعتداء الإرهابي الذي أسقط 50 قتيلا ومثلهم مصابين في مدينة كرايتس تشيرش، كان تعاطف “آردرن” ومواقفها التضامنية مع الأسر المكلومة.

مواقف كانت مثالا حيا على “الزعامة الحقيقية” لتلك السياسية، حسبما وصفت صحيفة “الغارديان” البريطانية.

ومن ملامح الزعامة الإنسانية لرئيسة وزراء نيوزيلندا (37 عاماً) ، التي تعد أصغر رئيسة حكومة في العالم ما يلي:

إجراءات صارمة وسريعة

بعد مجزرة “المسجدين”، لم تحتج نيوزيلندا أكثر من 6 أيام لسن تشريع ينص على حظر السلاح في البلاد.

وفي موقف صارم، أعلنت آردرن، الخميس، أنّ حكومتها “وافقت على تعديل القوانين المتعلقة بحيازة الأسلحة، في اجتماعها بعد 72 ساعة من الهجوم الإرهابي المروع الذي استهدف المسجدين.

وقالت: “في 15 مارس/ آذار(حيث وقعت مجزرة المسجدين) تغيّر تاريخنا، والآن لابد أن تتغير قوانينا أيضا، نعلن عن تعديل قانون حيازة الأسلحة لتشديد قوانين السلاح وجعل بلدنا أكثر أمانا”.

موقف معادٍ صارم من منفذ المجزرة

مشاعر البغض التي تكنها “آردرن” لمنفذ مجزرة المسجدين (بيرنتون هاريسون تارانت)، لم تظهر فقط في وصفها الهجوم الإرهابي بأنه “أحلك يوم في تاريخ نيوزيلندا”، بل دفعها الأمر إلى تعهدها بعدم ذكر اسم منفذ الهجوم في أي من تصريحاتها أو أحاديثها بهدف تحقيره.

وقالت في خطاب مؤثر في البرلمان النيوزيلندي، الثلاثاء: “لقد سعى منفذ الهجوم لتحقيق أمور كثيرة من عمله الإرهابي، منها الشهرة، ولهذا لن تسمعوني أبداً أذكر اسمه”.

وتابعت: ” أناشدكم أن تتذكروا أسماء ضحايا الهجوم بدلاً من اسم منفذه، إنه إرهابي، إنه مجرم، إنه متطرف، لكني لن أُسميه أبداً عندما أتحدث عن الهجوم”.

تأبين مؤثر للضحايا

لا تترك رئيسة الوزراء النيوزيلندية أي ظهور لها بعد مجزرة المسجدين، إلا وتقوم بتذكّر الضحايا وتأبينهم بكلمات مؤثرة، والتأكيد على احترامها لهم ولمعتقداتهم.

وكان آخر هذه المواقف، ما قالته في حديثها لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” الأربعاء، حيث رفضت فكرة أن ما حدث في كرايست تشيرش، استهدف المسلمين وحدهم.

وقالت: “ما حصل في نيوزيلندا هو عمل عنف ارتكب ضدنا، من قبل شخص نشأ وتشبع بهذه الأفكار في مكان آخر.. فإذا أردنا العيش بعالم آمن ومتسامح للجميع، لا ينبغي أن ننظر إلى الأمر من منطلق الحدود”.

ومباشرة عقب المجزرة، شددت “آردرن” على وحدة الأمة النيوزيلندية في وجه هذا الاعتداء الإرهابي، مؤكدة أن الحادث استهدف جميع النيوزيلنديين.

وتابعت: “الكثير من الأشخاص المتأثرين بالاعتداء الإرهابي قد يكونون مهاجرين أو لاجئين، هم الذين اختاروا جعل نيوزيلندا وطنهم، وهي بالفعل وطنهم، ومن ارتكب هذا العنف فهو ضدنا (جميعا)”.

تضامن واسع

ظهر التضامن الواسع لرئيسة وزراء نيوزيلندا منذ اللحظات الأولى للمجزرة، ومن ثم ارتدائها الحجاب في ثاني يوم عند ذهابها لتعزية أهالي الضحايا وطمأنتهم.

تضامن ظهر أيضا بوضوح عندما أعلنت آردرن، الأربعاء، رفع الآذان والوقوف دقيقتيْ صمت، الجمعة، في ذكرى مرور أسبوع على المجزرة المروعة ببلادها.

وقالت: “سنبث، الجمعة، الآذان على نطاق البلاد عبر التلفزيون والإذاعة الوطنيين، وسنقف دقيقتي صمت”.

وذكرت صحيفة “نيوزيلاند هيرالد” المحلية، أنه تم اختيار الوقوف دقيقتي صمت بدلا من دقيقة واحدة كالمعتاد، بسبب حجم المأساة.

والجمعة الماضية، استهدف هجوم دموي مسجدين بـ”كرايست تشيرش” النيوزيلندية، قتل فيه 50 شخصا، أثناء تأديتهم الصلاة، وأصيب 50 آخرون.

فيما تمكنت السلطات من توقيف المنفذ، وهو أسترالي يدعى بيرنتون هاريسون تارانت، ومثل أمام المحكمة السبت الماضي، ووجهت إليه اتهامات بالقتل العمد.

وبدم بارد وتجرد من الإنسانية، سجل الإرهابي تارانت، لحظات تنفيذه أعمال قتل وحشية، وبث مقتطفات منها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في أعنف يوم شهده تاريخ البلاد الحديث، بحسب رئيسة الوزراء.

الأناضول