الجهاد النسائيّ: الإرهاب بتاء التأنيث

الجهاد النسائيّ: الإرهاب بتاء التأنيث

116

عرفت المجتمعات التي خاضت تحوّلات سياسية واجتماعية، واقتصاديّة، وثقافية بعد الثورات العربية أو الانتفاضات بروز ظواهر عديدة منها الانتحار، والإجرام، وارتفاع نسبة الإدمان على المخدرات، والتطرّف، والإرهاب، وغيرها. وقد استأثر موضوع الإرهاب باهتمام جميع الدارسين فنظروا في أسباب اندفاع جحافل من الشبان نحو تنظيم داعش، وانبهارهم بما يروّج له هذا التنظيم من أفكار. وحاول الباحثون أيضا تحليل طرق الاستقطاب، ومسالك “الهجرة” إلى بلاد الشام، وغيرها من المسائل.
بيد أنّ الموضوع الذي لم ينل حظه من العناية، في تقديرنا، هو النظر في ملامح “الجهاد النسائي”، والأسباب التي تدفع فئات من النساء من كافة بلدان العالم إلى الانتماء إلى تنظيم داعش، والقبول بالتضحية بكلّ شيء في سبيل الالتحاق ببلاد الشام على الرغم من انتهاج التنظيم سياسة تؤسس لمجتمع بطريكي لا مكان فيه للمساواة والحريات، والمواطنية الكاملة، وغيرها من القيم التي أرستها الحداثة، وكرّستها المواثيق، والمعاهدات الدولية، وتضمنتها شعارات الثورات. أيرجع الأمر إلى انبهار بقدرة هذا التنظيم على تحقيق ما وعد به، ونعني بذلك تحويل الخلافة الإسلامية إلى واقع ملموس؟ أيعود سرّ شدّ الرحال إلى “بلاد الإسلام” إلى الرغبة في استرجاع زمن تتمثله بعضهن على أساس أنّه زمن البدايات حيث العدل أساس العمران؟ هل وراء نفير النسوان إلى بلاد الشامّ رغبة في استبدال نمط عيش أجبرهن على العمل وفرض الذات بنمط عيش أرسته مؤسسة الحريم يتحمّل فيه الرجل عبء القوامة وتؤدي فيه المرأة طقوس الولاء والطاعة؟ ما مقومات الخطاب الذي تتوجه به الجماعات المتشدّدة إلى النساء؟ وهل استطاعت هذه الجماعات أن تقنع النساء بضرورة الاضطلاع بأدوار مختلفة عن السائد في مجتمعاتهن؟
سعى النظام السوري بدوره، إلى تجنيد النساء من خلال تأسيس كتائب للإناث في مايو 2012 ضمّت قرابة خمسمائة امرأة سمّيت كتائب “اللبؤات” للدفاع الوطنيّ
أولا- أيّ دور للنساء في الحروب؟
لئن اقتصر دور النساء في الفتوحات في الغالب، على شحذ همم الرجال، والتطبيب، والمؤازرة، والرعاية، ونقل الماء والسلاح، وإعداد الطعام للجيش، وحراسة الأسرى، فإنّ الأحداث المعاصرة في العراق وسوريا أثبتت تحوّلا في منظومة توزيع الأدوار، وتغييرا في الفهم. فقد زُجّ بالنساء في أتون الحرب في ثقافة تسود فيها تمثيلات اجتماعيّة ودينيّة، وصور نمطيّة تكرّس دونيّة المرأة، وتعتبرها ضعيفة البنية، جبانة، عاطفية، مندفعة … وتمّ تشجيع المسلمات من جميع الأقطار على خوض غمار الحرب تحت ذريعة الدفاع عن بيضة الإسلام، ونصرة المسلمين.
ويجد أصحاب هذا الموقف سندا في النصوص الدينيّة من ذلك أنّ الجهاد النسائيّ بالنفس اعتبر، في نظر أغلب الفقهاء، فرض عين في حالة الدفع، أي إذا فاجأ العدوّ القوم، وهجموا عليهم في ديارهم، ولم يستطع هؤلاء الدفاع دون مشاركة النساء أو في حالة حصول استنفار عامّ يدعو إليه إمام المسلمين أو ‏وليّ أمرهم. وبناء على ذلك جوّز عدد من الفقهاء للمرأة أن تخرج بدون إذن زوجها فحقُّ الربّ، في مثل هذه الحالة، مُقدّم على حقّ الزوج.
ويرى أنصار انخراط النساء في الجهاد الماديّ، أنّ الصحابيات مثّلن خير أنموذج يبرهن على صدق الإخلاص للدعوة المحمديّة. فقد ثبت أنّ نسيبة أمّ عمارة الأنصارية مثلا شاركت في القتال يوم أحد دفاعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، واشتهرت أخريات ببسالتهن كأمّ سليم، والربيع بنت معوذ، وأسماء بنت يزيد السكن، وصفية بنت عبد المطلب، وأمّ حكيم بنت الحارث وغيرهنّ. وأكّد المؤرّخون بدورهم، على مشاركة عدد من النساء في حروب الفتح وغيرها، وأشادوا بجرأة هؤلاء، وحرصهنّ على حماية على الإسلام، وإن كانوا لم يفصّلوا القول في موقف المجتمع من هذه المشاركة(1).
ولم يكتف مناصرو تجنيد النساء في القاعدة، وغيرها من التنظيمات وفي الحرب الدائرة في سوريا بتبرير موقفهم بالرجوع إلى النصوص الدينيّة، والشواهد التاريخية من سير الصحابيات بل وظّفوا تاريخ المقاومة الفلسطينية للغرض. فعدّدوا أسماء الشهيدات اللواتي شاركن في العمليات الاستشهاديّة ضدّ العدوّ الصهيونيّ كوفاء إدريس(2002) وريم الرياشي(2004)، وغيرهما. ولم يتوان عدد من منظّري “الجهاد النسائيّ” عن تعداد أسماء “المجاهدات” كالشيشينية حواء براييف، والسعودية أمّ عمر المكية التي ذهبت إلى أفغانستان للقتال، وغيرهن كثيرات.
وفي السياق نفسه أصدر عدد من “الشيوخ” فتاوى تدعم مشاركة النساء في الصراعات والحروب يقول عبد الله المنصور الشافعي ردا عن سؤال ما حكم جهاد النساء في الشام ؟:” أمّا علة كراهية العلماء القتال للنساء فهي ضعف البنية، وهذا المعنى المستفاد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: “ما كانت هذه لتقاتل” قال السرخسي في السير الكبير ليس للمرأة بنية صالحة للقتال، وقال غيره لاستيلاء الخور والجبن عليها، وخشية أن يظفر العدو بها، ويكشف عورتها ويهتك عرضها, فإذا علمنا هذا وعلمنا أنّ الفتوى كما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه تقدّر زمانا ومكانا وشخصا، فإنّي أقول بأنّ للمرأة السورية أن تقاتل اليوم في الشام قتال نفرة وخروج مع الثوّار بشروط منها: أن تكون مع محرم معها أو مجموعة تثق بها، وأن تقاتل قتال اختصاص، وكفاءات كأن تكون عالمة بإطلاق الصواريخ أو أحد أنواع الوظائف التكنولوجية الحربية مما لا خشية للالتحام فيه مع العدو -وهو ضابطه- أو حتى رامية “قناصة” فقد أثبت العلم اليوم أنّ المرأة ربما تكون أكثر موهبة من الرجل في التسديد… ولا ننسى هنا دور القناصات الروسيات في الحرب العالمية وعلى سبيل المثال فقد قتلت القناصة الروسية ليودميلا بافليتشينكو 309 مقاتل نازي قنصا ببندقيتها … كما أنّ إحدى العلل التي علل بها علماؤنا منع النساء من القتال هي أن لا يستدل بذلك على ضعف المسلمين. وقد نازع كثير من المفكرين اليوم وأطباء النفس في هذا واعتبروا أن الحقيقة هي عكس هذا فمشاركتها ترهب العدو، وتشعره بأنّ الأمة التي يحاربها أمة مجاهدة محاربة رجالها ونساؤها. وهذا مما يورث في نفسه الخذلان. والحق أنّ هذا أمر نسبي يقدر أيضا بناء على قاعدة الإمام الشافعي فما قاله علماؤنا بالنسبة لعصرهم صحيح وما قاله الخبراء اليوم بالنسبة لعصرنا صحيح ينطبق ربما علينا في الشام وله من الفوائد الباطنة والظاهرة ما لا يتسع”(2).
والواقع أنّ اللجوء إلى الفتاوى كان معمولا به من قبل لتبرير قبول مشاركة النساء في العمليات الانتحاريّة في فلسطين، والعراق، وإن أحرج عددًا من القيادات في حركة حماس وغيرها. وقد حاول بعضهم وضع شروط لهذه المشاركة كأن تكون المرأة صحبة محرم، ومرتدية لباسا شرعيّا إلى غير ذلك. ولكن سرعان ما تراجع المحافظون عن هذه الآراء، وأقرّوا بالأمر الواقع(3).
والناظر في تاريخ تجنيد العنصر النسائي للقتال في سوريا يتبيّن أنّ الأمر لم ينطلق مع تنظيم داعش إذ تثبت مقاطع فيديو وجود مجموعة من السوريات وهنّ يحملن السلاح الآلي والـ ”آر بي جي”، ويعلنّ انضمامهن إلى صفوف المعارضة المسلّحة للدفاع عن أنفسهن من عمليات الاعتداء التي يقوم بها نظام الأسد. وقد سعى النظام السوري بدوره، إلى تجنيد النساء من خلال تأسيس كتائب للإناث في مايو 2012 ضمّت قرابة خمسمائة امرأة سمّيت كتائب “اللبؤات” للدفاع الوطنيّ، واعتبرت ذراع النظام لمكافحة التمرّد. وقد اتّسمت كتائب نساء الأسد بوحشيتها، حتى إنّهن، والعهدة على الرواة، ذبحن حوالي مائة سوري من بينهم نساء وأطفال.
ولئن اختار نظام الأسد توظيف المعجم الحيواني، فسمّى مناصرته بـ “اللبؤات” فإنّ التنظيمات الإرهابية مالت إلى توظيف أيقونات تاريخية. فقد أعلن ما يسمّى بتنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق عن تشكيل كتيبتين نسائيتين، وهما “كتيبة الخنساء”، و”أمّ الريان” في محافظة الرّقة. ومعلوم أنّ الشاعرة الخنساء تتميّز بمجوعة من الصفات كالجلد، والشجاعة، والإقدام، وهي مثال في التضحية بأبنائها خدمة للإسلام في حرب القادسية… ومعنى هذا أنّ استرجاع هذا الأنموذج النسائي يهدف إلى حثّ النساء على محاكاة النماذج القيادية، والاضطلاع بدور هامّ داخل التنظيمات.
وتتمثّل مهمّة المجنّدات في تنظيم داعش في تفتيش جميع النساء خوفًا من تكرار هجمات رجال الأسد الذين تنكّروا في زيّ نسائي وباغتوا المقاتلين. ويقتضي الانتماء إلى هذه الكتائب التفرغ الكامل للعمل، مقابل ما يقارب مائتي دولار شهريا، وأن يكون عمر المرأة متراوحا بين 18 و25 سنة، وليس مهمّا أن تكون متزوجة أو عزباء. ولا تقتصر مهمّة النساء على التفتيش بل تتعدّى ذلك إلى تنظيم دوريات مراقبة لهيئة النساء في شوارع الرّقة تتطابق مع دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(4).
تتمثّل مهمّة المجنّدات في تنظيم داعش في تفتيش جميع النساء خوفًا من تكرار هجمات رجال الأسد الذين تنكّروا في زيّ نسائي وباغتوا المقاتلين
ونظرًا إلى عولمة الجهاد، فإنّ استقطاب جبهة النصرة” و“داعش”، وتنظيم شباب بالصومال للنساء لم يقتصر على السوريات فقط، إذ فتح الباب على مصراعيه أمام الفتيات القادمات من جميع أنحاء العالم اللواتي لقين كلّ الترحيب.
أمّا بقيّة الأدوار التي أسندت إلى النساء في التنظيمات الإرهابية فتتمثّل في العمل الاستخباراتي، وتهريب الرسائل، والأموال، والأسلحة، ونقل أجهزة الاتصال اللاسلكي، وتنفيذ بعض العمليات(5)، على الحدود اللبنانية السورية. فضلا عن جمع التبرّعات، ونشر الفكر المتشدّد، وإيواء المغرّر بهم. ومن النساء اللواتي ذاع صيتهن في هذا الإطار العراقية سجا الدليمي في شمال لبنان التي كانت متزوجة من زعيم داعش أبو بكر البغدادي. أمّا اللبنانية جمانه حميّد فقد اتهمت في 10 مارس/آذار 2014 بالمشاركة في
وعلاوة على هذه الأنشطة برعت فئة من النساء في استخدام وسائل الاتصال الحديثة، وخاصّة منها وسائل الإعلام الجديد لاستقطاب الشابّات والشبّان. فبعد مجلّة الخنساء(6)، التي أنشأتها القاعدة ظهرت المواقع الإلكترونية، وصفحات الفيسبوك، والمدوّنات التي تستغل للتأثير في المبحرين عبر الشبكة الإلكترونية. وعادة ما تقبل النساء على استعمال شبكات التواصل الاجتماعي بحكم عدم انشغالهن بأعمال تثقل كواهلهن، ومكوثهن في البيوت أطول وقت من الرجال. وغالبا ما تظهر النساء في وسائل التواصل الاجتماعي تحت أسماء مستعارة، (أمّ الريان، أمّ عمارة، إرهابية وأفتخر، حفيدات أمّ عمارة… فلا تتبيّن هويتهن إلاّ بعد القبض على أزواجهن أو شركائهن.
واللافت للانتباه أنّ النسوة المؤيدات للقاعدة أو تنظيم داعش كثيرا ما يستخدمن موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” للتحريض، وترويج الأفكار، ونشر أخبارهن، وإبداء مواقفهن من الاقتتال الذي يدور بين تنظيمي داعش والنصرة في سوريا. تؤكد بعض الدراسات “أن 40% من مواقع أصحاب الفكر المتطرف كانت تُديرها نساء أعمارهن ما بين 18 – 25 عامًا، وكان لهن الدور البارز في التأثير على الأخ أو الزوج، ودفعه للانضمام إلى جماعات الفكر الضال(7)
ويتّضح أنّ أدوار النساء في التنظيمات المسلحة الإرهابيّة إن كانت القاعدة أو جبهة النصرة أو أنصار الشريعة أو داعش أو تنظيم شباب الصومالي…متفاوتة. فهي أحيانا أدوار متجاوزة للمألوف والمتعارف عليه في الثقافة الأبوية، وفي أحايين أخرى متطابقة مع الأعراف والعادات الاجتماعية. والمؤكّد أنّ التدريب الذي تخضع له النساء في المعسكرات يؤهلهن للدفاع عن أنفسهن، وليست غايته، في الغالب، تقديمهن في الصفوف أثناء المواجهات الميدانية أو منحهن مناصب قيادية، وهو أمر مفهوم باعتبار أنّ هذه التنظيمات تنظر إلى النساء نظرة دونيّة ومنمّطة، وتعتبرهن تحت حماية الرجال. وتصدر عن موقف فقهيّ يميّز بين أنشطة الرجال، وأدوارهم في الحرب، وأنشطة النساء التي لا يجب أن تتماثل مع أدوار الرجال حتى لا تعرّض النظام الجندري إلى الإرباك، وتحافظ على نمط العلاقات بين الجنسين. ونرجّح أنّ الصور المتداولة على شبكة الإنترنت، والفيديوهات ليست الغاية منها إلاّ عرض ‘قدرات ‘التنظيم، وإرهاب “الأعداء” والتأثير في النساء حتى يلتحقن ببلاد الشامّ.
ولئن مثلت حور العين حافزا مهمّا دفع الشبّان إلى الانخراط في “الجهاد” فإنّ من الفتيات من آثرت مؤازرة المقاتلين من خلال “جهاد النكاح”. وعلى الرغم من محاولات التشكيك والتكذيب، ونسبة هذه الممارسات تارة إلى النظام السوري الذي يريد تشويه صورة “المجاهدين”، وطورا آخر إلى العلمانيين الرافضين المدّ الإسلامي فإنّ وزارة الداخلية التونسية كانت أوّل من أقرّ بوجود شبكات تستقطب الفتيات النساء بهدف السفر إلى سوريا، وممارسة الجنس مع المقاتلين. وقد سمّيت هؤلاء النسوة بمؤازرات الفراش. وأثبتت الشهادات التي قدّمتها العائلات، وبعض الضحايا في وسائل الإعلام أنّ استقطاب الفتيات حدث في المؤسسات التعليمية، والجامعات والمساجد وغيرها. بيد أنّه ينبغي التمييز بين الفتيات المغرّر بهن اللواتي زُجّ بهن في “الدعارة الحلال”، والفتيات اللاتي رغبن في الانخراط في جهاد النكاح إيمانا منهن بأنّ شحذ همم الرجال، وقضاء حاجتهم الجنسيّة حتى يتفرّغوا للقتال نشاط لا يقلّ أهميّة عن بقية الأنشطة الموكولة إلى النساء(8).
وسواء كانت المرأة ضحيّة شبكات الاتّجار بالبشر أو الدعارة أو قد انخرطت في هذه الممارسات بدعوى تقديم خدمة للمقاتلين فإنّ التركيز على استقطاب النساء يعود إلى عدّة عوامل تتجاوز الاعتبارات الجنسيّة.

ثانيا- من أسباب تجنيد النساء
تعود أسباب تجنيد النساء حسب البعض إلى تعقّد الوضع في بلدان النزاع ممّا يستوجب الاستعانة بجميع الفئات كالنساء والأطفال، والشيوخ وذوي العاهات. وكان أبو مصعب الزرقاوي، قائد القاعدة في العراق قد استخدم النساء في العمليات الإرهابيّة في ظلّ غياب المتطوّعين الرجال، ورغبة في الحصول على تغطية إعلامية أوسع لاسيما، وأنّ بروز النساء في المعسكرات يعدّ خبرا مثيرا يشدّ الجمهور الذي اعتاد تسييج المرأة في إطار الصور النمطيّة. فممّا لا شكّ فيه أنّ وجود النساء في الفضاء العامّ المخصّص للحرب مستغرب إذا ما تذكّرنا أنّ ساحات الوغى تعدّ فضاء لتشكيل الرجولة بامتياز.
والظاهر أنّ النساء يتميّزن بميزات أخرى منها أنّهن أكثر قدرة على تعبئة الحشود، وإلهاب المشاعر من خلال توظيف قيم الشرف، والعرض، والعار، ودعوة الرجال إلى حماية المستضعفات، والذود عن حمى الأمة. وقد نشر موقع صوت الجهاد رسالة بعنوان “يا نساء دوركن.. فقد نام الرجال” لـــ”منى صالح الشرقاوي” كرّست فيها ثقافة الكره والعنف. وقد خاطبت النساء على وجه التحديد داعية إياهن إلى عدم التباطؤ في نصرة الدين، وعدم التعويل على الرجال. تقول: “فيا من أكرمك الله ورفع قدرك لا تحقري من المعروف شيئاً، فتتباطئي منتظرةً دور الرجال في نصرة دينك وتتكاسلي في خدمته، وأخُصُّ من ذلك فروض الأعيان فلا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك، فلا تتهاوني وتَفَكّري معي في واقع أمتنا المرير وكيف تخاذل عنه أكثر رجالاتها في الوقت الذي يسام فيه أهل الإسلام سوء العذاب”. وبالإضافة إلى ما سبق تعمد الشرقاوي إلى التحريض ضدّ العلماء معتبرة أنّهم أدوات يستخدمها “الصليبيون” في تحصيل مآربهم، وقضاء حاجاتهم، محذّرة في ذات الوقت، شباب الإسلام من الانخداع بالعلماء الساعين وراء مصالحهم الشخصية، وشهواتهم، وملذّاتهم فهم ليسوا غيورين على أمّتهم ودينهم(9)
وتعدّ السعودية “بنت نجد” المسئولة الإعلامية لتنظيم القاعدة على الإنترنت، وقد اكتشف دخولها بأسماء مستعارة، وتزويدها لمواقع المتطرفين بالتسجيلات الصوتية والمرئية، والبيانات الرسمية للتنظيم، وبثّها عن طريق تلك المواقع .أمّا “وفاء اليحيا” فإنّها كانت تعمل محاضرة في جامعة الملك سعود وقد أخذت تتعامل مع شبكة الإنترنت بشكل متزايد. فقد بدأت بالمشاركة من خلال الردود والتعليقات على المواضيع التي تطرح في بعض المنتديات الخاصّة بمواضيع الجهاد وأخبار المجاهدين. ثمّ سرعان ما تطوّر الأمر فأصبحت تشارك في بعض المنتديات المتطرفة بكُنًى مجهولة منها: “المدوّية”، و”البارقة”، و”بارقة السيوف”، في بعض المواقع المتطرفة مثل: “الفوائد الإسلامية”، و”التجديد”، “القلعة”، و”الأنصار”، و”الإصلاح”. وشملت مشاركاتها التعليق على ما حصل من تغيير في مواقف الدول تجاه “المجاهدين”. وكانت تكتب عن مناصرة المجاهدين في العراق وأفغانستان، وتشيد بأعمال “القاعدة”، وعملياتها في الأراضي السعودية(10)
إنّ استقطاب جبهة النصرة” و“داعش”، للنساء لم يقتصر على السوريات فقط إذ فتح الباب على مصراعيه أمام الفتيات القادمات من جميع أنحاء العالم اللواتي لقين كلّ الترحيب
ونظرا إلى أنّ النساء نادرا ما يكنّ عرضة للتفتيش فإنّ بعض الإرهابيين يستخدمون زوجاتهم أو أمهاتهم للسفر بهن إلى دول مجاورة بهدف شراء الأسلحة وتهريبها. كما أنّ التنظيمات الإرهابية توظّف الشابّات في العمل اللوجستيكي عند القيام بالعمليات الإرهابية أو لتهريب السكاكين والشرائح الهاتفية إلى السجن خلال زيارة أقاربهنّ. وتجدر الإشارة إلى أنّ نشاط النساء في دعم الأوساط الإرهابية لم يؤهلهن إلى حدّ الآن لتنفيذ عمليات انتحارية في النزاع في سوريا أو لبنان، على عكس الوضع في العراق الذي دعيت فيه عدّة نساء مرتبطات بالقاعدة إلى تنفيذ عمليات مختلفة أو تنظيم الشباب في الصومال الذي تعزى قيادة العمليات الإرهابية فيه إلى البريطانية سامنثا لوثويت المعروفة بـ “الأرملة البيضاء(11).
والظاهر أّنّه كلّما ضيّقت السلط الأمنية الخناق على الإرهابيين كلّفت النساء بالاضطلاع بعدّة مهمّات، وهو ما حدث مؤخرا في تونس إذ ألقت القوات الأمنية القبض على عدّة نسوة انخرطن في العمليات الإرهابية منذ 2013.(12) وعلاوة على ما سبق يعدّ ترمّل نساء الإرهابيين عاملا من العوامل التي تشجّع المسؤولين في التنظيمات المتطرّفة على استغلال مشاعر الغضب، والرغبة في الانتقام فيحفزن هؤلاء النسوة على العمل لصالح التنظيم، وهو أمر يثبت مدى الاستغلال الذي تتعرّض له النساء، وإن كان يبرّر بدافع دينيّ.
ولا يكمن استغلال النساء في هذا الأمر فقط بل يتعدّاه إلى التسويق الإعلامي. فتنظيم داعش يتباهى بعدد النساء اللواتي التحقن به من مختلف البلدان مثبتًا بذلك نجاحه في استقطاب نساء تربّين في بيئة تشجّع على التحرّر، وإثبات الكينونة، ومؤكدا في ذات الوقت، إفادته من ضوابط الإشهار، وما تقوم عليه الثقافة المرئية من أسس. فشتّان بين عمليات ينفذّها الرجل، وعمليات تنفذّها المرأة التي يصوغ المتخيّل الجمعي حولها مجموعة من الأحكام فإذا بها تبيّن مدى قدرتها على اختراق المنظومات المغلقة. إنّها تتباهى أمام الكاميرا بالسلاح(13) ولا تتوانى عن الإشادة بالعنف الممارس في “الدولة الإسلامية” بل وصل الأمر ببعضهن إلى حمل رأس والتقاط صورة سرعان ما تمّ تداولها في شبكات التواصل الاجتماعي.
تبدو النساء، في نظر الحركات الإرهابية فئة يسهل التأثير فيها بحكم “نقصان العقل”، ولذلك وجدنا القيادات تنظّر، وتقرّر، وتبرّر، وتحاول الإقناع. يقول يوسف العييري (قتل في اشتباك مع قوات الأمن السعودية 2003، وهو مؤسس تنظيم القاعدة بالسعودية)، متحدّثا عن أهميّة دور المرأة في التنظيم، في رسالة عنوانها “دور النساء في جهاد الأعداء”: «سبب مخاطبتنا في هذه الورقات المرأة هو ما رأيناه بأنّ المرأة إذا اقتنعت بأمر كانت أعظم حافز للرجال بأدائه، وإذا عارضت أمرا كانت من أعظم الموانع له…
نحن لا نريد منك أن تدخلي أرض المعركة لما فيه من تبذل وفتنة، ولكنّنا نريد منك أن تقتدي بنساء السلف في تحريضهن على الجهاد، وإعدادهن له وفي صبرهن على هذا الطريق، وفي شوقهن للمشاركة بكلّ شيء مقابل انتصار الإسلام… فأقل ما يطلب منك في حال خروج الرجال إلى الجهاد أن تسكتي وترضي بما أمر الله به، واعلمي أنّك حين تثنين الرجال عن الجهاد، سواء كانوا أبناء أو زوجا أو إخوة فإنّ هذا نوع من الصد عن سبيل الله لا يرضاه أبدا(14))«. ويقول في موضع آخر:” فإن أردت أن تعرفي من أنت فانظري بمن تقتدين، وإذا أردت أن تعرفي حال الأمة فانظر بمن تقتدي نساؤها، فإن كنّ يقتدين بالعظيمات المجاهدات الصادقات القانتات العابدات الصابرات السائحات فقد انتصرت الأمة، وإن كنّ يقتدين بالعاهرات الكافرات الكاذبات الضالات المضلات المائلات المميلات، فهذا خسران الأمة حقاً(15)). ولا تتوقّف محاولة التأثير في القارئات عند هذا الحدّ إذ يحدّد العييني المرأة القدوة التي ينبغي حسب رأيه، التماهي معها. يقول: “ومن المجاهدات أيضاً اللاتي ينبغي لك أختي أن تتخذيها قدوة، وخاصّة في نصرتها لدين الله والدفاع عن المسلمين، هي البطلة أمّ موسى اللخمية زوج نصير اللخمي والد موسى ابن نصير الذي فتح الأندلس”(16).
وبعيدا عن دواعي توظيف المجتمع الذكوري للنساء في صراعاتهم الأيديولوجية والسياسية نتبيّن أنّ من النساء من ينخرطن في الأعمال الإرهابية عن قناعة تامّة بخدمة الدين أو القضيّة العادلة من ذلك أنّ معظم البريطانيات ذهبن إلى سوريا رغبة في تقديم المساعدة للمسلمين لإسقاط الرئيس الأسد. وهنّ يعتقدن جازما أنّ القضيّة إنسانيّة تتطلّب توحيد الجهود من أجل القضاء على الظلم. غير أنّ الكثير منهن يكتشفن الواقع بعد فوات الأوان فيدركن الفرق الشاسع بين النشاط الإنسانيّ، والعمل الإرهابيّ.
وإذا تأمّلنا في بقية الأسباب التي تدفع بعضهن إلى الالتحاق بالتنظيمات الإرهابيّة، أدركنا أنّ التواصل عبر الأنترنت قد سمح للفتيات بتكوين علاقات عاطفية. ويتّضح من خلال بعض الشهادات أنّ عددا من الفتيات قرّرن الالتحاق بتنظيم داعش على إثر إعجابهن بصور شبّان يمثّلون في نظرهن، الرجولة المثاليّة، وقد استطعن التواصل معهم، واقتنعن بأنّ السعادة تكمن في ملاقاة الحبيب في سوريا، ومن هنا كانت البنية النفسية الهشّة، خاصّة لدى المراهقات مساهمة في صناعة “الإرهابية”.
وبالإضافة إلى ما سبق، تشير بعض الشهادات إلى تأثّر بعض الفتيات بحياة البذخ التي تظهر من خلال الصور المتداولة في مواقع جهادية أو في مقاطع الفيديو. فقد نشرت أرملة متطرّف أسترالي، صورًا دعائية لداعش، تظهر حياة الرفاهية، التي وصفتها بـ”جهاد الخمس نجوم” في سوريا، قائلة إنّها ونساء داعش “متعطّشات لشرب الدماء”. وتظهر الصور التي بثّت على موقع تويتر، عبر حساب يعتقد أنه لامرأة من ملبورن تدعى زهرة دومان، عدّة نساء يرفعن علم داعش، قرب سيارة فخمة، متباهيات بأسلحتهن، ولباسهن الأسود. وليس غريبا أن يروّج تنظيم داعش صورا تظهر حياة الرفاهية التي يعيشها مقاتلوه بهدف استقطاب المزيد من الشبّان.
إنّ النسوة المؤيدات للقاعدة أو تنظيم داعش كثيرا ما يستخدمن موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” للتحريض، وترويج الأفكار، ونشر أخبارهن، وإبداء مواقفهن من القتال
ولا يمكن التغاضي عن سبب آخر يحفز الشابات على الانتماء إلى التنظيمات الإرهابية يتمثّل في الرغبة في إثبات النفس، والتماهي مع الشخصيات الذكورية فضلا عن الحرص على خرق العادات والتقاليد المحليّة في مجتمع يطغى عليه الرجال. فمن السعوديات من كانت تسهم في استقطاب الفتيات، وتجهيز الشباب المغرّر بهم بالمال، والهويات المزوّرة ،والجوازات، وبعثهم إلى مناطق القتال، فضلا عن تحريض ابنيها ،وإرسالهما إلى مناطق القتال في العراق وأفغانستان، وتكوين خليّة إرهابية في الداخل(17)
أمّا السعودية حنان سمكري فقد اعتنقت الفكر التكفيري وعملت على تدريسه والترويج له في المجتمع النسائي، والتحريض على الخروج على ولاة الأمر، وعرف عنها تأييدها الشديد للأعمال الإرهابية بالداخل، وإقامة علاقات قويّة، واتصالات مباشرة مع “القاعدة”، وتلقّي التعليمات من التنظيم في أفغانستان، وجمع التبرعات وإرسالها إلى التنظيم في أفغانستان، وصرف مساعدات مالية وعينية لأُسـَر المسجونين في قضايا الإرهاب، وأُسـر المقتولين في مواجهات أمنية مع السلطات السعودية، وإيواء المطلوبين أمنيا، واستئجار الشقق السكنية لهم بالإضافة إلى إقدامها على منع أبنائها من الدراسة في المدارس الحكومية بدعوى أنّها غير شرعيّة، وتزويج عدد من الفتيات المغرّر بهن بمساجين في قضايا إرهابية(18).
تومئ هذه العينات إلى مدى قدرة النساء على إنتاج خطاب تـأثيري حماسيّ، وعاطفيّ، ومدى تحريكهن لمشاعر المتقبّلات، واعتمادهن أسلوبا تحفيزيّا يراوح بين التوبيخ، والتأثيم، والترغيب، والترهيب. وتحرص هؤلاء المكلّفات بالاستقطاب على بناء علاقات التضامن، والتآزر، والأخوّة بين النساء، وإقناعهن بضرورة توظيف كلّ الخبرات المتحصّل عليها للمساعدة على بناء الأمّة حتى يتمّ الانتقال من الضعف إلى القوّة، ومن الذلّ إلى المجد. كما أنّ المشرفات على صفحات الفايسبوك أو الفاعلات في تويتر يؤمن بأنّ الجهاد باللسان مرحلة ولّت وما عادت تنفع وإنّما آن أوان الجهاد باليد.
هناك إذن رغبة لدى فئة من النساء في التماهي مع شخصيات تاريخية من صحابيات وتابعات حجّة ذلك الكنى، والأسماء المستعارة التي تختارها بعضهن للتعبير عن هويّة جديدة تشكّلها المرأة بإرادتها الذاتيّة. فهي تختار أن يكون اسمها الحركي أمّ الزبير أو الخنساء أو نسيبة أو حفيدة عمر،… ومعنى ذلك أن هؤلاء النسوة مقتنعات بأنّ انضمامهن إلى التنظيمات الإرهابيّة هو جهاد في سبيل الله، واسترجاع لزمن كانت فيه النساء تصنع البطولات عبر التضحيّة بالمال، والوقت، والأبناء والنفس(19). وهو ما يفنّد زعم بعضهم أنّ ارتباط غالبية النساء بتنظيم القاعدة أو داعش يعود إلى أسباب عاطفيّة محضة، وأميّة دينيّة، ولا تسنده قناعات فكريّة. ولعلّ ما يسترعي الانتباه في الخطاب الذي تصوغه النساء عن الجهاد هذه الديناميكية المسجلة على مستوى بنية العلاقات بين الجنسين، وبنية الأسرة(20)، ورؤية الذات في علاقتها بالآخر.

ثالثا- الإرهاب وتشكيل الهويّة الأنثويّة
تحتلّ المرأة منزلة مهمّة في النظام الترميزيّ باعتبارها مانحة الحياة. فهي رمز الخصب، والأرض، والسلم، وتقترن في التصوّرات الثقافيّة بالفضاء الحميم الآمن، والحريم، أي الداخل. ولكنّ الإرباك الحاصل بعد محاولات تجنيد النساء في العمل العسكريّ يقيم الدليل على صناعة هويّة أنثويّة في قطيعة مع هذا النسق الرمزيّ.
وإن كانت المرأة في المتخيّل الاجتماعيّ السائد في المجتمعات البطريكية والمعضود بالسند الدينيّ كائنا ضعيفا مفتقرا إلى محاسن تؤهله للقيادة والزعامة، مكسورة الجناحين، مفعولا بها، ومرتبطة باللين، والخور، والجبن.. فإنّها اليوم وبعد الاستئناس بالمناخ الحربي الدمويّ، والأسلحة، تغدو شديدة المراس، مستأسدة لا تهاب العراك، وتتباهى بحمل الرؤوس المقطوعة مثلما فعلت (بنت أسامة) البريطانية.
وإذا كانت النساء قديما حارسات الحدود الجندرية مكتفيات بالاضطلاع بأدوار ثانوية في الحروب كالطبخ وتطبيب المرضى، وحفز همم الرجال حتى لا يجبنوا فإنّ المجنّدات في العمل العسكريّ يجدن لذّة في حمل السلاح، وتصويب الضربات، وزهق الأرواح ممّا ينذر، في تصوّرنا، بتحوّل في الصفات المكوّنة للهويّة الأنثوية، ومفهوم الأمومة في حدّ ذاته.
وبالعود إلى طريقة تمثّل الذات، وبناء الهويّة الفرديّة نتبيّن اختلاف التسميات، والأحكام بشأن هؤلاء المجنّدات. فهنّ يعرّفن أنفسهن بأنّهن جهاديات لهنّ هدف سامٍ، وهو خدمة الإسلام الحقّ، ونصرة الإخوان، وإقامة دولة الإسلام والمسلمين وإعادة مجد الأمة ولذلك ستّتخذن أسماء بديلة: أمّ مصعب المجاهدة، وأمّ أويس، وأم البراء السلفية، وعاشقة الجهاد، وأنصريات المجاهدين … كما أنّهن ستصنعن هوّيات جديدة، وستحرصن على التماهي مع الانتحاريات الفلسطينيات من حماس، ونساء حزب الله، والشاشانيات(21). وسيعملن على صناعة القدوة والترويج لصورة المسلمة الحقيقيّة، أي المرأة الفاعلة القويّة وسيحدثن بالتالي إرباكا في نظام التمثلات: الضعف/القوة، الشجاعة/ الجبن، الضحية/الفاعلة.
تقول مريم إحدى السلفيات التونسية:
“رﺟﺎء…
ﺍﺳﺤﺒﻮﺍ ﻋﻨﻲ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴّﺔ! ﻭ ﻻ‌ ﺗﺴﺄﻟﻮﻧﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻃنية!
ﺃﻧﺎ من اليوم هويتي إسلامية ﻓﺎﻧّﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻗﺪ ﺑﺖ أﻓﻐﺎﻧﻴّﺔ، ﺷﻴﺸﺎﻧﻴّﺔ، ﻏﺰﺍﻭﻳّﺔ، ﺻﻮﻣﺎﻟﻴّﺔ، ﻣﺎﻟﻴّﺔ…إني من اليوم شامية(22)”.
وجاء في صفحة ‘سلفيات قليبية ‘التونسية على الفيسبوك:
“ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻟﺪﻳنا ﺭﻏﺒﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻓﻲ ﺟﻬﺎﺩ ﻻ‌ ﺗﻮﺻﻒ ﻟﻤﺎ ﺃﺭﻩ ﻣﻦ ﺑﻄﺶ ﺍﻟﻄﺎﻏﻴﺔ ﻭﺳﻜﻮﺕ ﺍﻟﺠﺒﻨاء ﻭﺷﺒﺎﺑﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﻫﻲ ﻭﺍﻟﻤﻼ‌ﻫﻲ إن لم تكونوا رجالا فافسحوا لنا المجال، إنا والله أحفاد خديجة وعائشة انا نحمل أجساد نساء بقلوب رجال وسترون من الشيء العجاب (23)).
وفي المقابل تعرف هؤلاء النسوة بأنّهن نساء القاعدة، إرهابيات، نساء داعش…اللواتي شاركن في تحويل وجهة النضال من مقاومة العدو البراني المحتل إلى مقاومة “العدوّ” الداخلي المذهبي أو الطائفي أو الأيديولوجي. وهنا يكمن الاختلاف في التصوّر والحكم على الدور الذي تضطلع به النساء في التطرّف والإرهاب.
ويذكّرنا الخطاب النسائي المنتقد للرجال المتقاعسين عن “الجهاد”، والقائم على تعيير أشباه الرجال بالجبن والخور بالدور الذي كانت تضطلع به النساء في الحروب، أي فضح الرجل الذي لا يمتثل للقيم التي تتأسس عليها الرجولة(24) كما أنّ هذا الخطاب العنيف ينمّ عن خيبة أمل الشابات في الشبان المحيطين بهنّ، وتبرمهن من وجود “أزمة رجولة” في مجتمعاتهن، وهو ما يحثّهن على البحث عن البديل الذي يعكس الأنموذج، أي البطل المغوار القادر على البطش بالأعداء. ونذهب إلى أنّ تحوّلا قد طرأ على مستوى التصوّرات، وبناء الرجولة، أي في البنى الذهنية. فما عادت الفتاة تقبل “بالرجل الرخو” غاية المنى أن تعثر على “الرجل الصلب”. فقد طالبت السعودية وفاء الشهري في مايو (آيار) 2010 نساء «القاعدة» في السعودية بالهروب إلى اليمن في مقالة لها نشرتها مجلة «صدى الملاحم» بعنوان «نداء إلى نساء أرض الحرمين» قالت فيه: «إذا عجز الرجال عن الدفاع عنكن والمحافظة عليكن، فتعالين إلى أسود المجاهدين في جزيرة العرب ليكرموكن ويذودوا عنكن»(25)).
ولئن قبلت وافدة النساء أسماء بنت يزيد بن السكن(26)، بالدلالة التي أضفاها الرسول صلي الله عليه وسلم على جهاد النساء حين لخّصه في حسن التبعّل، وفي الحج والعمرة فإنّ فتيات القرن الواحد والعشرين طمحنّ في ترسيخ “المساواة في العمل الجهادي” عن قصد أو عن غير وعي فكنّ منتشيات بحمل السلاح، واستعراض حركاتهن في مخيّمات التدريب العسكري من خلال مقاطع الفيديو. وعلى الرغم من محاولة التنظيمات الإرهابية الحدّ من طموح النساء وتطويعهن للقيام ببعض الأنشطة الثانوية، فإنّنا نقدر أنّ من النساء من ترغب في المناصب القيادية (27)، واسترجاع أنموذج عائشة أمّ المؤمنين التي نهضت بدور استثنائيّ في حرب الجمل.
ونذهب إلى أنّ تجاوز النساء الأدوار الجندرية المعهودة التي تنسب إلى النساء كالتطبيب، والمساعدة بالمال، والدعاء، والرعاية إلى الرغبة في إثبات الذات هو شكل من أشكال تحدّي المجتمع البطريكي في سياق يتّسم بالخارق للعادة والمفارق للمألوف، وهو زمن الحرب والفوضى. إنّه زمن يقلب المعايير رأسا على عقب، ويسمح بالاختراق، وتجاوز الحدود بين الجنسين، وعلى هذا الأساس كان انتماء النساء إلى الجناح العسكريّ بدافع انتزاع الاعتراف، وفرض المساواة بين الجنسين بشكل من الأشكال. فهذه الأجيال تتنكّر لقيم العصر، وتدّعي أنّها ترفض مكتسبات تحقّقت للنساء عبر نضال طويل، وتتمسّك بالعيش في زمن غير هذا الزمن ولكنّها، في الواقع، تفيد من الفكر النسويّ، ومن هذه الإنجازات، والتراكمات المعرفيّة التاريخيّة، وتقيم الدليل على حصول “التمكين” وإن كان في اتجاه معاكس.
ولا يذهبنّ في الظنّ أنّ التغيير قد طرأ على الهوية الأنثويّة لهؤلاء المجنّدات فحسب، إنّما برز بشكل أعمّ على مختلف الهويات الأنثوية. فرأينا نساء يقبلن بالرجوع إلى مؤسسة الحريم، ويرضين بالامتثال لقوانين المجتمع البطريكيّ، بل يعملن جاهدات على تعزيزه، وعثرنا على نساء لا يجدن غضاضة في منح أجسادهن للمقاتلين، وهذا يقيم الدليل على أنّ التحولات السياسية، والاجتماعيّة، قد كان لها انعكاسات على مستوى بناء الهويات الأنثويّة وتشكيل الهويات الذكوريّة(28).
أن 40% من مواقع أصحاب الفكر المتطرف كانت تُديرها نساء أعمارهن ما بين 18 – 25 عاماً، وكان لهن الدور البارز في التأثير على الأخ أو الزوج، ودفعه للانضمام إلى جماعات الفكر الضال
على سبيل الخاتمة
خضع مصطلح الجهاد لتحوّل دلالي فاتسع مفهومه وتعدّدت أصنافه ليشمل الجهاد الإلكتروني والجهاد النسائي، وتباينت تبعا لذلك مواقف الشيوخ والدعاة والقياديين من أهل السنة والشيعة وغيرهم حول أحكامه. فرفض أغلبهم مشاركة المرأة في القتال، وتوظيفها في العمليات الانتحارية، والسفر بها إلى سوريا، وتعريضها للمخاطر في أرض النزاع بدعوى أنّ النساء لسن من أهل الجهاد بالنفس لأعداء الله؛ وهن عورة وفتنة في حين سمح البعض الآخر بتجنيد النساء، ولكن وفق شروط تراعي ضوابط “الشريعة”،(29) ومال آخرون إلى التنازل عن شرط الذكورة وشجعوا النساء على النفير إلى سوريا، وقبلوا أن تتولى المرأة قيادة العمليات الإرهابية أو التخطيط لها. غير أنّ السؤال المطروح، والذي عجز الشيوخ عن الإجابة عنه: ما الثواب المخصّص للمرأة في العالم الأخروي؟
إنّ ما يسترعي الانتباه في الجدل القائم حول مشروعيّة “جهاد” المرأة هو إقدام عدد من النساء على التعبير عن مواقفهن من المشاركة في “الجهاد” معارضات بذلك أقوال العلماء. فـ “رفيقات الجنان” صرّحن:” إنّ نفير المرأة المسلمة إلى الشام إنما هو شأن خاص ولها الحرية في الإقبال على ذلك طالما كان دون معصية(30). وهذا يعني تحوّلا في الوعي النسائيّ، وإدراكا لحقّ تقرير المصير والاختيار وفرض الإرادة، وإن كان في اتجاه غير سلميّ . وممّا لا شكّ فيه أنّ مخالفة النساء أقوال أغلب العلماء أمر غير مألوف في الأدبيات الفقهية التي اعتادت أن تضرب الوصاية على النساء فتتحدث باسمهم، ونيابة عنهن في أمور تخصهن أدرجت تحت “فقه النساء”.
وبالنظر في الأدوار التي تتقلدها المرأة في “الجهاد” نتبيّن أنّ انضمام النساء إلى الجماعات الإرهابية يختلف من فئة إلى أخرى، ويكون جماعيا أو فرديا. فنجد من النساء من ترغب في الانخراط في التنظيمات، والعمل تحت إمرة ذكورية في مقابل نساء آثرن تنفيذ عمليات إرهابية خططنا لها بطريقة فردية. فالمرأة المنتقبة في الإمارات التي عُرفت بـ”شبح الريم” كانت مطلعة على بعض المواقع الإلكترونية الإرهابية على شبكة الإنترنت، وتمكنت من معرفة طريقة صنع القنابل البدائية الصنع، واستطاعت بعد ذلك ارتكاب جرائم تمثلت في قتل معلمة أمريكية في أحد المراكز التجارية بجزيرة الريم بإمارة أبوظبي في الأول من كانون الأول 2014 ، وكانت قد زرعت قبلها قنبلة بدائية الصنع للتخلص من طبيب أمريكي من أصل مصري في منطقة كورنيش أبو ظبي(31). وعلى الرغم من قلّة العمليات الإرهابية الفردية إلاّ أنّها تعدّ كسرا للقاعدة في المجتمعات البطريكية التي تكرّس “للذكر من العقل والتدبير حظّ الأنثيين”(32)، وترسي مبدأ “وراء كلّ مجاهد امرأة عظيمة”، فإذا بالمرأة تتحوّل من عائق من عوائق الجهاد إلى فاعلة تملك رأسا مدبرا، وإرادة على التنفيذ.
ويلوح أنّ العداء لم يعد موجّها للغرب فقط بل لكلّ من سوّلت له نفسه مخالفة مشروع أيديولوجي آمنت به النساء، وآثرت التضحية بكلّ شيء في سبيل إنجازه. ومن مستلزمات هذا العداء الركون إلى العنف في جميع تجلياته بدءا بالعنف اللفظيّ وصولا إلى العنف الماديّ.
لم يعد جهاد النفس على رأس اهتمام هذه الفئة من النساء، وما عادت العمرة والحجّ وحسن التبعّل وغيرها من الأنشطة تعادل “الجهاد” في نظرهنّ. إنّما صار شدّ الرحال إلى ساحات الوغى هو غاية المنى. هل هو البحث عن الشهادة أم عن الثواب أم عن الغنيمة أم عن رجل يعتبرنه “الرجل الحقيقيّ في عالم فيه الرجال قليل”؟

*أستاذة علم الاجتماع بالجامعة التونسية

المراجع

1. قامت خولة بنت الأزور بأدوار بطولية تحت قيادة خالد بن الوليد فى حرب الروم. وأنقذت شقيقها (ضرار) من أسر الروم، ومما يؤثر عنها أنها حاربت فى إحدى المعارك وهى ملثمة وأبلت بلاءً حسنًا فى القتال، فأعجب خالد بشجاعتها وبعد انتهاء المعركة طلبها وهو يعتقد أنها رجل وأخذ يسأله من يكون فأنكرت ولما رفع اللثام عن وجهها عرف أنها امرأة.2. فتوى بتاريخ 16-3-2013.http://www.odabasham.net/show.php?sid=64134
3- DAVID COOK, Women Fighting in Jihad?Studies in Conflict & Terrorism, 28:375–384, 2005
Copyright Taylor & Francis Inc.ISSN: 1057-610X print / 1521-0731 online
DOI: 10.1080/10576100500180212
4- الكتائب النسائية المجاهدة .. ما الذى دفعهن لحمل السلاح ؟ بتاريخ16-5-2015
http://www.masryanews.com/?page=page&id=3072
5- يذكر أنّ لبنان هو البلد الأول في الشرق الأوسط الذي شهد عمليات انتحارية تنفذها نساء. وقد نفذت صنعاء مهيدلي، 16 عاماً، أوّل عملية من هذا النوع في 9 أبريل/نيسان 1985 وقد تبنّى حينها الحزب الاشتراكي القومي السوري العملية. بعدها، قامت نساء بعشرات العمليات الإرهابية مستهدفات الجيش الإسرائيلي أو جيش لحد.6- كانت تشرف عليها “أم أسامة” – مصرية الجنسية – وكانت تنادي النساء بنصرة المجاهدين7- فرناس عطية، لماذا امتد إرهاب النساء إلى المجتمعات الخليجية؟ بتاريخ كانون الثاني 21, 2015، المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجيةHTTP://NCRO.SY/?P=1510
8 Jihad Nikah: Au maximum une quinzaine de Tunisiennes sont allées en Syrie, selon le MI
07 octobre 2013-http://tunisie14.tn/article/detail/jihad-nikah-au-maximum-une-quinzaine-de-tunisiennes-sont-allees-en-syrie-selon-le-mi
– رحمة الشارني، تونسية عائدة من “جهاد النكاح” بجنين وإيدز،2013/09/25
http://ar.webmanagercenter.com/2013/09/25/19088/- نساء مارسن “جهاد النكاح” يروون خفايا والفضائح المذلة التي عاشوهاhttp://www.sibtayn.com/ar/index.php?option=com_content&view=article&id=40334:%D9%86%D8%B3
-آمال قرامي،حقّ مجاهدات النكاح فى هبة أجسادهن للثوّار، http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=24092013&id=68a4fa9c-77f8-40c1-89f9-252ceb1c8f72
9 قراءة مختصرة في ملف التطرف النسائي في السعودية، بتاريخ 2 أغسطس, 2014
: http://www.assakina.com/center/parties/50052.html#ixzz3aaYkFy4s
10 المرجع نفسه.11 بالصور: «الأرملة البيضاء» المسؤولة عن مقتل المئات، بتاريخ18-5-2015 http://alkhabarpress.com/12 تونس- تفاصيل جديدة عن إرهابيات واد الليل: من بينهن شقيقتين كانتا متفوقتين في الدراسة قبل دخول عالم الارهاببتاريخ 2014/10/27،http://ar.webmanagercenter.com-/13- تيوب_المواطن : تجنيد النساء السعوديات في داعش و القاعدة، 15 مايو 2015
http://www.almowaten.net/2015/05/14- يوسف بن صالح العييري،’دور النساء في جهاد الأعداء’، ص3، نسخة متداولة على الإنترنت.https://mujahida89.wordpress.com/2014/05/05/%D8%AF%D9%88%D8%B1-15- – المرجع نفسه، ص5. 16- المرجع نفسه، ص 10. قراءة مختصرة في ملف التطرف النسائي في السعودية، بتاريخ 2 أغسطس, 201417- : http://www.assakina.com/center/parties/50052.html#ixzz3aaYkFy4s
18-المرجع نفسه. 19-يبدو أنّ مجموعة من النساء المنتميات لجماعة الإخوان المسلمين أطلقن على أنفسهن “جبهة الأنصاريات الجهادية” وسعين إلى استقطاب النساء لما اعتبرنه جهادا.20- Kellie Langwell and Kelsey Ruegger,The Effects of ISIS on Family Structure Systems; (2014). Undergraduate Student Research Day Abstracts and Posters. Paper 26.http://digitalcommons.chapman.edu/cusrd_abstracts/26
21- “Sisters’ Role in Jihad,” available at (http://www.qoqaz.co.za/html/articlessistersinjihad.htm). 22- صفحة عاشقة الجهاد على الفيسبوك23- صفحة ‘سلفيات قليبية ‘التونسية على الفيسبوك24- من الأقوال التي كانت ترتجل في ساحات الوغى في هذا الصدد:نحن بنات طارق نمشي على النمارق إن تقبلوا نعانق وإن تدبروا نفارق فراقاُ غير وامق -25- هدى الصالح، نساء مع القاعدة،15 ديسمبر, 2013، موقع السكينةhttp://www.assakina.com/center/parties/34443.html
– 26-أسماء بنت يزيد بن السكن خطيبة النساء، جاءت إلى رسول الله نائبة عن النساء تكلمه في أمر الجهاد قائلة: “بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، إن قد بعثك إلى الرجال والنساء كافة، فآمنا بك وبإلهك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، ومَقْضَى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معشر الرجال فُضلتم علينا بالجُمع والجَماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وأن الرجل إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مجاهداً حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، أفلا نشارككم في هذا الأجر والخير؟”فالتفت النبي صلي الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مقالتها في أمر دينها من هذه؟” فقالوا يا رسول الله: ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا!!”فالتفت النبي صلي الله عليه وسلم إليها فقال: افهمي أيتها المرأة، وأعلمي من خلفك من النساء، أن حسن تبعل المرأة لزوجها [يعني حسن عشرتها له] وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته، يعدل ذلك كله، فانصرفت المرأة وهي تهلل” 27- نساء القاعدة.. من الهامشية إلى الصفوف الأولى لقيادة التنظيم: تحول لدور المرأة وطريقة التعامل معهالجمعة 21 جمادى الثانية 1431هـ – 04 يونيو 2010م، http://www.alarabiya.net/articles/2010/06/04/110439.html
-28- يمكن الاطلاع على نوعية التغريدات المتداولة وذات الصبغة التحريضية عاشقة الجهاد#قاعدية @Ummkhaddab • 15 juin
أين بنات أبوبكر وعمر أين نساء القاعدة: نساء الشيعة حاملات السلاح مررن هنا: إلى متى القعود اللهمّ افتح لنا الهجرة والجهاد.- 29- يقول ابن باز في هذا الصدد: “وإذا استطاعت تجاوز ظروفها الخاصة وكانت نفسيتها مستعدة لتحمل مشاق القتال ومصاعب الجهاد المسلح – كما يحصل عند بعض النساء – فلها الحق حينئذ أن تشارك في القتال إذا كانت فيه مصلحة للمعركة.. فالجهاد الابتدائي ليس واجباً على المرأة لكنه جائز منها فتحظى بشرف الجهاد والنضال..”. http://almaaref.org/maarefdetails.php? 30-هدى الصالح، نساء مع القاعدة،15 ديسمبر, 2013، موقع السكينةhttp://www.assakina.com/center/parties/34443.html
31-فرناس عطية، لماذا امتد إرهاب النساء إلى المجتمعات الخليجية؟العالم العربي / دراسات اجتماعية / دراسات سياسية / رئيسي / كانون الثاني 21, 2015

370


32- الدمياطي المشهور بابن النحاس، مشارع الأسواق إلى مصارع العشاق ، دار البشائر الإسلامية، مكّة، ط3، 2002، ص 68.

أ. د آمال قرامي

المركز العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية