حزب الله.. مؤسسات مسيسة ومتمذهبة

حزب الله.. مؤسسات مسيسة ومتمذهبة

wpid-hezbollah-iran_flag

اتحادات وجمعيات تحتفا بمناسبة بذكرى الانتصار الإلهي في حرب يوليو (تموز) 2006 تحت عنوان صحوة نقابية مقاومة، تؤسس لدولة داخل دولة.

مؤسسة “جهاد البناء” من المؤسسات الكبيرة التي أنشأها حزب الله عام 1988 بهدف دعم مجتمع المقاومة؛ والتي تهتم بالخدمات الإنمائية المختلفة، وخاصة في المناطق التي تتعرض للعدوان الإسرائيلي، إلا أن المؤسسة قد اتسع نطاق نشاطها -فيما بعد- بشكل واسع. وقد تركز عمل مؤسسة “جهاد البناء” بالأساس على حقلين أساسيين: العمران والزراعة، وهي تقدم الخدمات الطارئة حسب الحاجة مثل: المياه، الكهرباء، رفع النفايات… وغيرها. وقد تطورت ونمت بشكل كبير وسريع منذ نشأتها حتى أصبحت من أهم المؤسسات الإنمائية الأهلية المنظمة في المناطق الشيعية.

تشغل المؤسسة مركزاً رئيساً لها في الضاحية الجنوبية لبيروت وفرعين أساسيين لمناطق الجنوب (النبطية) والبقاع (بعلبك)، ويعمل فيها حوالي (100) موظف (كلهم ذكور) ويبلغ حجم أعمالها السنوية حوالى خمسة ملايين دولار -حسب الدراسة التي أعدتها لجنة الإسكوا.

تشمل إنجازاتها العمرانية والزراعية والإنمائية: حفر الآبار وترميم المنازل، ومدّ شبكات المياه، والتوعية والإرشاد الزراعي، وتنمية المرأة الريفية، والمحافظة على البيئة، وتأسيس الحدائق العامة، وبناء المساجد والمدارس والمستشفيات. وقد لعبت دوراً مهماً خلال الهجمات الإسرائيلية المختلفة على قرى الجنوب، وخلال القصف الجوي والبري على القرى والبلدات، وخاصة في عدوان يوليو (تموز) 1993 (عدوان الأيام السبعة) الذي نتج عنه ترميم (5335) منزلا، وعدوان أبريل (نيسان) 1996، وعدوان يونيو (حزيران) 1999، من خلال قيامها بإصلاح ما يهدمه العدوان، ثم من خلال ترميم شبكات الكهرباء والري والصرف الصحي وغيرها، بالإضافة إلى بناء محطات كهربائية في القرى النائية، وتأهيل عدد من محطات مياه الشفة وبناء خزانات للمياه وحفر الآبار الارتوازية.

وبالتوازي مع ذلك، عملت هذه المؤسسة على تأسيس شركة للتسليف الزراعي تؤمن مستلزمات الزراعة بكلفة أقل من السوق بنسبة 30% – 35% وتقدم الإرشاد المجاني للمزارعين، كما قامت بتأسيس (8) مراكز زراعية/ تعاونيات (5 في البقاع و3 في الجنوب)، فضلاً عن مركزين للطب البيطري (عيادات بيطرية) في سحمر أو يحمر وتول في محافظة الجنوب.

قروض المزارعين

اللافت هو تأمينها قروضا للمزارعين في منطقة البقاع بحيث شملت حوالي (190) قرية لزراعة ما بين (15 – 20) دونماً لكل مزارع. وعادة ما تكون هذه القروض عينية (مستلزمات زراعية) بحيث لا تتجاوز ثلاثة آلاف دولار للمزارع الواحد، بدون فوائد، وتستكمل بمساعدة فنية وخدمات إرشادية يقوم بها مهندسون زراعيون من خلال زيارات حقلية.

من نشاطات هذه المؤسسة تأمين الخبراء والمدرسين الزراعيين، مثل خبراء تربية النحل (فقد تم إنجاز أكثر من “45” دورة لتربية النحل استفاد منها أكثر من “510” مربين) وخبراء تربية أسماك نهرية، وهؤلاء الخبراء يتم طلبهم من إيران. وعلى التوازي أنشأت المؤسسة مركزين للإرشاد الزراعي الأول في دورس (بعلبك) والثاني في الهرمل حيث يخدم الأول حوالي (190) قرية في البقاع الأوسط ويحتوي على حقول إيضاحية وإرشادية، وخيم بلاستيكية، ومزرعة أبقار نموذجية، ومختبرات لتحليل التربة وللأمراض النباتية، وقد بلغت تكاليف هذا المركز مليوني دولار، أما المركز الثاني (الهرمل) فهو يخدم ويغطي القضاء ويشتمل على بساتين نموذجية وخيم بلاستيكية وحقول تجارب.

إلى جانب القروض والتسهيلات والإرشادات التي من شأنها تخفيف كلفة الإنتاج لدى المزارع بحيث يصبح إنتاجه منافساً في الأسواق، عملت المؤسسة على المساعدة في حل مشكلة التسويق الزراعي للمنتجات، من خلال تنمية وتطوير قطاع التصنيع الزراعي وتوفير المساعدات الفنية للمزارعين في مجالات عدة، كشق الطرق الزراعية، وإقامة المعارض الزراعية، وتزويد التعاونيات الزراعية بالجرارات… وغيرها.

إن نشاطات المؤسسة كما هي لخدمة جماعة مستهدفة لذلك، فإن أهدافها في الدائرة الإنمائية المسيّسة والمتمذهبة. الحزب وإن بدأ خدماتياً إلا أنه يتجه نحو أن يصبح إنمائياً، مع تفضيل الأعمال والمشاريع الموجهة متوسطة الأمد، والهادفة إلى إقامة روابط قوية مع المستفيدين الذين يستهدفهم، وبالتالي كسب تأييدهم وثقتهم.

أنشأ الحزب “شركة وعد” لإعادة إعمار ما هدمته إسرائيل إثر عدوان 2006 في الضاحية الجنوبية وقرى الجنوب اللبناني. وقامت هذه المؤسسة بمهام كبيرة لفتت الأنظار وحظيت بتمويل إيراني ضخم، وهو ما دفع وزارة الخزانة الأمريكية إلى تصنيفها ضمن الشركات التي تدعم الإرهاب؛ باعتبارها شيدت مواقع لحزب الله تحت الأرض، واعتمدت وسائل تتحايل فيها لتمويل جهازيه الأمني والعسكري.

القرض الحسن

مؤسسة القرض الحسن: اثير حولها كثير من الأسئلة ومع ذلك بقيت مستمرة، وتقدم الخدمات الكثيرة. انطلقت هذه المؤسسة مبكراً ونالت ترخيصها عام 1987 (بموجب علم وخبر 217/ أ. د) وهي تستهدف إحياء “سنة القرض الحسن في المجتمع” حسب ما ينص نظامها، حيث يعتبر القرض المالي من أهم أعمالها، حيث تؤمنه للمقترضين من دون أن تحملهم أي أعباء إضافية كالفوائد والربا المحرم في الشريعة الإسلامية. ومن خلال إحياء هذا الهدف لمساعدة الناس، تقوم الجمعية بـ”حل بعض المشكلات الاجتماعية وتعزيز روح التعاون والتكافل والتضامن”.

تقدم المؤسسة خدماتها لمن يطلب “دون تمييز” حسب نظامها، وهو أمر بطبيعة الحال لا يمكن التأكد منه، ويتعارض وطبيعة الفروع المفتتحة للجمعية وبيئتها السكانية، إلا أن الأهم هو أسلوب العمل، إذ تلجأ المؤسسة إلى إعطاء القروض الصغيرة ولآجال قصيرة، ولتلبية الحاجات الاجتماعية والإنتاجية كافة من خلال إسهاماتهم المختلفة (الكفالات – الاشتراكات – المساهمات – والتبرعات). وللمؤسسة (23) فرعاً في لبنان منها (11) في بيروت، وأغلبها في الضاحية الجنوبية، وواحد في الجنوب اللبناني، وأربعة في البقاع.

أثارت هذه المؤسسة الكثير من الجدل حين جمدت وزارة الخزانة الأمريكية مؤسسة الشهيد الإيرانية وفروعها في لبنان، بالإضافة إلى مؤسسة “القرض الحسن” ومنظمة “النية الحسنة الخيرية” التابعة للأخيرة، والعاملة في الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك الأصول المالية لمسؤولين في حزب الله، حيث قالت: إن هذه المؤسسات تشكل العمود الفقري في الدعم المالي لحزب الله. وحظرت على الأمريكيين القيام بأي أعمال مع هذه الكيانات والمؤسسات.

اعتبرت وزارة الخزانة الأمريكية –حينها- في مبرراتها أن هذه المنظمات متورطة بجمع أموال للقيام بأعمال إرهابية من خلال مكتبها في ميشيغان، وأن منظمة النية الحسنة ليست إلا واجهة لحزب الله، ترسل المال كوسيط للحزب، ومن خلالها تستخدم مؤسسة القرض الحسن كغطاء لإدارة نشاطاته التي يديرها أحمد الشامي. وهي لعبت دوراً محورياً في البنية التحتية المالية لحزب الله -حسب وزارة الخزانة الأمريكية. وقد استهدف إجراء الخزانة الأمريكية –أيضاً- قاسم عليق (أحد مسؤولي حزب الله الذي شغل منصب مدير فرع مؤسسة الشهيد في لبنان، فضلاً عن إشغاله منصب مدير جهاد البناء).

مؤسسة العمل

هيئة العمل البلدي في حزب الله: وقد أنشأها الحزب لتفعيل عمل البلديات التي يشرف عليها أو لديه ممثلون فيها في معظم الأقضية التي يوجد فيها، بهدف تحسين الأداء وتقديم أفضل الخدمات، ويسعى الحزب إلى أن تتكامل الخدمات التي تقدمها مؤسساته مع البلديات التي يشرف عليها، وأن يوظف إمكانات هذه البلديات لصالحه بأفضل طريقة ممكنة. لذلك تقدم وحدة العمل الاجتماعي في الحزب مع الهيئة مجموعة من الخدمات والمشاريع لترشيد عمل البلديات في مناطقها. فعلى سبيل المثال: تعتبر بلدية برج البراجنة من البلديات الكبيرة في قضاء بعبدا، وقد استفادت استفادة كبيرة من جهود وتقديمات الحزب والجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي تتكرر لافتات الشكر لها عند تدشين بعض المشاريع، أو الهبات التي يتم تقديمها للبلدية.

اتحاد عمال

اتحاد الوفاء لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان: بهدف تأطير العمال الشيعة المؤيدين له، وبعد الضعف والتفكك الذي أصاب الاتحاد العمالي العام في لبنان، إثر الانقسام السياسي والطائفي بين القوى السياسية الكبرى في لبنان، عمد الحزب إلى تأسيس إطار نقابي عمالي ضم (8) نقابات هي: نقابة عمال ومستخدمي التعاونيات في بيروت وجبل لبنان، ونقابة عمال ومستخدمي المستشفيات في البقاع، ونقابة عمال أسواق الخضار في البقاع، ونقابة العاملين في زراعة الخضار في الجنوب، ونقابة عمال قطاع البناء في البقاع، ونقابة عمال المطابع في الجنوب، ونقابة عمال تقنيي وفنيي الأعمال الكهربائية في الجنوب، ونقابة عمال ومربي الأسماك في البقاع، وتقدم بترخيص تحت اسم اتحاد الوفاء لنقابات العمال والمستخدمين، ونال الترخيص عن هذا الاتحاد عام 1998 وأصبح بذلك من ضمن مجموعة الاتحادات العمالية التي نالت الترخيصات في ذلك الحين، وزادت من تشتيت وتعطيل فعالية الاتحاد العمالي العام.

عمد الاتحاد إلى تنظيم صفوف عمال الحزب، وإلى فتح علاقات مع اتحادات ونقابات عربية، وخاصة في سوريا والعراق وإيران، وإلى تنظيم أنشطة ومواكبة أخرى تطالب بحقوق العمال، فضلاً عن تنظيم ندوات ومؤتمرات، أبرزها “المخيم النقابي المقاوم” الذي عقد 2013 للسنة الثانية بالتعاون مع الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب والاتحاد العمالي العام في لبنان في الجنوب اللبناني، بمناسبة الذكرى الثامنة للانتصار “الإلهي” في حرب يوليو (تموز) 2006 تحت عنوان “صحوة نقابية مقاومة”. وهذا المخيم هو الثاني من نوعه الذي يشترك فيه مندوبون من مختلف النقابات في الدول العربية، حيث تقدم فيه أوراق عمل سياسية ونقابية.

ميدل ايست أونلاين