“تفاهمات التهدئة” في غزة.. هل تصمد لما بعد انتخابات إسرائيل؟

“تفاهمات التهدئة” في غزة.. هل تصمد لما بعد انتخابات إسرائيل؟

يختلف محللون سياسيون فلسطينيون، في آرائهم، إزاء استمرار التزام إسرائيل، بتنفيذ تفاهمات التهدئة، مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، بعد إجراء الانتخابات التي تعقد اليوم الثلاثاء، وتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة.

ففي الوقت الذي يشكك بعضهم في استمرار تنفيذ إسرائيل لتعهداتها، يرى آخرون، أنها قد تلتزم بها، كونها لا تحبذ خيار الحرب التي “لن تحقق لها مكاسب سياسية”.

ومنذ عدة شهور، تُجري وفود مصرية وقطرية وأممية، مشاورات وساطة متواصلة، بين الفصائل بغزة، وإسرائيل، بغرض التوصل لتفاهمات “نهائية”، تقضي بتخفيف الحصار عن القطاع، مقابل وقف الاحتجاجات الفلسطينية قرب الحدود.

وقال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، يوم الجمعة الماضي، إن حركته، حصلت على إجابات إيجابية من إسرائيل، حول ملف التهدئة ورفع الحصار عن قطاع غزة.

وأضاف هنية، في تصريحات للصحافيين: “هناك شيء يتحرك بشكل جدي، والمسيرات (العودة وكسر الحصار) فرضت نفسها على صانع القرار الاسرائيلي، ونحن في مرحلة الاختبار والفحص بما أوصله لنا (عبر الوسطاء) من إجابات حول الكثير من المطالب، التي إن شاء الله، ستكون (إجابات) ايجابية، لكن هناك شوط لا بد ان نقطعه حتى نصل إلى الجواب النهائي والشافي”.

وبحسب تصريحات لقادة حماس، فإن التفاهمات تنص على تخفيف إسرائيل الحصار المفروض منذ أكثر من 10 سنوات.

وخلال الأيام الماضية، أوقفت الفصائل الفلسطينية، “الأدوات الخشنة”، المستخدمة في مسيرات العودة وكسر الحصار الحدودية، حيث أبعدت المتظاهرين عن السياج الأمني الفاصل، كما أوقفت المسيرة البحرية التي كانت تنطلق كل ثلاثاء شمالي القطاع، وتوقفت عن إطلاق البالونات الحارقة.

وتعقد الثلاثاء الانتخابات التشريعية الإسرائيلية، وسط ترجيحات بتشكيل رئيس الوزراء المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، الحكومة المقبلة، معتمدا على كتلة “اليمين”، التي تشير استطلاعات رأي إلى إمكانية حصولها على 63 مقعدا من أصل 120.

ويفرض القانون على الرئيس الإسرائيلي تكليف الشخصية، التي تنال ثقة ما لا يقل عن 61 نائبا في الكنيست، بتشكيل الحكومة.

شكوك بجدية إسرائيل

طلال عوكل، الكاتب والمحلل السياسي، أعرب عن شكوكه الكبيرة، إزاء التزام إسرائيل بتفاهمات التهدئة، في الفترة التي تلي الانتخابات الإسرائيلية.

وأرجع عوكل تلك الشكوك إلى “انعدام الثقة بالتجربة من الجانب الإسرائيلي، حيث شهدت السنوات الماضية تفاهمات مماثلة، ولم يلتزم من جانبه”.

وأوضح أن طبيعة المشهد الإسرائيلي الذي “سيتم تشكيله بعد الانتخابات (الائتلاف الحكومي) أيضا سيؤثر على وجهة تلك التفاهمات، هل ستلتزم بها إسرائيل أم لا”.

ورجّح عوكل أنه خلال شهرين تقريبا، ستبقى تفاهمات التهدئة في مربع “الغموض” حتّى وضوح المشهد الإسرائيلي الحكومي.

رضا عام

لكن مصطفى إبراهيم، الكاتب والمحلل السياسي يختلف مع عوكل، حيث يعتقد أن إسرائيل ستواصل الالتزام بالتهدئة، بعد الانتخابات، نظرا لاستبعادها “خيار الحرب”.

ويرى إبراهيم أن هناك نوعا من “الرضا لدى حركة حماس عن التفاهمات الجارية”، لافتا إلى أن الحركة تتجه نحو “الثقة بالراعي المصري الذي أكد لهم أن إسرائيل وافقت على شروطهم”.

ورجّح إبراهيم، مواصلة إسرائيل بتقديم التسهيلات التي وعدت المصريين بها.

وقال في ذلك الصدد: “الخيارات الأكثر ترجيحا لما بعد الانتخابات هي الاستمرار في تقديم التسهيلات، حيث أن خيار الحرب يبقى الأخير لدى إسرائيل إذ تقتنع الأخيرة أنه ليس بالخيار السهل”.

وأشار إبراهيم إلى أن التسهيلات التي تقدمها إسرائيل مع استمرار الانقسام كله “يخدم مصلحة إسرائيل، كما ورد سابقا على لسان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو؛ كما أن إسرائيل سوّقت التفاهمات على أنه إنجاز خاصة بعدما حدث في 30 مارس/ آذار الماضي، في يوم الأرض والذكرى الأولى لانطلاق مسيرة العودة حيث ابتعد المتظاهرون عن السياج، وتم وقف فعاليات الإرباك الليلي والبالونات الحارقة التي أزعجتها”.

وكان نتنياهو، قال الجمعة في تصريحات صحافية، إنه “لن يمنح قطاع غزة للرئيس الفلسطيني محمود عباس”، معتبرا أن الانقسام الفلسطيني بين قطاع غزة، والضفة الغربية، “ليس سيئا”.

وأضاف نتنياهو: “إنهما (غزة والضفة الغربية) كيانان منفصلان، وأعتقد أنه على المدى الطويل، هذا ليس بالأمر السيئ بالنسبة لإسرائيل”.

غموض آليات التنفيذ

ويرى خلدون البرغوثي، الصحافي المختص في الشأن الإسرائيلي، أن الحكم على هذا المسألة، في الوقت الحالي، صعب، نظراً لغياب الإعلان الرسمي عن شروط تفاهمات التهدئة، وعدم وضوح آليات تنفيذها.

وقال البرغوثي: “حتى وإن كانت الشروط بين الطرفين جيدة لكن آليات التنفيذ غير معروفة”.

ووصف البرغوثي تفاهمات التهدئة بـ”المعقدة”، وتطرح العديد من التساؤلات.

واستكمل قائلا: “في حال حدوث أي اختراقات للتهدئة من فصائل معينة أو من إسرائيل، هل سيعتبر ذلك اختراق للهدنة أم قضية يمكن تجاوزها؟ وما الذي سيحدد هل ذلك الاختراق ضمن التفاهمات أولا، كيف سيتم تفسيره؟”.

واعتبر البرغوثي أن نتيجة الانتخابات الإسرائيلية محورية “في موضوع التزام إسرائيل في تفاهمات التهدئة أم لا”.

وقال: “هناك عوامل ستؤثر على ملف غزة عموما، بعد تشكيل الحكومة الجديدة، ومنها: طبيعة الائتلاف الحكومي بعد الانتخابات، وطبيعة شروط الأحزاب التي ستشارك به، ومن الذي سيترأس الحكومة المقبلة، وكيف ستؤثر الأحزاب اليمينية شديدة التطرف على ملف غزة”.

بنود التفاهمات

وكشفت حركة “حماس”، على لسان زعميها في قطاع غزة، يحيى السنوار، السبت الماضي، بنود تفاهمات التهدئة والمتمثّلة بـ:

-الاتفاق على زيادة مساحة الصيد لـ 15 ميلا بحريا.

-تقليص البضائع ثنائية الاستخدام (التي يمكن استخدامها بالجانب العسكري) الممنوع توريدها إلى غزة بنسبة 30%، (بدلا من 100%) وتسريع خطوات الاستيراد والتصدير.

-تزويد قطاع غزة بـ 30 مليون دولار شهريا لصالح الفقراء والخريجين والعمال حتى نهاية العام الجاري، بتمويل من دولة قطر، وزيادة برامج التشغيل عبر المؤسسات الدولية، وتوفير 40 ألف فرصة عمل لمدة 6 أشهر.

-توقيع عقد تشغيل محطة تحلية مركزية بتمويل عدة جهات منها السعودية، ومشروع تطوير “مستشفى الشفاء” بمدينة غزة بتمويل الكويت.

-وضع برامج واضحة لإعمار البيوت المهدمة بالقطاع.

-توريد الوقود لمحطة توليد الكهرباء وإنشاء خزانات للوقود، والبدء بخطوات عملية لتمديد خط كهرباء جديد من إسرائيل بتمويل من قطر والبنك الإسلامي للتنمية.

-وضع جدول زمني لمد خط غاز لمحطة توليد الكهرباء، وتسهيل توريد مستلزمات الطاقة الشمسية.