اسكتلندا تلعب لعبة التوازن بين بريكست والاستقلال

اسكتلندا تلعب لعبة التوازن بين بريكست والاستقلال

عندما توجه الناخبون في اسكتلندا في سبتمبر عام 2014 للتصويت في الاستفتاء على استقلال البلاد عن المملكة المتحدة كان هاجسهم أن يؤدي الانفصال إلى خروج بلادهم بالتبعية من الاتحاد الأوروبي، ويصبح على اسكتلندا، كدولة جديدة، تقديم طلب الانضمام إلى الاتحاد والذي يتطلب موافقة كافة الدول الأعضاء به. اليوم انعكست الصورة، فبريطانيا هي التي ستنفصل عن الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يعيد الجدل إلى الواجهة، ويطرح من جديد قضية انفصال اسكتلندا، خاصة وأن الانفصاليين يتطلعون إلى أن تعدّل الفوضى السياسية حول بريكست توازن القوى.

إدنبرة – في حين تواجه المملكة المتحدة عقبات جمّة لتطبيق بريكست، تترقب الحكومة الاسكتلندية تحقيق ما كانت تطمح إليه منذ زمن وهو الاستقلال. وتمثل قضية الاستقلال كما بريكست، موضوع نقاش لم يسهم الإرجاء الجديد لموعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في تسويته.

ووعدت رئيسة الوزراء الاسكتلندية نيكولا ستورجون، المعارضة بشدة لبريكست، بكشف تفاصيل إضافية عن خططها للاستقلال هذا الشهر، بعد أن أرجأت هذا الاستحقاق بانتظار نتيجة بريكست.

وكانت اسكتلندا أجرت سنة 2014 استفتاء حول استقلالها، كانت نتيجته تصويت 55 بالمئة من الناخبين لفائدة البقاء في المملكة المتحدة. وبعد عامين خلال استفتاء بريكست صوّت 62 بالمئة من الاسكتلنديين ضد بريكست خلافا لبريطانيا وويلز.

وقال بن ماكفرسن، الوزير الاسكتلندي المكلف بشؤون أوروبا في ليث شرق إدنبرة، إن الحكومة “متمسكة تماما باسكتلندا مستقلة في الاتحاد الأوروبي”.

رئيسة الوزراء الاسكتلندية نيكولا ستورجون، المعارضة بشدة لبريكست، تعد بكشف تفاصيل إضافية عن خططها للاستقلال هذا الشهر، بعد أن أرجأت هذا الاستحقاق بانتظار نتيجة مفاوضات بريكست

بعد خمس سنوات على الاستفتاء الذي نظم في اسكتلندا فإن أنصار الاستقلال يبدون انقساما حول بريكست. ويقول فيل، وهو متقاعد يجلس في حديقة إدنبرة المركزية، إنه يرغب في “استقلال تام” أي عن بريطانيا والاتحاد الأوروبي. ويؤكد أن الحزب القومي الاسكتلندي بزعامة ستورجن “قام بالعديد من الأمور الجيدة لكنني لا أوافقه بشأن بريكست”.

ويشير إلى أنه ينوي التصويت لصالح حزب نايجل فاراج الجديد “حزب بريكست” المشكك في أوروبا. أما شريكته ليزا فتقول إنها “أولا اسكتلندية ثم أوروبية”. وصوّت ناخبون مؤيدون لأوروبا ضد الاستقلال خلال استفتاء 2014 في حين يرغب آخرون في قطع كل صلة بلندن وبروكسل.

ويرى جيم فيرلي، المساعد السابق لرئيس الحزب القومي الاسكتلندي، أن مشروع الاستقلال الاسكتلندي مع البقاء في الاتحاد الأوروبي يحمل “تناقضا ظاهريا” وربط المسألتين يعني “أنهم لن يحصلوا على أصوات القوميين التقليديين كأمثالي”. وذكر أنه “للحفاظ على زخم الحركة المؤيدة للاستقلال، على الحزب القومي الاسكتلندي فصل قضية عن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي”.

لكن بعض الاسكتلنديين الذين صوتوا ضد بريكست يميلون إلى الانفصال، حيث تقول ماري كراين، من وسط إدنبرة التاريخي قرب قصر قديم يعود إلى عدة قرون، “أعرف كثيرين صوتوا للبقاء في بريطانيا وغيّروا آراءهم لأنهم سئموا من بريكست”.

إذا كان البعض قد غير موقفه، فإن هذا الأمر لم يؤثر في الواقع على المعادلة، لأنه بحسب استطلاعات الرأي الحالية فإن 55 بالمئة من الاسكتلنديين يؤيدون البقاء في المملكة المتحدة مقابل 45 بالمئة يؤيدون الاستقلال، بحسب الخبير في الاستطلاعات جون كورتيس من جامعة ستراثكلايد.

ويعتبر الانفصاليون أن الفوضى السياسية حول بريكست قد تعدّل توزان القوى. وقال كيفن برينغل، المدير السابق للاتصالات الاستراتيجية في الحزب القومي الاسكتلندي، “هذا يسلّط الضوء على مشكلة العجز الديمقراطي”. ويبقى التركيز منصبا على كيفية إقناع الناخبين المحافظين الراغبين في البقاء في الاتحاد والمملكة المتحدة.

وقال كريغ، وهو موظف خمسيني، إن “على الحزب القومي الاسكتلندي التركيز على عمله اليومي بدلا من الاستقلال”. ولتعقيد مهمة الحزب القومي الاسكتلندي أكثر فإن شروط بريكست غير واضحة كما موعد خروج بريطانيا من الاتحاد. وقال كيفن برينغل “الأمر مثل سراب في الصحراء”.

ومن بين الرهانات معرفة ما إذا كانت بريطانيا ستبقى أم لا ضمن الاتحاد الجمركي بعد بريكست ما يبدد القلق حول مخاطر “الحدود البرية” بين اسكتلندا وباقي المملكة المتحدة في حال استقلال اسكتلندا. وعلى الناشطين الاتفاق على سلسلة مسائل اقتصادية بما في ذلك العملية التي سيعتمدها الاسكتلنديون. وبالنسبة إلى برينغل “يمكن رفع التحدي لكن لا أحد يقلل من شأن صعوبته”.

العرب