السعودية تُشهر سلاح الطاقة الخاص بها

السعودية تُشهر سلاح الطاقة الخاص بها

naimi_june

قدمت منظمة الدول المصدرة للنفط” أوبك” قرارا مفاجئا في الخريف الماضي للحفاظ على ضخ النفط في السوق التي تمتلأ بالفعل بالذهب الأسود. يوم الجمعة في فيينا، سيشهد بالتأكيد مضاعفة أوبك الخناق على تلك الاستراتيجية..
على الرغم من الكثير من الجراءة في الخطاب من قبل وزراء أوبك هذا الاسبوع، وهذا أقل دليل بان المنظمة تفوز بحروب النفط و واقرار بأن الأعضاء فيها أقوى، المملكة العربية السعودية، في معركة طويلة الأجل للدفاع عن موقعها المتميز وربحت المنافسه الجيوسياسية على خصوم مثل إيران وروسيا وصولا إلى مستوى أعلى.
قبل الاجتماع، تحدثت العديد من الشخصيات الهامة في “أوبك” عن نجاح استراتيجيتهم، والتي اعتمدت دفع أسعار البترول إلى الانخفاض، و الضغط على المنتجين مرتفعي التكلفة مثل هؤلاء في قطاع النفط الأمريكي المتنامي، والحفاظ على حصتهم من سوق مربحة للغاية. وقال وزير النفط القطري يوم الأربعاء إنه “متفائل” بأن الطلب العالمي على النفط يرتفع مجددا. بينما صرح وزير النفط السعودي علي النعيمي للصحفيين يوم الاثنين أن كل شيء على ما يرام و ليس هناك حاجة لأن تخفض المنظمة الانتاج لتعزيز أسعار النفط الضعيفة.
“الطلب يرتفع مجددا. جيد! العرض يتباطأ، حسنا؟ هذه حقيقة”، قال النعيمي بحسب رويترز. “يمكنك أن ترى أنني لست قلقا، أنا سعيد”.
لكن في الواقع فإن دول أوبك وخاصةً أكبر مصدِّر للخام في العالم، المملكة العربية السعودية، بدأوا في تقبل أنهم لم يستطيعوا تعجيز منتجي النفط المنافسين عبر إغراق السوق بمستوياتٍ قياسية من الانتاج. انخفضت اسعار النفط بنسبةٍ تجاوزت 50% منذ الصيف الماضي، لكن انتاج الولايات المتحدة استمر في الارتفاع ارتفع انتاج النفط نصف مليون برميل يوميا منذ رهان أوبك في يوم عيد الشكر، ليحقق أعلى مستوياته خلال حوالي 50 عاما. روسيا، ايضا، استمرت في الضخ وتكاد تصل إلى أعلى مستوى انتاج منذ انهيار الاتحاد السوفييتي بحوالي 10.7 مليون برميل يوميا. ويناقض هذا تصورات أوبك الوردية.
“إنهم يصفرون بجانب المقبرة، إلى حدٍ ما”، يقول بوب ماكنالي، رئيس رابيدان جروب لبحوث الطاقة. “إنها لعبةٌ أطول مما توقعوا في الخريف الماضي. على الرغم من كل الحديث السعيد في فيينا، فإننا مازلنا في مرحلة النظر لأسفل من تلك المسابقة”.
للتاكيد، كان لانخفاض أسعار النفط بعض التأثير. أضافت الدول من خارج أوبك، ومن ضمنها الولايات المتحدة، 2.2 مليون برميل يوميا في 2014، لكنهم في طريقهم لإضافة نصف تلك الكمية فقط هذا العام، حسبما يقول المحللون في وود ماكنزي. في نفس الوقت، فإن استهلاك النفط قد بدأ في الارتفاع بعد عامٍ قاتم في 2014. كل ذلك قد يتجمع ببطء لجعل السوق يتوازن ودفع الأسعار نحو 70 دولارا للبرميل في العام المقبل، تقول وود ماكنزي. انخفض سعر النفط إلى أقل من 60 دولارا للبرميل بقليل في نيويورك و63.5 دولارا في لندن يوم الأربعاء. عند تلك الأسعار، تشعر العديد من الشركات، خاصة في قطاع الزيت الصخري الأمريكي، ان القيام باستثماراتٍ مرتفعة التكلفة في انتاج النفط ليس منطقيا من الناحية الاقتصادية.
الكثير من كبار منتجي النفط، وخاصة فنزويلا والعراق وإيران وروسيا، متشوقين للغاية لرؤية أسعارٍ أعلى، حيث أن النفط الرخيص يدمر اقتصاداتهم ويؤثر على نُظُم الرعاية الاجتماعية الخاصة بهم بالداخل وقدرتهم على التأثير في الأحداث بالخارج. لكن لا أحد منهم مستعد لتخفيض انتاجه ليجعل ذلك يحدث. بالفعل، جميعهم تقريبا يضخون بمستوياتٍ قريبة من القياسية. وبالرغم من الحرب مع الدولة الإسلامية، سجلت العراق مستوياتٍ قياسية من صادرات النفط في ايار/ مايو، حيث بلغت أكثر من 3 ملايين برميل يوميا.
المسؤولون الإيرانيون من جهتهم ، يتحدثون عن تصوراتهم المتفائلة لضخ كمياتٍ ضخمة من النفط الإضافي إلى السوق إذا وعندها يتم تخفيف العقوبات على طهران كجزءٍ من المفاوضات الدولية حول برنامج البلاد النووي. صرح وزير النفط الإيراني يوم الأربعاء أنه توقع أن بلدان أوبك الأخرى سوف تقوم بإفساح مساحة لإنتاجٍ إيرانيٍ إضافي.
قد يكون هذا متفائلا، نظرا للعداوة التي تشعر بها العديد من دول الخليج – وبالتحديد السعودية – تجاه طهران، وقد أوضح السعوديون أنهم لا يريدون أن يتحملوا وحدهم خفض الإنتاج. ويتوقع المحللون أن تمدد أوبك إنتاجها الرسمي الذي يبلغ حوالي 30 مليون برميل يوميا في الاجتماع الكبير يوم الجمعة. (حيث أنه المنظمة به الكثير من الخداع، فإن الانتاج الحقيقي لأوبك أقرب إلى 31 مليون برميل يوميا).
في نهاية المطاف، من خلال البقاء على الحال، المملكة العربية السعودية تلعب لعبة الدجاج مع تلك الدول المنتجة للنفط الكبير الآخر داخل أوبك، وكذلك روسيا، بدلا من محاولة تحطيم الثروة النفطية في الولايات المتحدة. الرياض لديها مئات المليارات من الدولارات كاحتياطيات ويمكن أن تتحمل انخفاض الأسعار لسنوات إذا لزم الأمر. إيران والعراق وروسيا لايمكنهم، ولن يستطيعوا.

وبينما يقوم ثلاثتهم بزيادة انتاجهم، يهدد ذلك هيمنة السعودية على السوق. في ذات الوقت، ومن وجهة نظر استراتيجية، يرى القادة السعوديون البلدان الثلاثة كمثيري اضطرابات محتملين في وقتٍ شديد الحساسية في الشرق الأوسط.
يقود إيران رجال دين شيعة معادين بشدة للمملكة السنية ودورها المركزي في المنطقة؛ تعاقب على العراق العديد من القادة الشيعة واقتربت أكثر من طهران في السنوات الأخيرة. بينما تسبب روسيا المشاكل في الشرق الأوسط عبر شحن أسلحة متقدمة إلى أعداء السعودية مثل سوريا وإيران. وتستمر في زعزعة استقرار أوروبا، حيث استأنفت أعمال القتال في أوكرانيا يوم الأربعاء. ويبدو القادة الأوروبيون الذين كانوا متقلبين يوما ما مستعدين اليوم لتجديد عقوبات الطاقة ضد روسيا لمدة 6 أشهرٍ أخرى، مساعدين السعودية دون قصد في هدفها النهائي وهو تحجيم انتاج النفط الروسي.
“وإيران والعراق وروسيا هم الخصوم الحقيقيين”، وقال ماكنالي. “هناك أسباب تجارية وجيوسياسية للمملكة العربية السعودية ما يدعوها ان تقلق لذلك.”

ترجمة عامر العمران
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية
فورين بوليسي