غليان التضخم يعمق حفرة الركود التركي

غليان التضخم يعمق حفرة الركود التركي

وجهت بيانات رسمية تركية ضربة جديدة لمزاعم أنقرة الاستعراضية على أن الاقتصاد يتجه للخروج من حفرة الركود بعد تأكيد انهيار واسع في طلب المستهلكين وخاصة في قطاع السيارات في ظل غليان التضخم وانحدار الليرة وموجة ضرائب جديدة في وقت ترتفع فيه ديون الشركات إلى مستويات خطرة.

إسطنبول – كشفت بيانات معهد الإحصاء التركي (توركستات) الجمعة عن بقاء معدلات التضخم في مستويات خطرة في شهر أبريل الماضي عند 19.5 بالمئة على أساس سنوي، في وقت تتواصل تداعيات ذلك على انهيار القدرة الشرائية للأتراك.

وترجح البيانات أن يؤدي تراجع طلب المستهلكين إلى تعميق حفرة الانكماش والركود التي سقط فيها الاقتصاد التركي منذ منتصف العام الماضي والتي تقوّض نشاط معظم القطاعات بوتيرة متسارعة.

ويتراكم تأثير التضخم المرتفع على الاقتصاد التركي منذ تجاوز حاجز 15 بالمئة في يونيو 2018 وبقائه في مستويات مرتفعة حتى الآن لأنها تقوض جميع قواعد النشاط الاقتصادي.

وتزداد الآفاق قتامة في ظل مستويات أسعار الفائدة الأساسية البالغة 24 بالمئة والتي تقوض قدرة الشركات المثقلة بالديون أساسا على الاقتراض لتمويل نشاطاتها الاقتصادية.

وانعكس تأثير التضخم وأسعار الفائدة المرتفعة في انحدار مبيعات السيارات والمركبات التجارية الخفيفة التي تراجعت في أبريل بنسبة 56 بالمئة على أساس سنوي لتصل إلى أقل من 31 ألف سيارة فقط بحسب اتحاد موزعي السيارات الأتراك.

ورسمت بيانات الاتحاد صورة أوسع لحالة الركود بتأكيد تراجع مبيعات السيارات في الأشهر الأربعة الأولى من العام بنسبة 48 بالمئة بمقارنة سنوية، رغم تمديد الحكومة للعمل بتخفيضات لضرائب شراء السيارات.

وينتظر سوق السيارات ضربة شديدة بعد إعلان الحكومة عن رفع ضريبة السيارات إلى 40 بالمئة وهو قرار أثار انتقادات واسعة وظهور حملات على مواقع التواصل الاجتماعي للضغط على الحكومة للتراجع عن قراراها.

ورغم انحسار طفيف في أسعار المستهلك في أبريل إلى 19.5 بالمئة من نحو 19.71 بالمئة في الشهر السابق، إلا أنها مرشحة للارتفاع بسبب انحدار العملة التركية التي تقترب من حاجز 6 ليرات للدولار.

وأظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي أن الأغذية والمشروبات غير الكحولية سجلت في أبريل أعلى زيادة سنوية في الأسعار بنسبة بلغت 31.86 بالمئة، الأمر الذي يوجه ضربة شديد للقدرة الشرائية للفقراء ومحدودي الدخل والجيوش المتزايدة من العاطلين عن العمل.

مؤشرات جديدة مقلقة
بقاء التضخم عند 19.5 بالمئة
حزمة جديدة قاسية من الضرائب
ارتفاع أسعار الغذاء 31.86 بالمئة
تراجع مبيعات السيارات 56 بالمئة
استمرار ركود الاقتصاد
انكماش قطاعي الصناعة والبناء
بقاء سعر الفائدة عند 24 بالمئة
ارتفاع ديون قطاع الطاقة
وفاقم البنك المركزي التركي حالة التشاؤم بتعديل توقعاته لتضخم أسعار الأغذية في مجمل العام الحالي إلى 16 بالمئة من 13 بالمئة في توقعات سابقة. ويبدو من شبه المؤكد أن يرفعها مجددا في ظل استمرار تراجع الليرة.

وكان معهد الإحصاء التركي قد أعلن رسميا دخول اقتصاد البلاد في حالة الركود بعد انكماشه في فصلين متتاليين في النصف الثاني من العام الماضي، في وقت انكمش فيه نشاط معظم القطاعات وخاصة الصناعة والطاقة والبناء.

واضطر البنك المركزي الشهر الماضي لإبقاء معدل الفائدة الأساسي عند 24 بالمئة وهو إجراء يؤيده الخبراء، رغم ضغوط الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يعارض بشدة مستويات الفائدة المرتفعة.

في هذه الأثناء نسبت رويترز إلى مسؤول مصرفي بارز تأكيده أن قطاع الطاقة التركي يعاني من قروض تصل قيمتها إلى 13 مليار دولار، تحتاج لإعادة هيكلة من بين إجمالي قروض القطاع البالغة 70 مليار دولار.

وأضاف المسؤول الذي يشغل منصب نائب المدير العام في بنك غارانتي، الذي قام بتمويل عدد من مشاريع للطاقة، أن القروض التي تحتاج لإعادة هيكلة قد تشكل مشكلة بعد إعادة الهيكلة.

وتمتد مشكلة جبال الديون إلى جميع القطاعات وقد أدت إلى إفلاس الآلاف من الشركات وطلب أعداد أخرى للحماية القضائية وإعادة جدولة الديون، بسبب تداعيت انحدار الليرة التي فقدت نحو 30 بالمئة من قيمتها في العام الماضي.

وتبدو الليرة مرشحة لخسائر مماثلة في العام الحالي، بعد أن فقدت نحو 15 بالمئة منذ بداية العام، في ظل تسارع انحدارها في الأيام الماضية نتيجة تراجع ثقة الأسواق بعد نشر صحيفة فاينانشال تايمز عن تلاعب لتضخيم حجم احتياطات البنك المركزي.

وتبدو حكومة حزب العدالة والتنمية بين خيارات أحلاها مر، حيث قررت مضطرة فرض المزيد من الضرائب بشكل تصاعدي مفاجئ، الأمر الذي يعمق معاناة الأتراك وسخطهم على حكومة أردوغان.

وتريد الحكومة من خلال الإجراءات الضريبية الجديدة، التي تركز على استهلاك السلع، جمع ما يصل إلى 8 مليارات دولار، وسط تأكيدات بأن المبلغ سوف يخصص إلى الجيش التركي عبر بوابة تعزيز الصناعات الدفاعية المحلية.

ويبدو أن الحكومة قررت نقل أعباء قراراتها الاقتصادية التي فجرت الأزمات الاقتصادية، إلى كاهل المواطن التركي، الأمر الذي يفاقم انحسار تأييد حزب العدالة والتنمية، الذي تلقى ضربة شديدة في الانتخابات البلدية في الشهر الماضي.