اليمين الشيعي المتطرف يجهز على نائبة عراقية للتخلص منها

اليمين الشيعي المتطرف يجهز على نائبة عراقية للتخلص منها

بغداد – تحضر أطراف سياسية وعشائرية في جنوب العراق، على صلة بإيران، لتظاهرات تطالب بإسقاط نائبة في البرلمان عن تحالف “سائرون” الذي يرعاه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، بعدما قالت إن التخلف سائد في مدن جنوب العراق قياسا بأوضاع بلدان أخرى.

وبالرغم من أن النائبة هيفاء الأمين عادت وأوضحت أنها تقصد التعليم والخدمات اللذين يحصل عليهما السكان، وليس السكان أنفسهم، إلا أن الحملة تواصلت ضدها، فيما جرى توسيع نطاق تصريحاتها لتشمل “أئمة أهل البيت”، المقدسين لدى شيعة العراق، وهي تهمة قد تحرض الملايين من البسطاء على القتل.

وكانت الأمين قارنت بين أوضاع مدينة بيروت ومناطق جنوب العراق، مشيرة إلى أن الأولى متمدنة والثانية متخلفة، وفقا لإحصاءات حكومية.

وعادت الأمين لتشرح تفسيرها بعدما أثيرت حولها ضجة كبرى، مؤكدة أن كلمتها تعرضت لتفسير سيء بشكل متعمد.

وقالت إنها كانت تشير إلى ارتفاع معدلات البطالة وشيوع الأمية وجمود القوانين الخاصة بحرية المرأة في العراق، مقارنة بأوضاع دول المنطقة.

وتنتمي الأمين إلى أسرة شيعية تنحدر من محافظة الناصرية جنوب العراق، حيث ترشحت هناك عن ائتلاف “سائرون” ضمن عدد من ممثلي الحزب الشيوعي العراقي، محققة أعلى الأصوات في دائرتها الانتخابية.

وتفخر الأمين بأنها “ابنة جنوب العراق”، و”تحمل همه”، مشيرة إلى أن مشاكل الجنوب لن تحل ما لم يجر الحديث عنها بجرأة.

لكن “شيعية” الأمين لم تشفع لها في مواجهة حملة شرسة تقودها مجموعات شيعية متشددة مرتبطة بإيران وصلت إلى حد المطالبة بطردها من البرلمان.

وبالتزامن مع الضجة، انتخبت الأمين رئيسة للجنة المرأة في البرلمان العراقي، ما أثار جدلا واسعا في صفوف أحزاب اليمين الشيعي المتطرف.

وقالت عالية نصيف، النائبة عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، إن نساء البرلمان العراقي يعتقدن أن الأمين لا تمثلهن، مطالبة بإبعادها عن رئاسة لجنة المرأة.

وعرضت نصيف ما قالت إنه توقيعات 52 نائبة في البرلمان العراقي يطالبن بمحاسبة الأمين.

واعتبر مراقب سياسي عراقي أن الصدام كان متوقعا بين نساء مجلس النواب المتشحات بالسواد وبين النائبة الأمين، باعتبارها ممثلة للقوى المدنية، غير أن ما لم يتوقعه أحد أن تكون هي النائب الشيوعي الوحيد في مجلس النواب العراقي المستهدف من قبل الأحزاب الدينية، لا لشيء إلا لأنها دخلت إلى المجلس ضمن القائمة التي يرعاها رجل الدين مقتدى الصدر.

ويروج نواب عن محافظات جنوبية، يمثلون أحزابا شيعية مقربة من إيران، لدعوة تظاهرات واسعة ضد الأمين، مستخدمين في وصفها مصطلحات بذيئة، فيما حاولوا حشد الرأي العام إلى جانبهم بالقول إن “النائبة الشيوعية تسيء إلى آل بيت النبي”.

وردت الأمين بالقول “أتعرض منذ أيام لحملة سياسية شعواء من الواضح أنها ممولة من قبل أجندات حزبية تضررت من الحملات التي قمنا بها أخيرا في محافظة ذي قار، وجندت لهذه الحملة مواقع إخبارية والآلاف من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تديرها جيوش إلكترونية، أطلقت ضدي العشرات من التهم والإساءات، ما أثر على جمهور واسع انخرط في الحملة بشكل عفوي”.

وأضافت أن “هذه الحملة الجائرة ضدي، سببها في الأساس يعود إلى سعيي لتشريع قانون العنف الأسري الذي أعلنت مجموعة من القوى السياسية وقوفها ضده. ولكني أؤكد لهم أني ماضية في العمل على تشريع هذا القانون المهم لاستقرار العائلة وحمايتها من التفكك بسبب العنف”.

وتعمل الأمين منذ شهور على نسخة وصفت بالجريئة من مشروع قانون يحمي القاصرات من الزواج المبكر، وهو ما أثار جدلا في أوساط من المجتمع العراقي تعتقد أن تزويج الفتيات جائز بعد سن التاسعة ومحبب بعد الرابعة عشرة.

وأكدت الأمين احترامها “للشعائر والطقوس الدينية، وليس من شيمي أن أتعرض لها ولرموزها التاريخية، فهي محترمة عندي إلى درجة أني لا أريد لها أن تستخدم في الصراعات السياسية، ولا أريد أن يكون الاستخدام السيء لها سببا في التناحر الطائفي والإثني”، مشيرة إلى أن “العراق بلد متنوع الأديان والطوائف والقوميات، وفي هذا التنوع قوة اجتماعية وغنى ثقافي، إن أشيع خطاب التعايش السلمي بدلا من خطاب الكراهية والطائفية”.

وتابعت “ما زلت وسأبقى أبدا ابنة الجنوب العراقي، وابنة ذي قار الحضارة والتاريخ، وأن شأني هو شأن أبناء مدينتي الناصرية، وشأن عموم أهلي وأحبتي في الجنوب العراقي الأصيل. ومن أجل رفع الحيف عنهم تقدمت إلى موقع المسؤولية في مجلس النواب، على أمل أن أقدم ما يليق بهم ويرضيهم”، مجددة القول بأنها تتعرض إلى “حملة ظالمة من قبل الفاسدين والفاشلين الذين يتصيّدون ويتربصون الزلات، لإثارة مشاعر أبناء شعبي الكرماء”، فيما توعدت “الفاسدين والفاشلين”، بالقول إن “يوم حسابكم عسير مع الشعب العراقي، ومهما حاولتم النيل من جهودنا فأنكم ستفشلون”.

واعتبر الكاتب العراقي فاروق يوسف أن الأحزاب الدينية اعتبرت وجود الأمين في مجلس النواب ظاهرة شاذة ينبغي التخلص منها. ذلك لأنها المرأة الوحيدة التي يمكن أن تعارض القوانين المتخلفة التي يسنها المجلس للنيل من حقوق المرأة العراقية التي أقرتها القوانين الموروثة من العهود السابقة.

وقال يوسف في تصريح لـ”العرب”، “بدلا من أن تتم مساءلة الأمين داخل المجلس قامت الأحزاب الدينية بتحويل المسألة إلى رجال الدين الذين بدأوا بشن حملة منظمة على الأمين وتحريض العامة عليها انطلاقا من كذبة مساسها بحرمة ‘آل البيت’ وهي كذبة إن مرت ستقضي على مستقبل الأمين السياسي”.

العرب