اصطفافات النووي.. العالم بين موقفين: نعم لأميركا والحق مع إيران

اصطفافات النووي.. العالم بين موقفين: نعم لأميركا والحق مع إيران

مع تكوّم الضغط الأميركي على إيران، تغلي منطقة الشرق الأوسط كلها تحسبا لأي إجراء قد يقود إلى اندلاع حرب طاحنة، بينما تتمايز مواقف القوى الدولية والإقليمية تبعا لمصالحها وتحالفاتها.

وقد أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض العقوبات على إيران تأكيدا لانسحاب بلاده من الاتفاق النووي الموقع عام 2015، وأرسل حاملة طائرات وقاذفات عسكرية إلى المنطقة، في رسالة تحذيرية لطهران.

وفي المقابل ردت طهران بعزمها تعطيل التزامها ببعض بنود الاتفاق والعودة لتخصيب اليورانيوم إذا لم تحمها الأطراف الأخرى من التداعيات الاقتصادية للعقوبات الأميركية.

والأطراف الأخرى هي: روسيا والصين والاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

ولتأكيد جديتها في عدم الخضوع “للابتزاز”، أعلنت إيران قدرتها على تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في أربعة أيام فقط، بينما قال الرئيس حسن روحاني إن بلاده ستتحلل من التزاماتها النووية خلال 60 يوما في حال عدم الحفاظ على مصالحها.

لكن هذه الأطراف لم تتخذ موقفا موحدا ولا يبدو أنها تسعى لذلك أصلا، إنما تناغم بعضها مع الموقف الأميركي على الفور، بينما وقف الآخرون بقوة إلى جانب إيران.

إثارة المشاكل
وقد قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن بلاده ترى في دور إيران بسوريا واليمن وكذلك برنامجها الصاروخي إثارة للمشاكل، في دعم واضح لإجراءات واشنطن لعزل طهران وإيلامها بالعقوبات.

كما أعلن متحدث باسم الحكومة الألمانية اليوم الأربعاء أن برلين ترى أن تصريحات الحكومة الإيرانية مؤسفة، وتحثها على عدم الإقدام على أي خطوات عدائية.

وذكر المتحدث أن برلين تريد الإبقاء على الاتفاق النووي الإيراني، وقال إنها ستضطلع بالتزاماتها كاملة طالما تفعل إيران المثل.

أما بريطانيا فقالت إنها تشعر بقلق بالغ إزاء إعلان إيران أنها ستقلص القيود المفروضة على برنامجها النووي، وحثت طهران على عدم اتخاذ خطوات تصعيدية.

وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية مارك فيلد إن “إعلان طهران اليوم خطوة غير مرحب بها”. وأضاف “إذا توقفت إيران عن تنفيذ التزاماتها في الاتفاق النووي، ستكون هناك بالطبع عواقب”.

تحذير فرنسي
بدورها، قالت وزيرة الدفاع الفرنسية إن بلادها تريد الإبقاء على الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015.

وحذرت الوزيرة إيران من أن عدم احترام التزاماتها قد يجعل مسألة إعادة تفعيل آلية العقوبات مطروحة.

وأمس الخميس، وجهت الرئاسة الفرنسية تحذيرات لإيران وهددت بفرض عقوبات عليها إذا عادت إلى تخصيب اليورانيوم.

من جانبه أعلن الاتحاد الأوروبي الأربعاء أنه يتابع بقلق القرارات الإيرانية بشأن الاتفاق النووي ويقيم تداعياتها مع أعضاء اللجنة المشتركة.

وبينما تتناغم مواقف الدول الأوروبية في المحصلة مع الإجراءات الأميركية، تبدو إسرائيل والإمارات والسعودية أكثر تحمسا لمعاقبة إيران حتى من الولايات المتحدة نفسها.

أميركا أخطأت
لكن طهران ليست وحيدة في هذا الصراع، إذ تقف إلى جانبها دول محورية على الساحتين الإقليمية والدولية.

فقد شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على أن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية عما وصل إليه الاتفاق النووي الإيراني.

وفي مستهل محادثاته مع نظيره الإيراني، قال لافروف “ندرس الوضع غير المقبول المتعلق بالاتفاق النووي، وهو الوضع الذي تطور بسبب السلوك غير المسؤول من جانب الولايات المتحدة التي تخلت عن التزاماتها المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي ذي الصلة”.

وأشاد في المقابل بالتزام إيران بالاتفاقات التي سبق التوصل إليها وبقرار مجلس الأمن ذي الصلة.

حزم صيني
وقد دعت الصين الأربعاء إلى الالتزام بتطبيق الاتفاق النووي المبرم بين القوى الكبرى وإيران، وشددت على أن “الالتزام بالاتفاق وتطبيقه من مسؤولية كل الأطراف”.

وإذ حثت كل الأطراف على ضبط النفس وتعزيز الحوار وتجنب التصعيد، ذكّرت بكين بأنها تعارض العقوبات الأحادية التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران.

وجاء في بيان للخارجية الصينية أن “إيران تنفذ التزاماتها النووية كاملة، وأن الصين ستحمي مصالح شركاتها في إيران بشكل حاسم”.

قوى إقليمية
كذلك، تعارض تركيا بشدة توقيع عقوبات على إيران وتؤكد استمرار تبادلاتها التجارية مع طهران.

كما ترفض قطر والعراق ودول أخرى في المنطقة العقوبات الأميركية على إيران، وتطالب بحل سلمي للخلاف بين واشنطن وطهران.

ووسط تحذير واشنطن من شراء النفط الإيراني، التقى السفير الإيراني لدى إسلام آباد اليوم الأربعاء المساعد الخاص لرئيس الوزراء الباكستاني في شؤون النفط والغاز.

وبحث الجانبان التعاون في قطاع الطاقة بما في ذلك النفط والغاز، وأكدا على ضرورة حشد الإمكانيات التجارية والاقتصادية بين البلدين.

الجزيرة