عون يصعّد مع النازحين السوريين من أجل استثارة الغرائز المسيحية

عون يصعّد مع النازحين السوريين من أجل استثارة الغرائز المسيحية

بيروت – اعتبرت مصادر سياسية لبنانية أن كلام رئيس الجمهورية ميشال عون عن أنه “لن يبقى للبنان وجود إذا بقي فيه نصف مليون لاجئ فلسطيني ومليون و600 ألف نازح سوري” ليس سوى مزايدات ذات طابع شعبي تستهدف استثارة غرائز المسيحيين اللبنانيين في وقت يواجه البلد أزمة سياسية واقتصادية عميقة تهدّد بانهيار كل مؤسساته.

وتساءلت كيف يمكن لعون تجاهل الواقع المتمثل في أنّ النظام السوري نفسه لا يريد عودة اللاجئين السوريين إلى المدن التي نزحوا منها من جهة والدور الذي لعبه حزب الله في تهجير سوريين من أراضيهم إلى لبنان من جهة أخرى.

وأشارت هذه المصادر إلى أن قسما كبيرا من السوريين الذين نزحوا إلى لبنان جاء من مناطق حدودية حرص حزب الله على التمركز فيها وتغيير طبيعة التركيبة السكانية فيها عن طريق نقل شيعة لبنانيين وعراقيين إليها.

وركزت على أنّ المثل الصارخ على ما فعله حزب الله في سوريا هو في بلدة القصير القريبة من الحدود اللبنانية والتي يمنع سكانها من العودة إليها.

وأدلى رئيس الجمهورية اللبنانية بكلامه عن اللاجئين السوريين، الذين يحرص على تسميتهم “نازحين”، خلال استقباله وفدا من مجلس كنائس الشرق الأوسط برئاسة أمينته العامة، ثريا إيلي بشعلاني، في قصر الرئاسة في بعبدا، قرب بيروت.

وطالب عون المجلس بمساعدة لبنان في حل مسألة النازحين السوريين، من خلال إقناع الدول الغربية بقبول عودتهم إلى بلدهم، في أسرع وقت ممكن.

وذكر في حديثه أن إسرائيل أعلنت أن اللاجئين الفلسطينيين سيبقون حيث هم.

وتابع “إذا بقي في لبنان نصف مليون لاجئ فلسطيني، إضافة إلى مليون و600 ألف نازح سوري، فلن يعود للبنان وجود، لأن الديموغرافيا الخاصة به تتغيّر بالكامل”.

ويعيش 174 ألفا و422 لاجئا فلسطينيا في 12 مخيما و156 تجمعا فلسطينيا في محافظات لبنان الخمس، بحسب أحدث إحصاء لإدارة الإحصاء المركزي اللبنانية، عام 2017.

وبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، بلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان 997 ألفا، حتى نهاية نوفمبر 2017، إضافة إلى لاجئين سوريين غير مسجلين لدى المفوضية.

وتعني هذه الأرقام أن كلام عون عن الفلسطينيين في لبنان يتضمن مبالغات كبيرة، كما أن كلامه عن السوريين غير دقيق إلى حدّ ما.

وترافق كلام ميشال عون مع سلسلة من التغريدات ذات الطابع العنصري صدرت عن صهره جبران باسيل وزير الخارجية. وكانت آخر هذه التغريدات لباسيل “هذه الأرض التي أثمرت أنبياء وقديسين لن يحل محلنا فيها، لا لاجئ ولا نازح ولا فاسد”.

وعزت أوساط سياسية التصعيد الكلامي الذي يمارسه عون وباسيل إلى حاجة “التيار الوطني الحر” إلى استعادة قواعده المسيحية، خصوصا بعد تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان والمواجهة الأخيرة بين قوات الأمن وأهالي بلدة المنصورية المسيحية في منطقة المتن القريبة من بيروت.

وجاءت هذه المواجهة التي تخللها سقوط جرحى بين الأهالي بسبب إصرار وزارة الطاقة على تمرير خطوط التوتر العالي الكهربائية في سماء البلدة بدل طمرها في الأرض.

وسبق لنواب محسوبين على عون وباسيل أن وقفوا في الماضي مع أهالي المنصورية. واتّهم أحد هؤلاء ويدعى إبراهيم كنعان رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة بأنه وراء قرار تمرير خطوط التوتر العالي في البلدة، على الرغم من الأضرار الصحية التي يمكن أن تسببها للسكان. لكنّ اللافت اليوم أن وزارة الطاقة هي من حصة “التيّار الوطني الحر” إذ تتولاها الوزيرة ندى بستاني، التي كانت مساعدة لباسيل.

وتدافع بستاني بقوّة عن ضرورة مرور خطوط التوتر العالي بالمنصورية وتؤكد أنّه ليست هناك دراسات تشير إلى أنّها يمكن أن تسبب أضرارا صحية.

وفسّر سياسي لبناني كلام رئيس الجمهورية بأنّه يريد في الواقع استخدام ورقة الذين يسميهم “نازحين” من أجل تبرير زيارة يقوم بها إلى دمشق بغية لقاء بشار الأسد بحجة البحث معه في عودة “النازحين” إلى الأراضي السورية.

العرب