جون الن مهمة معقدة في العراق

جون الن مهمة معقدة في العراق

جون-آلن

   الجنرال الامريكي المتقاعد جون الن، الذي اختير منسقا ومسؤولا لحملة التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية “داعش”, زار المنطقة العربية والعراق ودول الجوار المحيطة به عدة مرات، والتقى عددا من مسؤوليها السياسيين وقادتها العسكرية.

في العراق التقى المسؤولين في الحكومة وبعض رؤساء العشائر والكتل السياسية وناقش معهم الوضع الميداني، وتقدم “داعش” وسيطرته على المدن الرئيسية كالموصل و تكريت، واستمرار تقدمه في باقي المحافظات، وطلب منهم التعاون؛ لايقاف هذا الزحف، بالتزامن مع القصف الجوي الامريكي، وتشكيل قوات عراقية برية من قطعات جيش الحكومة وابناء بعض العشائر العربية المتعاونين معها.

لكنه خرج بانطباعات عديدة واراء مختلفة ونقاشات عقيمة،  لم يستطع من خلالها تحديد الأطر الصحيحة لكيفية المواجهة واستمراراها وزيادة فاعليتها ضد “داعش” وقواته وتقدمه.

    بعد استعراضنا لهذه اللقاءات نوضح اهم الاسباب الرئيسة لعدم نجاح “جون الن” في لقاءاته:

  • ان الحسم الجوي لا يمكن ان يحقق نتائج كبيرة ودقيقة على الارض، اذا لم ترافقه قوات برية متكاملة وكفؤة ومدربة، ومتحصنة بفكر المؤمن بالقضية المدافع عنها، وتعزيزها باسلحة متقدمة، وقيادات عسكرية مهنية نزيهة، تمتلك رؤى ميدانية وخططا استراتيجية، ذات فاعلية تستطيع ايقاف زخم “داعش” وتقدمه.
  • ان اعادة بناء الجيش العراقي ومؤسساته وديمومة فاعلياته ميدانيا يتطلب وقتا كبيرا وعملا متواصلا،  بعد ان تلقى هزائم كثيرة وعاش اخفاقات حقيقية انعكست على روحه المعنوية.
  • تعدد الاختلافات المذهبية بين القوى والكتل السياسية العراقية، ما انعكس سلبا على مهمة الجنرال الامريكي لاختلاف الافكار، وعدم نضج الوعي السياسي لهذه القوى، وفقدانها للفكر الثاقب في تشخيص الواقع العراقي المرير، الذي يعيشه الشعب بعد ان وصل عدد النازحين داخل العراق اكثر من خمسة ملايين و250 الف نازح.
  • ضعف القوات البرية الموجودة حاليا على الارض وعدم فاعلياتها،  وانعدام الانسجام بين قياداتها وافرادها، وضعف حالة الارتباط في تلقي الاوامر، وعقم التنفيذ الصحيح على الارض.
  • استمرار الخلافات السياسية بين المسؤولين العراقيين، واختلاف آرائهم وفقدان الثقة بينهم، بسبب ارتباطهم وعلاقتهم الخارجية، وعدم انتمائهم لبلدهم، والاهتمام بمصالحهم الضيقة دون مبالاة بمعاناة شعبهم.
  • لم تستطع حكومة العبادي ان تعيد جسور الثقة بين الحكومة والشعب العراقي، بسب ضعف مشروعها السياسي وضبابيته، واستمرار النهج الطائفي في سلوكها، وعدم جديتها في حل المشاكل العالقة، وضعف الدعم المادي والمعنوي الموجه للمناطق “السنية”، وغياب الجدية في ايجاد حلول جذرية للخروج من الازمة، التي يعيشها ابناء المحافظات التي يسيطر عليها “داعش”

وبهذا الصدد يؤكد الجنرال مارتن دمسي رئيس اركان القوات الامريكية ان القتال ضد تنظيم “الدولة الاسلامية” سيستمر الى ان يقتنع 20 مليون سني بان مستقبلهم في العراق، لن يُؤمَّن الا بوضع ثقتهم بالحكومة.

  • تسعى العشائر العراقية المرتبطة بالحكومة للاستحواذ على عمليات تشكيل قوات الحرس الوطني، والسيطرة على هياكله ومفاصله دون السماح للقيادات العسكرية الميدانية، بالاشراف عليه، لانها ترى ان ابناءها هم من سيشكلون العصب الرئيسي في انجاح هذا التشكيل ومواجهة الارهاب على الارض، ناهيك عن المزايا المالية التي ستحصل عليها هذه العشائر، اذ تقرر تخصيص 500 مليون دولار امريكي لكل محافظة من المحافظات التي سيطر عليها “داعش”.
  • ابعاد تشكيل الحرس الوطني عن المفاهيم الطائفية والعرقية  لكي يشعر ابناء السنة، ان هذا التشكيل يحقق طموحاتهم واهدافهم ويضمن حقوقهم وامالهم في الحياة الحرة الكريمة، وان كانت مؤشرات هذا المشروع  تتجه  نحو تعزيز مفهوم الطائفية الدينية والسياسية، لدى المجتمع العراقي.

وهنا يقول فريديك هوف المستشار السابق للرئيس الامريكي اوباما للشأن السوري، ان هناك محاولات لإعادة تشكيل الفرق العسكرية العراقية، على اساس ان لا تكون بمنأى عن المعايير التي وضعها رئيس الوزراء السابق، والتي تحفل بالطائفية والاستئصال وتهميش الآخر، كي لا تثير الرفض في المناطق السنية، التي سبق وان عانت من سياسة المالكي غير الحصيفة.

فهل يستطيع جون الن الاستمرار في مهمته، والسعي لتشكيل قواعد عمل صحيحة، وارسال دعائم متينة لإنجاح فاعلية الحشد الدولي امام “داعش” ام ستكون الاوضاع الميدانية والمتغيرات على الارض، كفيلة بتغيير الخطط والمفاهيم، التي يسعى لها الحشد الدولي ؟

مركز الروابط للدراسات و الابحاث الاستراتيجية